منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

نرحب بجميع زوار هذا المنتدى ونأمل أن يطيب لكم البقاء ويحدونا الفخر بانضمامكم لأسرتنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

نرحب بجميع زوار هذا المنتدى ونأمل أن يطيب لكم البقاء ويحدونا الفخر بانضمامكم لأسرتنا

منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

ملتقى أدبي يهتم بفنون الأدب العربي من شعر قديم ومعاصر ويحوي عدداً من التراجم والسير الأدبية والمقالات والقصص والروايات

بعد التحية على الزوار الراغبين بالإنضمام لهذا المنتدى التسجيل بأسمائهم الحقيقية أو ألقابهم أو أي اسم أدبي يليق بالمنتدى بعيداً عن أي أسماء تخل بسمعة المنتدى وتسيء إليه، وسوف تقوم إدارة المنتدى بالرقابة على الأسماء غير اللائقة أدبياً ثم حجبها ..... إدارة المنتدى

المواضيع الأخيرة

» ملحمة شعرية مهداة الى الشاعرة عائشة الفزاري / د. لطفي الياسيني
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالسبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالسبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» وما غير الطبيعة من سِفر
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» طال ابتهال المصطفى
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Emptyالأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني

التبادل الاعلاني


3 مشترك

    العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح

    avatar
    زهرة الشمس


    عدد المساهمات : 55
    نقاط : 26770
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/04/2010

    العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Empty رد: العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح

    مُساهمة من طرف زهرة الشمس السبت ديسمبر 03, 2011 10:29 am

    دائماً تتحفنا بما هو رائع أستاذ هاني

    تحياتي لك

    ويسلم انتقاؤك الجميل
    hmns_najeb
    hmns_najeb
    Admin


    عدد المساهمات : 679
    نقاط : 28118
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 07/04/2010
    العمر : 46
    الموقع : http://www.airssforum.com/blogs/11306

    العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Empty رد: العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح

    مُساهمة من طرف hmns_najeb الأربعاء نوفمبر 30, 2011 9:13 am

    أعجبني هذا النص

    كل الشكر أخي هاني على هذا الإدراج الجميل



    تحياتي





    حسن محمد نجيب صهيوني
    avatar
    هاني السيد


    عدد المساهمات : 74
    نقاط : 26856
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 13/04/2010

    العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح Empty العاصفة الثلجية .. ترجمة حماد صبح

    مُساهمة من طرف هاني السيد السبت نوفمبر 26, 2011 2:25 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم
    العاصفة الثلجية . ترجمة : حماد صبح
    قبل نهاية عام 1811 ( وهي فترة مهمة لنا ) كان جافريل جافريلوفيتش الطيب يعيش في ملكه في نيناراندوفا ، وكان مشهورا في نواحي المنطقة بسخائه وطيبة قلبه ؛ فكان الجيران لا ينقطعون عن زيارته : بعضهم ليأكل ويشرب ، وبعضهم ليلعب لعبة " بوسطون " مع زوجه براسكوفيا بيتروفنا مقابل خمسة كوبكات ، وبعضهم لينظر إلى ابنتهما ماريا جافريلوفنا ، وهي فتاة شاحبة الوجه رقيقة الجسم في السابعة عشرة ، عدت زوجا ثرية
    ، وتمناها كثيرون لأنفسهم أو لبنيهم . وقد نشئت ماريا جافريلوفنا على قراءة الروايات الفرنسية ، ومن ثم أحبت .
    ووقع اختيارها على ملازم ثان في الجيش رقيق الحال ، كان حينئذ في إجازة في قريته . ولسنا في حاجة للقول إن الشاب قابل حبها بحب يماثله قوة ، وإن والدي محبوبته منعا ابنتهما من التفكير فيه بعد أن لحظا ميلهما المتبادل إلى بعضهما ، وإنهما استقبلاه أسوأ من استقبال الناس لمخمن الضرائب غِبَ صرفه من وظيفته . تبادل
    محبانا الرسائل ، وتلاقيا يوميا منفردين في غابة الصنوبر الصغيرة أو قرب الكنيسة العتيقة ، وتبادلا هناك عهود
    الحب الخالد ، وندبا حظهما القاسي ، وصاغا متباين الخطط . وكان طبيعيا جدا بعد أن تراسلا وتحادثا على هذه الشاكلة أن يبلغا الخاتمة التالية : ما دمنا لا نستطيع العيش دون بعضنا ، وما دامت إرادة الوالدين القاسيين تعترض سبيل سعادتنا ؛ فلماذا لا نستغني عنهما ؟ ولا حاجة للإشارة إلى أن هذه الفكرة السعيدة ولدت في
    ذهن الشاب ، وأنها ناسبت غاية المناسبة الخيال الرومانتيكي لماريا جافريلوفنا . وحل الشتاء فأوقف لقاءاتهما إلا
    أن مراسلاتهما زادت فاعلية . وتوسل فلاديمير نيكولاييفتش في كل رسالة من رسائله إلى ماريا أن تهبه نفسها ،
    وأن تتزوجه خفية ، وأن يختفيا بعض الوقت ، ثم يلقيا نفسيهما على أقدام والديهم الذين لا مرابة في أنهم سيتأثرون نهايةً بالثبات البطولي الذي أبداه العاشقان ، ويقولون محقين لهما : أيها الابنان ، إلى أحضاننا !
    ترددت ماريا مديدا ، ورفضت خطط هرب كثيرة ، وأخيرا قبلت . وتقرر ألا تتعشى في اليوم المحدد للهرب ،
    بل تدخل غرفتها بزعم الصداع . وشاركت خادمتها في المؤامرة ، وتقرر أن تدخلا الحديقة من السلم الخلفية
    حيث ستجدان خلفها مِزلجة مهيأة تركبانها ، وتمضيان قدما إلى كنيسة ياردينو ، وهي قرية واقعة على قرابة
    خمسة فراسخ من نينارادوفا ، وهناك سيكزن فلاديمير في انتظارهما . وعشية اليوم الحاسم ، سهرت ماريا
    طوال الليل ، فحزمت بياضات السرير وبعض الملابس الأخرى ، وكتبت رسالة مطولة إلى سيدة شابة عاطفية من صديقاتها ، كذلك كتبت رسالة أخرى إلى والديها ، واستأذنتهما بأرق العبارات عادَةً قوة الحب الغلابة مبررا
    للخطوة التي اتخذتها ، وختمت رسالتها بالتوكيد على أنها ستعد اللحظة التي يؤذن لها فيها بالارتماء على أقدام
    والديها الحبيبين أسعد لحظات حياتها . وبعد أن ختمت الرسالتين بختم تولا المنقوش عليه قلبان ملتهبان في رسم
    جميل ؛ انطرحت في فراشها قبيل الفجر ، وغفت ، لكنها حتى في تلك اللحظة كانت تصحو بلا انقطاع على أحلام مرعبة : ففي البداية بدا لها أن أباها أوقفها لحظة أن استقرت في المزلجة لتذهب وتتزوج ، وأنه جرها إلى
    هاوية عميقة مظلمة سقطت فيها على رأسها ، فسقط قلبها عندئذ سقوطا لا سبيل إلى وصفه ، ثم إنها رأت فلاديمير مطروحا فوق العشب مصبوغا دما ، وأنه يتوسل إليها مقطوع النفس ثاقب الصوت لتسرع وتتزوجه .
    وطفت أمام ناظريها واحدة وراء الأخرى صور خيالية ليس لها معنى . وأخيرا صحت أزيد شحوبا من المعتاد
    وهي تعاني صداعا حقيقيا . ولحظ والداها قلقها ، وشق قلبها جزعهما الحنون عليها واستفساراتهما المتتابعة :
    ما بالك يا ماشا ؟ ! مريضة يا ماشا ؟ ! فحاولت طمأنتهما والظهور بمظهر المبتهجة ولكن دون فائدة . حل المساء ، فأحزن قلبها إدراكُها أن هذا هو آخر يوم تقضيه في حضن أسرتها . كانت ميتة أكثر منها حية . ودعت الجميع وكل الأشياء المحيطة بها سرا . وقدم طعام العشاء ،فبدأ قلبها يخفق عنيفا ، وأعلنت مرتجفة الصوت أنها
    لا تريد أي طعام ، ثم استأذنت أباها وأمها ، فقبلاها وباركاها مثلما هي العادة ، فمنعت نفسها في صعوبة من البكاء حتى إذا بلغت غرفتها رمت نفسها فوق مقعد وانفجرت تبكي . حثتها خادمتها على الهدوء والشجاعة .
    كان كل شيء معدا . بعد نصف ساعة ستفارق ماشا بيت والديها فراقا أبديا ، ستفارق غرفتها وحياتها الهادئة
    كفتاة . كان الثلج يتهامى في الفناء كثيفا ،وعصفت الريح ، واهتزت مصاريع النوافذ وترجرجت ، وبدا لها
    كل شيء ينذر ببلية . وما عتم السكون أن لف المنزل ، ونام كل من فيه ، فلفت ماشا نفسها بوشاح ، ولبست
    عباءة مدفئة ، وحملت صندوقها الصغير في يدها ، وهبطت سلم المنزل الخلفية ، وتبعتها خادمتها تحمل صرتين
    ، ونزلت الاثنتان في الحديقة . لم تسكن عاصفة الثلج ، وهبت الريح في وجهيهما كأنما تحاول وقف المذنبة الشابة
    . بلغتا نهاية الحديقة بشق النفس . كانت مزلجة تنتظرهما في الطريق . ولم يتوقف جوادا تلك المزلجة عن الحركة
    بعد أن جمدهما البرد نصف تجميد . وكان حوذي فلاديمير يتمشى أمامهما كبحا لنفاد صبرهما . عاون الحوذي الشابة وخادمتها في الركوب ، وحط الصندوق والصرتين في المزلجة ، وأمسك الزمام فاندفع الجوادان . والآن سنعود إلى عاشقنا الفتى بعد أن تركنا الفتاة في رعاية القدر وبراعة الحوذي تيريشكا . قضى فلاديمير نهاره كله في التنقل ، فزار في الصباح كاهن ياردينو ، ثم مضى يبحث عن شهود بين الملاك المجاورين عقب أن توصل إلى اتفاق مع الكاهن بعد كثير من المشقة . وكان أول من تقدم إليه نافخ بوق متقاعد يقارب الأربعين اسمه دريفن
    ، قبل الشهادة مسرورا ، وأعلن أن المخاطرة تذكره أيام شبابه وممازحاته في قوة الفرسان ، وزين لفلاديمير البقاء والتغدي عنده ، وطمأنه إلى أنه لن يلقى مشقة في العثور على الشاهدين الآخرين . وفعلا ؛ فحالا بعد الغداء
    ظهر شميدت مساح الأرض ذو الشارب والمهاميز ، وابن لضابط شرطة ، هو فتى في السادسة عشرة التحق
    مؤخرا بسلاح الفرسان . ولم يكتفِ ثلاثتهم بقبول مقترح فلاديمير ، بل أقسموا أنهم مستعدون للتضحية بحياتهم
    من أجله ، فعانقهم جذلا ، وقفل إلى البيت لإعداد كل شيء . كان الليل أسدل رواقه منذ بعض الوقت ، فأرسل فلاديمير موضع ثقته تيريشكا إلى نينا رادوفا بمزلجته وبتعليمات مفصلة ، وأمر بأن تهيأ له شخصيا مزلجة
    صغيرة بجواد واحد ، ومضى مفردا دون أي حوذي إلى ياردينو حيث يتوقع وصول ماريا جافريلوفنا بعد
    ما يقارب الساعتين . كان يعرف الطريق معرفة حسنة ، ومن المنتظر أن تتم الرحلة في عشرين دقيقة بالإجمال ،
    ولكن ما كاد يخرج من مستراد الخيل إلى الحقل المجرود حتى ثارت الريح ، وأقبلت عاصفة ثلجية عاتية حتى عجز عن رؤية أيما شيء . وفي دقيقة اختفى الطريق تماما ، وانحجبت الأشياء المحيطة بفلاديمير في ضباب أصفر متكاثف تهاطل خلاله ندف الثلج الأبيض ، وتخالطت الأرض والسماء . ألفى فلاديمير نفسه في قلب الحقل ، وحاول دون فائدة الاهتداء إلى الطريق ثانية ، فكان أن مضى جواده على غير هدى . وصار كل لحظة يدخل
    كَدْس ثلج أو يتعثر في حفرة حتى غدت المزلجة لا تكف عن الانقلاب . حاول فلاديمير ألا يفقد الاتجاه السليم ، ولكن بدا له أنه مضى ما يزيد على نصف ساعة دون أن يبلغ غابة ياردينو بعد . ومضت عشر دقائق أخرى
    دون أن يرى أية غابة . ساق مزلجته في حقل تعترضه الخنادق العِماق ، ولم يخف عتو العاصفة الثلجية ، ولم
    تصفُ السماء ، وبدأ الجواد يجهد ، وسال العرق منه حبات كبارا رغم أنه كان دوما نصف دفين في الثلج .
    أخيرا وضح لفلاديمير أنه كان ماضيا في الاتجاه الخطأ ؛ فتوقف وراح يفكر ويتذكر ويوازن ، واقتنع بأنه كان
    من الواجب أن يتجه يمينا ؛ فاتجه يمينا ، وبالكاد استطاع جواده المضي أماما . انقضى الآن أكثر من ساعة وفلاديمير في الطريق . لا يمكن أن تكون ياردينو نائية ، ولكنه تابع مسيره دون أن ينتهي الحقل . لا شيء
    سوى أكداس الثلج والخنادق . وكانت المزلجة لا تكف عن الانقلاب والاستواء من جديد . كان الوقت ينقضي ؛
    فأخذ قلق فلاديمير يقوى . وأخيرا برز شيء داكن في المدى ؛ فوجه فلاديمير جواده نحوه ، وعندما داناه ألفاه
    غابة . قال لنفسه : الحمد لله . لست بعيدا الآن . وساق مزلجته في حافة الغابة آملا في الاهتداء شيئا فشيئا
    إلى الطريق المألوف أو الالتفاف حول الغابة ؛ فياردينو تقع خلفها مباشرة . ووجد الطريق في الحال ، فغاص
    في ظلمة الغابة التي جردها الشتاء من ورقها . لا يمكن للريح أن تعتو هنا . كان الطريق مهيدا ؛ فاستعاد الجواد
    شجاعته ، واطمأن فلاديمير ، لكنه واصل السير بمزلجته دون أن يرى ياردينو ،ودون أن تنتهي الغابة . واكتشف
    مرتاعا أنه دخل غابة مجهولة ! فاستبد به القنوط ، وألهب الجواد بالسوط ؛ فاندفع الحيوان البائس خببا ،لكنه راخى سرعته حالا ، وفي قرابة ربع ساعة صار بالكاد قادرا على سحب رجل إثر أخرى رغم كل مجهودات التعيس فلاديمير . وأخذت الأشجار تقل شيئا فشيئا ؛ فبرز فلا ديمير من الغابة دون أن يرى ياردينو . لا ريب
    في أن الليل انتصف الآن . انبثقت الدموع من عيني فلاديمير ، وساق مزلجته خبط عشواء . وفي تلك الأثناء كانت العاصفة سكنت ، وتناثرت السحب ، وترامى أمامه سهل مستوٍ يكسوه بساط أبيض متماوج . كان الليل حسن الصحو ؛ فرأى فلاديمير قرية صغيرة تؤلفها أربعة أو خمسة بيوت ، فساق مزلجته صوبها ، ووثب منها
    عند أول كوخ ، وأسرع إلى النافذة ، وراح يدقها . وبعد دقائق قِلال رُفع مصراعها الخشبي ،وأطل عجوز بلحيته
    الشائبة . سأل : ماذا تريد ؟
    _ هل ياردينو بعيدة من هنا؟
    _ ياردينو ؟
    _ نعم . نعم . أهي بعيدة ؟
    _ ليست بعيدة . حوالي عشرة فراسخ .
    وعند تلك الإجابة أمسك فلاديمير شعره ، ووقف ساكنا لا يتحرك مثل إنسان حكم عليه بالإعدام . استرسل
    العجوز : من أين آتٍ ؟
    ولم تكن لدى فلاديمير الشجاعة للمجاوبة . قال : اسمع يا شيخ ! أيمكن أن تدبر لي جيادا تأخذني إلى ياردينو ؟
    أجاب الفلاح : من أين لنا مثل هذه الجياد ؟ !
    _ هل يمكن أن آخذ مرشدا ؟ سأدفع ما يطلب .
    قال العجوز مغلقا المصراع : انتظر ! سأرسل لك ابني . سيرشدك .
    انتظر فلاديمير ، ولكن ما كادت تنقضي دقيقة حتى أخذ يدق النافذة ؛ فارتفع المصراع ثانية ،
    وعاودت اللحية الظهور . سأل العجوزُ : ماذا تريد ؟ !
    _ ماذا بشأن ابنك ؟ !
    _ سيخرج حالا . ينتعل حذاءه . بردان ؟ ادخل وتدفأ !
    _ شكرا . أرسل ابنك حالا !
    وصر الباب ، وخرج فتى يحمل هراوة ، تقدم فلاديمير ، مرة يشير إلى الطريق ، ومرة ينقب عنه
    بين أكداس الثلج . سأله فلاديمير : في أي وقت نحن ؟
    رد الفلاح الصغير : النهار دانٍ .
    فلم يلفظ فلاديمير كلمة أخرى . كانت الديكة تصيح ، وكان النور قد بزغ حين وافيا ياردينو . كانت
    الكنيسة مغلقة .نقد فلديمير الدليل أجره ، وقاد المزلجة إلى باحة الكاهن . لم تكن مزلجته الأخرى هناك !
    أي أخبار تنتظره ؟ ! ولكن دعنا نرجع إلى ملاك نينارادوفا ذوي الشأن لنرى ماذا يحدث عندهم . لا شيء .
    صحا العجوزان وقصدا الشرفة . جافريل جافريلوفيتش يعتمر قبعة النوم ، ويلبس سترة من الصوف الناعم ،
    وبراسكوفيا بيتروفنا لابسةٌ مبذلا . أحضر إليهما إناء الشاي ، وأرسل جافريل جافريلوفيتش خادما يسأل عن
    حال ماريا جافريلوفنا ، وكيف أمضت الليلة . ورجع الخادم يقول إن الشابة ما نامت نوما حسنا ، وإن كانت أحسن حالا الآن ، وإنها ستهبط إلى الشرفة بعد قليل . وفعلا انفتح الباب ، ودخلت ماريا جافريلوفنا ، وتمنت لأبيها وأمها صباحا طيبا . سأل جافريل جافريلوفيتش : ما حال رأسك يا ماشا ؟
    ردت : تحسن يا أبي .
    قالت براسكوفيا بيتروفنا : جائز جدا أنك تنشقت الأدخنة من الفحم أمس .
    ردت ماشا : جائز جدا يا أمي .
    مضى اليوم في سعادة كافية ، إلا أن ماشا مرضت ليلا ، فبعثوا يطلبون طبيبا من المدينة، فوصل مساء ، وألفى
    الفتاة العليلة تهذي ، وتلت ذلك حمى عنيفة ، فحلقت المريضة المسكينة مدة أسبوعين على شفا الموت . لم يدرِ
    أحد في البيت أي شيء عن هربها . وأُحرِقت الرسائل التي كتبتها مساء البارحة . ولم تهمس خادمتها بأي كلمة
    عن الهرب لأي إنسان مخافة غضب سيدها . وكتم الكاهن ونافخ البوق المتقاعد ومساح الأرض ذو الشارب
    والفارس الصغير السر . ولعلةٍ كان كتمانهم . ولم يفه الحوذي تيريشكا بأي كلمة عنه حتى في حال ثمله .
    وهكذا كتم السر أكثر من خمسة متآمرين ، إلا أن ماريا جافريلوفنا أذاعت سرها في هذيانها ، وإن كانت
    كلماتها مفككة بحيث لم تفهم أمها التي لم تفارق سريرها من تلك الكلمات إلا أن بنتها تحب فلاديمير نيكولا ييفيتش
    حبا عميقا ، وأن الحب ربما كان علة مرضها ، فشاورت زوجها وبعض الجيران ، وتقرر إجماعا في النهاية أن هذا هو قدر ماريا جافريلوفنا ، وأن المرأة لا يمكن أن تفر من الرجل الذي قُدر لها زوجا ، وأن الفقر ليس جرما ،
    وأن الإنسان لا يتزوج مالا وإنما يتزوج إنسانا ، إلخ . والحكم الخلقية عجيبة النفع في مثل هذه الأحوال حيث يمكننا ابتكار القليل تبريرا لما نقدم عليه . وفي نفس الوقت أخذت الشابة تشفى . ومر وقت مديد لم يظهر فلاديمير
    أثناءه في بيت جافريل جافريلوفيتش . كان يخاف الاستقبال المألوف . وتقرر أن يرسلوا إليه ، ويعلنوه نبأ سعيدا مفاجئا : رضا والدي ماريا زواجَه من بنتهما ، ولكن كم كانت ذهلة مالكي نينارادوفا كبيرة حين تلقوا منه رسالة نصف مجنونة جوابا على دعوتهم ؛ أعلمهم فيها أنه لن يضع قدمه في بيتهم مرة أخرى ، ورجاهم أن يتناسوا
    مخلوقا تعسا غاية مناه الموت . وسمعوا بعد قليل أيام أنه التحق بالجيش ثانية ، وكان ذلك في 1812 . ومر وقت
    مديد دون أن يجرؤوا على إعلان ماريا ذلك ، وكانت حينئذ تجنح للشفاء . ولم يحدث أن ذكرت اسم فلاديمير ، ولكن بعد شهور أغمي عليها حين وجدت اسمه في قائمة الذين ميزوا أنفسهم في القتال ، وعلمت أنه جرح جرحا
    بليغا في بوردينو ، وخيف عليها أن تنوبها الحمى مرة ثانية ، ولكن حمدا لله ؛ فلم يكن لنوبة الإغماء عقابيل خطيرة . وأصابتها بلية أخرى : مات جافريل جافريلوفيتش وخلفها وريثة لسائر أملاكه ، بيد أن الميراث لم
    يواسِها ، وقاسمت براسكوفيا بيتروفنا ابنتها المسكينة أساها في إخلاص حالفة أنها لن تتخلى عنها أبدا . وهجرت الاثنتان نينارادوفا موطن الكثير الجم من حزين الذكريات ، وذهبتا لتعيشا في ضيعة أخرى . وهناك تزاحم الخطاب حول الوريثة الثرية الفتية ، إلا أنها لم تهب أيا منهم أوهى أمل ، ونصحتها أمها أحيانا بأن تختار لها زوجا ، بيد أن ماريا هزت رأسها وجنحت إلى التأمل والتفكر . ما عاد فلاديمير موجودا . مات عشية دخول الفرنسيين موسكو ، وبدا أن ماشا تقدس ذكراه ؛ فهي في الأقل كنزت كل ما يمكن أن يذكرها به : الكتب التي
    قرأها يوما ، رسومه ، ملاحظاته ، وقصائد الشعر التي انتقاها لها . وذهل الجيران من ثباتها حين سمعوا بذلك
    ، وارتقبوا في فضول البطل الذي سينتصر في الختام على الإخلاص الحزين للعذراء أرطماسيا . وكانت الحرب
    انتهت خلال ذلك نهاية مجيدة ، وعادت فيالقنا من الخارج ، وخرج الشعب لاستقبالها ، وعزفت الفرق الموسيقية أناشيد الفتح : " عاش هنري الرابع ": ، وفالسات وألحان التيرول من " الجوكند " ، والضباط الذين
    مضوا إلى الحرب محض ولدان عادوا منها كبارا ذوي هيئة عسكرية تزين الصلبان صدورهم ، وثرثر الجنود
    محبورين فيما بينهم خالطين دوما الألفاظ الألمانية والفرنسية في كلامهم . زمن لا ينسى أبدا . إنه زمن العظمة
    والحمية . وما كان أقوى خفقان القلب الروسي عند سماع كلمة " الوطن " ! وما كان أحلى دموع اللقاء .



    يتبع لاحقاً

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 3:56 pm