من طرف أم فؤاد الأربعاء أكتوبر 27, 2010 7:38 am
بسم الله الرحمن الرحيم
غيَّر سامي من هيئته ومظهره ، وانطلق الى الموقع ، وأخذ ينظر من بعيد الى الجوالة عله يراها لكي يبدأ بتنفيذ الخطة ، ولكن الخوف كان يرافقه ، فقد كان عقله اللاواعي يحدثه أن جميلة أخبرت أهلها بأنه اغتصبها ، وأنه سيجدهم في انتظاره ليقتلوه ثأرا لكرامتهم وشرفهم الذي انتهكه ، وكثيرا ما لاحت في خياله صور الفلاحين وهم يهجمون عليه ، وهو لا يستطيع أن يحرك ساكنا ، ويرى الفلاحين يقطعون جسده وهو يصرخ ولكن صوته مكتوم فلا يخرج من حنجرته :
ـ لعلها صرحت لأقاربها بما فعلته ؟
يهز رأسه ويزفر مستنكرا فعلته :
ـ لماذا تهورت ؟؟ لماذا قمت بفعلتي الشنعاء ؟؟.. هل هذه هي المهمة التي أوكلت إلي ؟ لماذا أجازف في حياتي من أجل لحظة عابرة ؟ يا لي من غبي .. يا لي من سخيف ، إنني قد أقتل مثل شربة ماء .. لا إنها لن تصرح لأحد بما فعلته ، لأن ذلك يشكل خطرا على حياتها أكثر من حياتي ، إنني أعرف تقاليدهم وعاداتهم .. إنها ستموت ويموت سرها معها .. عليّ ألا أخشى أبدا .. هذه هي الحقيقة ولا حقيقة سواها .
يصمت ثم يعود الى حواره الذاتي :
ـ إنها بالتأكيد خائفة أكثر مني - يهز رأسه - وهذه هي العصا التي يجب أن أرتكز عليها لأبدأ بتنفيذ مهمتي .. إن هذه العصا قوية جدا ، يمكنني الاعتماد عليها جيدا .. عليّ أن أهددها بكشف السر إن رفضت التعاون .. علي أن أكون حازما ولا أتردد في تهديدها بأن عرضها قد هتك .. هؤلاء الناس تهمهم سلامة العرض ويضحون بالغالي والنفيس في سبيل سلامة أعراضهم .. أنا أعرف عاداتهم من بلاد الرافدين .. ولا يختلف هؤلاء عنهم .
تلمع في عينيه أمارات الفرح .
ـ لقد نجحت الخطة .. فهذا سبيل نجاحها .. فقط هذا هو سبيل نجاح خطتي .. لن تقدر على الاعتراض .. وسوف تقبل التعاون .. وقعتِ يا جميلة في قبضتي أخيرا .. الآن يمكنني أن أكون واثقا كليا من ذلك .
وطال انتظاره دون أن يراها :
ـ ترى ماذا جرى لها .. هل صدمت جراء ما فعلته بها ؟؟؟
وبعد صمت قصير :
ـ طبيعي أن تكون قد صدمت .. ماذا عليّ أن أفعل ؟؟ لن تفشل خطتي .. ولن أسمح لنفسي بالفشل .. يكفيني توبيخا من الجماعة التي لا ترحم من يفشل .. سأنجح .. لا بد أن أنجح .. نعم لا بد أن أنجح .
وراح يذرع الأرض ذهابا وإيابا ، وطال انتظاره دون أن يراها :
ـ عليّ مغادرة المكان . إن انتظاري اليوم دون جدوى .
وعندما بلغت الشمس كبد السماء قرر مغادرة الموقع ، لكنه سمع الجوالة وهم يغنون بين أشجار الزيتون ، وصوتهم يتسلل إلى أذنيه من بعيد مع الريح ، مما يكسب الغناء روعة ويزيده رقة تجعله وهو المولود في بلاد الرافدين يصغي بتلهف للغناء ، لأنه يعرف هذه الألحان وهذه النغمات .
المغني يغني :
هَيْهاتِ يا بو الزِّلُفْ
شِرْيانِ قَلْبِي انْقَطَعْ
عَيْنِي يا مولَيَّا
مِنْ نَظْرِتِكْ لَيَّا
سَأَلْتِ راعِي الْغَنَمْ
وَسْقانِي مِنْ مَطْرَتو
وْشَبَّابْتو مِنْ قَصَبْ
وْغَنَّى وِعْقالو قَصَبْ
عَنْ وِلْفِي ما شافو
وْعَلَّقْها بِكْتافو
عَلَى روسِ شْفافو
وِمْمَيِّلو شْوَيَّا
يغير الغناء إلى الدلعونا :
جولِِي زَتونِكْ حَبّهْ عا حَبِّهْ
وِانْتِ يا بِنِتْ سَكَنْتِ قَلْبِي
*
تَيِصْبَحْ بيدَرْ عا شِكْلِ الْقُبِّهْ
قَلْبِي يِهْواكِ يا نورِ عْيونَا
أدار سامي ظهره ومضى عائدا إلى البيت ، بعد انتظار ممل ، وكان صوت الغناء بسبب الريح الشرقية يتبعه ويطرق سمعه ، فيزيده نشوة ، خاصة أن الريح تزيد من جمالية الصوت حين يأتي من بعيد .
تكررت مراقبة سامي للموقع أياما عديدة ، لكن جميلة لم تأت .
**********************
أم فؤاد
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني