قصيدة فلسطينية على البحر الأبيض هذه المرّة، فالمشهد شعري تماماً بكل معايير النقّاد والمشاهدين والمستمعين والمتفرجين . . أسطول بحري يأتي من جهة أوروبا لكي يفك الحصار عن غزة . الأسطول لا يحمل أسلحة ولا قراصنة ولا خرائط تدل المرتزقة إلى الأرض الفلسطينية ليتم تقسيمها وتفكيكها إلى نكبة ونكسة ومنفى وشتات، بل الأمر كلّه 700 رجل وامرأة رأوا في ميناء لارنكا صلة قربى مع ميناء غزة، وبالحساب البحري فالمسافة قصيرة بين أختين ليستا شقيقتين، أوروبا وآسيا، وبينهما هذا البحر الذي لم يكتشفه الخليل بن أحمد الفراهيدي، ربما لأنه أول بحر حمل السفن العربية المصنوعة من خشب الأرز وهي تتوجه إلى تلك الجغرافيا الخضراء حتى وصلت إلى الأندلس .
المشهد البحري، هنا، في الحالة الغزّاوية معكوس تماماً، فالأندلس في الأدبيات العربية فردوس مفقود خرج منها آخر ملوكها وهو مبلل بدموعه وتوبيخ أمّه التي خاطبته بفعل أمر لا غبار عليه، “ . . ابكِ مثل النساء مُلْكاً مُضاعاً، لم تحافظ عليه مثل الرجالَ”، لكن فلسطين الجريحة في ضلعها المائي المتوسطي ما زالت فردوساً ليس مفقوداً، يتألف من أجلها أسطول من تسع سفن فقط، تأتي من الجهة الأخرى للبحر .
قصيدة فلسطينية على البحر الأبيض . .
“سنقيّد أنفسنا بالسلاسل إلى السفن، وسوف نعتصم بالبحر، ونضرب عن الطعام، وإذا متنا فألقوا بنا إلى بطن البحر، هناك حتى في قاع الماء لن تأكلنا الحيتان لأننا جئنا إلى الضفة الأخرى من أجل قضية عادلة” .
قصيدة فلسطينية على البحر الأبيض، لم يكتبها محمود درويش ولا معين بسيسو ولا إبراهيم طوقان ولا محمد القيسي ولا عبداللطيف عقل .
الموتى لا يكتبون الشعر، ولكن في الرواية الفلسطينية خصوصاً عندما تتعلّق بالبحر ينهض الأحياء من موتهم، كما ينهض الموتى من موتهم كي يعيدوا الحياة إلى الماء .
“أسطول الحرية” لا يجري على بحر من ماء، بل، يجري على بحر من الدموع تتساقط في الخفاء الذي نسميه الصمت .
الحرية، أيضاً، ليست في البحر، بل هي على اليابسة .
الحرية إذا جاءت من الغرب، ألا تأتي من الشرق؟
الحرية، الحرية، إذا انتهى أسطولك إلى الغرق فأية ضفافٍ يذهب إليها الشعراء؟
تحياتي
عبير عيد
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
» وما غير الطبيعة من سِفر
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
» طال ابتهال المصطفى
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني