\بارك الله فيكم
مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
ازرار التصفُّح
التبادل الاعلاني
3 مشترك
قصيدة النثر في فلسطين
وليدالحمداني- عدد المساهمات : 4
نقاط : 21864
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 03/12/2012
- مساهمة رقم 1
رد: قصيدة النثر في فلسطين
ماجدة نصر- عدد المساهمات : 57
نقاط : 26538
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 06/06/2010
- مساهمة رقم 2
رد: قصيدة النثر في فلسطين
الله يجيزك خير يا نجلاء على هذا المقال الرائع الطيب
أثمرت المنتدى بهذه المقالة الأدبية الرائعة
فكل الشكرلحضورك المميز
ماجدة نصر
أثمرت المنتدى بهذه المقالة الأدبية الرائعة
فكل الشكرلحضورك المميز
ماجدة نصر
نجلاء العمري- عدد المساهمات : 218
نقاط : 26711
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 27/06/2010
- مساهمة رقم 3
قصيدة النثر في فلسطين
قصيدة النثر في فلسطين
أحمد يعقوب
قصيدة النثر، التي اكتسبت شرعيتها في الوطن العربي، وبالتحديد في مراكز ثقل الحضور الشعري كالعراق ولبنان وسوريا و مصر، لم تزل تتعرض في فلسطين إلى مقاومة، لا بل إنها تواجه بسخرية من جانب الذين يعتقدون أن الثورة الفلسطينية والانتفاضات المتتالية لا علاقة لها بتثوير الأدب ونفضه. وإذا كانت الانتفاضة السياسية تأتي لغة من باب النفض (والنّفضُ ما تساقط من أوراق الشجر(، وكي لا تبقى جيوش من الشعراء تطرز على الثياب نفسها، فان نفض الثوب الشعري في فلسطين يجعل فعل الانتفاض الثقافي والسياسي يكمل دلالاته في المحتوى والإطار والآفاق ..لأن التجديد هو دين الحياة وليس التخلف هويتنا وليست هوايتنا محاربة التقدم والتطور..
ففي حين قال الشاعر العراقي رفائيل بطي في العام 1922 : "إن الشعر لا يخلقه الوزن والقافية وكل العجب من إصرار الناظمين على التمسك بالوزن والقافية !! فالمستقبل للشعر المنثور.. "فإننا نجد في فلسطين وكما ذكرت المرحومة الدكتورة نادرة السراج في كتاب الرابطة القلمية أن بعض شعراء المهجر مثل رشيد أيوب قد وضعوا قصائد نثرية في دواوين شعرهم الموزون منذ عام 1928؟أما الشاعر الفلسطيني الراحل توفيق صايغ فكان أول من رسخ قصيدة النثر في الوطن العربي قبل نازك الملائكة وقبل أدونيس، فشكلت مجموعته الشعرية "ثلاثون قصيدة" انعطافة نوعية في الشعر العربي. وكذلك فعل جبرا إبراهيم جبرا و مجموعته "تموز في المدينة". ولقد اعتمدت الأعمال الشعرية للصايغ وجبرا على "تقنية الصدمة والتأثير" أكثر مما اعتمدت على الجمالية الشعرية. وأيضاً فإن الشاعر التقليدي حسن البحيري قد كتب عام 1940مجموعة من الشعر المنثور بعنوان "أحلام البحيرة". إلا أن الشاعر الفلسطيني راضي صدوق الذي أعد انطولوجيا تاريخية عن الشعر الفلسطيني استثنى منها شعراء قصيدة النثر متنكراً بذلك للحداثة وما بعد الحداثة. مع أنه كما يقول الشاعر أحمد دحبور: "فإن راضي صدوق نفسه قد أصدر مجمــــوعة بعـــــنوان (الحزن أخضـر دائما) وقد صنفها بالشعر المنثور .. "عدا انه وضع في الانطولوجيا اسم الشاعر المرحوم ميشيل حداد وهو من رواد قصيدة النثر في الجليل الفلسطيني المحتل والذي لم يكتب في حياته سطراً موزوناً.. وهكذا استثنت انطولوجيا شعرية فلسطينية أسماء شعراء كثيريين لهم حضورهم الشعري فلسطينياً وعربياً ولقد تمت ترجمة نصوص بعضهم الى عدة لغات عالمية
وللأسف فان الشاعر الدكتور عز الدين المناصرة، قد شن حرباً على قصيدة النثر وسخر منها اذ أسماها القصيدة الخنثى !! ، وبعد ما أثاره من ردود فعل ومساجلات واحتجاجات. وفي السنة الأولى من الألفية الثالثة وهذا التـزمين مهم أهمية إدراك إيقاع الحياة ،انشغل المناصرة في إنجاز بحث خاص عن قصيدة النثر العربية من خلال استفتاء وجهه لعدد كبير من الشعراء والنقاد العرب عن قصيدة النثر، ويكفيني هنا أن أتبنى إجابة الأديب الراحل وشيخ النقاد الدكتور إحسان عباس على استقصاء المناصرة..
يقول الراحل د.إحسان عباس : "أنا نشأت على الإيقاع المنظم منذ عهد بعيد، وكانت ميولي رومنتيكية صرفا في إيثار الشعر القريب إلى نفسي ..، لكني وجدت أن حيرتي هي نفس حيرتك بصدد القضـايا التي تتصل بقصيدة النثر،.. فهي ليست سرداً ولا قريبة من الشكل الملحمي، ولا شبه بينها وبين الشكل المسرحي ... ولا قرابة بينها وبين المقامة، وقول محمد الماغوط: أنا اكتب نصاً لا يحل إشكالاً لأنه يعمم بدل أن يخصص،
إن كون قصيدة النثر قديمة قدم القصائد الكلاسيكية والرومانتيكية وقدم تفاوتها في النوعية يفرض علينا قبولها، وحين قبلنا قصيدة التفعيلة فإننا قبلنا الانشقاق على عرف شعري سائد أو قل سلمنا بأن الشعر الغنائي
(Lyrical poetry) فن قابل للتحول، وان استمراره في التحول يتفق والدعوة إلى استقلال كل شاعر بخط شعري، كي يضمن لنفسه التفوق، ويتجنب تكرار النماذج المألوفة، ويتجاوز ظاهرة الاستنساخ التقليدي، وهي سواء أكانت تطويراً للقصيدة العربية جاء موازيا لحركة شعر التفعيلة، أو كانت حسبما نعتقد جنساً أدبياً ثالثاً أو غير ذلك فانه لا شيء يقف ضد شرعيتها، ....شعر التفعيلة ألم يدمر الوزن والقافية العنصرين البارزين في الشعر الكلاسيكي والرومانتيكي وبالتالي قضى على الإيقاع المنظم الخارجي (إلا قليلاً).
ويتوجه بالسؤال إلى الدكتور المناصرة: "ألست ترى أن الغالب على قصيدة النثر منذ نشأتها وحتى اليوم ـرغم التنوع ـ هو التأمل، صوفياً كان أو غير صوفي، وأن التأمل يلتقي مع إطلاق الحرية للهواجس النفسية مع التحرر من القيود الشكلية، لكن عجلة التطور في الفن، لن تقف، كما أنها لم تقف، عند حدود التأمل،... و يسأل د.عباس : "إلى أي حد ستصل قصيدة النثر في الحرية، وهل ستصل بها هذه الحرية إلى درجة تنهزم فيها هويتها؟ ويجيب بيقينية راسخة: "لا يوجد جنس أدبي يوغل في الحرية إلى درجة يفقد معها هويته".
وبرأينا إن ممارسة الحرية بكل تجلياتها وأشكالها وتصنيفاتها لا يمكن أن يعد هزيمة، كما أن الهوية الشمولية للإنسان قد اكتسبت مفاهيم وتعريفات واعادة صياغة انطلاقا من منظور الحرية.
أما بالنسبة للشاعر محمود درويش فبرأينا انه لم يخرج عن الإطار الفني الذي أوجده السياب للقصيدة العربية !! وذلك ناتج عن ايمانه الراسخ بأن الشعر إنشاد كما جاء في فن الشعر لأرسطو، وربما لم يكن موقفه من قصيدة النثر موقفاً فنياً أو إبداعياً إنما كان موقفاً فكرياً وسياسياً من أطروحات منظري قصيدة النثر كأدونيس وأنسي الحاج وبول شاؤول..
قصيدة النثر والصوفية
لقد خاضت قصيدة النثر صراعاً حول نسب القصيدة إلى الجذر الأوروبي - الأمريكي. لكن ذلك لا يعني أن هذه القصيدة بلا جذر عربي، ففي التراث الصوفي نجد أن الشعر لا ينحصر في الوزن ، وان طرق التعبير في هذه الكتابات، وطرق استخدام اللغة هي جوهرياً، شعرية، وان كانت غير موزونة.. فأن تحديد شعرية الشعر بالوزن/ القافية اخذ يضطرب منذ القرن العاشر الميلادي خصوصاً في الدفاع النقدي الذي قام به أبو بكر الصولي انتصاراً لشعرية أبي تمام وفي آراء عبد القاهر الجر جاني. فقد نشأ ميل إلى التشكيك في أن يكون الوزن والقافية مقياساً للتمييز بين الشعر والنثر وتقسيم المعنى عند الجرجاني إلى نوعين : تخيلي وعقلي، دليل بارز. فحيث يكون النص قائماً على المعنى الثاني لا يكون شعراً، وان جاء موزوناً مقفى".
وفي أيلول 2003 قدمت الباحثة سحر سامي رسالة الدكتوراة إلى قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة القاهرة عن الشعر الصوفي وعلاقته بقصيدة النثر.
اعتبرت سحر سامي: أن (ابن عربي) هو مؤسس لـقصيدة النثر الجديدة.. وانه قدم نوعاً من التأسيس يمثل سبقاً بالقياس إلى الدراسات الحديثة في مجال الشعرية، بل وفي أشكال الكتابة النثرية والسردية التي تعدّ تمهيداً مبكراً لقصيدة النثر والإبداع القصصي والروائي الحديث.
فمحيي الدين بن عربي خاض مغامرة الكتابة حتى نخاعها، واستطاع أن يقدم عالماً بديلاً أو موازياً للواقع من خلال اللغة. إنه يوجد باللغة وفيها، ويعرف ذاته والعالم بهذه اللغة وفيها أيضا. إنها لغة الإشراق المحملة بالتجليات. لغة تخلق خالقها. وهي إظهار الوجود الباطني.
واستندت الباحثة إلى كتاب الفتوحات الذي يعتبر من أهم كتب ابن عربي التي تتجلى فيها طاقته الإبداعية ورؤاه الفلسفية في حالة من النشوة والتوهج الفني.. ، بلغته المتميزة وتراكيبه وصوره وأشكال التناص والسرد فيه، حيث فكرة الشعر والخلق الشعري عند ابن عربي لا ينفصل جوهرها عن فكرة خلق العالم ،وكيفية الخلق كتجسيد لظهور الخالق في خلقه ورؤيته لذاته في مرآة العالم والموجودات، وحيث يميز فكرة الشعرية عنده ضرورة الانفلات من القوالب الجامدة والأطر التي تحد من حرية الروح..
فاللغة عند ابن عربي، من حيث كونها صياغة جديدة رافضة ومختلقة مع كل التراث السابق، يمثل اختلاقها في حد ذاته جزءاً من مفهوم الشعرية يرتبط بالقدرة على استثمار إمكانيات اللغة البلاغية والدلالية داخل النص، وتوظيف كل ذلك لفتح حدود اللغة على المطلق .. ولهذا تتجاوز اللغة حدود العلاقة المنطقية بين الأشياء لتكون ذاتها، لغة تخلق منطقها الخاص، تهدم العالم وتعيد تشكيله في سياقات جديدة وهي وسيلة وغاية في نفس الوقت تحمل قيمها الجمالية. بها يعرف الصوفي خالقه وبها يخلق العالم من جديد ويوجد فيه. وهي تعبير آخر عن فكرة النفس الإلهي في الخلق فهي لغة وجودية ومعرفية بكل المقاييس، وهي الصورة الشعرية بالمعنى الفلسفي عند ابن عربي، وفكرة الخيال، والخلق، وما يسميه ابن عربي بالقوة الخيالية
فنص الفتوحات المكية يقيم كثيراً من العلاقات مع كم لا يحصى من النصوص مثل القرآن والنصوص الدينية التوراتية والمسيحية والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والشعر والتراث النثري العربي إضافة إلى الخطاب الصوفي برمته والخطاب الفلسفي والأساطير. فهو نص مفتوح على الوجود تستطيع الكلمة فيه الإحالة على خطاب كامل في إطار العلاقة الجديدة التي تحددها رؤية ابن عربي الفكرية والجمالية...
وبصورة عامة يبدو أن الثقافة في فلسطين تعيش مواتاً منظّما تديره آلة الموت و استبداد نزعة الانسحاب من العصر. إن وطأة التخلف، وثقل الاحتلال وشدة الضغط الاجتماعي، العائلي والعشائري والأخلاقي، كان لا بد لهذه العوامل أن تذهب بشكل جدلي، إلى خلق نقائض راديكالية للتخلف، ومن دون الكثير من المقدمات المنطقية والتراكمات الواجبة شكلياً من اجل قيام حركات التجديد، كي تشكل قفزات نوعية كردة فعل على التخلف العام. فعبر مسار التاريخ الإنساني وقفت النخبة تعارض بشكل جوهري وتصارع ضد ذهنية التخلف والانسحاب من العصر .. ووقفت في مواجهة ذلك الإجماع غير المبرهن عليه والمعتبر وعياً اجتماعياً مشوهاً ... والحياة الثقافية اليوم، تعاني بشكل أو بآخر من وضعية عدم التوافق بين عالم ينقضي، وعالم يولد، عالم يذهب إلى الماضي غير قادر بمنظوماته وإمكانياته التقليدية على إشباع الضرورات، وعالم آخر يمكن أن يقوم بهذا الإشباع، من خلال تلبية الحاجات الوليدة..
امام ذلك ماذا يفعل الشاعر وقد أحالت العولمة الشعر إلى مساق التنافس الاستهلاكي، ورمى النظام العالمي الجديد بالشعر إلى المضاربات الاقتصادية لدور النشر..؟
وماذا يفعل الجيل الشعري الجديد في فلسطين والذي أسميته: "جيل الانترنت ومفتتح القرن الحادي والعشرين"، هذا الجيل يعيش مرحلة تسقط فيها أنماط الرؤى الفكرية التقليدية، وتحل في مكانها أنماط جديدة تمثل حساسيات مختلفة، فتتوارى الرؤى الفكرية والفلسفية الكلية وتحل في مكانها تجارب تحتفي بالجزئيات، وبالتفاصيل الصغيرة التي تعبر عن العابر والمعيش أكثر من المتكامل والجاهز أو المكرر في حياتنا من السخرية المريرة الدفينة و الفوضى العارمة.. لهذا تغترب قصيدة الجيل الجديد في فلسطين عن عصرها وناسها ، دون أن تخسر زخم التبشير بالحرية و بالديمقراطية وبالتمرد والتفرد والتجدّد والتقاط هموم الإنسان.. فلقد غادر الشاعر وظيفة التلاوة، ولهذا انقلبت القصيدة إلى نَصّ ، وما يعنيه ذلك من موت المؤلف، وبهذا أفضى موت المؤلّف إلى ولادة القارئ بسلطة الذائقة المتجبرة والتأويل .. فالشاعر يكتب في صيغة قصيدة ، والمتلقي يستقبل في صيغة نصّ.. الأمر الذي يمنح القارئ حقّ استيلاد النصّ، عندها يقوم المتلقي قارئ النصّ فيمنح نفسه حقّ قتل الشاعر في حين يبحث الشاعر عن قارئ لديه الحد الأدنى عن كيفية قراءة القصيدة، تماماً كما أنصت إليها الشاعر ــ بينه وبين نفسه ــ في مسار خلقه..
كل هذا تتعمده الكتابة الجديدة اليوم في فلسطين والعالم، لكي تتمرد الكتابة على القيم الشائخة التي لم يعد لها مكان في حياتنا.
كتبها الأستاذ أحمد يعقوب
أحمد يعقوب
قصيدة النثر، التي اكتسبت شرعيتها في الوطن العربي، وبالتحديد في مراكز ثقل الحضور الشعري كالعراق ولبنان وسوريا و مصر، لم تزل تتعرض في فلسطين إلى مقاومة، لا بل إنها تواجه بسخرية من جانب الذين يعتقدون أن الثورة الفلسطينية والانتفاضات المتتالية لا علاقة لها بتثوير الأدب ونفضه. وإذا كانت الانتفاضة السياسية تأتي لغة من باب النفض (والنّفضُ ما تساقط من أوراق الشجر(، وكي لا تبقى جيوش من الشعراء تطرز على الثياب نفسها، فان نفض الثوب الشعري في فلسطين يجعل فعل الانتفاض الثقافي والسياسي يكمل دلالاته في المحتوى والإطار والآفاق ..لأن التجديد هو دين الحياة وليس التخلف هويتنا وليست هوايتنا محاربة التقدم والتطور..
ففي حين قال الشاعر العراقي رفائيل بطي في العام 1922 : "إن الشعر لا يخلقه الوزن والقافية وكل العجب من إصرار الناظمين على التمسك بالوزن والقافية !! فالمستقبل للشعر المنثور.. "فإننا نجد في فلسطين وكما ذكرت المرحومة الدكتورة نادرة السراج في كتاب الرابطة القلمية أن بعض شعراء المهجر مثل رشيد أيوب قد وضعوا قصائد نثرية في دواوين شعرهم الموزون منذ عام 1928؟أما الشاعر الفلسطيني الراحل توفيق صايغ فكان أول من رسخ قصيدة النثر في الوطن العربي قبل نازك الملائكة وقبل أدونيس، فشكلت مجموعته الشعرية "ثلاثون قصيدة" انعطافة نوعية في الشعر العربي. وكذلك فعل جبرا إبراهيم جبرا و مجموعته "تموز في المدينة". ولقد اعتمدت الأعمال الشعرية للصايغ وجبرا على "تقنية الصدمة والتأثير" أكثر مما اعتمدت على الجمالية الشعرية. وأيضاً فإن الشاعر التقليدي حسن البحيري قد كتب عام 1940مجموعة من الشعر المنثور بعنوان "أحلام البحيرة". إلا أن الشاعر الفلسطيني راضي صدوق الذي أعد انطولوجيا تاريخية عن الشعر الفلسطيني استثنى منها شعراء قصيدة النثر متنكراً بذلك للحداثة وما بعد الحداثة. مع أنه كما يقول الشاعر أحمد دحبور: "فإن راضي صدوق نفسه قد أصدر مجمــــوعة بعـــــنوان (الحزن أخضـر دائما) وقد صنفها بالشعر المنثور .. "عدا انه وضع في الانطولوجيا اسم الشاعر المرحوم ميشيل حداد وهو من رواد قصيدة النثر في الجليل الفلسطيني المحتل والذي لم يكتب في حياته سطراً موزوناً.. وهكذا استثنت انطولوجيا شعرية فلسطينية أسماء شعراء كثيريين لهم حضورهم الشعري فلسطينياً وعربياً ولقد تمت ترجمة نصوص بعضهم الى عدة لغات عالمية
وللأسف فان الشاعر الدكتور عز الدين المناصرة، قد شن حرباً على قصيدة النثر وسخر منها اذ أسماها القصيدة الخنثى !! ، وبعد ما أثاره من ردود فعل ومساجلات واحتجاجات. وفي السنة الأولى من الألفية الثالثة وهذا التـزمين مهم أهمية إدراك إيقاع الحياة ،انشغل المناصرة في إنجاز بحث خاص عن قصيدة النثر العربية من خلال استفتاء وجهه لعدد كبير من الشعراء والنقاد العرب عن قصيدة النثر، ويكفيني هنا أن أتبنى إجابة الأديب الراحل وشيخ النقاد الدكتور إحسان عباس على استقصاء المناصرة..
يقول الراحل د.إحسان عباس : "أنا نشأت على الإيقاع المنظم منذ عهد بعيد، وكانت ميولي رومنتيكية صرفا في إيثار الشعر القريب إلى نفسي ..، لكني وجدت أن حيرتي هي نفس حيرتك بصدد القضـايا التي تتصل بقصيدة النثر،.. فهي ليست سرداً ولا قريبة من الشكل الملحمي، ولا شبه بينها وبين الشكل المسرحي ... ولا قرابة بينها وبين المقامة، وقول محمد الماغوط: أنا اكتب نصاً لا يحل إشكالاً لأنه يعمم بدل أن يخصص،
إن كون قصيدة النثر قديمة قدم القصائد الكلاسيكية والرومانتيكية وقدم تفاوتها في النوعية يفرض علينا قبولها، وحين قبلنا قصيدة التفعيلة فإننا قبلنا الانشقاق على عرف شعري سائد أو قل سلمنا بأن الشعر الغنائي
(Lyrical poetry) فن قابل للتحول، وان استمراره في التحول يتفق والدعوة إلى استقلال كل شاعر بخط شعري، كي يضمن لنفسه التفوق، ويتجنب تكرار النماذج المألوفة، ويتجاوز ظاهرة الاستنساخ التقليدي، وهي سواء أكانت تطويراً للقصيدة العربية جاء موازيا لحركة شعر التفعيلة، أو كانت حسبما نعتقد جنساً أدبياً ثالثاً أو غير ذلك فانه لا شيء يقف ضد شرعيتها، ....شعر التفعيلة ألم يدمر الوزن والقافية العنصرين البارزين في الشعر الكلاسيكي والرومانتيكي وبالتالي قضى على الإيقاع المنظم الخارجي (إلا قليلاً).
ويتوجه بالسؤال إلى الدكتور المناصرة: "ألست ترى أن الغالب على قصيدة النثر منذ نشأتها وحتى اليوم ـرغم التنوع ـ هو التأمل، صوفياً كان أو غير صوفي، وأن التأمل يلتقي مع إطلاق الحرية للهواجس النفسية مع التحرر من القيود الشكلية، لكن عجلة التطور في الفن، لن تقف، كما أنها لم تقف، عند حدود التأمل،... و يسأل د.عباس : "إلى أي حد ستصل قصيدة النثر في الحرية، وهل ستصل بها هذه الحرية إلى درجة تنهزم فيها هويتها؟ ويجيب بيقينية راسخة: "لا يوجد جنس أدبي يوغل في الحرية إلى درجة يفقد معها هويته".
وبرأينا إن ممارسة الحرية بكل تجلياتها وأشكالها وتصنيفاتها لا يمكن أن يعد هزيمة، كما أن الهوية الشمولية للإنسان قد اكتسبت مفاهيم وتعريفات واعادة صياغة انطلاقا من منظور الحرية.
أما بالنسبة للشاعر محمود درويش فبرأينا انه لم يخرج عن الإطار الفني الذي أوجده السياب للقصيدة العربية !! وذلك ناتج عن ايمانه الراسخ بأن الشعر إنشاد كما جاء في فن الشعر لأرسطو، وربما لم يكن موقفه من قصيدة النثر موقفاً فنياً أو إبداعياً إنما كان موقفاً فكرياً وسياسياً من أطروحات منظري قصيدة النثر كأدونيس وأنسي الحاج وبول شاؤول..
قصيدة النثر والصوفية
لقد خاضت قصيدة النثر صراعاً حول نسب القصيدة إلى الجذر الأوروبي - الأمريكي. لكن ذلك لا يعني أن هذه القصيدة بلا جذر عربي، ففي التراث الصوفي نجد أن الشعر لا ينحصر في الوزن ، وان طرق التعبير في هذه الكتابات، وطرق استخدام اللغة هي جوهرياً، شعرية، وان كانت غير موزونة.. فأن تحديد شعرية الشعر بالوزن/ القافية اخذ يضطرب منذ القرن العاشر الميلادي خصوصاً في الدفاع النقدي الذي قام به أبو بكر الصولي انتصاراً لشعرية أبي تمام وفي آراء عبد القاهر الجر جاني. فقد نشأ ميل إلى التشكيك في أن يكون الوزن والقافية مقياساً للتمييز بين الشعر والنثر وتقسيم المعنى عند الجرجاني إلى نوعين : تخيلي وعقلي، دليل بارز. فحيث يكون النص قائماً على المعنى الثاني لا يكون شعراً، وان جاء موزوناً مقفى".
وفي أيلول 2003 قدمت الباحثة سحر سامي رسالة الدكتوراة إلى قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة القاهرة عن الشعر الصوفي وعلاقته بقصيدة النثر.
اعتبرت سحر سامي: أن (ابن عربي) هو مؤسس لـقصيدة النثر الجديدة.. وانه قدم نوعاً من التأسيس يمثل سبقاً بالقياس إلى الدراسات الحديثة في مجال الشعرية، بل وفي أشكال الكتابة النثرية والسردية التي تعدّ تمهيداً مبكراً لقصيدة النثر والإبداع القصصي والروائي الحديث.
فمحيي الدين بن عربي خاض مغامرة الكتابة حتى نخاعها، واستطاع أن يقدم عالماً بديلاً أو موازياً للواقع من خلال اللغة. إنه يوجد باللغة وفيها، ويعرف ذاته والعالم بهذه اللغة وفيها أيضا. إنها لغة الإشراق المحملة بالتجليات. لغة تخلق خالقها. وهي إظهار الوجود الباطني.
واستندت الباحثة إلى كتاب الفتوحات الذي يعتبر من أهم كتب ابن عربي التي تتجلى فيها طاقته الإبداعية ورؤاه الفلسفية في حالة من النشوة والتوهج الفني.. ، بلغته المتميزة وتراكيبه وصوره وأشكال التناص والسرد فيه، حيث فكرة الشعر والخلق الشعري عند ابن عربي لا ينفصل جوهرها عن فكرة خلق العالم ،وكيفية الخلق كتجسيد لظهور الخالق في خلقه ورؤيته لذاته في مرآة العالم والموجودات، وحيث يميز فكرة الشعرية عنده ضرورة الانفلات من القوالب الجامدة والأطر التي تحد من حرية الروح..
فاللغة عند ابن عربي، من حيث كونها صياغة جديدة رافضة ومختلقة مع كل التراث السابق، يمثل اختلاقها في حد ذاته جزءاً من مفهوم الشعرية يرتبط بالقدرة على استثمار إمكانيات اللغة البلاغية والدلالية داخل النص، وتوظيف كل ذلك لفتح حدود اللغة على المطلق .. ولهذا تتجاوز اللغة حدود العلاقة المنطقية بين الأشياء لتكون ذاتها، لغة تخلق منطقها الخاص، تهدم العالم وتعيد تشكيله في سياقات جديدة وهي وسيلة وغاية في نفس الوقت تحمل قيمها الجمالية. بها يعرف الصوفي خالقه وبها يخلق العالم من جديد ويوجد فيه. وهي تعبير آخر عن فكرة النفس الإلهي في الخلق فهي لغة وجودية ومعرفية بكل المقاييس، وهي الصورة الشعرية بالمعنى الفلسفي عند ابن عربي، وفكرة الخيال، والخلق، وما يسميه ابن عربي بالقوة الخيالية
فنص الفتوحات المكية يقيم كثيراً من العلاقات مع كم لا يحصى من النصوص مثل القرآن والنصوص الدينية التوراتية والمسيحية والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والشعر والتراث النثري العربي إضافة إلى الخطاب الصوفي برمته والخطاب الفلسفي والأساطير. فهو نص مفتوح على الوجود تستطيع الكلمة فيه الإحالة على خطاب كامل في إطار العلاقة الجديدة التي تحددها رؤية ابن عربي الفكرية والجمالية...
وبصورة عامة يبدو أن الثقافة في فلسطين تعيش مواتاً منظّما تديره آلة الموت و استبداد نزعة الانسحاب من العصر. إن وطأة التخلف، وثقل الاحتلال وشدة الضغط الاجتماعي، العائلي والعشائري والأخلاقي، كان لا بد لهذه العوامل أن تذهب بشكل جدلي، إلى خلق نقائض راديكالية للتخلف، ومن دون الكثير من المقدمات المنطقية والتراكمات الواجبة شكلياً من اجل قيام حركات التجديد، كي تشكل قفزات نوعية كردة فعل على التخلف العام. فعبر مسار التاريخ الإنساني وقفت النخبة تعارض بشكل جوهري وتصارع ضد ذهنية التخلف والانسحاب من العصر .. ووقفت في مواجهة ذلك الإجماع غير المبرهن عليه والمعتبر وعياً اجتماعياً مشوهاً ... والحياة الثقافية اليوم، تعاني بشكل أو بآخر من وضعية عدم التوافق بين عالم ينقضي، وعالم يولد، عالم يذهب إلى الماضي غير قادر بمنظوماته وإمكانياته التقليدية على إشباع الضرورات، وعالم آخر يمكن أن يقوم بهذا الإشباع، من خلال تلبية الحاجات الوليدة..
امام ذلك ماذا يفعل الشاعر وقد أحالت العولمة الشعر إلى مساق التنافس الاستهلاكي، ورمى النظام العالمي الجديد بالشعر إلى المضاربات الاقتصادية لدور النشر..؟
وماذا يفعل الجيل الشعري الجديد في فلسطين والذي أسميته: "جيل الانترنت ومفتتح القرن الحادي والعشرين"، هذا الجيل يعيش مرحلة تسقط فيها أنماط الرؤى الفكرية التقليدية، وتحل في مكانها أنماط جديدة تمثل حساسيات مختلفة، فتتوارى الرؤى الفكرية والفلسفية الكلية وتحل في مكانها تجارب تحتفي بالجزئيات، وبالتفاصيل الصغيرة التي تعبر عن العابر والمعيش أكثر من المتكامل والجاهز أو المكرر في حياتنا من السخرية المريرة الدفينة و الفوضى العارمة.. لهذا تغترب قصيدة الجيل الجديد في فلسطين عن عصرها وناسها ، دون أن تخسر زخم التبشير بالحرية و بالديمقراطية وبالتمرد والتفرد والتجدّد والتقاط هموم الإنسان.. فلقد غادر الشاعر وظيفة التلاوة، ولهذا انقلبت القصيدة إلى نَصّ ، وما يعنيه ذلك من موت المؤلف، وبهذا أفضى موت المؤلّف إلى ولادة القارئ بسلطة الذائقة المتجبرة والتأويل .. فالشاعر يكتب في صيغة قصيدة ، والمتلقي يستقبل في صيغة نصّ.. الأمر الذي يمنح القارئ حقّ استيلاد النصّ، عندها يقوم المتلقي قارئ النصّ فيمنح نفسه حقّ قتل الشاعر في حين يبحث الشاعر عن قارئ لديه الحد الأدنى عن كيفية قراءة القصيدة، تماماً كما أنصت إليها الشاعر ــ بينه وبين نفسه ــ في مسار خلقه..
كل هذا تتعمده الكتابة الجديدة اليوم في فلسطين والعالم، لكي تتمرد الكتابة على القيم الشائخة التي لم يعد لها مكان في حياتنا.
كتبها الأستاذ أحمد يعقوب
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني