العراق ... إلى أين؟؟؟

العراق .... إلى أين؟!!

يظل الحديث عن العراق أمراً شائكاً ومرهوناً بالإنسحاب الأمريكي منه، وكلنا يعلم أن هذا الإنسحاب ليس بالأمر اليسير على الحكومة الأمريكية الجديدة التي صرحت آنفاً عن وجود معيقات تفرض إحكامها على القوى الأمريكية وبالتالي على عملية الإنسحاب الزمني من الأراضي العراقية، وهذه المعيقات- على سبيل الذكر لا الحصر- تتمثل في وجود قوى مقاومة متربصة داخل الأراضي العراقية فردية كانت أم جماعية، إضافة إلى عدم وضوح المناخ وانعدام الرؤية في معرفة السبل التي تبدأ بها لعملية الإنسحاب بأقل الخسائر سيما مع عدم توفر المطارات المجهزة لسحب القوات الأمريكية من العراق، كذلك عدم قدرة الحكومة العراقية الحالية على إدارة البلاد بشكل سليم وآمن؛ كيف لا، والعراق مقسم إلى انتماءات طائفية وعرقية... تساؤلات كثيرة يطرحها الوضع الأمريكي المتأزم داخل العراق، ناهيك عن الأصوات المطالبة بالانسحاب، والتي يعكف الجيش الأمريكي على البحث عن إجابات لها وفق مجموعة من السيناريوهات المطروحة والمقترحة للانسحاب المنتظر.

وتتضمن هذه المقترحات قيام الحكومة الأمريكية بمسارين، أولهما فتح باب المفاوضات مع جميع العناصر المسلحة لمناقشة مسألة الحصص السياسية والمطالب التي يريدونها للمشاركة السياسية.

أما المسار الثاني، أن تضع الولايات المتحدة جدولاً زمنياً لحل جميع المليشيات العلنية كفيلق بدر وجيش المهدي، وأخيرا مواجهة هذه المليشيات عسكرياً للضغط عليها لتسلك طريق المشاركة السياسية ونبذ العنف والتصفية الطائفية.

لكن المشكلة ليست تقف عند هذين المقترحين، والسؤال الذي يثور هنا: ماذا ستكون عليه العراق بعد تنفيذ أحد هذين المسارين؟ جميعنا يدرك أن دولة إيران ستستغل الفرصة الكبرى باقتناص الفراغ ودعم الشيعة العراقيين لوضع أيديهم على السلطة. هذا من جانب، أما من جانب آخر فيمكن للمقاومة العراقية الشرسة -والتي هي سنية المنهج في معظمها- أن تحقق نصراً على الميليشيات الشيعية وتحكم نفوذها على كل العراق بفرضها دولة إسلامية معادية للوجود الأمريكي والإسرائيلي، إلا إذا حالت القوى الأمريكية دون سيطرتها على الوضع الراهن.

وهناك جانب آخر يتمثل في بقاء العراق على ما هو عليه من هذه الفوضى العارمة بحيث يصبح العراق مستنقعاً لعشرات الميليشيات الطائفية أو التابعة للقاعدة أو الجماعات البعثية والكردية واستمرار الحروب الطائفية الأهلية، وبالتالي يستحيل على الحكومة العراقية فرض سيطرتها على هذه الفوضى.

ولا يخفى علينا من أن الوجود العسكري الأمريكي في العراق يصب في مصلحة إسرائيل، ذلك أن الإنسحاب الأمريكي يؤدي إلى تضخم حجم المقاومة والتي بدورها ستكون خطراً جسيماً على الدولة العبرية. كما أن هذا الإنسحاب قد يؤدي إلى تعاظم مصداقية حركات المقاومة باعتبار أن لها الفضل الأكبر في هذا الإنسحاب الذي لطالما وعدت به العالم، وهذه كذلك هي إحدى معيقات الإنسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية.

الشعب العراقي وحده هو كبش الفداء من تلك الفوضى السائدة التي قد يرى البعض أنها بداية النهاية وصولاً إلى العراق الجديد الذي راهنت أمريكا حلفاءها عليه.

السؤال الذي المطروح الآن، ماذا ستفعل الولايات المتحدة حيال هذه الحروب الدموية الدائمة سيما وأنها التي زرعت باذرة الأمل في نفوس العراقيين خاصة والعالم كافة في خلقها عراقاً جديداً بعيداً عن الفتن والقلاقل والحروب، هذا من ناحية العراق، أما من ناحية العالم فيتثمل في تجنبها الإخفاق والفشل المتكررين، فأمريكا تأمل نسيان فشلها على الصعيد السياسي والعسكري في أفغانستان عداك عن خسائرها المادية والبشرية من جراء معاركها مع حركة طالبان.

أما العراق فقد تعرض الى اكبر خديعـــة وهزيمة في التـــاريخ الحديــــث، نصــــفها من الأمريكيين ووفي مقدمتهم رئيسهم السابق، والنصف الثاني مــن ابناء عرقهم وفي مقمتهم حكومة المالكي. هذه الخدعة التي فجعتهم بمليون قتيل، وثلاثة ملايين جريح، هذه المصائب التي فجعتهم بها خديعتهم يستحيل البراء منها في في الوقت الراهن.
ولا نعتقد بوجود سبيل أو قوة خارجية تأتي لنجدتهم من الوضع المأساوي المطبق.


حسن محمد نجيب صهيوني
Hmns_najeb@orange.jo
00962796840469