الربيع ليس بقريب في العراق |
كتب حامد الحمود : |
فمع الوعي المميز، والمشاعر الانسانية السامية لهؤلاء المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد، فان انتفاضتهم لن تجد أذنا صاغية لا من الحاكم ولا من المحكوم. فما هي الا ازعاج بسيط بالنسبة للمالكي، حثه على أن يوعز للشرطة أن توجه التظاهرة الى ملعبي «الشعب» و«الكشافة» لكرة القدم. كما أن هذه التظاهرة لن تكون أبدا شرارة تنتشر بعدها التظاهرات في البصرة أو العمارة أو الموصل، وذلك للأسباب التالية:
أولا: تدهور الهوية العراقية، وتشكلها على نمط طائفي، فأصبحت هموم العراقيين الطائفية، سباقة حتى لهمومهم الاجتماعية والاقتصادية.
ثانيا: ان العراق ومن حيث الآلية السياسية، لوصول قادته للحكم، هو بلد ديموقراطي. فالانتخابات النيابية التي أوصلت المجلس النيابي الحالي وعلى اثرها تشكلت الحكومة كانت نزيهة الى حد كبير.
ثالثا: ان العنف الذي اجتاح العراق بسبب الغزو الأميركي ومن ثم جرائم القاعدة بحق الشيعة وانتقام أحزاب شعبية محددة من السنة يعطل بشكل كبير تكوين رؤى شعبية واحدة يتفق عليها العراقيون.
لذا كان تأثير الربيع العربي على العراق محدودا، لأنه لم تعد هناك هموم أو توجهات عراقية واحدة، انما هناك هموم شيعية وسنية وكردية ممثلة بمحاصصة عرفية أصبحت شبه دستورية. وقد اتفق الشيعة على المالكي، والأكراد على الطالباني، والسنة على أسامة النجيفي. وقد أظهرت المواقف العراقية نحو أحداث البحرين مدى هذا الانقسام الطائفي. فالتحالف الشيعي الكردي وعلى لسان المالكي وزيباري، أظهر تعاطفا مع المتظاهرين البحرينيين. أما النجيفي فحاول تعطيل اجتماع لمجلس النواب الذي يرأسه لكي لا يصدر هذا المجلس بيانا مؤيدا لمطالب المتظاهرين في البحرين. فالنجيفي المستاء من ثقل النفوذ الايراني في العراق لا يمكن ان يتقبل تحركا شعبيا مدعوما من ايران، وان اختلفت الحالة العراقية عن البحرينية.
ولا يفوتنا أن نضيف الى أن التحولات الحادة في الوعي لدى الشيعة العراقيين والذين يشكلون غالبية الشعب العراقي، أصبحت معوقا لنمو أفكار ووعي انساني منفتح. فقد كرست الأحزاب الشعبية المتقاسمة حكم العراق صحفا ومحطات فضائية وتوسعت في التأبينات والموالد، بما لا يترك مساحة لتنمية الثقافة والفكر في مواضيع غير العزاءات الشيعية وتفرعاتها. فهناك حرية في العراق، لكنها «حرية» مطلقة ومدعومة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، اذا كانت لنشاط احتفالي أو عزائي شيعي. فالفكر الشيعي لا يختلف عن الفكر السلفي السني في معاداته للحرية. ويتفوق عليه بالهاب الخيال والعواطف. لذلك فان فرص تجاوز الشيعة العراقيين لهذا الانغماس «الديني» في المستقبل القريب تقل كثيرا عن فرصها حتى عند الايرانيين. خاصة أن تجربة الايرانيين متكاملة وأكثر غنى من الناحية الفكرية. وستظل الأحزاب الشيعية المهيمنة على الحكم في بغداد متنافسة ليس لتقديم خدمات أفضل للعراقيين، وانما لتوظيف أكثر للتراث الشيعي لادامة هيمنتها. فالربيع ليس قريبا في العراق.
د. حامد الحمود
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني