[center]يعقوب الأطرش
[/center]
صدرت مؤخراً للكاتب الأستاذ هاني عودة رواية جديدة بعنوان: "لك إلى الأبد"هي الإصدار الرابع له بعد صدور روايته: "لحظات من الحب" و"لا تقولي وداعًا" وكتاب: "أوراق مدرسية".
وقد جاءت هذه الرواية في 134صفحة من القطع الصغير.. وهي تحكي في أسلوب مشوق قصة حب بين شاب فلسطيني "عصام" وبين فتاة فلسطينية هي "سناء"، وكيف تطور هذا الحب إلى علاقة عاطفية قوية ربطت بين الاثنين.. خاصة حين التقيا في ميدان النضال والمشاركة في الفعاليات الاحتجاجية والمظاهرات.. مما عرض "عصام" للاعتقال عدة مرات.. فيما كانت هي نشطة في اللجان الشعبية والمظاهرات، وقد تعرضت في إحداها لإطلاق نار، حيث أصابتها رصاصة حية في عمودها الفقري، أدى إلى إصابتها بالعجز والشلل في نصفها السفلي وتسمرها في عجلة متحركة..! وقد حاول عصام المستحيل لعالج فتاته سناء حتى في الولايات المتحدة الأميركية التي هاجر إليها هرباً من دموع حبيبته ومنظرها العاجز على الكرسي المتحرك، ومن تعرضه المتكرر للاعتقال الإداري والتضييق عليه بشتى الأساليب الاحتلالية المعروفة!، إلا أن العملية الجراحية التي أجريت لسناء لم تنجح، وإنما بقيت على حالها تشكو من العجز والشلل، وهي على كرسيها المتحرك!؟ ومع الأيام تزداد حالتها سوءاً، ولذا فهي تصر في النهاية على إعفاء عصام من الزواج بها حين ألح على ذلك، إذ أنها لم تعد تصلح للزواج، وانه من الأنانية أن تربط حياته وهو الشاب المثقف الناجح الممتلئ حيوية ونضارة بحياتها بما فيها من ضعف وعجز!، بل أكثر من ذلك تشجعه على الزواج من أخرى، لأنها تحبه حباً حقيقياً كبيراً، ولان الحب الحقيقي هو تضحية وعطاء، وليس أنانية وأثرة!؟
هذا هو ملخص موجز للرواية التي يبرهن فيها الكاتب - كما في روايتيه السابقتين على قدرته على اختيار الكلمات المعبرة في الوصف والرد، كما يجيد إدارة الحوار بشكل يضفي واقعية على أحداث روايته ويجعلك تعيش في أجوائها وأحداثها لحظة بلحظة.
إلا أن ما يميز هذه الرواية عن سابقتيها هو أن الكاتب قد نجح في إيراد وتوظيف العديد من الأحداث والوقائع الوطنية من تاريخ قضيتنا ومن الأحداث العالمية ضمن الحبكة الدرامية للرواية، لتبدو وكأنها تاريخ لتلك الأحداث في قالب روائي مقبول!.
فهو - على سبيل المثال - يتحدث عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ويصف ما تلجأ إليه سلطات الاحتلال من إغلاق المدارس والجامعات وفرض نظام حظر التجوال على جميع المدن الفلسطينية!.
كما لا ينسى الكاتب - ابن مدينة بيت ساحور - أن يشير إلى أحداث نضالية هامة وقعت في مدينته، حين سلم مئات المواطنين فيها هوياتهم إلى البلدية احتجاجاً على ممارسات الاحتلال ومداهمة المتاجر والبيوت ومصادرة الأموال والأثاث والسيارات واعتقال المواطنين!؟.
ويجيد الكاتب وصف معاناة بطل روايته عصام وهو يعاني من الاعتقال. والتي هي صورة عن معاناة المعتقلين في سجون الاحتلال، والتي يصفها بأنها أشبه ما تكون بجامعة تعلم الصمود وتشحذ الهمهم، وان كانت تشكل كبتاً للحرية والحرمان، ويشير الكاتب إلى كيفية استقبال المعتقلين لإعلان وثيقة الاستقلال التي أعلنت في مؤتمر الجزائر في تشرين الثاني من عام1988 ، والتي رأى فيها المعتقلون باباً للسلام.. إلا أن إسرائيل سدت آذانها عن سماع الصوت الفلسطيني للسلام.
وتبرز الرواية تمديد الاعتقال الإداري الذي تعرض له عصام وتكريره ثلاث مرات وأثر ذلك على نفسية المعتقل وتفكيره لتدفعه للتساؤل؟ ماذا تجني إسرائيل من تمديد اعتقالي؟ وما هو ذنب الفلسطينيين ليعيشوا تحت الاحتلال سنوات طويلة؟؟.
والرواية- في سياقها - تحفل بالعديد من المرافعات المعبرة التي تلخص الموقف الفلسطيني فيما يحدث على ارض الواقع..والممارسات والأضرار التي تطال البشر والحجر والشجر! ، وهو يتساءل: متى يفهم الجانب الآخر أن السلام لا يأتي من خلال القضبان الحديدية وأنهم لا يستطيعون قهر إرادة الحياة في شعب صمم على الحياة.. ويناضل لنيل الحرية والخلاص من الاحتلال؟!؟.
وتتطرق الرواية إلى احتلال العراق للكويت.. وما تبع ذلك من أحداث دامية.. وكيف أثار ذلك الولايات المتحدة الأميركية التي شكلت تحالفاً لتحرير الكويت، ثم لغزو العراق واجتياحه بحجة وجود أسلحة دمار شاملة، ولتحريره من دكتاتورية النظام الحاكم، ليتبين بعدها بطلان ذلك الادعاء، ولإغراق العراق في دوامة من القتل والدمار لا مثيل لها، إذ تبين أن الهدف الحقيقي كان الاستيلاء على نفط العراق وخيراته وثرواته!..
ويصف الكاتب كيف استحوذت على عصام فكرة الهجرة إلى الولايات المتحدة، من جراء الظلم الذي يعاني منه شعبه ومن الحزن الذي استبد به على حالة سناء الصحية وعجزها المريع!، وهناك في الغرب استطاع عصام أن يكمل دراسته الجامعية وان يعمل بكل جد واجتهاد حتى كون له ثروة كبيرة.
وتشير الرواية إلى حدوث الانتفاضة الثانية ثم الأحداث الدامية للحادي عشر من شهر أيلول عام 2001 وتدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك، التي أعطت الضوء الأخضر لأميركا وحليفاتها، لحملة محمومة ضد ما سمي بـ "الإرهاب" ؟!
وهنا يندفع المؤلف - مرة أخرى في مرافعته لشرح وجهة النظر الفلسطينية في محاربة الإرهاب، والتي يجب أن تبدأ بمحاربة أسبابه وبمحاربة الظلم الذي تعاني منه شعوب كثيرة في العالم، وذلك من خلال نشر العدل والأمانة، حيث أن الحرب والظلم واليأس هي مرتقع خصب للإرهاب!!.
وتحكي الرواية كيف كان بطل الرواية عصام وهو في غربته يتابع ما يحدث في ارض الوطن فراعه ما يحدث فيه، وما آل إليه الوضع الاقتصادي من ركود.. ومن انتشار البطالة.
وهنا يدير الكاتب حواراً موفقاً ما بين عصام وأخيه "فؤاد" الذي يقترح أن يُحضر والديه وإخوته إلى الولايات المتحدة ليعيشوا معهما.. إلا أن عصام لا يوافقه الرأي، إذ يرى ان الهجرة هروب واستسلام، ولذا يجب ألا نشجع الناس على الهجرة.. لان مستقبل الإنسان في وطنه!.
وحين تظهر الدهشة والاستغراب في عيني أخيه فؤاد لما قاله عصام يوضح له أخوه: أنا لم أهاجر يا فؤاد إلا هرباً من سناء، ومن دموع عينيها ومن كرسيها المتحرك.. لأنني لم اعد قادراً على تحمل رؤيتها وهي مسمرة مشلولة على كرسيها.. حتى حين كنت اطلب منك أن تتخصص في جراحة الأعصاب كان ذلك من اجل سناء! أنا ما أحببت الغربة قط وإنما كنت أفكر بالرجوع إلى وطني ومدينتي وأهلي وأصدقائي، فالوطن لم يغب عن بالي أبدا!!
وعبثاً حاول أخوه فؤاد أن يُقنع أخاه عصام انه قد كون نفسه في الغربة وحصل على شهادة جامعية وكون ثروة كبيرة وحصل على الجنسية وانه يعيش في أمان.. وبعد أن أسس شركة تجارية ناجحة، إذ سمع أخوه عصام يقول له: ثق يا فؤاد إنني أحس بالذنب لأنني هربت من الوطن بينما هو في حاجة إليّ، ولذا فقد قررت العودة إلى الوطن لأنه ما يزال يعيش في داخلي.. وسأقوم بتأسيس شركة تجارية مماثلة في مدينتي.. لاستثمر أموالي في بلدي، ولأجد فرص عمل للشباب.. عليّ أن أعود لكي أصحح ما ارتكبته بحق أهلي وأصدقائي ومجتمعي وبحق سناء.. أليس هؤلاء هم الوطن؟
وتختتم الرواية بصورة عصام إلى ارض وطنه، حيث أسس شركة تجارية كبيرة ناجحة، وفكر في الاستقرار والزواج.. إلا ان سناء وبدافع من حبها له رفضت أن تربط مصيره بمصيرها.. وأصرت على أن تختار له عروساً أخرى، حيث أنها لم تعد تصلح للزواج منه.. ورغم إلحاح عصام ألا أنها أصرت على موقفها هذا مؤكدة أن هذا هو قرارها النهائي!.
وعنوان الرواية: "لك إلى الأبد" يمكن ان يكون موجهاً لحبيبة عصام التي ضربت أروع الأمثلة في الحب الكبير والتضحية والإيثار، كما يمكن أن يؤخذ بمعناه المجازي الكبير ليكون موجهاً إلى الأم الكبرى الغالية "فلسطين" مؤكداً أن أبناءها سيكونون لها والى الأبد!!!.__
منقول
أريج الريحاوي
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني