جزاك الله خير على الطرح ـــــــ ياليتك تعدل على العنوان ـــــ من قلوه تعالى الى قوله تعالى .. مأجورا بارك الله فيك
مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
ازرار التصفُّح
التبادل الاعلاني
4 مشترك
الإعجاز البياني في قلوه تعالى: (والسماء بنيناها بأيد)
وليدالحمداني- عدد المساهمات : 4
نقاط : 21879
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 03/12/2012
الشاعر ناظم عزت- عدد المساهمات : 130
نقاط : 25195
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
العمر : 63
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر" (التوبة، الآية 19).
نحتاج إلى التمييز في التدين بين ثلاث منظومات لا يصح أن نتعامل معها بنفس الحساسية الدينية؛ أولاها الإيمان بالله والكتاب المنزل وسائر أركان الإيمان، وعبادة الله على النحو الذي أنزله في كتابه، وهي معتقدات وأعمال فردية بين الله والإنسان يتّبعها الإنسان بقلبه مصدقا بها كما بلغته عن الرسول ومن بعده، ولا يملك أحد سلطانا عليها، ويتحمل المسلم مسؤوليتها وحده فردا.
والمستوى الثاني هو الخطاب، بمعنى تنزيل الدين وتطبيقه في الحياة كما أمر الله ورسوله. وهنا يحدث الخطأ والصواب وتعدد الفهم والتأويل. ويتعدد الخطاب حسب اختلاف المجتمعات والأزمنة والأمكنة والمستويات العلمية والثقافية والحضارية والاجتماعية. وأصعب ما في ذلك وأشقه القدرة على التمييز بين الديني والإنساني، وما هو من عند الله وما هو ليس من عند الله، ولكنه يبقى خطابا للمسلمين ينشئونه حسب ما يتمثلون من الحكمة والمصالح، وما يقدرون على إنشائه وإبداعه متبعين ما يعتقدون أنه الحق والخير والجمال، الحق بمعنى الخطأ والصواب أو العدل والظلم، والخير بمعنى المفيد والضار، والتمييز بين النفع والضرر، والنفع الأكبر والنفع الأصغر، والضرر الأكبر والضرر الأصغر، والجمال بمعنى التمييز بين القبيح والحسن.
والمستوى الثالث هو العلوم الدينية من الفقه والتفسير والفلسفة وسائر فروع العلم، وهي علوم إنسانية بحتة يشارك في تعلمها وتعليمها جميع الناس من المسلمين وغيرهم، مثلها مثل علوم الاجتماع واللغة والفلسفة والتاريخ، وتخضع لمناهج البحث، وهي قابلة (كشرط حتمي) لإثبات خطئها وصوابها، فليس علما إلا ما يمكن إثبات زيفه.
هذا التمييز ضروري، ونحتاجه لتقييم الأفكار والمواقف ووزنها، وقبولها ورفضها، فليس كل شأن من الدين بمستوى غيره، وبعضها قابل للرد والنقاش والقبول، وبعضها لا يقبل، وليس كل خطأ في الدين عدوانا عليه يستوجب الخصام والعداء، وليس كل فهم قضية تحتاج إلى دعوة وتصحيح، ففي الخطاب تتعدد الاجتهادات ويتعدد الصواب أيضا، وذلك متروك لقبول الناس واطمئنانهم. وأما العلوم الدينية، فهي شأن علمي خالص يجري بحثها وإثباتها ودحضها كما يجري في تقاليد ومؤسسات العلم والبحث العلمي، وليست شأنا دينيا أو جماهيريا أو سياسيا، ولا تستوجب التحزب والعداوة والتأييد، إلا بمقدار ما نحشد المظاهرات والجماهير تأييدا أو رفضا لنظرية النسبية أو التفاعلية الرمزية أو الشبكية على سبيل المثال.
إن القدرة على تمييز الديني والإنساني حتى في أقوال الرسول وأفعاله هي مدخل التقدم الديني وملاءمته المتواصلة للحياة والعصور، وفي الحديث النبوي: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَقْضِي لَهُ بِمَا يَقُولُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا".
نحتاج إلى التمييز في التدين بين ثلاث منظومات لا يصح أن نتعامل معها بنفس الحساسية الدينية؛ أولاها الإيمان بالله والكتاب المنزل وسائر أركان الإيمان، وعبادة الله على النحو الذي أنزله في كتابه، وهي معتقدات وأعمال فردية بين الله والإنسان يتّبعها الإنسان بقلبه مصدقا بها كما بلغته عن الرسول ومن بعده، ولا يملك أحد سلطانا عليها، ويتحمل المسلم مسؤوليتها وحده فردا.
والمستوى الثاني هو الخطاب، بمعنى تنزيل الدين وتطبيقه في الحياة كما أمر الله ورسوله. وهنا يحدث الخطأ والصواب وتعدد الفهم والتأويل. ويتعدد الخطاب حسب اختلاف المجتمعات والأزمنة والأمكنة والمستويات العلمية والثقافية والحضارية والاجتماعية. وأصعب ما في ذلك وأشقه القدرة على التمييز بين الديني والإنساني، وما هو من عند الله وما هو ليس من عند الله، ولكنه يبقى خطابا للمسلمين ينشئونه حسب ما يتمثلون من الحكمة والمصالح، وما يقدرون على إنشائه وإبداعه متبعين ما يعتقدون أنه الحق والخير والجمال، الحق بمعنى الخطأ والصواب أو العدل والظلم، والخير بمعنى المفيد والضار، والتمييز بين النفع والضرر، والنفع الأكبر والنفع الأصغر، والضرر الأكبر والضرر الأصغر، والجمال بمعنى التمييز بين القبيح والحسن.
والمستوى الثالث هو العلوم الدينية من الفقه والتفسير والفلسفة وسائر فروع العلم، وهي علوم إنسانية بحتة يشارك في تعلمها وتعليمها جميع الناس من المسلمين وغيرهم، مثلها مثل علوم الاجتماع واللغة والفلسفة والتاريخ، وتخضع لمناهج البحث، وهي قابلة (كشرط حتمي) لإثبات خطئها وصوابها، فليس علما إلا ما يمكن إثبات زيفه.
هذا التمييز ضروري، ونحتاجه لتقييم الأفكار والمواقف ووزنها، وقبولها ورفضها، فليس كل شأن من الدين بمستوى غيره، وبعضها قابل للرد والنقاش والقبول، وبعضها لا يقبل، وليس كل خطأ في الدين عدوانا عليه يستوجب الخصام والعداء، وليس كل فهم قضية تحتاج إلى دعوة وتصحيح، ففي الخطاب تتعدد الاجتهادات ويتعدد الصواب أيضا، وذلك متروك لقبول الناس واطمئنانهم. وأما العلوم الدينية، فهي شأن علمي خالص يجري بحثها وإثباتها ودحضها كما يجري في تقاليد ومؤسسات العلم والبحث العلمي، وليست شأنا دينيا أو جماهيريا أو سياسيا، ولا تستوجب التحزب والعداوة والتأييد، إلا بمقدار ما نحشد المظاهرات والجماهير تأييدا أو رفضا لنظرية النسبية أو التفاعلية الرمزية أو الشبكية على سبيل المثال.
إن القدرة على تمييز الديني والإنساني حتى في أقوال الرسول وأفعاله هي مدخل التقدم الديني وملاءمته المتواصلة للحياة والعصور، وفي الحديث النبوي: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَقْضِي لَهُ بِمَا يَقُولُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا".
آية صابر- عدد المساهمات : 90
نقاط : 24642
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 05/07/2011
العمر : 41
الفرق بين الكافر والظالم والفاسق |
قول الله عز وجل :﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ﴾ تكرر في سورة المائدة ثلاث مرات ، وختم في الأولى بقوله تعالى :﴿ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾(المائدة:44) ، وختم في الثانية بقوله تعالى :﴿ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾(المائدة:45) ، وختم في الثالثة بقوله تعالى :﴿ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾(المائدة:47) . وفي الفرق بين ( الكافرين ، والظالمين ، والفاسقين ) قيل : كلها بمعنى واحد ، وهو ( الكفر ) عَبَّرَ عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار . وقيل : ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارًا له ، فهو كافر . ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاد الحق وحكم بضده ، فهو ظالم . ومن لم يحكم بالحق جهلاً وحكم بضده ، فهو فاسق . فـ( الكافر ) هو المنكر وجود الله تعالى والجاحد لنعمه ، خلافًا للمؤمن ؛ ولهذا قيل : الكافر هو اسم لمن لا إيمان له ، ومعناه في اللغة : الساترُ للشئ . ووُصِفَ الليل بالكافر لستره الأشخاص ، والزارع لستره البذر في الأرض . ويقال : كفرت الشمس النجوم : سترتها . وكفر النعمة ، وكفرانها : سترها بترك أداء شكرها . ويقال : كفر فلان ، إذا اعتقد الكفر . ويقال ذلك ، إذا أظهر الكفر ، وإن لم يعتقده ؛ ولذلك قال تعالى :﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ﴾(النحل:106) . و( الظالم ) هو الذي يزيل الحق عن جهته ويأخذ ما ليس له ، وهو من قولك : ظلمت السقاء ، إذا شربته قبل أن يدرك . وظلمت الجزور ، إذا عقرته لغير ما علة . وكل من وضع شيئًا في غير موضعه فقد ظلم . والظلم هو نقصان الحق ؛ ولهذا قيل في نقيض الظلم : الإنصاف ، وهو إعطاء الحق على التمام . والظلم ثلاثة : ظلم بين العبد وربه ، وأعظمه : الكفر والشرك والنفاق ؛ ولذلك قال :﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾(لقمان:13) . والثاني : ظلم بينه وبين الناس ، وإياه قصد تعالى بقوله :﴿ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾(الشورى:40) . والثالث : ظلم بينه وبين نفسه . وإياه قصد تعالى بقوله :﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ﴾(فاطر:32) . وهذه الثلاثة في الحقيقة هي ظلم للنفس ؛ ولهذا قال تعالى :﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾(البقرة:57) . و( الفاسق ) هو الخارج عن طاعة ربه ، والجاحد حق الله تعالى ، ومنه يقال : فسقت الرطبة ، إذا خرجت من قشرها . يدل على ذلك قوله تعالى :﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾(الكهف:50) . أي : خرج عن طاعة ربه جل وعلا ، وجحد حقه عليه . وقال تعالى :﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾(السجدة:18) ، فقابل به المؤمن . فالفاسق أعم من الكافر ، والظالم أعم من الفاسق . أما قوله تعالى :﴿ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾(النور:55) فعنى بالكافر : الساتر للحق ؛ فلذلك جعله فاسقًا ، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعم من الفسق .. والله تعالى أعلم |
كريم أبو العسل- عدد المساهمات : 101
نقاط : 26553
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 22/06/2010
والسماء بنيناها بأيد |
قال الله عز وجل :﴿ وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ * وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾(الذاريات:47- 49) أولاً- تُعَدُّ هذه الآيات الكريمة من أقوى الدلائل على قدرة الله تعالى ووحدانيته ، ومن أشدها تحذيرًا من عقابه وعذابه . وقد سبقتها آيات تحدثت عن أخبار الأمم الطاغية المكذبة بالبعث وهلاكها ، فجاءت هذه الآيات عقبها ؛ لتؤكد قدرة الله تعالى على الخلق والإعادة ، وأنه واحد لا شريك له ، يستحق العبادة والتوحيد ؛ ولهذا صدر الأمر منه تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته سبحانه وحده وتوحيده ؛ وإلا فمصيرهم كمصير من سبقهم من الأمم ، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى عقب الآيات السابقة :﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾(الذاريات:50–51) . وأَوَّلُ ما يلفت النظر في هذه الآيات الكريمة ، ويدعو إلى التفكر والتدبر مجيئُها على هذا الترتيب البديع : بناء السماء بقوة والتوسُّع المستمر في بنائها أولاً . ثم فرش الأرض وتمهيدها لساكنيها ثانيًا . ثم خلق زوجين من كل شيء ثالثًا . والسر في ذلك- والله تعالى أعلم- هو أنه لمَّا كان الغرض الإخبار عن قدرة الله تعالى ووحدانيته وإقامة الدليل على ذلك ، قدَّم سبحانه ما هو أقوى في الخلق . وما كان أقوى في الخلق ، كان أقوى في الدلالة وأظهر في الإفادة . ومعلوم أن الله تعالى خلق السماوات والأرض ، ثم خلق بعدهما جميع المخلوقات ، وما خُلِق ابتداءً ، كان خَلْقُهُ أشدَّ ، وإن كان الكل عند الله تعالى في الخَلْقِ سَواء . وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴾(النازعات:28-30) - ﴿ فََاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ ﴾(الصافات:11) ثانيًا- ويشير قوله تعالى :﴿ السَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ ﴾ إلى أن السماء بُنِيَت بإحكام على شكل قبَّة مبنية على الأرض ، وأن بناءها باقٍ إلى يوم القيامة ، لم يُعْدَمْ منه جزءٌ، خلافًا للأرض ؛ لأنها في تبدُّل دائم وتغيُّر مستمر ، وخلافًا للمخلوقات ؛ لأن مصيرها إلى الهلاك والفناء ؛ ولهذا قال تعالى في خلق السماء :﴿ بَنَيْنَاهَا ﴾ ، وقال في خلق الأرض :﴿ فَرَشْنَاهَا ﴾ ، وقال في خلق كل شيء :﴿ خَلَقْنَا ﴾ . فالخَلْقُ يبلَى ويفنَى ، والفَرْشُ يُطوَى ويُنقَل . أما البناءُ فثابتٌ باقٍ ، وإليه الإشارة بقوله جل وعلا :﴿ وََبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَادًا ﴾(النبأ:12) . والبناءُ في اللغة نقيضُ الهدم ، ومعناه : ضَمُّ شيء إلى شيء آخر . ومنه قولهم : بَنَى فلانٌ على أهله ، والأصل فيه : أن الداخل بأهله كان يضرِب عليها قبة ليلة دخوله بها . ومن هنا قيل لكل داخل بأهله : بَانٍ ، والعامة تقول : بَنَى الرجل بأهله ، والصوابُ هو الأوَّلُ ؛ ولهذا شُبِّهَت السماء بالقبة في كيفية بنائها . وفي تقديم كل من ( السَّمَاءِ ) ، و( الْأَرْض ) ، و( كُلِّ شَيْءٍ ) على فعله دليلٌ آخر على أن الخالق جل جلاله واحدٌ أحدٌ ، لا شريك له في خلقه ؛ لأن تقديم المفعول يفيد معنى الحصر ، فإن تأخر عن الفعل ، احتمل الكلام أن يكون الفاعل واحدًا ، أو أكثر ، أو أن يكون غير المتكلم . وأما تأخير المفعول في قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾(الأنعام:73) فإن الكفار ما كانوا يشكُّون لحظة في أن الله تعالى هو الذي خلق السماوات والأرض . وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾(لقمان:25) . ثم إن قوله تعالى :﴿ وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ يشير بوضوح وجلاء إلى أن الله تعالى بنى هذا الكون ، وأحكم بناءه بقوة ، وأن هذا البناء المحكم لم يتوقف عند هذا الحد ؛ وإنما هو في توسُّع دائم ، وامتداد إلى ما شاء الله تعالى وقدر . دلَّ على ذلك التعبير بالجملة الاسمية المؤكدة بـ( إنَّ واللام ) ، وهي قوله تعالى :﴿ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ . ثم إن في إطلاق الخبر ( مُوسِعُونَ ) ، دون تقييده بالإضافة ، دلالة أخرى على ما أراد الله تعالى أن يخبر عنه ، وأكده العلم الحديث . فقد ثبت للعلماء منذ الثلث الأول للقرن العشرين أن هذا الجزء المرئي من الكون مُتَّسِعٌ اتِّساعًا لا يدركه عقل ، وأنه في اتِّساع دائم إلى اليوم . بمعنى أن المجرَّات فيه تتباعد عن مجرتنا ، وعن بعضها البعض بسرعات هائلة تكاد تقترب أحيانًا من سرعة الضوء المقدرة بحوالي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية . وهذه الحقيقة المكتشفة أكدتها حسابات كل من الفيزيائيين النظريين والفلكيين , ولا تزال تقدم المزيد من الدعم والتأييد لهذه الحقيقة المشاهدة التي تشكل إعجازًا علميًا رائعًا من إعجاز القرآن ! ثالثًا- وفي قوله تعالى :﴿ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾ إعجاز آخر من إعجاز القرآن ، حيث كان الظاهر أن يقال :( فَنِعْمَ الْفَارِشُونَ ) ، بدلاً من قوله تعالى :﴿ فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾ . ولو قيل ذلك ، لكان بليغًا ؛ ولكنه لا يؤدِّي المعنى المراد ؛ لأن الأرض خُلِقتْ لتكون موضع سكن واستقرار . ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا مُهِّدَت بعد فرشها . فاختار سبحانه وتعالى للمعنى الأول لفظ ( الفرش ) ، لِمَا فيه من دلالة على الراحة والاستقرار ، واختار للمعنى الثاني لفظ ( التمهيد ) ، لِمَا فيه من دلالة على البَسْط والإصلاح . وكونُ الأرض مفروشة وممهدة لا ينافي كونها كروية ؛ بل ينسجم معه تمام الانسجام ؛ لأن الكرة إذا عَظُمَتْ جِدًا ، كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاستقرار عليه . وفَرْشُ الأرض يعني : تذليلها بعد أن كانت ناتئة صلبة . وكما تُذَلَّلُ الأنعام ؛ ليُركَب عليها ، فكذلك تُذَلَّلُ الأرض ؛ ليُسْتقَرَّ عليها .. وأما تمهيد الأرض فهو تهيئتُها ، وتسويتها ، وإصلاحها ؛ لينتفع بها . رابعًا- وأما قوله تعالى :﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ فيشير إلى أن الله تعالى خلق زوجين من كل شيء ، ممَّا نعلم ، وممَّا لا نعلم ، وجاء العلم الحديث ؛ ليكتشف تباعًا ظاهرة الزوجية في هذا الكون الفسيح ، وتمكن العلماء أخيرًا من رؤية هذه الظاهرة في الحيوان المنوي الذكر . والزَّوْجُ من الألفاظ المتَضَايفَة التي يقتضي وجودُ أحدهما وجودَ الآخر . وهذا الآخر يكون نظيرًا مُماثلاً ، ويكون ضِدًّا مُخالفًا . والأول هو المِثْلُ ، والثاني هو النِّدُّ . وما من مخلوق إلا وله مِثْلٌ مماثل ، ونِدٌّ مخالف ، وله شِِبْهٌ مشابه . وأما الله جل وعلا فهو وحده هو الذى لا مِثْلَ له ، ولا نِدَّ له ، ولا شِبْهَ له ؛ لأنه واحد أحد ، وفرد صَمَد ، لم يلد ولم يولد . ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ﴾(الشورى:11) . ولهذا لا يستحق أحد أن يُسَمَّى خالقًا وربًّا مطلقًا ، وأن يكون إلهًا معبودًا إلا الله جل وعلا ؛ لأن ذلك يقتضى الاستقلال والانفراد بالمفعول المصنوع ، وليس ذلك إلا لله وحده ، سبحانه ، وتعالى الله عمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا ، والحمد لله الذي خلق الإنسان ، وعلمه البيان ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ، وسلم تسليمًا كثيرًا . بقلم : محمد إسماعيل عتوك |
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني