وكن موتي الأخير

ما أروعه من نص حين يلامس شغاف القلوب



كلي احترام وأقف إجلالاً لهذا النص

سلمت يمناك يا منى



عبد المغني شريف

جميلة ورائعة ومحكمة المعنى وجيدة الحضور السبكي

أهديك القصيدة التالية:


فى واحة غربتى ...والليل الهجير
تتسرب فى شجى ذكرياتى
تحكى رحلتى
وصدى السنين
ولوعة النغم الحزين
... وخيبة قلب أماته الحنين
أنغمس فى أحزانى ....
أكتب سطور خيبتى
والشجن ....ورحلة التمزق والضنى
وعندما يهلُّ وجهك متدثرا بالضوء
أُبعث من جديد
أمتطى جواد العشق الجموح
أكتب الشعر ...أغرد
يا امرأة من نور
يا مهجة الفؤاد
ورؤى حلم نبت منذ صباى
وتشكل فى نسج أرجوانى
عبث بى فى دهاليز الزمن
وأنا أبحث عن نغم ينساب
يمزقنى صداه
أتحسسه ...
كيف الوصول إليك ؟
يا حلما.. ويا نغما ....ويا عطرا
يهزنى ...يسكرنى
أفتقد وجودى وكيانى...
وعندما أفيق
يقتلنى الحنين

تحياتي /عزة قادري

[b]و لم يتراكم الغبار على وجهك في ذاكرتي ،
و لم تكسُ الطحالب و الأعشاب صورك
و لم يصدأ بريق عينيك
و لم تصبح أيامنا راية منكسة منسية ،
نصف محروقة بعد معركة خاسرة
و لم يصمت صوتك في حلقي
و لم أضيعك في زحامي المجنون ،
ما زلت أقبض بيدي على يد ذكراك
أتشبث يها في زلزالي ،
ما زلت تقطن تحت جلدي ..
****
أيها الغريب
الصدق الذي يفجر اللغة
هو نفسه الذي يشلها أحياناً ..
و إلا لكتبتُ دائماً لك و عنك وحدك
و مع هذا أحدثك باستمرار :
أسمع كلماتي متعبة و نائية ،
كسعال طفل يقف في البرد خلف الباب ،
و الباب ضخم و موصد
أحياناً أتمنى أن أصب بنزفي في أحد شرايينك ،
فأكتب لك ،
أمد حروفي أصابع إلى عالمك ، ( لفها بيدك )
و لكن عبثاً أكتب !
أقول لك : الصدق المطلق لغم اللغة ..
إنه يطيح بمقالع الكلمات في الجو
و يهشم رخامها أمام زوابع وجعه ..
****
غيابك يغتالني ،
و حضورك يغتالني
لأنه عتبة لغياب جديد
********
حينما نلتقي في الشوارع فجأة .
حينما نلتقي صدفة كما يلتقي الغرباء
تخترقني صورتك ،
كرصاصة محكمة التصويب إلى جبهتي
تماماً في منتصف المسافة بين العينين .. ( حيث كان يحلو لك أن تقبّلني ) ،
و حينما أسمع صوتك من جديد ..
يخفق قلبي ،
كجسد عصفور طار تحت الثلج مئة عام
فوق محيطات العذاب ،
ثم لمح جزيرة ..
و أتوق إليك ،
توق المواقد إلى النيران و خبز الفرح ،
و أتوق إليك ، و أتساءل
ترى هل الأخطبوط امرأة أحبت كثيراً حتى اللا ارتواء
فمنحتها الآلهة عشرات الأذرع
و قدرة لا متناهية على الاحتضان ؟
يدهشني _ حينما أراك
أنني لا املك سوى ذراعين
و أنه لم ينبت لي المزيد منهما
***
أنت يا أنا
و حينما أحدق في المرآة ،
أجد وجهك بدلاً من وجهي ! ..
****
من الأعماق
من أعماق بئر الصمت المسكونة بهذيان الشوق
من أعماق ذلك الجرح الذي لا قرار له ،
من أعماق بحيرات الذاكرة ،
و مياهها المعتمة الغامضة ،
ينبض الشوق إليك ،
ينبض ، ينبض ،
مثل طائر أسطوري يقطن ظلامها بسرية مروّعة ..
من أعمق الأعماق ،
من اعماق نهر الجنون ،
و طبول الذكريات تدق في قاعه ،
وورود النار و الندم تنفتح على ضفتيه ،
من أعماق جحيم حبي
و حبي جحيم توّجك إلهاً للألم ،
أنـاديــك ..
تعال امتلكني كالموت
فليس لامتلاكه شريك أو وريث ..
تسلّل إلى زحامي دون أن يلحظك أحد ، كالموت ..
خفيف الخطى سيد الساحة كالموت ..
خذني إليك فجاة كالموت ...
ضمني إليك كالكفن ..
و كن موتي الأخير!

غادة السمان