لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر....... محمد سكينة
في خضم معاناة الشعوب أثناء صراعها مع أنظمة الظلم والطغيان، تصبح الآلام ضرورة لابد منها، ليكون الخلاص نهائيّاً وإلى الأبد، إذ أنها لو لم تتألم، فإنها لن تتعلم، وستكمن جرثومة الطاغية في جسم البلد، توسعه بأنواع السقام وتنشر في مفاصله مختلف الأمراض السرطانية التي يصعب معالجتها والقضاء عليها , كذلك ربما يعود هذا الطاغية يوماً على هيئة ناصح أمين، أو على الأقل يخرّب خطوات الانتقال ويطيل مدته, فيغدو البلد حينها في حاجة ماسة إلى علاج طبي يستدعي تركيب دواء بغية الخلاص من تلك الأورام السرطانية , وقد لاتنجح تلك الجهود الطبية فتصل الامور إلى حد إجراء جراحي من نوع خاص لإنقاذ الوطن من براثن ومخالب الوحش الطاغية مهما كلف ذلك من تضحيات .
لقد برهنت التجارب الثورية أن الطغاة مثل الأمراض، فكلما كان المرض أشدّ فتكاً، وأوسع انتشاراً، وحالة المريض وصلت إلى حد تضاء لت معها فرص الشفاء منها، كانت فترة العلاج أطول، والدواء أَمرّ، والمصروفات أكثر. وكلما كان الطاغية أكثر قمعاً ودموية، وأكثر تجاوزآ لحقوق الإنسان، فيضرب أبناء شعبه بيد من حديد , وكا ن العسف والظلم والقمع والاضطهاد بحق الشعب والجماهير قد بلغ من الممارسة ما لايطاق, وأصبح النظام الدموي الإرهابي أكثر كذباً وتضليلاً، كان التخلّص منه أصعب وأقسى وأشدّ مرارة.
على سبيل الفرضية لو أن الطاغية سلّم بالأمر منذ اليوم الأول للثورة أو الانتفاضة أو الاحتجاجات، وفتح باب الحوار مع شعبه، وخطب في الناس، وبدلاً من أن يهددهم بالملاحقة بيتاً بيتاً ويصفهم بالجرذان (على طريقة القذافي المخلوغ لارده الله)، قال إنه مع الجماهير، وإنهم أبناؤه وإخوته، وإنه مستعد أن يتخلى عن كرسي عرشه لصالح حكم الشعب، وإنه على استعداد للتضحية بكل شيء في سبيل المحافظة على استقرار بلاده وحقن دماء أبناء شعبه، وبالتالي لم يقتل أيآ منهم ، ولم يمارس البطش بحق الرجال والتنكيل بالنساء والأطفال، ولم يعد يخلف وعده، ولم تعد أقواله تناقض أفعاله، ثم ذرف هذا الطاغية دموعآ واعتذر عن أخطائه وطلب المغفرة من الشعب , باختصار بحنكة وذكاء أقدم على بعض الممارسات التي من شأنها تلبية مطالب الشعب, ( أنا أفترض ذلك مع إيماني بأنه لاوجود لطاغية من هذا النوع ), لو فعل الطاغية ذلك، فإنه لن تصل الأمور إلى حد المواجهة العنفية بينه وبين أبناء شعبه، وستظل آراؤه وخطاباته و كتبه ونظرياته معززة مكرّمة في بيوت أفراد شعبه، وسيعودون إليها كلما واجهتهم المشكلات، بل سيترحم الناس على أيامه كلما عصفت بهم رياح الحياة ، كما أنه سيقال عنه إنه الذي صدق الوعد، وستبدل كل مساوئه إيجابيات في نظر الناس ، وسيميل الكثيرون باتجاه تعيينه مستشاراً عاماً للأمة التي ينتمي إليها، يطوف على أمصارها و بلدانها ويلقي محاضرات في الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي. وسيبقى أبناء شعبه لسنوات يتجادلون في أي الأنظمة السياسية الأصلح لبلدانهم، هل النظام الذي خلفه لهم الطاغية أم نظام آخر؟ وسيبقى أعوانه في مناصبهم للاستفادة من "خبراتهم"، وسيتسلل أبناؤه إلى الحكم بطريقة أو بأخرى، وسيبقى الكذب الذي كان يعمي عيون أفراد شعبه عن رؤية الحقيقة، يتردد على ألسنة النظام البديل لنظام الطاغية، كأنّ شيئاً لم يتغير. بهذا يكون الطاغية قد تسبّب في علاج المرض الذي يعاني منه البلد والوطن دون الحاجة إلى أن إراقة الدماء ، والاستعانه بالشبيحة والمرتزقة والعصابات المسلحة ضد أبناء الشعب ، وتدميرا لبلاد لكي يبقى هو وأبناؤه وأفراد عائلته في الحكم، الأمر الذي يفرض على جماهير الشعب آنذاك أن تتخلّص منه ومن أطنان المواد الساخرة من خطبه وأفكاره وتعليقاته التي روجها إلى الأبد ومن غير رجعة , فالجماهير كما أثبت التاريخ لاتفقد بوصلة الثورة والنضال والجهاد ولديها من الأساليب والسبل الكثير مما يجعلها كفيلة بالتخلّص منه ومن كل ما قاله وفعله طيلة مدة حكمه، وإنقاذ البلد من الأمراض والفساد والظلم والطغيان التي فرضها خلال عقود طويلة والشفاء منها نهائيّاً.
لاشك أن هناك دائماً أشخاصآ وأفرادآ ومجموعات قد تكتشف الطاغية على حقيقته منذ أيامه الأولى، ويدفعون ثمن اكتشافهم، إما بالفرار والهجرة أو بالتعذيب والسجون ( إن من أكبر الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) أوالملا ذ بالصمت والموت حسرة باعتباره أضعف الإيمان ( من رأى منكم منكرآ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان )، وبالمقابل هناك أغلبية صامتة لا تعرف أو لا يهمها أن تعرف مع أنها تدرك حقيقة النظام و الظلم الواقع، ومع ذلك فهذه الأغلبية لا تغسل يدها نهائيّاً من الطاغية ومن أفكاره لولا ما يفعله وما يرتكبه من جرائم وآثام في لحظاته الأخيرة. لكن عودة الصواب والاستيقاظ من الكذ ب المتواصل لعقود من الزمن وحسم الموقف باتجاه الاصطفاف إلى جانب الثورة والقوى الفاعلة فيها ,لا يحدث إلا من خلال لطمة قوية تعيد إلى الناس رشدهم.
إن ا لمريض بالسرطان عليه أن يتحمّل الآلام والمصروفات والنفقات وكل مايمكن أن يقدم في سبيل إنقاذه وتخليصه من هذا المرض القاتل في معظم الأحوال إن أراد الشفاء، و كذلك هي الشعوب التي تحكمها أنظمة سرطانية مستبدة ظالمة عليها أن تتحمّل كل الصعوبات والآلام وأشكال المعاناة إن أرادت الخلاص من تلك الأنظمة وبناء مجتمع الحرية والعدالة والمساواة
وشكراً
بتول زبانيه
في خضم معاناة الشعوب أثناء صراعها مع أنظمة الظلم والطغيان، تصبح الآلام ضرورة لابد منها، ليكون الخلاص نهائيّاً وإلى الأبد، إذ أنها لو لم تتألم، فإنها لن تتعلم، وستكمن جرثومة الطاغية في جسم البلد، توسعه بأنواع السقام وتنشر في مفاصله مختلف الأمراض السرطانية التي يصعب معالجتها والقضاء عليها , كذلك ربما يعود هذا الطاغية يوماً على هيئة ناصح أمين، أو على الأقل يخرّب خطوات الانتقال ويطيل مدته, فيغدو البلد حينها في حاجة ماسة إلى علاج طبي يستدعي تركيب دواء بغية الخلاص من تلك الأورام السرطانية , وقد لاتنجح تلك الجهود الطبية فتصل الامور إلى حد إجراء جراحي من نوع خاص لإنقاذ الوطن من براثن ومخالب الوحش الطاغية مهما كلف ذلك من تضحيات .
لقد برهنت التجارب الثورية أن الطغاة مثل الأمراض، فكلما كان المرض أشدّ فتكاً، وأوسع انتشاراً، وحالة المريض وصلت إلى حد تضاء لت معها فرص الشفاء منها، كانت فترة العلاج أطول، والدواء أَمرّ، والمصروفات أكثر. وكلما كان الطاغية أكثر قمعاً ودموية، وأكثر تجاوزآ لحقوق الإنسان، فيضرب أبناء شعبه بيد من حديد , وكا ن العسف والظلم والقمع والاضطهاد بحق الشعب والجماهير قد بلغ من الممارسة ما لايطاق, وأصبح النظام الدموي الإرهابي أكثر كذباً وتضليلاً، كان التخلّص منه أصعب وأقسى وأشدّ مرارة.
على سبيل الفرضية لو أن الطاغية سلّم بالأمر منذ اليوم الأول للثورة أو الانتفاضة أو الاحتجاجات، وفتح باب الحوار مع شعبه، وخطب في الناس، وبدلاً من أن يهددهم بالملاحقة بيتاً بيتاً ويصفهم بالجرذان (على طريقة القذافي المخلوغ لارده الله)، قال إنه مع الجماهير، وإنهم أبناؤه وإخوته، وإنه مستعد أن يتخلى عن كرسي عرشه لصالح حكم الشعب، وإنه على استعداد للتضحية بكل شيء في سبيل المحافظة على استقرار بلاده وحقن دماء أبناء شعبه، وبالتالي لم يقتل أيآ منهم ، ولم يمارس البطش بحق الرجال والتنكيل بالنساء والأطفال، ولم يعد يخلف وعده، ولم تعد أقواله تناقض أفعاله، ثم ذرف هذا الطاغية دموعآ واعتذر عن أخطائه وطلب المغفرة من الشعب , باختصار بحنكة وذكاء أقدم على بعض الممارسات التي من شأنها تلبية مطالب الشعب, ( أنا أفترض ذلك مع إيماني بأنه لاوجود لطاغية من هذا النوع ), لو فعل الطاغية ذلك، فإنه لن تصل الأمور إلى حد المواجهة العنفية بينه وبين أبناء شعبه، وستظل آراؤه وخطاباته و كتبه ونظرياته معززة مكرّمة في بيوت أفراد شعبه، وسيعودون إليها كلما واجهتهم المشكلات، بل سيترحم الناس على أيامه كلما عصفت بهم رياح الحياة ، كما أنه سيقال عنه إنه الذي صدق الوعد، وستبدل كل مساوئه إيجابيات في نظر الناس ، وسيميل الكثيرون باتجاه تعيينه مستشاراً عاماً للأمة التي ينتمي إليها، يطوف على أمصارها و بلدانها ويلقي محاضرات في الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي. وسيبقى أبناء شعبه لسنوات يتجادلون في أي الأنظمة السياسية الأصلح لبلدانهم، هل النظام الذي خلفه لهم الطاغية أم نظام آخر؟ وسيبقى أعوانه في مناصبهم للاستفادة من "خبراتهم"، وسيتسلل أبناؤه إلى الحكم بطريقة أو بأخرى، وسيبقى الكذب الذي كان يعمي عيون أفراد شعبه عن رؤية الحقيقة، يتردد على ألسنة النظام البديل لنظام الطاغية، كأنّ شيئاً لم يتغير. بهذا يكون الطاغية قد تسبّب في علاج المرض الذي يعاني منه البلد والوطن دون الحاجة إلى أن إراقة الدماء ، والاستعانه بالشبيحة والمرتزقة والعصابات المسلحة ضد أبناء الشعب ، وتدميرا لبلاد لكي يبقى هو وأبناؤه وأفراد عائلته في الحكم، الأمر الذي يفرض على جماهير الشعب آنذاك أن تتخلّص منه ومن أطنان المواد الساخرة من خطبه وأفكاره وتعليقاته التي روجها إلى الأبد ومن غير رجعة , فالجماهير كما أثبت التاريخ لاتفقد بوصلة الثورة والنضال والجهاد ولديها من الأساليب والسبل الكثير مما يجعلها كفيلة بالتخلّص منه ومن كل ما قاله وفعله طيلة مدة حكمه، وإنقاذ البلد من الأمراض والفساد والظلم والطغيان التي فرضها خلال عقود طويلة والشفاء منها نهائيّاً.
لاشك أن هناك دائماً أشخاصآ وأفرادآ ومجموعات قد تكتشف الطاغية على حقيقته منذ أيامه الأولى، ويدفعون ثمن اكتشافهم، إما بالفرار والهجرة أو بالتعذيب والسجون ( إن من أكبر الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) أوالملا ذ بالصمت والموت حسرة باعتباره أضعف الإيمان ( من رأى منكم منكرآ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان )، وبالمقابل هناك أغلبية صامتة لا تعرف أو لا يهمها أن تعرف مع أنها تدرك حقيقة النظام و الظلم الواقع، ومع ذلك فهذه الأغلبية لا تغسل يدها نهائيّاً من الطاغية ومن أفكاره لولا ما يفعله وما يرتكبه من جرائم وآثام في لحظاته الأخيرة. لكن عودة الصواب والاستيقاظ من الكذ ب المتواصل لعقود من الزمن وحسم الموقف باتجاه الاصطفاف إلى جانب الثورة والقوى الفاعلة فيها ,لا يحدث إلا من خلال لطمة قوية تعيد إلى الناس رشدهم.
إن ا لمريض بالسرطان عليه أن يتحمّل الآلام والمصروفات والنفقات وكل مايمكن أن يقدم في سبيل إنقاذه وتخليصه من هذا المرض القاتل في معظم الأحوال إن أراد الشفاء، و كذلك هي الشعوب التي تحكمها أنظمة سرطانية مستبدة ظالمة عليها أن تتحمّل كل الصعوبات والآلام وأشكال المعاناة إن أرادت الخلاص من تلك الأنظمة وبناء مجتمع الحرية والعدالة والمساواة
وشكراً
بتول زبانيه
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني