صانع الإجرام ...
مِن دَوْحِ (جُولانَ) يبكي السهلُ في وجع
و(العاصِ) أعينُه جَفّتْ من الهَلَع
هذي دمشقُ، إذا ظلّتْ بقيتُها
يُنبيك قاطنُها عن مشهد الفزع
أطلقْ لها السَمْعَ في أصدائها، فلها
ما أسمعتْ حَزَنٌُ في قلب ذي وَرَع
في الحادثات ترى شُهّادها حَضَروا
قد شفّهم ألـمٌ من كل مضَّرِع:
(سوريّا) ياللهُ تشكو من مواجعها
من يشتكي عِللاً إلاك بالهَجَع
إنْ تَحْكِ (غوطتُها)، والله ألبسها
من خُضرةٍ يَبَسَتْ ورساءَ من جَزَع
تهمي لها العين إنْ أبصرتَها مقلاً
غوراقةَ البؤس دمعاً غير مُنقلِع
يكفي مشاهدها تنكيلُ عصبتها
من وُسِّدوا رُتَباً من ساسة الطمع
هم ثلة (البعثِ) لا نالت مطامعُهم
تدري بها حِقبٌ مشّاءةُ المُدَع
يا وَحشة الرعب في تَجْحاظ أعينهم!!
كالغول عاقرها إبليسُ في صَرَع
من عهد (حافظَ) والحَدَثانِ ما انتهيا
حتى مشى بهما دَرْأ ابنه الوَضِع
ما زاد سيرته إلا حَذا قُدُماً
والضَبْعُ صِبغتُه سوّاقةُ الجَشَع
إني أطلُّ على أقطارها فأرى
كلَّ الجهات بها تشكو من الوجع
بينا كذلك والأهلون في جَلَل
والقمع تحسبُه الإصلاحَ ذا نَجَع
تضاءل الخوف مُذ بَرَّدتَ أفئدةً
وغادر الرَوْعُ ما استأسدت في صَرَع
وأعينُ القوم إنْ تَجْحَظْك راميةً
رَمْيَ المُضامِ أصاب القلب بالهَلَع
حتى ارتوتْ دِمَناً من بعدما دُرِستْ
حمراءَ ساجعةً من دَمِّ مُسَّجِع
هذا (النُصيريُّ) والأذناب تتبعه
بالجرم، واحتفلوا في كل مُنتجَع
وعاقروا الشرَّ حتى قال قائلُهم:
مُرْنا فِداكَ نَعُدْ من غير مُرتَدع
يا (جَبلةَ) الأمسِ يا من كنتِ روضتَنا
كم هم تُرى وَلَغوا في روضِك الوَدِع!!
ما بي أرى (حِمصَ) والأنواء تلطمها
تُغتالُ واقفةً بالقَمْعِ والضَبَع؟!
وغادر الصبحُ (دَرْعا) وهي نازفةٌ
يا صَبْرَ إخوتنا في غَمْرة الضِيَع!!
حتى (حماةُ) فلم تَبْرأ مواجعُها
إلا وسُقْتَ لها جيشاً من الفَزَع
وأُخمِدَ النورُ في (طرطوسَ) فاصطبغتْ
في فَحمةِ الليل بالويلات والهلع
يا قاتلَ الشعب من أبناءِ جِلدتكم
كذا تكونُ فِعال الحاكم البَرِع!!
لا نضَّر اللهُ هذا الوجهَ حاملَه
أو فرَّج اللهُ عمّا رُعْتَ من فزع
بَشِّرْ أباك بأنَّ اليومَ فاجعُكم
قد لاحَ مطلعُه مِن كل مُنقَشَع
الآن يفضح فجرُ الله ليلكُمُوْ
وينطقُ الحق بعد الزيف والبِدَع
ويصدعُ الصوت: ألا مرحباً بكمو
لا ينطلي اليومَ ما قد كان من خُدَع
واليوم آذَنَ للتحرير فاستمعوا
من صرخة الشعب، وارْعَوْا كلَّ ذا سَمَع
هذي البلادُ بلادُ الطُهْرِ فانقلعوا
لا تأسفوا ندماً، قد ثار ذو قَرَع
يا صابغَ الوجه بالألوان معذرة
تلوينُك الوجهَ لا يجدي مع الفزع
أو حاقنَ الرأسِ بالأفيونِ إنْ تَرَه
لا يذهبُ الروع أو يطغى على الصرع
حسبي بك (البعثُ) محزوناً يَجُرُّ لكم
أنْ قد دنا أجلٌ، يُنبيك بالفَجَع
وحرَّكَ اللهُ للأيام قادمَها
ما خِلتَه وَهِماً مِن غير مُنقَشَع
ونالك العَثْرُ في زلاته قَدَماً
تُفضي إلى الأخرى: إياكِ أن تَقَعي
يوم أتاك ولم تَحسِب له أبداً
أمَا خشيتَ بما في البطن من جشع؟!
يا موهمَ الشعب بالإصلاح بُغيتَه
والقلب مضغتُه سوداءةُ الرُقَع
الآن تغفلُ عن مِرآةِ أَمْسِكُمُ
فانظرْ لها اليوم، كم تشكو من البشع!!
واسألْ أباك بأرض الشام (حافظَها)
هل جاء بالحفظ غيرُ السيفِ مُشَّرَع؟!
إنْ كان قيلُك: نحنُ الدهرَ نصنعه
فابْرَعْ بقولك هذا اليوم واصْطَنِع
أو عُدْ أباك دَعِيّاً صانعاً قدراً
ينبيك مهلكُه: عن كِذبة الوُدَع
لا تَعْتَلِلْ قدراً قد كنتَ صانعَه
وارقبْ بنا غَدَنا مِن ثَورة السَبُعِ
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني