التوجيهي المرحلة الأخيرة من حياة التعليم الإلزامي للطلبة، والتي من بعدها إما نجاح أو فشل، مرحلة ستحسم أمر ومستقبل الطالب، والتي ستنقله من مرحلة الطفولة والبراءة والروتين التربوي والعلمي، إلى مرحلة الاستقلال والقوة والتعلم الذاتي بالاعتماد على النفس، فهي مرحلة مهمة من مراحل بناء الذات والمستقبل، سيكون على الطالب أن يقرر ما سيكون عليه مستقبله المهني والاجتماعي، بناءاً على ما يتخذه من قرار حول توجهه العلم الجامعي .
ونظرا لأهمية هذه المرحلة وحساسيتها، يقع كثير من الطلبة وأهليهم، تحت دائرة الاضطراب والتردد وعدم الاستدلال على القرار المثالي الذي يجب أن يتخذ لتحديد مصير الطالب، لذا من الضروري أن يتم فهم هذه المرحلة، ومعرفة ما لها من تأثيرات مستقبلية على ذلك الطالب، الذي سيصبح يوما ما ذات تأثير وفعالية في مجتمعه، ومؤثرا لا متأثرا بغيره .
فمنذ اللحظة التي يدخل فيها الطالب مرحلة التوجيهي، يبدأ الاستعداد أو الاستنفار الأسري حوله، فتشحن مشاعر التعاطف والخوف والقلق، حول ما سيكون نهاية تلك المرحلة، والنتيجة التي سيحصل عليها أبنهم أو ابنتهم، وتمر السنة كأنها أعوام لا تنتهي، من ثقل ما يحمل القلب من تلك المشاعر، فيشارك الأهل ذلك الطالب سهره وقلقه وخوفه، ويكون ضغط الأهل عليه بزيادة الدراسة وتكثيفها، لان تلك المرحلة هي ما ستحسم مصيره ومستقبله، مما يزيد لدى الطالب من مشاعر الخوف والاضطراب، كما أن المدرسة لا تقّصر بمعلميها، مما يضعونه على الطلبة من ضغوط دراسية ، وتكثيف لها، كي يعتاد الطالب على تحمل ضغط الدراسة وصعوبتها وكثرتها .
وفي اللحظة التي يحين فيها موعد نتائج التوجيهي، ويصطف الطلبه وذويهم حول مدارسهم، أو وسائل الإعلام ومواقع الانترنت، يبحثون عن أسمائهم، لترقب عيونهم العلامة التي حصلوا عليها، كأن هناك معركة حاسمة بين الطلبة، يجب أن يسعى كل منهم أن يحصل على أعلى العلامة وأولها، فما أن تعرف العلامة المتوقعة، سواء كانت بالنجاح العالي، أو المتوسط، أو المتدني، أو الفشل، وتبدأ علامات الانفعال على الطلبة وذويهم، فيفرح الناجحون ويبتهجون، ويحزن الفاشلون ويتألمون، إنها لحظة جميلة، لا تعاد في حياة الإنسان ولا تتكرر، بل هي أجمل اللحظات التي يعيشها كل إنسان، عندما يرى نجاحه وثمرة تعبه وما سهرت لأجله عيونه وتعبت لأجله أعضائه .
ولكن التساؤل الذي يدور هنا وبعد تحقيق النجاح، ( لماذا نسعى لطلب العلم؟ )، هل نسعى لطلب العلم لأجل سعادة الآخرين، أم أننا نسعى إليه لتحقيق سعادتنا، وهل نسعى إليه لنيل أعلى الدرجات، لنفتخر بها أمام غيرنا ونتباهى بها ونتحدث عنها، ولتُذكر أسماءنا من أولى الأسماء في الجرائد والإعلام، أم أننا نسعى لبذل كل طاقتنا، لنحقق الفعل والإنتاج الحقيقي لخدمة البشرية جمعاء، هل نطلب العلم لأنه فريضة وواجب علينا، لكي نعمر ونطور من ذواتنا ومجتمعاتنا، أم نطلبه لنحسن أوضاعنا المادية، ونجني من المال الكثير ليعيننا على تحمل متاعب الحياة وترفها، ولنرفع مكانتنا الاجتماعية وتحسين نظرة المجتمع لنا ، هل ما إن انتهينا من مرحلة الجامعة وتحصيل أعلى الدرجات والشهادات العلمية، نضع طلب العلم جانبا، ونسعى لنعيش حياة راحة وسكن واستقرار ، دون التفكير بما هو جديد في مجال العلم والتطوير، ونعزي أنفسنا أننا أدينا ما علينا، وحصلنا على وظيفة ما، وراتب يكفي لحاجاتنا، ولسنا بحاجة للتفكير والعلم من جديد، أم أنه من واجبنا أن نبدأ مرحلة جديدة، من خلال البحث العلمي والمعرفة الدائمة، والبحث بكل ما هو جديد، وإفادة الآخرين من العلم والمعرفة، وتوريثه لهم وعدم احتقاره للمصلحة الذاتية .
العلم مفتاح نور القلب والعقل، وبه تقام الحضارة والمدنية والتغلب على الأمم، وهو فريضة من الله على أبناء الإسلام، وبه تزداد البصيرة نورا واستلالا على الحق، وبه يحفظ التاريخ ويطور المستقبل، وهو أول ما أنزله الله على رسوله، وحث به في كتابه بآيات عديدة للسعي لأجله، و به تكون سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وإشاعة الإصلاح والعمارة على الأرض، وبُعد للجهل و الفساد، فإن فقه الطلبة وذويهم ومسئولي التعليم تلك الأهمية للعلم، ودوره في محاربة الأعداء، وحفظ الفرد والمجتمع من الزوال والذوبان، عندها سيخطط كل منهم كيف تكون العملية التعليمة ، وما الهدف من ورائها، وما يراد أن يحقق فيها من أهداف، وما يجب أن يوفر من موارد ومواد لأجل استيعاب المتعلمين، وتمييز المبدعين وتوفير متطلباتهم، ويَعرف كيف تصرف الموارد المالية، لأجل توفير كل ما يدعم مسيرة العلم، وتحسين ظروفها وتطويرها، وليكون المتعلمين نسخ جديدة متميزة ومتفردة، وليس نسخ متكررة ومنسوخة عمن سبقهم .
لذا على طلبة التوجيهي الذين أنهوا دراستهم الثانوية بنجاح، ومهما كان مستوى التحصيل الدراسي، نصيحتي أيها الطلبة الأحباء أن لا تلتفتوا كثير لمقدار العلامة التي حصلتم عليها، بل اهتموا فيما ترغبون في تحقيقه وبناء ذاتكم وشخصيتكم ، اختاروا ما يناسب ميولكم، وما ينبع من داخلكم، وتشعرون أنكم ستبدعون به، وستجدون من خلال تحقيقه نفوسكم وذاتكم، لا تتسرعوا في اختيار التخصص، بدوافع ضغط الأهل لتحقيق طموحهم، ولا لأجل قيمة المعدل الذي حصلتم عليه، ولا لعدم توفر مواد تناسبكم، بل اجلسوا مع أنفسكم، وفكروا بما ترغبون به، وسجلوا ما تشعرون به، ابحثوا واطلعوا على تخصصات متنوعة، وتعرفوا على الناجحين والمبدعين كيف وصلوا لإبداعاتهم، انظروا إلى مجتمعكم، واعرفوا ما يحتاج ذلك المجتمع من تخصصات ومهن ضرورية ليست متوفرة ، اجعلوا طلب العلم واختيار التخصص لأجل أن يبدأ البناء والتغير في المجتمع، لا تلقوا بالا للتخصص الأكثر الذي ستجنون من ورائه المال الكثير، واعلموا أنكم إن صدقت نياتكم في طلب العلم، واخترتم ما تحبون وترغبون به، واجتهدتم وأخلصتم في طلبه، أنكم ستحققون نجاحا ماديا كبيرا، ونجاحا عمليا عظيما، فلا تتوجهوا للعلم للأسباب التي ذكرت سابقا، بل اجعلوا العلم عبادة وفريضة، وسعي لإصلاح وإسعاد الآخرين، وحددوا ذلك الهدف أمام عيونكم، وانظروا إليه في كل لحظة من أنفاسكم، وشاهدوا أنفسكم وأنتم تحققون النجاح تلو النجاح، والإبداع تلو الإبداع، أرسموا خطوات نجاحكم، واجعلوها أمام أبصاركم، اصبروا وصابرو واجتهدوا لأجل أهدافكم ونجاحاتكم، لا تسمعوا للمحبطين والميئسين من حولكم، لا تخافوا من الفشل وكرروا المحاولات مرات عديدة، حتى تفلحوا وتحققوا نجاحكم، عززوا أنفسكم عند كل نجاح، وعاقبوها عند التقصير ، ونظموا حياتكم وخطواتكم، لتنعكس على حياتكم ومستقبلكم .
ورسالتي لأهل الطلبة ، أن لا يضيقوا على أبنائهم، ولا يضغطوا عليهم باختيار ما يرغبون فيه، لأجل أن يحققوا طموحات لم يستطيعوا هم تحقيقها، ولا يسعوا لأجل أن يحظي الأبناء بمراكز اجتماعية وموارد مادية كبيرة في المجتمع، ولا أجل التفاخر والتباهي بين الناس، بل اتركوهم يختارون ما يميلون له، وما يجدون فيه نفوسهم وطموحاتهم، حتى يحققوا الإبداع والتفوق على أقرانهم في هذا الزمان، الذي أصبح العالم كله يقوم على التنافس العلمي، والتطور التكنولوجي، وابذلوا جهدكم في دعمهم وتوجيههم ونصححهم، كي يستمدوا من قلوبكم المحبة والقوة والاستمرار نحو التقدم والنجاح .
ورسالتي للمسئولين والجامعات، أن يعملوا على توفير ما يدعم التعليم وما يطوره، من أساليب تدريس متطورة، وأساتذة مبدعين، وأن يسعوا لخلق فرص للتدريب العملي أكبر ما يمكن، وأن يتدرب الطلبة على البحث العلمي والتطبيق ألمختبري لكل التخصصات، وأن يشارك الطلبة مع العالم الخارجي فيما يقوم به من أبحاث عليمة، وأن يسمح لهم بالإطلاع على ما وصل له العالم من العلم والتطوير، والاستفادة من الخبرات، وأن يتم العمل على توفير المختبرات والمراكز البحثية لجميع التخصصات، لأجل أن يتخرج الطالب وهو يمتلك المهارات العالية، وأن يعمل على خلق فرص للتفاعل مع مؤسسات المجتمع المختلفة الخاصة والعامة، وأن يتواصل الطلبة مع مجتمعهم، لكي يستطيعوا أن يحددوا مجالهم المهني، وأن يعمل على توفير فرص العمل بعد التخرج، من خلال افتتاح مؤسسات وفرص عمل مستمرة حسب ما يتطلبه السوق، وأن يتم تنظيم ذلك مع الطلبة عند اختيار التخصص المطلوب من قبلهم، وعدم جعل الجامعات للكسب المادي وكيفية زيادته .
أما الطلبة الذين لم يحالفهم الحظ والنصيب بالنجاح هذا العام، الفشل ليس نهاية الطريق، بل هو بداية جديدة للانطلاق والمحاولة من جديد، فما عليكم إلا أن تتعلموا من أخطائكم، وتعرفوا أسباب تحقيق تلك النتيجة، والتخطيط من جديد لخوض تجربة جديدة لمن يرغب بإعادة مرحلة التوجيهي، أما من لم يرغب بذلك، فليسعى لتعلم واكتساب مهارات فنية، وليندمج في دورات ومؤسسات وورش عمل، تطور من قدراته ومهاراته التي يرغب فيها، ولا يتقاعس ويجلس في البيت على أريكته ليل نهار أمام التلفاز، متهما لنفسه بالفشل وعدم القدرة على فعل أي أمر، وليعلم أن كل إنسان سخره الله لما خلق له، ولا بد من وجود مهنة ما أو عمل قد قدره الله إليه، وما عليه إلا أن يسعى لتعلمه والبحث عنه، ليكون إنسانا فعالا مؤثرا منتجا في مجتمعه، وليعلم أن العلم مفروض عليه، ويجب أن يستمر في طلبه وتحصيله في كل فرصة تتاح له، كي يطور من أدائه ونمو نفسيه وعقله، فالعلم يبقى مصاحبا للإنسان حتى أخر لحظة من أنفاسه .
منذ سنوات بعيدة، وفي كل عام يمر علينا ،يتخرج من الطلبة الأعداد الكثيرة، وتزدحم الجامعات والمعاهد بهم، ويتلقى المجتمع هؤلاء الخريجين إما بوظائف حكومية، أو مؤسسات خاصة، أو ببطالة متزايدة، ولكن هل كان لهؤلاء الطلبة والخريجين الأثر الكبير في تحسين الظروف وتطوير المجتمع، هل تغير حالنا وأصبحنا دوله عظمى تقدم الاختراعات والصناعات الجديدة، هل أبدعنا في البحث العلمي الذي يبنى عليه تخطيط وتنظيم المجتمع ومؤسساته، أم أننا بقينا نستخدم العلم في أغلب الأحيان فقط للموارد المالية الذاتية، وإلى التفاخر في أعلى الدرجات العلمية والمكانة الاجتماعية والمناصب العليا، فالعلم الحقيقي الذي يعتز الإنسان به ويحقق فيه ذاته، من خلال ما يقدم من أثر إيجابي وجديد على مجتمعه، ويعيش به لأجل غيره أكثر مما يعيش لأجل نفسه، فالعلم مفتاح سعادة للإنسان في الدنيا والآخرة .
ونظرا لأهمية هذه المرحلة وحساسيتها، يقع كثير من الطلبة وأهليهم، تحت دائرة الاضطراب والتردد وعدم الاستدلال على القرار المثالي الذي يجب أن يتخذ لتحديد مصير الطالب، لذا من الضروري أن يتم فهم هذه المرحلة، ومعرفة ما لها من تأثيرات مستقبلية على ذلك الطالب، الذي سيصبح يوما ما ذات تأثير وفعالية في مجتمعه، ومؤثرا لا متأثرا بغيره .
فمنذ اللحظة التي يدخل فيها الطالب مرحلة التوجيهي، يبدأ الاستعداد أو الاستنفار الأسري حوله، فتشحن مشاعر التعاطف والخوف والقلق، حول ما سيكون نهاية تلك المرحلة، والنتيجة التي سيحصل عليها أبنهم أو ابنتهم، وتمر السنة كأنها أعوام لا تنتهي، من ثقل ما يحمل القلب من تلك المشاعر، فيشارك الأهل ذلك الطالب سهره وقلقه وخوفه، ويكون ضغط الأهل عليه بزيادة الدراسة وتكثيفها، لان تلك المرحلة هي ما ستحسم مصيره ومستقبله، مما يزيد لدى الطالب من مشاعر الخوف والاضطراب، كما أن المدرسة لا تقّصر بمعلميها، مما يضعونه على الطلبة من ضغوط دراسية ، وتكثيف لها، كي يعتاد الطالب على تحمل ضغط الدراسة وصعوبتها وكثرتها .
وفي اللحظة التي يحين فيها موعد نتائج التوجيهي، ويصطف الطلبه وذويهم حول مدارسهم، أو وسائل الإعلام ومواقع الانترنت، يبحثون عن أسمائهم، لترقب عيونهم العلامة التي حصلوا عليها، كأن هناك معركة حاسمة بين الطلبة، يجب أن يسعى كل منهم أن يحصل على أعلى العلامة وأولها، فما أن تعرف العلامة المتوقعة، سواء كانت بالنجاح العالي، أو المتوسط، أو المتدني، أو الفشل، وتبدأ علامات الانفعال على الطلبة وذويهم، فيفرح الناجحون ويبتهجون، ويحزن الفاشلون ويتألمون، إنها لحظة جميلة، لا تعاد في حياة الإنسان ولا تتكرر، بل هي أجمل اللحظات التي يعيشها كل إنسان، عندما يرى نجاحه وثمرة تعبه وما سهرت لأجله عيونه وتعبت لأجله أعضائه .
ولكن التساؤل الذي يدور هنا وبعد تحقيق النجاح، ( لماذا نسعى لطلب العلم؟ )، هل نسعى لطلب العلم لأجل سعادة الآخرين، أم أننا نسعى إليه لتحقيق سعادتنا، وهل نسعى إليه لنيل أعلى الدرجات، لنفتخر بها أمام غيرنا ونتباهى بها ونتحدث عنها، ولتُذكر أسماءنا من أولى الأسماء في الجرائد والإعلام، أم أننا نسعى لبذل كل طاقتنا، لنحقق الفعل والإنتاج الحقيقي لخدمة البشرية جمعاء، هل نطلب العلم لأنه فريضة وواجب علينا، لكي نعمر ونطور من ذواتنا ومجتمعاتنا، أم نطلبه لنحسن أوضاعنا المادية، ونجني من المال الكثير ليعيننا على تحمل متاعب الحياة وترفها، ولنرفع مكانتنا الاجتماعية وتحسين نظرة المجتمع لنا ، هل ما إن انتهينا من مرحلة الجامعة وتحصيل أعلى الدرجات والشهادات العلمية، نضع طلب العلم جانبا، ونسعى لنعيش حياة راحة وسكن واستقرار ، دون التفكير بما هو جديد في مجال العلم والتطوير، ونعزي أنفسنا أننا أدينا ما علينا، وحصلنا على وظيفة ما، وراتب يكفي لحاجاتنا، ولسنا بحاجة للتفكير والعلم من جديد، أم أنه من واجبنا أن نبدأ مرحلة جديدة، من خلال البحث العلمي والمعرفة الدائمة، والبحث بكل ما هو جديد، وإفادة الآخرين من العلم والمعرفة، وتوريثه لهم وعدم احتقاره للمصلحة الذاتية .
العلم مفتاح نور القلب والعقل، وبه تقام الحضارة والمدنية والتغلب على الأمم، وهو فريضة من الله على أبناء الإسلام، وبه تزداد البصيرة نورا واستلالا على الحق، وبه يحفظ التاريخ ويطور المستقبل، وهو أول ما أنزله الله على رسوله، وحث به في كتابه بآيات عديدة للسعي لأجله، و به تكون سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وإشاعة الإصلاح والعمارة على الأرض، وبُعد للجهل و الفساد، فإن فقه الطلبة وذويهم ومسئولي التعليم تلك الأهمية للعلم، ودوره في محاربة الأعداء، وحفظ الفرد والمجتمع من الزوال والذوبان، عندها سيخطط كل منهم كيف تكون العملية التعليمة ، وما الهدف من ورائها، وما يراد أن يحقق فيها من أهداف، وما يجب أن يوفر من موارد ومواد لأجل استيعاب المتعلمين، وتمييز المبدعين وتوفير متطلباتهم، ويَعرف كيف تصرف الموارد المالية، لأجل توفير كل ما يدعم مسيرة العلم، وتحسين ظروفها وتطويرها، وليكون المتعلمين نسخ جديدة متميزة ومتفردة، وليس نسخ متكررة ومنسوخة عمن سبقهم .
لذا على طلبة التوجيهي الذين أنهوا دراستهم الثانوية بنجاح، ومهما كان مستوى التحصيل الدراسي، نصيحتي أيها الطلبة الأحباء أن لا تلتفتوا كثير لمقدار العلامة التي حصلتم عليها، بل اهتموا فيما ترغبون في تحقيقه وبناء ذاتكم وشخصيتكم ، اختاروا ما يناسب ميولكم، وما ينبع من داخلكم، وتشعرون أنكم ستبدعون به، وستجدون من خلال تحقيقه نفوسكم وذاتكم، لا تتسرعوا في اختيار التخصص، بدوافع ضغط الأهل لتحقيق طموحهم، ولا لأجل قيمة المعدل الذي حصلتم عليه، ولا لعدم توفر مواد تناسبكم، بل اجلسوا مع أنفسكم، وفكروا بما ترغبون به، وسجلوا ما تشعرون به، ابحثوا واطلعوا على تخصصات متنوعة، وتعرفوا على الناجحين والمبدعين كيف وصلوا لإبداعاتهم، انظروا إلى مجتمعكم، واعرفوا ما يحتاج ذلك المجتمع من تخصصات ومهن ضرورية ليست متوفرة ، اجعلوا طلب العلم واختيار التخصص لأجل أن يبدأ البناء والتغير في المجتمع، لا تلقوا بالا للتخصص الأكثر الذي ستجنون من ورائه المال الكثير، واعلموا أنكم إن صدقت نياتكم في طلب العلم، واخترتم ما تحبون وترغبون به، واجتهدتم وأخلصتم في طلبه، أنكم ستحققون نجاحا ماديا كبيرا، ونجاحا عمليا عظيما، فلا تتوجهوا للعلم للأسباب التي ذكرت سابقا، بل اجعلوا العلم عبادة وفريضة، وسعي لإصلاح وإسعاد الآخرين، وحددوا ذلك الهدف أمام عيونكم، وانظروا إليه في كل لحظة من أنفاسكم، وشاهدوا أنفسكم وأنتم تحققون النجاح تلو النجاح، والإبداع تلو الإبداع، أرسموا خطوات نجاحكم، واجعلوها أمام أبصاركم، اصبروا وصابرو واجتهدوا لأجل أهدافكم ونجاحاتكم، لا تسمعوا للمحبطين والميئسين من حولكم، لا تخافوا من الفشل وكرروا المحاولات مرات عديدة، حتى تفلحوا وتحققوا نجاحكم، عززوا أنفسكم عند كل نجاح، وعاقبوها عند التقصير ، ونظموا حياتكم وخطواتكم، لتنعكس على حياتكم ومستقبلكم .
ورسالتي لأهل الطلبة ، أن لا يضيقوا على أبنائهم، ولا يضغطوا عليهم باختيار ما يرغبون فيه، لأجل أن يحققوا طموحات لم يستطيعوا هم تحقيقها، ولا يسعوا لأجل أن يحظي الأبناء بمراكز اجتماعية وموارد مادية كبيرة في المجتمع، ولا أجل التفاخر والتباهي بين الناس، بل اتركوهم يختارون ما يميلون له، وما يجدون فيه نفوسهم وطموحاتهم، حتى يحققوا الإبداع والتفوق على أقرانهم في هذا الزمان، الذي أصبح العالم كله يقوم على التنافس العلمي، والتطور التكنولوجي، وابذلوا جهدكم في دعمهم وتوجيههم ونصححهم، كي يستمدوا من قلوبكم المحبة والقوة والاستمرار نحو التقدم والنجاح .
ورسالتي للمسئولين والجامعات، أن يعملوا على توفير ما يدعم التعليم وما يطوره، من أساليب تدريس متطورة، وأساتذة مبدعين، وأن يسعوا لخلق فرص للتدريب العملي أكبر ما يمكن، وأن يتدرب الطلبة على البحث العلمي والتطبيق ألمختبري لكل التخصصات، وأن يشارك الطلبة مع العالم الخارجي فيما يقوم به من أبحاث عليمة، وأن يسمح لهم بالإطلاع على ما وصل له العالم من العلم والتطوير، والاستفادة من الخبرات، وأن يتم العمل على توفير المختبرات والمراكز البحثية لجميع التخصصات، لأجل أن يتخرج الطالب وهو يمتلك المهارات العالية، وأن يعمل على خلق فرص للتفاعل مع مؤسسات المجتمع المختلفة الخاصة والعامة، وأن يتواصل الطلبة مع مجتمعهم، لكي يستطيعوا أن يحددوا مجالهم المهني، وأن يعمل على توفير فرص العمل بعد التخرج، من خلال افتتاح مؤسسات وفرص عمل مستمرة حسب ما يتطلبه السوق، وأن يتم تنظيم ذلك مع الطلبة عند اختيار التخصص المطلوب من قبلهم، وعدم جعل الجامعات للكسب المادي وكيفية زيادته .
أما الطلبة الذين لم يحالفهم الحظ والنصيب بالنجاح هذا العام، الفشل ليس نهاية الطريق، بل هو بداية جديدة للانطلاق والمحاولة من جديد، فما عليكم إلا أن تتعلموا من أخطائكم، وتعرفوا أسباب تحقيق تلك النتيجة، والتخطيط من جديد لخوض تجربة جديدة لمن يرغب بإعادة مرحلة التوجيهي، أما من لم يرغب بذلك، فليسعى لتعلم واكتساب مهارات فنية، وليندمج في دورات ومؤسسات وورش عمل، تطور من قدراته ومهاراته التي يرغب فيها، ولا يتقاعس ويجلس في البيت على أريكته ليل نهار أمام التلفاز، متهما لنفسه بالفشل وعدم القدرة على فعل أي أمر، وليعلم أن كل إنسان سخره الله لما خلق له، ولا بد من وجود مهنة ما أو عمل قد قدره الله إليه، وما عليه إلا أن يسعى لتعلمه والبحث عنه، ليكون إنسانا فعالا مؤثرا منتجا في مجتمعه، وليعلم أن العلم مفروض عليه، ويجب أن يستمر في طلبه وتحصيله في كل فرصة تتاح له، كي يطور من أدائه ونمو نفسيه وعقله، فالعلم يبقى مصاحبا للإنسان حتى أخر لحظة من أنفاسه .
منذ سنوات بعيدة، وفي كل عام يمر علينا ،يتخرج من الطلبة الأعداد الكثيرة، وتزدحم الجامعات والمعاهد بهم، ويتلقى المجتمع هؤلاء الخريجين إما بوظائف حكومية، أو مؤسسات خاصة، أو ببطالة متزايدة، ولكن هل كان لهؤلاء الطلبة والخريجين الأثر الكبير في تحسين الظروف وتطوير المجتمع، هل تغير حالنا وأصبحنا دوله عظمى تقدم الاختراعات والصناعات الجديدة، هل أبدعنا في البحث العلمي الذي يبنى عليه تخطيط وتنظيم المجتمع ومؤسساته، أم أننا بقينا نستخدم العلم في أغلب الأحيان فقط للموارد المالية الذاتية، وإلى التفاخر في أعلى الدرجات العلمية والمكانة الاجتماعية والمناصب العليا، فالعلم الحقيقي الذي يعتز الإنسان به ويحقق فيه ذاته، من خلال ما يقدم من أثر إيجابي وجديد على مجتمعه، ويعيش به لأجل غيره أكثر مما يعيش لأجل نفسه، فالعلم مفتاح سعادة للإنسان في الدنيا والآخرة .
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني