القاهرة - دار الإعلام العربية
يكشف هذا الكتاب الكثير من الحقائق عن جماعة الإخوان المسلمين، خاصة قسم الأخوات المسلمات، وكيف بدأ اهتمام مؤسس الجماعة حسن البنا بدعوة النساء مبكراً مع بدء تأسيسه للجماعة بمدينة الإسماعيلية وقبل انتقاله إلى القاهرة، بداية بدعوة نساء الأخوات من أخواتهم وزوجاتهم وبناتهم.. والطريف أن هذه الدعوة لاقت استجابة كبيرة من جانب الأخوات، لكنها لم تجذب زوجة مؤسس الإخوان نفسه حسن البنا، والتي نأت بنفسها بعيداً عن نشاط زوجها وتفرغت لتربية أبنائها تربية حسنة.
مؤلفة الكتاب فاطمة عبدالهادي، وهي وكلية أول لجنة نسائية في الإخوان المسلمين وزوجة أحد قيادييها البارزين الشيخ محمد يوسف هواش الذي أُعدم برفقة سيد قطب، تكشف في كتابها "رحلتي مع الأخوات المسلمات" الصادر عن دار الشروق في 148 صفحة من القطع المتوسط، الكثير من الحقائق عن الجماعة، وعلاقتها بنظام عبدالناصر، وقصة تأسيس قسم الأخوات المسلمات والنشاط النسائي في الإخوان.
وتشير الكاتبة إلى أن تأسيس قسم الأخوات داخل الجماعة بدأ بمجموعة من الدروس الدينية في حي الناصرية بالقاهرة، وانتقلت بعدها إلى حي المنيرة.. وكانت النواة الأساسية مكونة من ست أخوات هن: أمينة الجوهري، فاطمة توفيق، فاطمة البدري، زينب زوجة الشيخ الشعشاعي، وأخت الأخ محمود سعيد، ومؤلفة الكتاب فاطمة عبدالهادي، وكان هذا في عام 1942.
زواج الأخوات بالإخوان
وتضيف أنه لم يمضِ وقت طويل حتى توسعت اهتماماتنا الدعوية وصممنا وقتها ألا نكتفي بحضور حلقات الدرس فقط، بل رأينا ضرورة اتساع نشاطنا. وفي هذه الفترة انضمت لنا ممرضة اسمها الحاجة "زبيدة" أعطتنا دروساً في التمريض، ثم خصصنا قسماً لرعاية الفتيات اليتيمات، وكنا نقدم لهن الرعاية الكاملة ولأسرهن.
وتشير إلى أن نشاطات الأخوات المسلمات امتدت لتشمل تزويج الإخوة، الذين كانوا يطلبون زوجات من الأخوات، فكان يتم التوفيق بين الطرفين وفق ترشيح الأخوات.. "كان الإخوان يأتي الواحد منهم يطلب أن نجد له في قسم الأخوات الزوجة المناسبة، فكنت أطلب معلومات عن هذا الأخ وأقوم بترشيح الزوجة المناسبة له".
والطريف أن الكاتبة تكشف عن أن زواجها تأخَّر بالنظر إلى سن الزواج في تلك الفترة، مبررة ذلك بقولها: "الحق أنني كنت غارقة في أعباء أسرتي الصغيرة، وكنت حريصة على أن أطمئن أولاً على زواج أخواتي البنات.. وذات مرة وقد قاربت الخامسة والثلاثين جاءني أخي سيد أبوالنور وأخبرني أن أحد الأخوة يرغب في الزواج مني.. فما كان مني إلا أن رفضت لأنه يحمل شهادة متوسطة.. لكن الأقدار شاءت وكان هذا الزوج محمد يوسف هواش الذي أُعدم مع سيد قطب في عام 1965.
المواجهة بين الأخوات وثورة يوليو
وتشير إلى أنه في بداية عام 1954 بدأت بذور التوتر بين الإخوان المسلمين وحكومة ثورة يوليو، ثم بدأت عمليات الاعتقال الواسعة للإخوان.. "ذات يوم داهمت منزلنا قوة كبيرة من المباحث، أخذت تفتش الشقة وتعبث بمحتوياتها، ولم يكن زوجي موجوداً.. وظل زوجي هارباً لمدة 10 أشهر.. وعاقبتني السلطات بنقلي من وظيفة ناظرة إلى وظيفة مدرسة، وعانيت كثيراً من مضايقات المباحث وحصارها.. وكادوا يأخذونني رهينة حتى يلقوا القبض على زوجي".
وبعد حملة الاعتقالات والمحاكمات الظالمة التي طالت الإخوان عام 1954 حدثت زوبعة في بيوتهم.. وبدأت الضغوط على زوجاتهن ممن لم يكن من الأخوات، أو لم يكن أهلاً للإخوان المسلمين، وذلك لدفعهن إلى الانفصال وطلب الطلاق بحجة طول الأحكام التي صدرت ضد أزواجهن والتي وصلت إلى 25 عاماً.. وحين بدأت وقائع طلب النساء الطلاق من أزواجهن أرسل زوجي محمد هواش المحكوم عليه بالسجن 55 عاماً في ثلاث قضايا، وقال لي: "لك مطلق الحرية في البقاء معي أو طلب الطلاق.. فقلت له: أنا لم أطلب الطلاق قبل الإنجاب.. فكيف أطلبه بعد أن أنجبت طفلين".
ولم تتوقف مضايقات نظام الثورة للأخوات المسلمات على ذلك.. بل امتدت إلى سجنهن.. وعن ذلك تقول: "ألقت الشرطة القبض على عدد من الأخوات وأنا من بينهن، وحملونا في سيارة ترحيلات كبيرة إلى سجن النساء في القناطر.. كانت رحلة غاية في الصعوبة والمشقة.. ومن أكثر ما آثار الأسى فيها امرأة عجوز لم تكن تستطيع الوقوف فضلاً عن صعود السيارة، فحملوها حملاً.. وعندما شاهدها الضابط هكذا سألها ساخراً: إذن كيف تحملين المفرقعات؟!".
شهادات مجهولة
أيضاً، تبقى شهادة الكاتبة على قضية تنظيم 1965 الذي صار العنوان الأبرز في تاريخ العلاقة بين الإخوان والدولة، شهادة فريدة واستثنائية ليس فقط لقربها واتصالها بكثير من وقائع القضية وتفصيلاتها، بل لأنها كانت من أبرز ضحاياها، فقد عاشت تجربة السجن بنفسها ثم كان زوجها ثالث من نُفِّذ فيهم حكم الإعدام.
وتغطي شهادة السيدة فاطمة فترة مهمة في تاريخ الحركة الإسلامية تمتد أكثر من ثلاثة عقود تبدأ من نهاية الحرب العالمية الثانية، ومروراً بقيام ثورة يوليو ونهاية الملكية في مصر، وتتسع فصولها للحقبة الناصرية وسنوات مهمة من بداية حكم الرئيس السادات.
وأهم ما يميز شهادتها النادرة أنها تقدم روايتها الخاصة جداً حتى وهي تحكي عن أحداث ووقائع شكلت تاريخ الإخوان بل ومصر كلها في مرحلة تاريخية بالغة التعقيد، وتروي علاقتها بأشخاص غيروا مسار التاريخ بعضهم انتهى إلى الموت شنقاً، وبعضهم صار رئيساً للجمهورية، إنها رواية شاهد عيان وشاهد ملك أحياناً حين تشارك في الأحداث، وهي لا تلجأ كما فعل آخرون إلى التوسع والمبالغة وربما الخيال أحياناً، حتى وهي تحكي مأساتها الخاصة ومعاناتها وأسرتها الصغيرة؛ ابنتها وابنها الصغيرين اللذين عاشا محنة اعتقال الأم وسجن الأب سنوات طويلة ثم إعدامه.
وعلى عكس روايات الآخرين: زينب الغزالي مثلاً، تبدو رواية فاطمة عبدالهادي للصراع الكبير بين الإخوان والثورة أقرب للقبول كشهادة تاريخية، أهم ما في شهادتها أنها لم تكن سياسية محضة، بل تحكي فصولاً مهمة في التاريخ الاجتماعي لحركة الإخوان المسلمين التي مازال وجهها السياسي غالباً على وجوهها الأخرى التي تغيب إلا قليلاً في كل الشهادات والمذكرات التي تتناول تاريخ الإخوان.
وتضع شهادتُها الأيدي على المفتاح الأهم لكثير من التحولات المهمة في تاريخ العمل النسائي الإسلامي أو العمل الدعوي المتوجه للمرأة عمومًا، والتي كان أهمها على الإطلاق التحول بحركة الأخوات المسلمات من حركة اجتماعية دعوية إلى حركة سياسية أيديولوجية، وهو التحول الذي كان بتأثير تحول أوسع جرى لحركة الإخوان المسلمين عموماً.
وكشفت الكاتبة كيف كانت الأخوات المسلمات في البداية عملاً دعويًا اجتماعيًا بالأساس يهدف إلى الحض على تحقيق العقيدة الصحيحة والالتزام بمكارم الأخلاق والقيام بأعمال البر ومساعدة الفقراء والمحتاجين وجمع الزكاة وتوزيعها.. قبل أن ينغمسن سريعاً في السياسة، ربما بقوة دفع الأحداث الكبرى ومن ضمنها المواجهة مع نظام ثورة يوليو، وتتحول إلى جزء من حركة أيديولوجية غارقة في كل معاني السياسة وطقوسها ورموزها.
وأيضاً نتوقف كثيراً عند قضية الحجاب بكل ما لها من رمزية في الحركة الإسلامية المعاصرة الآن، بل وفي قضية التدين والحياة الاجتماعية في مصر عموماً، ونفاجأ بأن هذه القضية كانت، تقريباً، غائبة، حين كانت الأخوات المسلمات حركة دعوية اجتماعية قبل الغرق في الصراع السياسي والانزلاق إلى فخ الأيديولوجية، الذي تحول معه الحجاب إلى أيقونة تختزل كل معاني الفضيلة والإيمان.. لقد كان التحول بالحركة الإسلامية، والنسائية منها خاصة، إلى حركة سياسية أيديولوجية بحاجة إلى رموز كبرى، وكان في الحجاب، ثم النقاب الآن، كل المواصفات المطلوبة.
إن التعمق في قراءة هذا التحول يكشف لنا لماذا توارت عن واجهة الحركة الإسلامية في السبعينات رموز نسائية بالغة الأهمية والعطاء مثل فاطمة عبدالهادي أو آمال العشماوي مثلاً، في حين تصدرتها شخصيات مثل زينب الغزالي، لقد كانت الأخيرة عنواناً صارخاً لاكتمال تحول المسلمات من العمل الدعوي الاجتماعي إلى العمل السياسي الصارخ، حيث الصراع الأيديولوجي وعناوينه ورموزه الفاقعة.
ولكم جزيل الشكر
ماجدة نصر
يكشف هذا الكتاب الكثير من الحقائق عن جماعة الإخوان المسلمين، خاصة قسم الأخوات المسلمات، وكيف بدأ اهتمام مؤسس الجماعة حسن البنا بدعوة النساء مبكراً مع بدء تأسيسه للجماعة بمدينة الإسماعيلية وقبل انتقاله إلى القاهرة، بداية بدعوة نساء الأخوات من أخواتهم وزوجاتهم وبناتهم.. والطريف أن هذه الدعوة لاقت استجابة كبيرة من جانب الأخوات، لكنها لم تجذب زوجة مؤسس الإخوان نفسه حسن البنا، والتي نأت بنفسها بعيداً عن نشاط زوجها وتفرغت لتربية أبنائها تربية حسنة.
مؤلفة الكتاب فاطمة عبدالهادي، وهي وكلية أول لجنة نسائية في الإخوان المسلمين وزوجة أحد قيادييها البارزين الشيخ محمد يوسف هواش الذي أُعدم برفقة سيد قطب، تكشف في كتابها "رحلتي مع الأخوات المسلمات" الصادر عن دار الشروق في 148 صفحة من القطع المتوسط، الكثير من الحقائق عن الجماعة، وعلاقتها بنظام عبدالناصر، وقصة تأسيس قسم الأخوات المسلمات والنشاط النسائي في الإخوان.
وتشير الكاتبة إلى أن تأسيس قسم الأخوات داخل الجماعة بدأ بمجموعة من الدروس الدينية في حي الناصرية بالقاهرة، وانتقلت بعدها إلى حي المنيرة.. وكانت النواة الأساسية مكونة من ست أخوات هن: أمينة الجوهري، فاطمة توفيق، فاطمة البدري، زينب زوجة الشيخ الشعشاعي، وأخت الأخ محمود سعيد، ومؤلفة الكتاب فاطمة عبدالهادي، وكان هذا في عام 1942.
زواج الأخوات بالإخوان
وتضيف أنه لم يمضِ وقت طويل حتى توسعت اهتماماتنا الدعوية وصممنا وقتها ألا نكتفي بحضور حلقات الدرس فقط، بل رأينا ضرورة اتساع نشاطنا. وفي هذه الفترة انضمت لنا ممرضة اسمها الحاجة "زبيدة" أعطتنا دروساً في التمريض، ثم خصصنا قسماً لرعاية الفتيات اليتيمات، وكنا نقدم لهن الرعاية الكاملة ولأسرهن.
وتشير إلى أن نشاطات الأخوات المسلمات امتدت لتشمل تزويج الإخوة، الذين كانوا يطلبون زوجات من الأخوات، فكان يتم التوفيق بين الطرفين وفق ترشيح الأخوات.. "كان الإخوان يأتي الواحد منهم يطلب أن نجد له في قسم الأخوات الزوجة المناسبة، فكنت أطلب معلومات عن هذا الأخ وأقوم بترشيح الزوجة المناسبة له".
والطريف أن الكاتبة تكشف عن أن زواجها تأخَّر بالنظر إلى سن الزواج في تلك الفترة، مبررة ذلك بقولها: "الحق أنني كنت غارقة في أعباء أسرتي الصغيرة، وكنت حريصة على أن أطمئن أولاً على زواج أخواتي البنات.. وذات مرة وقد قاربت الخامسة والثلاثين جاءني أخي سيد أبوالنور وأخبرني أن أحد الأخوة يرغب في الزواج مني.. فما كان مني إلا أن رفضت لأنه يحمل شهادة متوسطة.. لكن الأقدار شاءت وكان هذا الزوج محمد يوسف هواش الذي أُعدم مع سيد قطب في عام 1965.
المواجهة بين الأخوات وثورة يوليو
وتشير إلى أنه في بداية عام 1954 بدأت بذور التوتر بين الإخوان المسلمين وحكومة ثورة يوليو، ثم بدأت عمليات الاعتقال الواسعة للإخوان.. "ذات يوم داهمت منزلنا قوة كبيرة من المباحث، أخذت تفتش الشقة وتعبث بمحتوياتها، ولم يكن زوجي موجوداً.. وظل زوجي هارباً لمدة 10 أشهر.. وعاقبتني السلطات بنقلي من وظيفة ناظرة إلى وظيفة مدرسة، وعانيت كثيراً من مضايقات المباحث وحصارها.. وكادوا يأخذونني رهينة حتى يلقوا القبض على زوجي".
وبعد حملة الاعتقالات والمحاكمات الظالمة التي طالت الإخوان عام 1954 حدثت زوبعة في بيوتهم.. وبدأت الضغوط على زوجاتهن ممن لم يكن من الأخوات، أو لم يكن أهلاً للإخوان المسلمين، وذلك لدفعهن إلى الانفصال وطلب الطلاق بحجة طول الأحكام التي صدرت ضد أزواجهن والتي وصلت إلى 25 عاماً.. وحين بدأت وقائع طلب النساء الطلاق من أزواجهن أرسل زوجي محمد هواش المحكوم عليه بالسجن 55 عاماً في ثلاث قضايا، وقال لي: "لك مطلق الحرية في البقاء معي أو طلب الطلاق.. فقلت له: أنا لم أطلب الطلاق قبل الإنجاب.. فكيف أطلبه بعد أن أنجبت طفلين".
ولم تتوقف مضايقات نظام الثورة للأخوات المسلمات على ذلك.. بل امتدت إلى سجنهن.. وعن ذلك تقول: "ألقت الشرطة القبض على عدد من الأخوات وأنا من بينهن، وحملونا في سيارة ترحيلات كبيرة إلى سجن النساء في القناطر.. كانت رحلة غاية في الصعوبة والمشقة.. ومن أكثر ما آثار الأسى فيها امرأة عجوز لم تكن تستطيع الوقوف فضلاً عن صعود السيارة، فحملوها حملاً.. وعندما شاهدها الضابط هكذا سألها ساخراً: إذن كيف تحملين المفرقعات؟!".
شهادات مجهولة
أيضاً، تبقى شهادة الكاتبة على قضية تنظيم 1965 الذي صار العنوان الأبرز في تاريخ العلاقة بين الإخوان والدولة، شهادة فريدة واستثنائية ليس فقط لقربها واتصالها بكثير من وقائع القضية وتفصيلاتها، بل لأنها كانت من أبرز ضحاياها، فقد عاشت تجربة السجن بنفسها ثم كان زوجها ثالث من نُفِّذ فيهم حكم الإعدام.
وتغطي شهادة السيدة فاطمة فترة مهمة في تاريخ الحركة الإسلامية تمتد أكثر من ثلاثة عقود تبدأ من نهاية الحرب العالمية الثانية، ومروراً بقيام ثورة يوليو ونهاية الملكية في مصر، وتتسع فصولها للحقبة الناصرية وسنوات مهمة من بداية حكم الرئيس السادات.
وأهم ما يميز شهادتها النادرة أنها تقدم روايتها الخاصة جداً حتى وهي تحكي عن أحداث ووقائع شكلت تاريخ الإخوان بل ومصر كلها في مرحلة تاريخية بالغة التعقيد، وتروي علاقتها بأشخاص غيروا مسار التاريخ بعضهم انتهى إلى الموت شنقاً، وبعضهم صار رئيساً للجمهورية، إنها رواية شاهد عيان وشاهد ملك أحياناً حين تشارك في الأحداث، وهي لا تلجأ كما فعل آخرون إلى التوسع والمبالغة وربما الخيال أحياناً، حتى وهي تحكي مأساتها الخاصة ومعاناتها وأسرتها الصغيرة؛ ابنتها وابنها الصغيرين اللذين عاشا محنة اعتقال الأم وسجن الأب سنوات طويلة ثم إعدامه.
وعلى عكس روايات الآخرين: زينب الغزالي مثلاً، تبدو رواية فاطمة عبدالهادي للصراع الكبير بين الإخوان والثورة أقرب للقبول كشهادة تاريخية، أهم ما في شهادتها أنها لم تكن سياسية محضة، بل تحكي فصولاً مهمة في التاريخ الاجتماعي لحركة الإخوان المسلمين التي مازال وجهها السياسي غالباً على وجوهها الأخرى التي تغيب إلا قليلاً في كل الشهادات والمذكرات التي تتناول تاريخ الإخوان.
وتضع شهادتُها الأيدي على المفتاح الأهم لكثير من التحولات المهمة في تاريخ العمل النسائي الإسلامي أو العمل الدعوي المتوجه للمرأة عمومًا، والتي كان أهمها على الإطلاق التحول بحركة الأخوات المسلمات من حركة اجتماعية دعوية إلى حركة سياسية أيديولوجية، وهو التحول الذي كان بتأثير تحول أوسع جرى لحركة الإخوان المسلمين عموماً.
وكشفت الكاتبة كيف كانت الأخوات المسلمات في البداية عملاً دعويًا اجتماعيًا بالأساس يهدف إلى الحض على تحقيق العقيدة الصحيحة والالتزام بمكارم الأخلاق والقيام بأعمال البر ومساعدة الفقراء والمحتاجين وجمع الزكاة وتوزيعها.. قبل أن ينغمسن سريعاً في السياسة، ربما بقوة دفع الأحداث الكبرى ومن ضمنها المواجهة مع نظام ثورة يوليو، وتتحول إلى جزء من حركة أيديولوجية غارقة في كل معاني السياسة وطقوسها ورموزها.
وأيضاً نتوقف كثيراً عند قضية الحجاب بكل ما لها من رمزية في الحركة الإسلامية المعاصرة الآن، بل وفي قضية التدين والحياة الاجتماعية في مصر عموماً، ونفاجأ بأن هذه القضية كانت، تقريباً، غائبة، حين كانت الأخوات المسلمات حركة دعوية اجتماعية قبل الغرق في الصراع السياسي والانزلاق إلى فخ الأيديولوجية، الذي تحول معه الحجاب إلى أيقونة تختزل كل معاني الفضيلة والإيمان.. لقد كان التحول بالحركة الإسلامية، والنسائية منها خاصة، إلى حركة سياسية أيديولوجية بحاجة إلى رموز كبرى، وكان في الحجاب، ثم النقاب الآن، كل المواصفات المطلوبة.
إن التعمق في قراءة هذا التحول يكشف لنا لماذا توارت عن واجهة الحركة الإسلامية في السبعينات رموز نسائية بالغة الأهمية والعطاء مثل فاطمة عبدالهادي أو آمال العشماوي مثلاً، في حين تصدرتها شخصيات مثل زينب الغزالي، لقد كانت الأخيرة عنواناً صارخاً لاكتمال تحول المسلمات من العمل الدعوي الاجتماعي إلى العمل السياسي الصارخ، حيث الصراع الأيديولوجي وعناوينه ورموزه الفاقعة.
ولكم جزيل الشكر
ماجدة نصر
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني