رؤية في وظيفة النقد الحديث ...
كعادتي في معالجة أي فكرة أود بسطها , أطرح تساؤلاتٍ صغيرة تقودني إلى حواف الإجابات , و تصل بيني و بين قراءاتي الكثيرة في حقل الأدب و النقد , فهل كنتُ قارئة عميقة و مستوعبة أم العكس ؟!
طُرِح سؤال قصير يقول: ماهي وظيفة / مهمة النقد الأدبي الحديث ؟!
ليس سؤالا جديدًا , و لكنه سؤال حساس , و لا يمكِن أن نقيِّدَ الوظيفة أو المهمة برؤية لأحد , إنما هذا الأمر فيه خلاف و اختلاف و فيه تعدد رؤى و كثير كلام و فلسفة .. لأنه يصدر عن حالة تأمل عميقة فيما يمكن أن يقدمه النقد فعلا للأدب في عصرٍ حديثٍِ له ملامح تختلف عما سبقه من عصور !!
و هنا بؤرة المعنى التي سأنطلق منها :
- ماذا يقدم النقد للأدب كونه ردة فعل لنص أو قصيدة أو ما سوى ذلك من فنون الأدب ؟!
- ماذا عليه أن يقدِّم ؟!
- و هل هناك ما يجب أن يُحجم عنه أو يتلافاه أو يتناساه في مساحة تعرية النص ؟!
- ما الذي يحق له , و ما الذي لا يحق له ؟!
- هل هو خط موازٍ للأدب أو مسمار في حلق الأديب , و هل بات النقدُ إبداعًا كما يرى البعض ؟!
- النقدُ , ذو وظائف كثيرة , أيها الأهم و أيها المهمة , و أيها الفارغة !!
أسئلة كثيرة , تطرح نفسها , و تبحث عن إجاباتها , في ضوءِ مسيرة سفينة النقد في عصرنا الحديث و ما يقدمه للأدب و الإبداع , بل ما الذي لا يقدمه و قصَّر عنه !!
***
بداية , قبل أن نحدد وظيفة النقد , علينا أن نحدد وظيفة الأدب , أو نفهم حالة الأدب , فما ذاك إلا شمسٌ في مدينةِ الآخر , و لو اختصرنا كثيرًا : لقرأنا في الإبداع بشكل خاصٍّ وظيفة مهمة و هي أثر يتركه الأديب بعد أن يتأثر بحالة ما , و يشكله اتساقًا مع هيكلية النص سواء أ كان ( قصة أم مقالا أم خاطرة ... ) بشكل يُبرز الأثر ( المسبِّبْ ) و يقدِّم التأثير ( المُسبَّبْ ) ..
و إن جئنا نوازن الكفتين لوجدنا أن النقد لا يبعد عن هذا كثيرًا في عصرنا الحديث إذ إنه حصيلة أثرٍ يتركه النص كونه نصا إبداعيا مؤثرًا , و رؤيةٍ علمية متزنة تحاول مَنَطقةَ النص و تحليله و تفكيكه و ربما بناءه حينَ يقتضي الأمر ذلك , و الإمساكَ به من جميع جوانبه من نافِذة علمية , لا شك أنها تخضع في بعضِ بعضِها للذائقة الخاصة بالناقد , إلا أنها تراعي ( كما يجب ) موضوعية تكمل من خلالها الدائرة الإبداعية ذاتِ الشقين ( النص / قراءته ) .
و على هذا الأساس أكون قد أجبتُ تقريبًا عن تلك الأسئلة .. فـ :
- ماذا يقدم النقد للأدب كونه ردة فعل لنص أو قصيدة أو ما سوى ذلك من فنون الأدب ؟!
حديثًا , إنه يقدِّمُ صورةً له ؛ تكون مطابِقةً لمقصَدِ النص الإبداعي نادرًا, و تخرجُ به عن مقصَدِه لتشكِّلَ فيه ما لم يقصِدهُ الأديب غالبًا, و تارةً تستحلُّهُ و تقدِّمُهُ نفسه بصورةٍ جديدة , هي ذاتها بحاجة إلى نقد !!
- ماذا عليه أن يقدِّم ؟!
عليه أن يقدِّم الأدبَ كما هو عاريًّا عن غموضه المسوقِ من خلاله أو رمزيته أو حتى تركيبيته , يُقدِّمَهُ لشخصين : ناقِدٍ آخر , و قارئٍ يتطلَّعُ للنص .
عليهِ أن يمسِكَه , يفهمه , يتوغل فيه , لا يقطعه عن صاحِبِه , يحلله , يشير إلى إيجابياته ( محاسنه ) و سلبياته ( مواطن الخلل ) .. يُغذِّيه بما يُنعِشه , المهم ألا يقتُله أو يئِدَهُ , لأنه لن يموتَ و إنما سيعيشُ بشعًا و سيُنجِبُ صاحبُهُ أشباهًا مناظرين له .
- و هل هناك ما يجب أن يُحجم عنه أو يتلافاه أو يتناساه في مساحة تعرية النص ؟!
نعم , عليه أن يُحجِم عن الشللية , و العدائية ..
- ما الذي يحق له , و ما الذي لا يحق له ؟!
يحقُّ له أن يحترم النص و صاحِبَه , و بعدها سيكون كل شيء على ما يرام ..
- هل هو خط موازٍ للأدب أو مسمار في حلق الأديب , و هل بات النقدُ إبداعًا كما يرى البعض ؟!
سيظلَّ النقدُ خطًّا موازيًا يرتقي بالأدب و الإبداع و ينميه و يغذيه ما بقي الناقِد يفهمُ مهمته , و في كل الأحوال سيبقى مسمارًا في حلق الأديب , إما أن يكون مسمارًا للوحةٍ تجمِّل النص , أو مسمارًا يُشنَقُ عليه النص ..
نعم لقد اتخذ بعض النقْدُ صورة أخرى للإبداع , و نصًّا جديدًا يتفنن فيه الناقِد ليشكِّل نصًّا من نصٍّ دون أن يشعُر , و يتحول القارئ إلى إشارة تعجبٍ مبتسمةٍ بغيظٍ أن جاء عبدُ المعين ليُعين فوجدوه تعبًا !!
- النقدُ , ذو وظائف كثيرة , أيها الأهم و أيها المهمة , و أيها الفارغة !!أعتقِد أن الأهم أن يكونَ عميقًا في فهم النص , و مُفهِمًا إياه أو مقدِّمًا ما فيه من دلالاتٍ للقارئ بشكلٍ مفهومٍ , و بعيدٍ عن الشللية و العدائية .
و أما الفارِغة من وظائفِه أن يكون وسيلةً لحربٍ ماجنةٍ تحرِّضُ عليها نوازع شخصية / ذاتية , و نوازِغُ بعيدة عن أصل النقدِ في معالجةِ النص بموضوعية .
أظن أنني بنيتُ جِسْرًا أتوصَّل به في دراسة أوسع إلى رؤية خاصةٍ تُفيدُ من الآراء المنطقية المعقولة , و يبقى السؤال مفتاحًا لمعرفَةٍ أكثرَ حيوية من غيره ..
تحيةً و شكرًا ,,,
منقول
كعادتي في معالجة أي فكرة أود بسطها , أطرح تساؤلاتٍ صغيرة تقودني إلى حواف الإجابات , و تصل بيني و بين قراءاتي الكثيرة في حقل الأدب و النقد , فهل كنتُ قارئة عميقة و مستوعبة أم العكس ؟!
طُرِح سؤال قصير يقول: ماهي وظيفة / مهمة النقد الأدبي الحديث ؟!
ليس سؤالا جديدًا , و لكنه سؤال حساس , و لا يمكِن أن نقيِّدَ الوظيفة أو المهمة برؤية لأحد , إنما هذا الأمر فيه خلاف و اختلاف و فيه تعدد رؤى و كثير كلام و فلسفة .. لأنه يصدر عن حالة تأمل عميقة فيما يمكن أن يقدمه النقد فعلا للأدب في عصرٍ حديثٍِ له ملامح تختلف عما سبقه من عصور !!
و هنا بؤرة المعنى التي سأنطلق منها :
- ماذا يقدم النقد للأدب كونه ردة فعل لنص أو قصيدة أو ما سوى ذلك من فنون الأدب ؟!
- ماذا عليه أن يقدِّم ؟!
- و هل هناك ما يجب أن يُحجم عنه أو يتلافاه أو يتناساه في مساحة تعرية النص ؟!
- ما الذي يحق له , و ما الذي لا يحق له ؟!
- هل هو خط موازٍ للأدب أو مسمار في حلق الأديب , و هل بات النقدُ إبداعًا كما يرى البعض ؟!
- النقدُ , ذو وظائف كثيرة , أيها الأهم و أيها المهمة , و أيها الفارغة !!
أسئلة كثيرة , تطرح نفسها , و تبحث عن إجاباتها , في ضوءِ مسيرة سفينة النقد في عصرنا الحديث و ما يقدمه للأدب و الإبداع , بل ما الذي لا يقدمه و قصَّر عنه !!
***
بداية , قبل أن نحدد وظيفة النقد , علينا أن نحدد وظيفة الأدب , أو نفهم حالة الأدب , فما ذاك إلا شمسٌ في مدينةِ الآخر , و لو اختصرنا كثيرًا : لقرأنا في الإبداع بشكل خاصٍّ وظيفة مهمة و هي أثر يتركه الأديب بعد أن يتأثر بحالة ما , و يشكله اتساقًا مع هيكلية النص سواء أ كان ( قصة أم مقالا أم خاطرة ... ) بشكل يُبرز الأثر ( المسبِّبْ ) و يقدِّم التأثير ( المُسبَّبْ ) ..
و إن جئنا نوازن الكفتين لوجدنا أن النقد لا يبعد عن هذا كثيرًا في عصرنا الحديث إذ إنه حصيلة أثرٍ يتركه النص كونه نصا إبداعيا مؤثرًا , و رؤيةٍ علمية متزنة تحاول مَنَطقةَ النص و تحليله و تفكيكه و ربما بناءه حينَ يقتضي الأمر ذلك , و الإمساكَ به من جميع جوانبه من نافِذة علمية , لا شك أنها تخضع في بعضِ بعضِها للذائقة الخاصة بالناقد , إلا أنها تراعي ( كما يجب ) موضوعية تكمل من خلالها الدائرة الإبداعية ذاتِ الشقين ( النص / قراءته ) .
و على هذا الأساس أكون قد أجبتُ تقريبًا عن تلك الأسئلة .. فـ :
- ماذا يقدم النقد للأدب كونه ردة فعل لنص أو قصيدة أو ما سوى ذلك من فنون الأدب ؟!
حديثًا , إنه يقدِّمُ صورةً له ؛ تكون مطابِقةً لمقصَدِ النص الإبداعي نادرًا, و تخرجُ به عن مقصَدِه لتشكِّلَ فيه ما لم يقصِدهُ الأديب غالبًا, و تارةً تستحلُّهُ و تقدِّمُهُ نفسه بصورةٍ جديدة , هي ذاتها بحاجة إلى نقد !!
- ماذا عليه أن يقدِّم ؟!
عليه أن يقدِّم الأدبَ كما هو عاريًّا عن غموضه المسوقِ من خلاله أو رمزيته أو حتى تركيبيته , يُقدِّمَهُ لشخصين : ناقِدٍ آخر , و قارئٍ يتطلَّعُ للنص .
عليهِ أن يمسِكَه , يفهمه , يتوغل فيه , لا يقطعه عن صاحِبِه , يحلله , يشير إلى إيجابياته ( محاسنه ) و سلبياته ( مواطن الخلل ) .. يُغذِّيه بما يُنعِشه , المهم ألا يقتُله أو يئِدَهُ , لأنه لن يموتَ و إنما سيعيشُ بشعًا و سيُنجِبُ صاحبُهُ أشباهًا مناظرين له .
- و هل هناك ما يجب أن يُحجم عنه أو يتلافاه أو يتناساه في مساحة تعرية النص ؟!
نعم , عليه أن يُحجِم عن الشللية , و العدائية ..
- ما الذي يحق له , و ما الذي لا يحق له ؟!
يحقُّ له أن يحترم النص و صاحِبَه , و بعدها سيكون كل شيء على ما يرام ..
- هل هو خط موازٍ للأدب أو مسمار في حلق الأديب , و هل بات النقدُ إبداعًا كما يرى البعض ؟!
سيظلَّ النقدُ خطًّا موازيًا يرتقي بالأدب و الإبداع و ينميه و يغذيه ما بقي الناقِد يفهمُ مهمته , و في كل الأحوال سيبقى مسمارًا في حلق الأديب , إما أن يكون مسمارًا للوحةٍ تجمِّل النص , أو مسمارًا يُشنَقُ عليه النص ..
نعم لقد اتخذ بعض النقْدُ صورة أخرى للإبداع , و نصًّا جديدًا يتفنن فيه الناقِد ليشكِّل نصًّا من نصٍّ دون أن يشعُر , و يتحول القارئ إلى إشارة تعجبٍ مبتسمةٍ بغيظٍ أن جاء عبدُ المعين ليُعين فوجدوه تعبًا !!
- النقدُ , ذو وظائف كثيرة , أيها الأهم و أيها المهمة , و أيها الفارغة !!أعتقِد أن الأهم أن يكونَ عميقًا في فهم النص , و مُفهِمًا إياه أو مقدِّمًا ما فيه من دلالاتٍ للقارئ بشكلٍ مفهومٍ , و بعيدٍ عن الشللية و العدائية .
و أما الفارِغة من وظائفِه أن يكون وسيلةً لحربٍ ماجنةٍ تحرِّضُ عليها نوازع شخصية / ذاتية , و نوازِغُ بعيدة عن أصل النقدِ في معالجةِ النص بموضوعية .
أظن أنني بنيتُ جِسْرًا أتوصَّل به في دراسة أوسع إلى رؤية خاصةٍ تُفيدُ من الآراء المنطقية المعقولة , و يبقى السؤال مفتاحًا لمعرفَةٍ أكثرَ حيوية من غيره ..
تحيةً و شكرًا ,,,
منقول
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني