بخصوص مفردة (البحر)
ورد عن المرحوم النيلي رحمه الله في كتاب الحل القصدي :
أن التعاقب ( بحر ) ليس مقصوراً على البحر الذي نعلمه بل يشمل كلّ من يتميز بهذه وكل ما يتميز بها أيضاً .
إن هذا التكوين المستقل القائم بنفسه والذي هو مصدر الماء ومصدره الحياة بعد ذلك والزاخر بالتكوينات الجزئية الأخرى – أعني البحر المعروف – يمكن أن نطلقه على الشخص إذا تميّز بهذه الخصال ، ومعلوم أن مثل هذا الشخص كائن ربّاني وهو مصدر للحياة والمعرفة مثل النبي ( صلى الله عليه وآله و سلم ) أو المسيح (ع ) . ولا يمكن أن يكون ( ممدوحاً لأحد الشعراء ) مثلاً . فالقائل مادحاً : ( أنت بحر ندى.. ) لأحد الخلفاء ، إنما قوله هذا هو نوع من المبالغة وليس هو إخراجا للفظ عن معناه ، بل هو قولٌ لا ينطبق في الخارج فقط . وهذه المبالغة هي بطبيعة الحال ( كذب ) وافتراء لمخالفتها الحقيقة ( والمقصود مخالفتها الحقيقة الواقعية للممدوح لا الحقيقة اللغوية ) . وحينما يقول الإمام علي ( ع ) في الدعاء : وقفت على ساحل بحر جودك وكرمك فانه لا يستعمل هنا أي نوع من المجاز المذكور ، وإنما هو استعمال حقيقي لأن البحر المعهود لنا إنما سمي بذلك لوقوعه في الحركة العامة لتعاقب البحر . ومعلوم أن ( جود الله ) له وجود حقيقي وهو يشتمل على استقلال وتكوينات جزئية وهو مصدر للحياة بل هو مصدر ( البحر ) المعهود نفسه .
وبهذا نلاحظ أن الحلّ القصدي يتعمق في مفهوم اللفظ نفسه بخلاف الحلّ الاعتباطي الذي يقوم بالعمل العبثي المستمر في نقل معنى اللفظ الى معنى لفظ آخر .
ومن هنا تلاحظ مثلاً : أننا وجدنا أن لفظ ( بحر ) في القرآن يستعمل للكون الفسيح الذي يتضمن تكوينات أخرى وأفلاك ونظم متحركة وأمكن بذلك وضع حلولٍ شاملةٍ لآياتٍ كثيرةٍ كانت بالنسبة لهم تشكل معضلة لا حل لها – حيث عبر عن ( الفضاء ) كما نسميه بلفظ البحر .
وورد عن المرحوم النيلي في ملحمة كلكامش كلاما عن البحر بصورة كونية.
الأصلِ اللغويِّ العربيِّ هو الامتدادُ الواسِعُ جداً والحاوي على تكويناتٍ عديدةٍ فَيَشْمِلُ على هذا المعنى الفَضَاء، وبِهِ فَسَّرَ الحَلُّ القصديُّ بَعْضَ عباراتِ القرآنِ الكريمِ:
(وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (الرحمن:24)
إذ تُشيرُ إلى الجَواري من الكواكِبِ والنجومِ والمذنَّبَاتِ في بَحْرِ الفَضَاء لارتباطِهَا بـ (الجَواري الكُنَّسِ) المذكورةِ في سورةِ التكويرِ آية 16 حيثُ هي النجومُ أو المذنَّبَاتُ.
وبِصِفَةٍ عامَّةٍ فَقَدْ حَدَثَ التباسٌ شديدٌ بِشَأنِ لَفْظِ البَحْرِ، إذ زَعَمَ أهْلُ اللغَةِ والتفسيرِ أنَّهُ البَحْرُ المعلومُ أيْنَمَا جَاءَ في النصّ القرآنيِّ مَعَ أنَّ اللفظَ واسِعُ المعنى عِنْدَ العَرَبِ وغَيْرُ مَقْصُورٍ على البَحْرِ المعلومِ، وعلى ذلكَ ارتأى الحَلُّ القصديُّ للغَةِ قراءةَ الضَمِّ في قولِهِ تعالى:
(وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) (إبراهيم: من الآية32)
لتكونَ مشيرةً إلى المجموعِ أي الأفلاكِ. وهي مداراتُ الكواكبِ والنجومِ تجري في بَحْرِ الفَضَاء، إذ أنَّ السُّفُنَ لا تجري بأمْرِهِ تعالى، بل بأَمْرِ الرُّبَانِ وأَصْحَابِ السُّفُنِ، ونِسْبَتُهَا إليه تعالى باعتبارِهِ غاية العِلَلِ والأسبابِ هو نوعٌ من التكلُّفِ في شَرْحِ المفرداتِ في هذا الموضِعِ وأمثالِهِ ومفتاحٌ لبابِ النقاشِ السوفسطائيِّ في (الجَبْرِ والاختيارِ).
وهذا الكلام يعضد ما ترميه إليه حبيبي الموالي.. لكن هناك أمر مهم وجب الإلتفات إليه وهو أن النص الذي ورد في سورة الشعراء والذي أوردته أنا في مشاركتي الاخير..
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{52} فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55} وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ{56} فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{59} فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ{60} فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{61} قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{62} فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{63} وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ{64} ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ{66}
هذا النص عندما أتى على مفردة البحر فهو يشير الى البحر المعهود والمعروف لدينا ولم يأتي عل تخصيص مجاميع معينة نعم في بدايته تكلم عن عبادي (وأوحينا الى موسى أن أسري بعبادي إنكم متبعون) لكن وكما تلاحظ في نهاية النسق النصّي وبعد إن ضرب موسى البحر بعصاه وأنفلق تلاحظ ان النص يكشف عن أمر مهم وهو إن النجاة شملت جميع من هو مع موسى ع سواء كانوا "عبادي" المشار اليهم في بداية النص أو "بني إسرائيل" أو " قوم موسى ع" (وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ){65}.
نقلته للفائدة
وجه البدر
ورد عن المرحوم النيلي رحمه الله في كتاب الحل القصدي :
أن التعاقب ( بحر ) ليس مقصوراً على البحر الذي نعلمه بل يشمل كلّ من يتميز بهذه وكل ما يتميز بها أيضاً .
إن هذا التكوين المستقل القائم بنفسه والذي هو مصدر الماء ومصدره الحياة بعد ذلك والزاخر بالتكوينات الجزئية الأخرى – أعني البحر المعروف – يمكن أن نطلقه على الشخص إذا تميّز بهذه الخصال ، ومعلوم أن مثل هذا الشخص كائن ربّاني وهو مصدر للحياة والمعرفة مثل النبي ( صلى الله عليه وآله و سلم ) أو المسيح (ع ) . ولا يمكن أن يكون ( ممدوحاً لأحد الشعراء ) مثلاً . فالقائل مادحاً : ( أنت بحر ندى.. ) لأحد الخلفاء ، إنما قوله هذا هو نوع من المبالغة وليس هو إخراجا للفظ عن معناه ، بل هو قولٌ لا ينطبق في الخارج فقط . وهذه المبالغة هي بطبيعة الحال ( كذب ) وافتراء لمخالفتها الحقيقة ( والمقصود مخالفتها الحقيقة الواقعية للممدوح لا الحقيقة اللغوية ) . وحينما يقول الإمام علي ( ع ) في الدعاء : وقفت على ساحل بحر جودك وكرمك فانه لا يستعمل هنا أي نوع من المجاز المذكور ، وإنما هو استعمال حقيقي لأن البحر المعهود لنا إنما سمي بذلك لوقوعه في الحركة العامة لتعاقب البحر . ومعلوم أن ( جود الله ) له وجود حقيقي وهو يشتمل على استقلال وتكوينات جزئية وهو مصدر للحياة بل هو مصدر ( البحر ) المعهود نفسه .
وبهذا نلاحظ أن الحلّ القصدي يتعمق في مفهوم اللفظ نفسه بخلاف الحلّ الاعتباطي الذي يقوم بالعمل العبثي المستمر في نقل معنى اللفظ الى معنى لفظ آخر .
ومن هنا تلاحظ مثلاً : أننا وجدنا أن لفظ ( بحر ) في القرآن يستعمل للكون الفسيح الذي يتضمن تكوينات أخرى وأفلاك ونظم متحركة وأمكن بذلك وضع حلولٍ شاملةٍ لآياتٍ كثيرةٍ كانت بالنسبة لهم تشكل معضلة لا حل لها – حيث عبر عن ( الفضاء ) كما نسميه بلفظ البحر .
وورد عن المرحوم النيلي في ملحمة كلكامش كلاما عن البحر بصورة كونية.
الأصلِ اللغويِّ العربيِّ هو الامتدادُ الواسِعُ جداً والحاوي على تكويناتٍ عديدةٍ فَيَشْمِلُ على هذا المعنى الفَضَاء، وبِهِ فَسَّرَ الحَلُّ القصديُّ بَعْضَ عباراتِ القرآنِ الكريمِ:
(وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (الرحمن:24)
إذ تُشيرُ إلى الجَواري من الكواكِبِ والنجومِ والمذنَّبَاتِ في بَحْرِ الفَضَاء لارتباطِهَا بـ (الجَواري الكُنَّسِ) المذكورةِ في سورةِ التكويرِ آية 16 حيثُ هي النجومُ أو المذنَّبَاتُ.
وبِصِفَةٍ عامَّةٍ فَقَدْ حَدَثَ التباسٌ شديدٌ بِشَأنِ لَفْظِ البَحْرِ، إذ زَعَمَ أهْلُ اللغَةِ والتفسيرِ أنَّهُ البَحْرُ المعلومُ أيْنَمَا جَاءَ في النصّ القرآنيِّ مَعَ أنَّ اللفظَ واسِعُ المعنى عِنْدَ العَرَبِ وغَيْرُ مَقْصُورٍ على البَحْرِ المعلومِ، وعلى ذلكَ ارتأى الحَلُّ القصديُّ للغَةِ قراءةَ الضَمِّ في قولِهِ تعالى:
(وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) (إبراهيم: من الآية32)
لتكونَ مشيرةً إلى المجموعِ أي الأفلاكِ. وهي مداراتُ الكواكبِ والنجومِ تجري في بَحْرِ الفَضَاء، إذ أنَّ السُّفُنَ لا تجري بأمْرِهِ تعالى، بل بأَمْرِ الرُّبَانِ وأَصْحَابِ السُّفُنِ، ونِسْبَتُهَا إليه تعالى باعتبارِهِ غاية العِلَلِ والأسبابِ هو نوعٌ من التكلُّفِ في شَرْحِ المفرداتِ في هذا الموضِعِ وأمثالِهِ ومفتاحٌ لبابِ النقاشِ السوفسطائيِّ في (الجَبْرِ والاختيارِ).
وهذا الكلام يعضد ما ترميه إليه حبيبي الموالي.. لكن هناك أمر مهم وجب الإلتفات إليه وهو أن النص الذي ورد في سورة الشعراء والذي أوردته أنا في مشاركتي الاخير..
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{52} فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55} وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ{56} فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{57} وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ{58} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ{59} فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ{60} فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ{61} قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ{62} فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ{63} وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ{64} ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ{66}
هذا النص عندما أتى على مفردة البحر فهو يشير الى البحر المعهود والمعروف لدينا ولم يأتي عل تخصيص مجاميع معينة نعم في بدايته تكلم عن عبادي (وأوحينا الى موسى أن أسري بعبادي إنكم متبعون) لكن وكما تلاحظ في نهاية النسق النصّي وبعد إن ضرب موسى البحر بعصاه وأنفلق تلاحظ ان النص يكشف عن أمر مهم وهو إن النجاة شملت جميع من هو مع موسى ع سواء كانوا "عبادي" المشار اليهم في بداية النص أو "بني إسرائيل" أو " قوم موسى ع" (وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ){65}.
نقلته للفائدة
وجه البدر
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني