أرقٌ يسبق يوم عرفة بثلاث أو بأربع ليالٍ .. تصحبه غصة في القلب و ضيق في النفس و شعور كامل في خضوع متكامل .. و إن كان الجسد يعمل .. و إن كان يمشي و يتكلم .. لكن القلب يصرخ .. وا عرفااااااه !!

آهٍ يا سيدي .. بقي يوم و يبدأ عبيدك بتلبيتك .. لبيك اللهم لبيك ... و أنا هنا ... أجلس كل ليلة أفكر .. أيحبونك هم أكثر مني ؟! أم أنك أحببتهم أكثر من محبتك لي حتى سمحت لهم و شرفتهم بالخضوع لك و الإنابة لجلالك ؟..

بقي يوم و بعض من تاليه و يقف لك الملايين .. يدعونك فتسجيب لهم .. يبكون على أعتابك و حاشاك أن تردهم عن جنابك .. تخضلّ لحاهم و تندى وجنتاهم .. و أنا هنا قابعة في دنيا الأوساخ .. تميتني ذنوبي و عثراتي كل لحظة و لا أملك في النهاية إلا ماء العيون .. عساه أن يكون لي شفيعا ! ..

حبيب الله .. كم تئن القلوب شوقاً إليك .. فطرتنا كما برأها الخالق .. تحبك و تصلي عليك .. اسمك منقوش في أجسادنا كشيءٍ مضيء .. لا نرى الأشياء من حولنا إلا به .. لا يخفت و لا يخبو .. و مهما طال فيه الزمن يمدّه إيماننا بك و حرقتنا لرؤيتك ..

الناس يا أشرف خلق الله .. سيضعون في هذا اليوم أقدامهم على موضع قدميك الشريفتين .. يتبعونك في كل خطوة و في كل نفس .. يحذون حذوك .. يدعون بدعائك و يتذكرون أن لولاك لما عرفنا سبيل الهدى .. رحمة للعالمين كنت و ما زلت .. و فداء النفس و البصر كنت ولا زلت .. و شفيعنا عند ربنا كنت و لا زلت ..

سيدي .. إن كانت ذنوبي منعتني من القدوم إليك فامحها و اصفح حتى أعود لك طفلة لا تعلم من الوجود إلا أنك أنت الواحد الأحد ..

إن تعاظمت ذنوبي فامحني معها قبل أن ألاقيك و أنا أنوء بحملها ..
يا رب .. بكل أسمائك .. اعف عني يا عفوّ .. اغفر لي يا غفور .. ارزقني الذلّ إليك يا عزيز .. أكرمني بالإنابة لك يا حكيم ..
يا رب .. أمتني قبل أن أعصي أمرك .. و قبل أن أخالف منهجك .. يا رب .. اقطع لساني عن غير قول الحق .. أعمي بصري قبل أن يرى ما لا يرضيك .. خذ سمعي إن لم يسمع كلامك .. قطعني أشلاء قبل أن أحب غيرك ..

لم أجد شفيعاً لي في هذه الليالِ إلا تلاوة كلامك .. يرافقه تنهد و عويل .. و صرخة قلب عليل ..و يختنق الصوت بين الكلمة و تاليتها.. و يقولون أن تلاوتي حسنة .. و هم لا يعملون أن ما أتلوه هو الحسن ..

أعدني إليكَ يا ربّ .. أعدني يا محيي العظام و هي رميم .. يا أنس ليلي و ضياء نهاري .. يا من تراني كل لحظة .. يا من تسمعني قبل أن أتكلم .. يا سيدي .. متى ستعيدني إليك طفلة وليدة ؟..


ساره صالح