السلام عليكم..
الحاجات الإنسانية أمر حتمي لا يمكن تجنبها ولا تجاهلها ولا مفر منها ولا يمكن الاستغناء عنها،بل لابد من التعامل معها بشكل أو بأخر،ويمكن تعريف الحاجات بأنها : ضرورات الحياة الأساسية وهي أساسيات تشمل (المعنوية ـ المادية ـ النفسية ـ الجسمية ـ الجسدية ـ العاطفية) لكل حياة إنسانية سوية.
فهل يمكن تحديد الحاجة؟ ماذا يترتب عن هذا؟ ما علاقة الحاجة والحرية سلباً وإيجاباً؟
هل الحرية مجرد إشباع الحاجة أم إشباع الحاجة شرط الحرية؟
أم أن العلاقة بينهما أوثق وأعمق من أن يكون أحدهما شرط وجوب الأخر؟
أم أن العلاقة بينهما أوثق وأعمق من أن يكون أحدهما شرط وجوب الأخر؟
الحاجة ليست مادية صرفة حتى ولو تمثلت في الإشباع المادي ( معاش ، ملبس ، مأكل ، مسكن ).
فتعريفات الحاجة تُعدُ قاصرة وغير مشتملة على جوانب عدة،لأنه ببساطة جميع تعريفات الحاجة تنتهي إلى أنها توتر يعانيه الإنسان يحاول حله بالإشباع،وهذا التوتر لا يمكن حصره في الوظائف الفسيولوجية كما لا يمكن قصره على الظواهر السيكولوجية ، إنه توثر يشمل وجود الإنسان ككل،أي أن الحاجة تركيب وجودي ونعني بهذا أن الإشباع ليس إلا إنجازاً تتجاوزه الذات حالما يتحقق نحو غيره،أي أن الذات تحدد لنفسها حاجات لكي تسعى لإشباعها،ولكن حال إشباعها تتجاوزها نحو غيرها أو نحو الحاجة نفسها المتوالدة من جديد ـ إن في هذا التجاوز للحاجة حال إشباعها تحقيقاَ للذات وتأكيداً للوجود،وهذا لا يعني النظر إلى الحاجة من زاوية نفسية ، فإن إشباع الحاجة يستدعي ضرورة توفر عناصر مادية،فإشباع الجوع يستدعي ضرورة تناول الخبز،وإشباع الملبس يستدعي ارتداء قطعة قماش أو تغطية الجسد،والحاجة لابد لكل من يهتم بمثل هذه الدراسات أن يتناولها من حيث علاقتها بوجود الإنسان نفسه وبحريته كذلك.
إذا كيف ترتبط الحاجة بالحرية ؟
الحاجة والحرية مفهومان متناقضان ، فالحاجة تنفي الحرية ، بينما الحرية لا تنفي الحاجة ، بل تديمها وتدعمها وتعززها مما يؤدي إلى ظهور حاجات جديدة ، والفرد عبد لحاجاته فهو قد يكدح أو يكذب أو يغش أو يسرق وقد يقتل من أجل إشباع حاجاته.
والدول تشبه الأفرد فهي تلتزم بما تدركه من حاجات "مصالح" وترسم الخطط التي ترى أنها تحقق مصالحها وتشبع حاجاتها مثل : الحاجة إلى فراغ للحياة أو "مجال حيوي" كما برر هتلر سياسته التوسعية العنيفة أو من أجل "حق البقاء" كما تبرر الصهيونية تحركاتها الدفاعية والهجومية أو من أجل "الديمقراطية" حتى يكون العالم أمناً من أجل حماية هذه السياسة أو تلك أو من أجل مكسب اقتصادي أو من أجل حماية الأرض أو النفوذ أو من أجل السيطرة الكلية على الأرض أو بأي سبب أو عذر تستخدمه أي دولة حتى تحقق مصالح حيوية أو شأنها في ذلك شأن بقية الدول والشعوب.
من الواضح أنه طالما وجدت الحاجات سواء أكان الشعور بها حقيقياً أو مجرد وهم، فإن الحرية وهم بالنسبة للمحتاج والمحتاج له.
إن عدم إشباع الحاجات يؤدي إلى الاستقرار بالنسبة للأفراد وأيضاً الدول،ولن تكون هناك راحة إن لم تشبع الحاجات بشكل صحيح،ولن تكون هناك طمأنينة لأن الطمأنينة تتحقق فقط بالتحرر من قيود الحاجة،حرية الجسد والروح تتحقق بإخضاع الحاجات وعدم التطرف في تحقيق الرغبات والميول الفطرية والمكتسبة وترويض الغرائز، والسعادة هي التحرر من قيود الحاجات البشرية.
هل ينتهي الجدل بين الوجود والحاجة؟ بين الحاجة والحرية؟ بين الحرية والوجود؟
وهل يمكننا يوماً أن نُشبع حاجاتنا دونما المساس بحاجات الأخر؟ أو دونما التعدي على حرية الأخر؟
وفقنا ووفقكم الله
د. صالح رجائي
وفقنا ووفقكم الله
د. صالح رجائي
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني