من طرف ربيع الكسواني الخميس سبتمبر 02, 2010 11:00 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد أثار ارتفاع عدد جرائم القتل على خلفية "الشرف" فزع الاردنيات في ظل وقوع 18 جريمة قتل لاردنيات العام الماضي دفاعا عن الشرف، وسقوط ثماني نساء منذ مطلع العام الحالي للسبب ذاته .
وتخضع جرائم الشرف في الأردن لجدل واسع من حيث القوانين السارية التي تمنح عذراً مخففاً للقاتل في حال ادعائه بان سبب جريمته الدفاع عن شرفه، غير ان المفاجأة الكبرى تقع عندما يجد الطب الشرعي ان المغدورة ما زالت عذراء.
جرائم ومفاجآت
فمن أحدث جرائم الشرف التي وقعت بالأردن أن شاباً سلم جثة شقيقته للشرطة، بعدما اعترف بأنه قام باغراقها في مياه البحر الميت شديدة الملوحة ليطهر شرفه .
وقال مصدر أمني : " إن شقيق آيات 20 عاماً، اقتحم المركز الامني وهو يحمل شقيقته بين ذراعيه بزهو قتلتها دفاعاً عن الشرف"، وسبق أن سقطت فتاة في العشرين من عمرها قتيلة بعد أن تلقت 20 رصاصة و20 طعنة في مناطق مختلفة من جسمها .
هذا وقد أصدرت محكمة أردنية حكما بالسجن لمدة ستة اشهر بحق اب ادين بقتل ابنته "16 عاما" صعقا بالكهرباء في جريمة شرف، بعد ان اخبرته بانها ارتكبت الفاحشة مع شاب تعرفه .
وذكر المصدر الأمني ذاته أن الأمر قد اثار غضب الاب وافقده وعيه حيث قام بضربها وتوثيقها بأسلاك كهربائية معراة وصعقها بالكهرباء ما ادى الى مقتلها على الفور، وقام الأب بتسليم نفسه مباشرة للشرطة بعد ارتكابه الجريمة، مبرراً فعلته بالدفاع عن شرف العائلة .
ولم تقتصر عقوبة جرائم الشرف على الرجال بل طبقت لأول مرة بالأردن على سيدة مسنة، حيث قضت محكمة الجنايات الاردنية مؤخرا، بحبس أم مسنة تجاوزت السبعين من العمر سنة واحدة بعد اقدامها علي قتل ابنتها التي حملت سفاحا بعد ان انجبت طفلها غير الشرعي حيث انهالت عليها ضربا بقطاعة مخصصة لتقطيع اللحوم، وبما أن المتهمة امضت هذه المدة موقوفة اثناء المحاكمة فقد تقررالافراج عنها .
واللافت في هذه القضية أن هيئة المحكمة برئاسة القاضي عمر خليفات اعتبرت ان المتهمة ارتكبت الجريمة تحت سورة غضب ، وهذا يحصل لأول مرة تجاه متهمة سيدة ، حيث أن كل احكام ثورة الغضب من قبل كان المتهم فيها الرجل كالاب او الاخ او الزوج دفاعا عن الشرف.
وبالتالي طبقت المحكمة معايير جريمة الشرف علي العجوز القاتلة وتم الإفراج عنها علي هذا الأساس .
ومن جانبه ، قام رجل يبلغ من العمر 90 عاماً، من منطقة أبو نصير التي تبعد بحوالي 30 كلم غرب عمان، بإطلاق النار على ابنته البالغة من العمر 35 عاماً وأرداها قتيلة بعد أن أخبره أحد الجيران بأنه رأى رجلاً يغادر بيته.
واعترف الأب بأنه ارتكب الجريمة لغسل شرف الأسرة. وكانت الضحية التي تدعى ختام مطلقة وتعيش مع ابنتيها وابنها بالقرب من منزل أهلها.وتدل هذه الجريمة على أن الشائعات وحدها كافية بأن تنهي حياة امرأة.
وكان شابا آخر يبلغ من العمر "29 عاما" قد أقدم على قتل شقيقته البالغة من العمر "33 عاما" في منطقة حي نزال بالعاصمة عمان .
وعلى الرغم من أن التحقيقات الأولية في شرطة العاصمة أشارت إلى أن الشاب المتهم أقدم على قتل شقيقته المطلقة لتطهير شرف عائلته بعد تغيبها لمدة تزيد على السنة عن منزل أهلها ، من دون إذن أو علم احد منهم، فكان أن أقدم على ضربها على رأسها ثم ضرب رأسها بالحائط ثم قام بخنقها بيديه حتى تأكد من انها فارقت الحياة.
إلا أن باقي التحقيقات أوضحت أن الشاب قد اعترف بأنه كان على علم بمكان وجود شقيقته وخطط لقتلها والخلاص منها، فعمل على استدراجها الى منزل اهلها بعد ان اخبرها بأن والديها يرغبان برؤيتها للسلام عليها .
وعلى ذلك ، فقد أسند مدع عام بمحكمة الجنايات الكبرى تهمة القتل العمد للمتهم الذي سلم نفسه للشرطة يوم ارتكابه للجريمة، واعترف بقتله شقيقته .
وفي قضية أخرى ، افاد مصدر أمني بأن أب أطلق عدة عيارات نارية علي ابنته "30 عاما" الاغوار الشمالية، بعد شجار نشب بينهما اثر محاولة الاب منع ابنته من مغادرة المنزل، فأرداها فيما يبدو انها جريمة شرف .
واضاف المصدر ذاته أن والد الفتاة سلم نفسه مباشرة للشرطة واعترف بقيامه بإطلاق النار وشكي تغيب الفتاة ولعدة مرات ولايام عن المنزل تحت حجج واعذار واهية .
"جرائم الشرف" والقانون
ويسند الإدعاء العام لجرائم الشرف تهمة القتل التي تصل عقوبتها إلى الاعدام، غير أن المحكمة في معظم قضايا الشرف تعدل وصف التهمة الى القتل تحت تأثير "سورة الغضب" الذي عاقب عليه بالسجن لستة اشهر .
وقد تم ذلك بعد تعديل مادة 340 قانون العقوبات التي تحدثت عن العذر المخفف في القتل ، وتنص المادة على أن يستفيد من العذر المخفف من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معا أو اعتدى عليه او عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة .
كما يستفيد من العذر ذاته الزوجة التي فوجئت بزوجها حال تلبسه بجريمة الزنا او في فراش غير مشروع في مسكن الزوجية فقتلته في الحال او قتلت من يزني بها او قتلتهما معا او اعتدت عليه او عليهما اعتداء أفضى إلى موت او جرح او عاهة دائمة.
ومن جانبه ، رفض البرلمان الأردني، وبالأغلبية الساحقة مشروع قانون يطالب بتشديد القوانين الراهنة ضد مرتكبي جرائم الشرف، ويأتي رفض تمرير هذا القانون الجديد للمرة الثانية .
وقد صوّت ضد القرار ستون من النواب الذين حضروا الجلسه وعددهم 85 من أصل 110 العدد الكلي للأعضاء.
وبرفض البرلمان الأردني للقانون الجديد، تنتهي صلاحية المرسوم الملكي الذي أصدره العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أثناء تعليق البرلمان عام 2001 م ، حول تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الشرف.
ومن المتوقع إحالة القانون الجديد إلى لجنة خاصة في مجلس النواب لإجراء المزيد من النقاش حوله، بعد أن رفض البرلمان المشروع للمرة الثانثة، الأمر الذي قد يؤدي الى استخدام الملك حقه القانوني بالتدخل، وبالتالي إقرار القانون، دون الرجوع لمجلس الأمة .
وقد علقت المحامية نور الإمام بأن التعديل تناول العذر المخفف وأعطى الحق للرجل والمرأة على قدم المساواة، وأضافت أنها كانت تتنمى أن لا يكون التعديل بهذه الصورة فعندما نعطي عذر مخفف للقتل يعني أننا نبيح عملية القتل بتخفيف العقوبة.
وقالت المحامية الإمام تعقيباً على ذلك القانون : "إنه من باب أولى أن تلغى نص المادة 340 لأن هذه المادة تعطي دافع اجتماعي فكري للأشخاص للإقدام على القتل، وعند عودتنا لباب الاجتهادات القضائية الموجودة على مر السنوات نجد ان محاكمنا الأردنية لم تستخدم مادة 340 من خلال أصدرها لقراراتها إلا أنها كانت تستند في كافة الأعذار المخففة لمادة 98 الخاصة بالعذر المخفف التي يستفيد منها أي شخص سواء كانت جريمة ما يسمى بجرائم الشرف أو بالدفاع الشرعي عن النفس".
وأضافت الإمام قائلة: " إن مرتكب الجريمة يستفيد من العذر المخفف نتيجة إقدام الشخص على جريمة القتل بدافع "سورة الغضب" وبالتالي يستفيد من العذر المخفف، ونص هذه المادة غير محتكم للشرعية الإسلامية".
وذكرت الإمام أن هذا القانون صدر بصيغته المؤقتة نتيجة للعديد من الحملات التي قامت بها المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسائية الأردنية.
غضب نسائي
وقد أثارت الجرائم التي بعضها صائب وتدخل حقا ضمن " سورة الغضب " ومنها ما يتخفى وراءها ، حالة استفزاز وسط الفعاليات النسوية، التي طالبت البرلمان بإعادة النظر في العقوبات التي تشتمل على عذر مخفف، واعتبرت ان القاتل في هذا النوع من الجرائم بات يقع ضحية عادات وتقاليد سائدة.
ولكن على الرغم من هذا الإستياء إلا أن مجلس النواب الاردني "البرلمان" قد رفض مرتين تغيير قانون العقوبات وإنهاء العقوبة المخففة ضد مرتكبي جرائم الشرف التي تتراوح بين ثلاثة اشهر إلي عام واحد علي الرغم من ضغوط ودعوات المنظمات التي تعني بحقوق الانسان .
وترى انعام العشى مديرة البرامج والانشطة في المعهد الدولي لتضامن النساء في الأردن أن جريمة الشرف باتت نتاجا لردة فعل مبالغ فيها من الاهل تجاه الضحية .
وأشار المؤيدون لحقوق المرأة في الأردن إلى أن القوانين السارية في الوقت الراهن حول جرائم الشرف تشجع الرجال على سوء معاملة النساء، وضمان الإفلات من عقوبات مشددة في حالات القتل.
وأشارت ناشطة في مجال حقوق المرأة إلى بحث أجرته العام الماضي حول جرائم الشرف، وجدت أن ثمانية رجال فقط من مرتكبي الجرائم المتعلقة بالشرف تمت إدانتهم وصدرت بحقهم أحكام تراوحت بين ثلاثة أشهر إلى عام واحد فقط .
وقالت الناشطة : "إنها بالرغم من توقعاتها برفض البرلمان الأردني للقانون الجديد بيد أنها مسرورة لأن القضية أصبحت محط الأنظار والنقاش العلني ".
الطب الشرعي وجرائم الشرف
وذكرت الدكتورة إسراء الطوالبه من المركز الوطني للطب الشرعي أنه تحدث سنويا في الأردن ما بين 16 إلى 18 حالة قتل تحت مسمى "جرائم شرف"، حيث يتم تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاه .
وقالت الدكتور الطوالبة : " إنه بعد انتهاء التحقيق تصل الينا الجثة، ويندرج عملنا تحت مسمى فني، فعندما نقوم بتشريح الجثة قد لا نجد علامات تدل على ان هذه الفتاة قد ارتكبت أمرا خاطئ أو في بضع الأحيان تندرج جرائم الشرف تحت ان الفتاة تزوجت بغير رضى الأهل".
وتابعت الدكتورة الطوالبة أن العديد من جرائم الشرف التي تعاملنا معها يكون القاتل من اهل الضحية ولديه العديد من الأسبقيات بحدود 70 أسبقية منها اغتصاب، سرقة، سطو مسلح، والشروع بالقتل .
وأوضحت الطوالبه الأساليب الوحشية التي يستخدمها الجاني لارتكاب جرم "غسل الشرف"، فتقول: "أكثر الأساليب استخداما هو الطعن إذ ان بعض الجثث يتجاوز عدد الطعنات الى خمسين طعنة، بالإضافة إلى استخدام الرصاص والساطور لقتل، وكلها تندرج تحت اساليب قتل شنيعة تدل على مدى الغل والوحشية من قبل القاتل".
وأشارت طوالبه إلى انه يتم التعامل مع الحالات بنوع من السرية التامة بين المركز الطب الشرعي والقضاء، مبينة ان بعض الأهل يرفضون استلام الجثة بعد الانتهاء من عملية التشريح لاقتناعهم بشرعية فعلهم .
أسباب ودوافع
ومن المعروف أن لكل جريمة دوافعها ولجريمة الشرف دوافع وعوامل عديدة كغيرها من الجرائم، ومن هذه العوامل : "العامل الاقتصادي، والنفسي والإجتماعي ".
فقد ذكر الدكتور مجد الدين خمش أخصائي علم الاجتماع أن أكثر الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب الجريمة بدافع الشرف مشيرا إلى ان الجرائم التي تصنف تحت هذا المفهوم في الأردن قليلة وهي تتركز في الطبقات الشعبية، وبالتالي فإن العامل الاقتصادي يلعب دورا كبيرا، لان مستوى الوعي والمعيشة في الطبقات الشعبية والمناطق الموجودة على إطراف المدينة متدني، ويتمثل بالقسوة والعدوانية في التعامل بسبب ظروف المعيشة الصعبة، بالإضافة إلى كثرة عدد الأطفال في المنزل نتيجة لكثرة الإنجاب .
وأضاف الدكتور خمش قائلا :" فهذا يؤدي إلى حدوث نوع من الضغط النفسي على الوالدين والإخوان مما يولد الكراهية بين الإخوة بسبب التصارع على الموارد القليلة، فيتعلم الأفراد العنف والعدوانية في التعامل بين بعضهم وقد تزيد هذه العدوانية حتى تصل إلى حد الإيذاء الجسدي".
وقد أكدت دراسة قام بها المركز الوطني للطب الشرعي، أن نسبة القتل تزداد عند العاطلين عن العمل أكثر من غيرهم لتدني مستوى المعيشي .
وعن العامل النفسي ، أوضح الدكتور جمال الخطيب أخصائي علم النفس أن الدوافع النفسية لها علاقة وثيقة بالنشأة وجزء كبير منها له علاقة بالوعي اللاجمعي بمعنى وعي او لاوعي الجماعة بشكل عام.
وأضاف الدكتور الخطيب قائلا : " نقصد بذلك العادات الموروثة التي تربى عليها الشخص والتي تحكم جهازه القيمي والجهاز الذي يحدد سلوكه وحكمه على الأشياء سواء كانت حلال أو حرام، وهي مسألة ذات قيمة اجتماعية أكثر من كونها ذات قيمة نفسية".
ويتابع الخطيب أنه وإذا كان للعادات الموروثة قيمة نفسية فهي انعكاس للنشأة الاجتماعية التي تربى عليها الشخص وتكونت شخصيته ونفسيته بناء عليها, وكل جريمة لها ظرف محدد يقدم فيها الشخص على ارتكابها، بعض الجرائم ترتكب فوريا بمجرد رؤية الشخص للفعل المخل بالشرف فيرتكب الجريمة بناء على الرؤية المباشرة فيصبح الانفعال الشديد والغضب هو سيد الموقف.
واعتبر الخطيب أن الغيرة المرضية التي تمتد إلى شك بتصرفات وسلوكيات الشخص الأخر وهي من الأمور التي تنتهي غالبا بالقتل .
وأكد الخطيب أن الغيرة تتشابك مع جريمة الشرف لأنها في كثير من الأحيان قائمة على وهم ونوع من الغيرة المرضية، وهو التعريف العلمي الوحيد الذي يستخدم في الطب النفسي لموضوع الغيرة وعلاقتها بالجريمة، إنما ليس هناك من تصنيف علمي آخر لها.
ربيع الكسواني
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني