السقوط المدوي للنخب العربية

السقوط المدوي للنخب العربية

وقبل ان ابدأ مقالتي واعنونها الى جهنم وبئس المصير , للذي لم يكتفي ببيع فلسطين والجولان ومعها مزارع شبعا , بل ايضا يبيع الدم العربي مسلما كان ام مسيحيا , على مذبح سلطان بني امبة وغيمة هارون الرشيد التي قال عنها : اينما ذهبتي خراجك سيأتي الي , في اشارة الى انه حكم ثلاثة ارباع الكرة الارضية , وعندما سأله ابنه المأمون , لماذا انت جالس على كرسي الخلافة وهي ليست لك باعترافك يا ابتي انها من حق ال محمد , فاجابه بتلك الجملة التي بقيت الى يومنا هذا وستبقى الى يوم يبعثون تخلد ذكر الطغاة والفراعنة , انت ولدي وفلذة كبدي والله لو نازعتني عليها (اي كرسي الخلافة ) سافقؤها بين عينيك

وهذا هو حال النظام الاسدي المخلوفي حتى لو هلك الشعب السوري عن بكرة ابيه , حتى لو قدمت الشيعة السياسية اللبنانية والعراقية (بمعزل عن باقي شيعة العالم )صفوة شبابها وخيرة مقاوميها الذين شرفوا ماضي وحاضر الامة بالعزة والكرامة والشرف , ذبائح اضحية بالجملة دفاعا عن نظام بشار وزبانيته , حتى لو احترقت كل شعارات ومبادئ الحركة القومية العربية دفاعا تبعيا لا منتميا ولو حساب الشعار الخالد لرائد القومية العربية جمال عبد الناصر (ارفع رأسك يا اخي العربي ) سيحرق دمشق وبغداد والقاهرة وعمان وبيروت والقدس وسيثبت انه نيرون العصر وانه تلميذ نابغة للحجاج الثقفي وانه خليفة يزيد الاموي بحق

لايدرك مدى التغير القادم إلا من له قدره على الا ستبصار ,وقدرة على قراءة الواقع بدون تحيز مذهبي او طائفي , لان هذه الصورة قد لاتعود إلا بعد عصر من الزمان تفرض على الاجيال مزيدا من القهقرى والتخلف الجاهلي الذي اصبح يسابق العصر , تنكرت كل النخب العربية سابقا احزاب وحركات وشخصيات ومنظمات لكل الشارع العربي , استخدمته وسيلة وغاية في ان معا للوصول الى كرسي السلطة او المشاركة فيها او اقتسام مغانمها وبالطبع لا يرضيها اليوم ان هذا الشارع بدأ يفرض نفسه وممثليه . يتحرك الشارع بفعل وبتوجيه وبتصور لاشك فى ذلك , قد يكون ذلك التحرك ايديولوجيا و وقد يكون غريزيا للمحافظة على الحياه. التحرك الايديولوجى للشارع غير موجود فى الشارع العربى لطبيعيته الديمقراطيه أصلا .

يقول احدهم :
فالايديولوجيا بمفهومها السياسى خارج الاطار العربى. نعم هناك نخب أيديولوجيه ولكنها اعجز من تفعيل حركة الشارع لاسباب عده , منها غياب الاحزاب المفعله للإطار الأيديولوجى ثم إقصائها للاخرين ومنها كذلك عقيدتها المغلقه التى لاتستوعب الاختلاف. بالاضافة الى اسلوبها الوصولى الذى افقدها ثقة الشارع تاريخيا فهى فى موضع شك ولا تزال

في تونس اختلف القوميون والاسلاميون والعلمانيون حول شهادة البوعزيزي هل هو شهيد ام لا ولكن الشارع تجاهلهم جميعا وبدأ ثورته وانتصر , في مصر كل الاحزاب والنخب كانت تتمنى الفرج ولكنها كانت ايضا تتفرج والشهادة للتاريخ بمعزل عن رأيي السياسي القومي لولا شباب الاخوان ليلة 2 فبراير ونولهم الى ميدان التحرير ليلا وما زال صوت نوارة نجم يرن في اذني حتى اللحظة لكانت انتهت الثورة , وفي ليبيا جن جنون القوميون العرب وتفجرت كل الضغائن والاخقاد كيف لا وممول نشاطهم ومؤتمراتهم وبياناتهم الانشطارية العنقودية في خطر القذافي في خطر من الثورة وزاد الطين بلة ان كل الطبقة الشيعية الحاكمة والمحكومة وفي لقاء تاريخي نادر لم يسبق له مثيل منذ بدء الدعوة الاسلامية السنة والشيعة معا في مواجهة القذافي , نفسهم هؤلاء القوميون ذرفوا دمعة واحدة لا غير على ثورة البحرين ليس اكراما لثورتها المباركة انما للشيعة السياسية الممولة البديلة لكل هذه النخب الساقطة اصلا , وفي اليمن جلهم كان يتباهى بعقد مؤتمر تلو الاخر فيها دفاعا عن القومية العربية التي احرقوها بنار جشعهم وحبهم الساطع للدولار والدينار تركوها تتلظى بنار صالح ولا شان لهم بها , اما في سوريا سقطت ورقة التوت وبانت عورات الجمبع , بالامس كان اردوغان بطلا قوميا عربيا ومعه امير قطر وعقدت المؤتمرات بالجملة في اسطنبول والدوحة انقاذا ودفاعا عن قضايا العرب وفجأة اصبح اردوغان وحمد عملاء لماذا ؟ لانه لا بد من الحفاظ على اخر مصدر من التمويل النظام الاسدي المخلوفي ,والاطار السياسي الذي تتحرك فيه هذه النخب وطبعا ليس ابعد من اطارها واهدافها الفئوية الضيقة , وهو ما تعانى منه النخبه العربيه على إتساع الارض العرض , تسرب هنا وهناك وإنشاق فى موقع وآخر , وإلتحام بالسلطه حينا , وطلاقها بائنٌ معها أحيانا أخرى..
اذا لم تتمكن هذه النخب من ردم الهوه بين الشارع والنظام بشكل يجعل من النظام مدفوعا على معاملتها وأعتبارها جزء لايتجزأ من الشارع مصدر التغيير الحقيقى واصبحت لا وزن لها مهما عقدت من إجتماعات ومؤتمرات وهذا الأمر واضح كل الوضوح فى مسرح السياسه العربى و نخب تتحرك ميدانيا داخل الفنادق وأروقتها بينما الشارع يسيل فى جنبيها دون استشعار لهذا الحراك.

الاتجاه الايديولوجى لايعنى القدره على التغيير , فالقدره على التغيير تعنى حركه وتضحيه ومواجهة واضحه مع النظام , وهو ما لاتقدر على إتيانه كثيرا من النخب فهى تعيش فى المنطقه"الرماديه" بين الفكر والنظام إذا أحسن فلها ,إذا أساء واقترب موعد زواله فلها كذلك حق التصرف والالتفاف.

إعادة الاعتبار للأجيال وكسر مسلمات الامتداد الوصائى لجيل على آخر أو لفكر على فكر, هذه مسلمه لدى الغير هناك ترتيب للمواقف والافعال من كان يتحرك فى السبعينيات مثل كيسنجر , يمكنه اليوم أن يوصى أو يقترح لاغير , منطق العصر, بينما يشيخ الولدان فى عالمنا مع فكر واحد وبرنامج واحد وشخص واحد , حتى إذا مات , إنبرى تلاميذه يكررون ذلك كتكرار البغبغاء.

إن أزمة الامه تتمثل فى عدم إدراكها للعصر ولاللإنسان ومحدوديته , وفى إغفالها للحاضر على حساب الماضى كذلك وعلى إعتبار أن الخبره هى النشاط والفعل , وعلى إعتبار أن أن الحاضر لايمكن أن يثمر حتى يصبح ماضيا, فأى مستقبل ننتظر ونحن نريد منه أن يتحول الى ماض أولا حتى ندخله فى الإعتبار وفى الوعى. إن الامم الواعيه هى تلك التى تجعل من الزمان كله مستقبلا , لاغير وهل وجدت إنسانا اليوم لايفكر فى ساعته القادمه وإحتمالاتها. إنه المستقبل فقط ولذلك تسيد الشباب الموقف , وإن حاول بعض الماضى أن يندس بين فجوات الزمن ولكنه سيسقط بين هذه الفجوات إلا من نصيحه أو خبرة ترتجى أو وصيه تُحىٌ ألباب قوم يعلمون.



بقلم كاتبها

مع الشكر

محمد نصار