العتمة تلفّ الكون و تحاول طمس الأشياء، الحياة تفرّ منه تاركة إيّاه للون الأسود المقيت ، متعقب النهار يفعل فعله الأزليّ في الأحياء و هم في استسلام أبله.
هبّت رياح الشّتاء الباردة على الواحة فدمدمت بين الشّقوق و في الأزقّة الخالية و هزّت رؤوس النذخل فتحرّك جريدها مضطربا ، مصفّرا لحن الوحشة و الفناء، و أطفئت مواقد الحطب التي عجزت نيرانها عن طرد البرد القارس والظّلام الزّاحف، سقطت الأجساد على الفرش و الأسرّة في كل البيوت والأمكنة ... همدت فيها حرارة الحياة فصارت ساكنة باردة كأنّها الجثث...
رمت بجسدها هي الأخرى على السّرير الخشبيّ لتتخلّص من ثقله.
تقلّبت زمنا لا تدري أطال أم قصر حتّى جاءها الزّائر اللّيليّ يخلّصها من ثقل الفكر أيضا فاستسلمت له. أقضّ مضجعها فجأة و خدش سمعها ليمزّق صمت الغرفة المطبق حولها و ينغرز شوكا في قلبها... صوت كالأنين :
فركت عينيها تزيل عنهما أثر النّعاس.
الظلام المحيط بها أفقدهما وظيفتهما ، استعاذت و بسملت فماتت الكلمات بداخلها قبل أن تصل مسمعها، وضعت يدها على صدرها كأنّها تهدّئ من تسارع دقّات قلبها...
أصاخت السّمع تتثبّت علّه الكابوس ينفرد بها في وحدتها و الظلام الموحش حولها... و لكنّه صوت أنين: أنين الحيّ الموجع حادّ النبرات يدمي سمعها و قلبها في آن.
انتصبت واقفة ، خطت خطوات في الظّلام و الفراغ.
تحسّست يداها قضيب الحديد المنغرز في خشب الباب، رفعته ليسقط مصلوبا يتأرجح برأسه المعقوف و قد دفنت ساقه في رحم الجدار الطّيني، دفعت دفذة الباب ببطء فانفرج عن نور شاحب... مرقت عبره الى باحة الحوش. لسعتها نسمات باردة اجتثّت منها بقايا فزع كما اجتثّها ذاك الأنين من عالم اللآوعي ...
جالت ببصرها في فضاء الحوش الواسع مستعينة بضوء القمر الشّاحب .
الخلاء و الفراغ يملآنه و لا شيء غيرهما ... كم احتاجت لحظتها لصوت آدميّ يقبر تساؤلا بداخلها أو حتّى يشاطرها إيّاه .
لا يزال الأنين يأتيها متقطّعا ، مكتوما ، حادّا في خفوته و تقطّعه ، يبعثره الهواء هنا و هناك فيملأ قلبها فجيعة .
لكم كل الود
والبقية تأتي
هند
هبّت رياح الشّتاء الباردة على الواحة فدمدمت بين الشّقوق و في الأزقّة الخالية و هزّت رؤوس النذخل فتحرّك جريدها مضطربا ، مصفّرا لحن الوحشة و الفناء، و أطفئت مواقد الحطب التي عجزت نيرانها عن طرد البرد القارس والظّلام الزّاحف، سقطت الأجساد على الفرش و الأسرّة في كل البيوت والأمكنة ... همدت فيها حرارة الحياة فصارت ساكنة باردة كأنّها الجثث...
رمت بجسدها هي الأخرى على السّرير الخشبيّ لتتخلّص من ثقله.
تقلّبت زمنا لا تدري أطال أم قصر حتّى جاءها الزّائر اللّيليّ يخلّصها من ثقل الفكر أيضا فاستسلمت له. أقضّ مضجعها فجأة و خدش سمعها ليمزّق صمت الغرفة المطبق حولها و ينغرز شوكا في قلبها... صوت كالأنين :
فركت عينيها تزيل عنهما أثر النّعاس.
الظلام المحيط بها أفقدهما وظيفتهما ، استعاذت و بسملت فماتت الكلمات بداخلها قبل أن تصل مسمعها، وضعت يدها على صدرها كأنّها تهدّئ من تسارع دقّات قلبها...
أصاخت السّمع تتثبّت علّه الكابوس ينفرد بها في وحدتها و الظلام الموحش حولها... و لكنّه صوت أنين: أنين الحيّ الموجع حادّ النبرات يدمي سمعها و قلبها في آن.
انتصبت واقفة ، خطت خطوات في الظّلام و الفراغ.
تحسّست يداها قضيب الحديد المنغرز في خشب الباب، رفعته ليسقط مصلوبا يتأرجح برأسه المعقوف و قد دفنت ساقه في رحم الجدار الطّيني، دفعت دفذة الباب ببطء فانفرج عن نور شاحب... مرقت عبره الى باحة الحوش. لسعتها نسمات باردة اجتثّت منها بقايا فزع كما اجتثّها ذاك الأنين من عالم اللآوعي ...
جالت ببصرها في فضاء الحوش الواسع مستعينة بضوء القمر الشّاحب .
الخلاء و الفراغ يملآنه و لا شيء غيرهما ... كم احتاجت لحظتها لصوت آدميّ يقبر تساؤلا بداخلها أو حتّى يشاطرها إيّاه .
لا يزال الأنين يأتيها متقطّعا ، مكتوما ، حادّا في خفوته و تقطّعه ، يبعثره الهواء هنا و هناك فيملأ قلبها فجيعة .
لكم كل الود
والبقية تأتي
هند
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني