من طرف د. ماهر علوان الثلاثاء أبريل 13, 2010 8:36 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
القصيدة هي:
أَمـا تَرَى ظَفـَراً حُلواً سـِوَى ظَفـَرٍ
تَصافَحَت ْفيهِ بيـضُ الهِـنْدِ والِلمَـمُ
يـا أَعـدَلَ النـاسِ إِلاَّ في مُعامَلَـتي
فيكَ الخِصـامُ وأَنـتَ الخَصْـمُ والحَكَـمُ
أُعِيـذُهـا نَظَــراتٍ مِنْـكَ صادِقـَـةً
أَنْ تَحْسَبَ الشَحمَ فيمَـن شَحْمُـهُ وَرَمُ
وما انتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظـرِهِ
إِذا استَوَتْ عِنـدَهُ الأَنوارُ والظُلَمُ
سَيَعْلَـمُ الجَمْـعُ مِمَّـن ضَـمَّ مَجْلِسُنـا
بِأنَّني خَيْرُ مَـن تَسْـعَـى بـِـهِ قـدَمُ
أَنـا الَّذي نَظَرَ الأَعمَـى إلى أَدَبـي
وأَسمَـعَـتْ كَلِماتـي مَـن بـِـهِ صَمَـمُ
أَنـامُ مِـلءَ جُفُـوفي عـن شَوارِدِهـا
ويَسْـهَـرُ الخَلْـقُ جَرَّاهـا ويَختَـصِـمُ
وَجَـاهِـلٍ مَــدَّهُ في جَهـلِـهِ ضـَحِكـِي
حَـتَّـى أَتَـتْـهُ يَـدٌ فَـرَّاسـةٌ وفَـمُ
إِذا رَأيـتَ نُيُـوبَ اللّيـثِ بـارِزَةً
فَـلا تَظُـنَّـنَ أَنَّ اللَيـثَ يَبْـتَـسِـمُ
ومُهجةٍ مُهجتـي مِن هَــمِّ صـاحِبِهـا
أَدرَكْـتُهـا بـِجَـوادٍ ظَـهْـرُهُ حَـرَمُ
--------------------------------------------------------------------------------
المنهج النقدي في القصيدة:
الإنسان / الممدوح:
يحضر سيف الدولة في القصيدة من خلال صورتين متناقضتين تتنازعان مختلف الدلالات التي ترتبط به.
صورة إيجابية: تتمثل في بنية المدح بشكل واضح من خلال وحدات دلالية ذرية توظف كلها لرسم صورة إيجابية للممدوح المنتصر.
صورة سلبية: تتمثل في بنية العتاب، حيث يبدو الممدوح مفرطاً في العلاقة التي تربطه بالشاعر، منصرفاً عنه إلى الحساد والوشاة.
ذا رَأيـتَ نُيُـوبَ اللّيـثِ بـارِزَةً
فَـلا تَظُـنَّـنَ أَنَّ اللَيـثَ يَبْـتَـسِـمُ
يؤكد الشيخ يوسف البديعي أن هذا البيت مأخوذ من ديك الجن([xxxvi])
رة ليث في لبدتي رئبال
وإذا شئت أن ترى الموت في صو
أبيض صارم وأسمر عالي
فألقه غير أنما لبدتاه
فيرى ضاحكاً لعبس الصيال
تلق ليثاً قد قلصت شفتاه
في حين يرى العكبري([xxxvii]) أن معنى البيت مأخوذ من قول الشاعر:
أبدى نواجذه لغير تبسم
لما رآني قد نزلت أريده
ويورد العكبري والشيخ يوسف البديعي بيتاً لأبي تمام:
فخيل من شدة التعبيس مبتسما
قد قلّصت شفتاه من حفيظته
فيرى الأول أنه مأخوذ من البيت الذي سبقت الإشارة إليه قبله مباشرة، في حين يرى الثاني أنه مأخوذ من ديك الجن.
انطلاقاً مما سبق نسجل الملاحظتين التاليتين:
أولاً : اختلاف العكبري ويوسف البديعي في تحديد موطن السرقة الأصلي، وهذه مسألة طبيعية لأن تحديد السرقة يرتبط بثقافة المتلقي وحدوسه وخلفياته المضمرة.
ثانياً : الشارح يحدد موطن السرقة في المعنى، في حين أن صاحب "الصبح المنبي" لا يحدد مجالها.
يدخل الشيخ يوسف البديعي البيت في الضرب الخامس عشر من السرقة وهو: "أن يأخذ المعنى ويسيراً من اللفظ، وذلك من أقبح السرقات وأظهرها شناعة على السارق"([xxxviii]). إلا أنه رغم ذلك يمتدح سرقة المتنبي عندما يعلق عليها قائلاً:
"لكنه أبرزه في صورة حسنة فصار أولى به"([xxxix]).
-يلاحظ من خلال كلام يوسف البديعي تركيزه على سلبية السرقة المرتبطة بالمعنى، وهذا الحكم مخالف للتصور الحالي والذي يرى أن الشعر صياغة شكلية.
إن المقارنة بين بيت المتنبي وأبيات ديك الجن تؤكد وجود تجانس واختلاف بينهما، سنحاول تحديده.
فعلى المستوى المعجمي الصرف: تتكرر مجموعة من الوحدات المعجمية بنفس الحروف والأصوات في النموذجين معاً:
أبيات ديك الجن
بيت المتنبي
ليث- ليثاً
نيوب الليث- الليث
فيرى
رأيت
كما تربط علاقة الترادف بين بعض الكلمات الواردة في النموذجين:
أبيات ديك الجن
بيت المتنبي
يرى ضاحكاً
يبتسم
قلصت شفتاه
نيوب الليث بارزة
وهناك تشابه على مستوى البنية التركيبية، فالمتنبي يستعمل "إذا رأيت" وهذا التركيب مشابه لـ"وإذا شئت أن ترى" الذي يستعمله ديك الجن.
كما أن النموذجين يتجانسان على مستوى الدلالة.
انطلاقاً من العملية الوصفية السابقة، يمكن تحديد الآليات التي تتحكم في علاقة التناص بين المتنبي وديك الجن:
- آلية المماثلة : وتتحدد في تشابه النموذجين على عدة مستويات: المعجم، التركيب، الدلالة، وهذا يؤدي إلى حوار بين الشاعرين يطبعه احترام النموذج الأول وتكريسه.
- آلية التكثيف : إن الفرق الجوهري بين النموذجين يتمثل في خاصية التكثيف التي تميز بيت المتنبي، على المستوى الدلالي، بواسطة الاختزال وتجنب الحشو والتمطيط والتفصيل. ولا شك أن البحر كشكل عروضي قد ساعد المتنبي على تحقيق عنصر التكثيف.
- آلية التأليف : هناك عنصر آخر منح بيت المتنبي جمالية آسرة، يتحدد في طريقة التأليف بين الوحدات المعجمية وطبيعة العلاقات التركيبية التي تجمع بينها. ويمكن القول بتحفظ مرن، أن بيت المتنبي أقرب إلى بيت أبي تمام على مستوى التأليف.
والسلام عليكم
د. ماهر علوان
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني