لو كانت "ووترشيب داون" أو "هاري بوتر" قد استحوذت على انبهارك، فإن نظرة غير بعيدة جداً إلى الوراء ستستخرج بعض الكنوز الحقيقية
ــــــــــــــــــــــ
بقلم: إيريكا فاجنر
ترجمة: أحمد الأقطش
ــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
بقلم: إيريكا فاجنر
ترجمة: أحمد الأقطش
ــــــــــــــــــــــ
ليس من العسير أن نشرع في سَرد القائمة. فقد طُلب مِن كاتبة هذه السطور أن تختار أفضل الروايات التي صدرت بالإنجليزية على مدار السنوات الستين الماضية، وكان مِن حسن حظها أنها هنا في عام 2009 ترنو إلى عام 1949: فهو ذلك العام الذي صدرت فيه رواية أورويل "ألف وتسعمائة وأربع وثمانون". وفي بريطانيا في تلك السنة، كانت الحصص التموينية لم تزل قائمة. وفي الولايات المتحدة، تم افتتاح العمل الموسيقى الكاسح "جنوب الهادي" لرودجرز وهامرشتاين على مسرح برودواي. وفي خريف ذلك العام خرجت جمهورية الصين الشعبية إلى الوجود. لقد كان هذا العصر عصر الذرة، بداية العالم الحديث - أو هكذا نظن نحن المعاصرين. ولكن ماذا يعني ذلك للرواية – ولنا نحن أيضاً؟
قد نميل إلى الاعتقاد بأن الزمن في القرن الماضي خصيصاً قد تسارع في حركته بصورة أسرع مما كان عليه مع أسلافنا. هل نحن واهمون في تصورنا لهذا الأمر؟ لا أعتقد، وذلك إذا ما وضعنا في حسباننا وجود التكنولوجيا والتقدم التكنولوجي. إنني على أتم استعداد للرهان على أن أسلافنا مكثوا يستعملون أدواتهم الحجرية أجيالاً عدّة لفترة زمنية أطول من الفترة التي سنستخدم فيها الهواتف الذكية. أما إذا ما كان الأدب الرقمي سيُكتَب له البقاء مثلما بقيت ملحمة "جلجامش" محفوظة في الألواح الطينية، فليس هذا بالسؤال الهيّن.
هل ما زال لدى أيّ واحد منا الأقراص المرنة "فلوبي ديسك"؟ هذه هي النقطة التي أقصدها. إن "جلجامش"، تلك الملحمة الشعرية العتيقة من بلاد الرافدين والتي تُعدّ إحدى الكتابات الأدبية المبكرة في تاريخ الإنسانية، ما زالت في متناول الجمهور إلى يومنا هذا. وحكاية الرجل الذي يتعلَّم التواضع من عطايا الحب والصداقة، وهو يعاني من شعوره باقتراب وفاته ويبحث له عن علاج، تبدو مِن هذا الصنف من القصص الذي لا يملّ فيه البشر – ما داموا بشراً – مِن سَرد الحكايات والاستماع إليها. انظر إلى "جلجامش" بموازاة رواية كورماك مكارثي "الطريق" (2006) وستدرك ما أقصده.
وبيوولف، ذلك العمل الرائع من الأدب الأنجلوسكسوني، وصل إلينا في مخطوطة وحيدة محفوظة في المكتبة البريطانية، وقد التهمت النيران أطرافها في القرن الثامن عشر. لقد كان للصدفة دور إلى حد ما في الإبقاء على أدب الماضي. لكننا قادرون، ونحن في بواكير القرن الحادي والعشرين، أن نخمّن ما هي الأعمال التي صدرت مؤخراً وبمقدورها البقاء. وسوف أضع رهاني على القصة ذات الحيل البنائية: "جيم المحظوظ" لكنزلي (1954) بدلاً من "سهم الزمن" لمارتن (1991) على سبيل المثال. ومِمَّا يستحق المحاولة كذلك، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالمشهد الأدبي، أن نضع في الاعتبار أن الناطقين بالإنجليزية اطلاعهم محدود على الأعمال التي صدرت في الأصل باللغات الأخرى: فثلاثة بالمائة فقط من الكتب التي تصدر في هذا البلد هي من الكتب المترجمة. من هنا تبرز أهمية التطلع إلى ما هو أبعد من حدودنا اللغوية. ففي الوقت الذي يُحتفى فيه بالعمل العبقري "الأسد والساحرة وخزانة الملابس" (1950) أو "المفكّرة الذهبية" لدوريس ليسينج (1962)، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن ثلاثية نجيب محفوظ (1957)، أو "السيد ومارجريتا" لبولجاكوف (1967) بل وحتى "قصة واو" لبولين رياج (1954) هي أيضاً أعمال لها بصماتها المميزة.
ومع ذلك، فلن تكون هناك لائحة وحيدة لـ "أفضل ستين رواية في الستين سنة الماضية"، إذ ليس في مقدورك أن تُرضي جميع الناس في جميع الأوقات. ذلك أنّ ما تحب أن تقرأه إنما يعتمد على مَن تكون أنت، وما الذي جعلك تقرأ ما تقرأه، وأين كنتَ عندما اكتشفتَ الكتاب لأول مرة، ومَن الذي جعله في متناول يدك، وكيف كان شعورك في ذلك اليوم الذي قلّبتَ فيه أول صفحة، وهل كانت رائحة الصفحات تذكرك بالمكتبات في الماضي.
إن مجرد النظر إلى غلاف رواية "ووترشيب داون" لريتشارد آدامز (1972) يعيدني إلى ذلك الكوخ الصغير في يوركشاير الذي قضيتُ فيه إحدى الإجازات الصيفية مع بعض أصدقاء والدَيَّ، وكنتُ وقتها في التاسعة من عمري. لم يكن لديّ ما أقرأه، وكان هناك على الرف كتاب مرسوم على غلافه أرنب. ومن ساعتها، ومجرى حياتي تغيّر. (ملحوظة: أنا هنا أعيد ذِكر هذه القصة - وقد يلاحظ ذلك قرّاء "التايمز" المواظبون - وللأسف استخدمتُ كلمة "أرنوب" لوصف تلك الصورة المرسومة التي علقتُ عليها منذ عدة سنوات، وجاءتني رسالة صارمة من آدامز: أكّد فيها أنه لا يوجد ما يوصَف بالـ "أرنوب" على أي غلاف من أغلفة "ووترشيب داون"). فكِّر في أيّ كتاب وأراهنك على أنك أيضاً ستفكر أين وكيف قرأته لأول مرة. إننا نحمل قلوبنا معنا أينما حللنا، وهكذا الكتب تتلاءم تماماً مع دواخلنا.
إذن لماذا ستون عاماً؟ حسناً، لقد خرج إلى النور مهرجان التايمز شلتنهام الأدبي العريق في عام 1949. وهي ذكرى سنوية تستحق الاحتفال بها، وفرصة للتأمّل فيما كان وتوقّع ما سيكون. فهل سيكون المؤلفون الذين تتناقل أسماؤهم معارض الكتب هم ذات المؤلفين الذين سيتذكرهم التاريخ الأدبي؟ لست أملك جواباً على ذلك، بل الأمر يستحق مزيداً من التفكير. لقد فاز جون كينيدي تول، مؤلف الرواية الكلاسيكية "كونفدرالية التنابل"، بجائزة بولتزر عن هذا الكتاب، وذلك بعد وفاته بحوالي عشر سنوات. ولو أن بيوولف قد التهمتها تلك النيران، فما الذي كنا سنقرأه جميعاً الآن؟
وتقبلوا حضوري
بتول زبانيه
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني