أحطّ رحال عاميّ المضنى على بُعدِ وردة، وعند مرقد الشّمس ينتهي السفر، فتستريح الروح من رحلة التّيه الطويلة، ويتنفّس القلب المسكوب من بحر عينيكِ، ليحكي لكِ لواعج الفقد وأنّة الوحدة..
قضيت الأيام أسترق السّمع لهمس صوتك، تصفّحت كلّ الوجوه علّني ألمح وجهكِ، حدّقتُ في كلّ العيون أَمَلاً بأن أصدُفَ حزن مقلتيك، حملني الشّوق إلى كلّ مكان حللّتِ به، مقعدكِ الخالي، زهوركِ الذابلة، قهوتكِ الباردة، وسادتكِ الخالية، سرير أوجاعكِ الموغلِ في الصمت المؤبّد..
لطالما تسلّى قلبي ببعض البراءة التي تركتِها جمراً يكوي ضلوعي، فأراني أستجمع إرثك الطفوليّ ألملم دمعيّ المسفوح فوق الصّور القديمة، وأبسمُ فخوراً حين أتأمّل "ماكينة الخياطة العتيقة" وأراكِ تطرّزين مريلة مدرستي الأولى بإصرار المحبّ.
أحضن "بطاقة الهويّة" تزيّنها صورة لصبيّةٍ ما ابتسم العمر لها يوما، ولا أنصفها القدر، وتفرّ دمعة أخرى حين تطالعني "بطاقتكِ الانتخابيّة" لأدرك معها أنكِ ـ رغم الأميّة القسريّة التي فرضها عليكِ عرفُ الغباوة ـ كنتِ مؤمنةً بالرأيّ، معترضةً على منطق المصادرة وسياسة الإلغاء .. أشياؤك الجميلة يا أميّ أضحت متحفي الأحلى، وجوهريّ الأغلى، وبقية حياة، وجذوة فرح لا تنطفئ..
تطوف الرّوح في جنباتِ ذكراكِ وحين يعييني اليتم أجدني عند روضك جليس التراب وصديق الذكرى، أفرّ إليك، أحدّثك، أشكو لك وعثاء أيّامي، أبثّك سرّ نفسي، أقاسمك الوحدة، لأتوحّد بكِ يا أميّ..
هكذا قضيت أيامي غريبا، أخبئ حزني خشية أن يقتحمه الفضوليون، وأكفّف دمعي لئلا يسيء فهمه المفسرون، أتأبّط هذا الحزن كطفل يتخفّى بلعبته عن عيون أترابه، أوسّده شغاف قلبي حين ينام القلب، وأقفل عليه أهدابي المبلّلة حين تستسلم الجفون لهيبة العتمة ..
اليوم أطوي عام فراقك الأول، لكنّني ومهما تطاولت السنون سأبقى مغموراً في المشهديّة الأقسى، في تلك الليلة التي توقّف عندها الزمن، حين ضاق بي الكون ورحت أتحسّس نبضك المترّفع عن عالمنا المملوء بالخيبة، أتذكرين ؟ كيف همهمت روحي كحمامة طليقة تريد الهجرة الى فضاءات عينيك!
كيف أرادت أن تخلع لبوس الضيق لتلحق بروحك الهائمة في تباريح الانعتاق!..
ما زلت هناك، أقف عند الباب الموارب لا أستدبر الزّمن الجميل الذي احتواك، أولّي قلبي شطر البدايات والنهايات الحزينة..
ها أنا ذا أجمع قمح الأيام من بيادر السنين .. أدوّن سيرتك، أبوح للأوراق والأجيال بكلّ شيء، أحدّث الفصول عن امرأة كانت بكلّها حبّا، وإيثارا، وعطاء، وتضحية، وحزنا، ودمعا، وأوجاعا .. و مجدّداً على بُعدِ وردة أهمس في أذن الحبيبة: سأبقى هنا أنتظر قطار العمر يعيدني إليك ..
(تحية للوالدة الراحلة عفاف فران في سنويتها الأولى .. مع دمعي وحبي ) ..
منقولة عن الكاتب محمد قانصو
مع الشكر
ناظم عزت
قضيت الأيام أسترق السّمع لهمس صوتك، تصفّحت كلّ الوجوه علّني ألمح وجهكِ، حدّقتُ في كلّ العيون أَمَلاً بأن أصدُفَ حزن مقلتيك، حملني الشّوق إلى كلّ مكان حللّتِ به، مقعدكِ الخالي، زهوركِ الذابلة، قهوتكِ الباردة، وسادتكِ الخالية، سرير أوجاعكِ الموغلِ في الصمت المؤبّد..
لطالما تسلّى قلبي ببعض البراءة التي تركتِها جمراً يكوي ضلوعي، فأراني أستجمع إرثك الطفوليّ ألملم دمعيّ المسفوح فوق الصّور القديمة، وأبسمُ فخوراً حين أتأمّل "ماكينة الخياطة العتيقة" وأراكِ تطرّزين مريلة مدرستي الأولى بإصرار المحبّ.
أحضن "بطاقة الهويّة" تزيّنها صورة لصبيّةٍ ما ابتسم العمر لها يوما، ولا أنصفها القدر، وتفرّ دمعة أخرى حين تطالعني "بطاقتكِ الانتخابيّة" لأدرك معها أنكِ ـ رغم الأميّة القسريّة التي فرضها عليكِ عرفُ الغباوة ـ كنتِ مؤمنةً بالرأيّ، معترضةً على منطق المصادرة وسياسة الإلغاء .. أشياؤك الجميلة يا أميّ أضحت متحفي الأحلى، وجوهريّ الأغلى، وبقية حياة، وجذوة فرح لا تنطفئ..
تطوف الرّوح في جنباتِ ذكراكِ وحين يعييني اليتم أجدني عند روضك جليس التراب وصديق الذكرى، أفرّ إليك، أحدّثك، أشكو لك وعثاء أيّامي، أبثّك سرّ نفسي، أقاسمك الوحدة، لأتوحّد بكِ يا أميّ..
هكذا قضيت أيامي غريبا، أخبئ حزني خشية أن يقتحمه الفضوليون، وأكفّف دمعي لئلا يسيء فهمه المفسرون، أتأبّط هذا الحزن كطفل يتخفّى بلعبته عن عيون أترابه، أوسّده شغاف قلبي حين ينام القلب، وأقفل عليه أهدابي المبلّلة حين تستسلم الجفون لهيبة العتمة ..
اليوم أطوي عام فراقك الأول، لكنّني ومهما تطاولت السنون سأبقى مغموراً في المشهديّة الأقسى، في تلك الليلة التي توقّف عندها الزمن، حين ضاق بي الكون ورحت أتحسّس نبضك المترّفع عن عالمنا المملوء بالخيبة، أتذكرين ؟ كيف همهمت روحي كحمامة طليقة تريد الهجرة الى فضاءات عينيك!
كيف أرادت أن تخلع لبوس الضيق لتلحق بروحك الهائمة في تباريح الانعتاق!..
ما زلت هناك، أقف عند الباب الموارب لا أستدبر الزّمن الجميل الذي احتواك، أولّي قلبي شطر البدايات والنهايات الحزينة..
ها أنا ذا أجمع قمح الأيام من بيادر السنين .. أدوّن سيرتك، أبوح للأوراق والأجيال بكلّ شيء، أحدّث الفصول عن امرأة كانت بكلّها حبّا، وإيثارا، وعطاء، وتضحية، وحزنا، ودمعا، وأوجاعا .. و مجدّداً على بُعدِ وردة أهمس في أذن الحبيبة: سأبقى هنا أنتظر قطار العمر يعيدني إليك ..
(تحية للوالدة الراحلة عفاف فران في سنويتها الأولى .. مع دمعي وحبي ) ..
منقولة عن الكاتب محمد قانصو
مع الشكر
ناظم عزت
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني