أحكام نائب الفاعل:
لنائب الفاعل أحكام الفاعل، وهذه باختصار:
1- لا يحذف عامله إلا لقرينة، ويكون حذفه إما جائز، أو واجب.
أ- الحذف الجائز نحو: من جُلد؟، فنقول: اللص، جوابا للسؤال، فـ (اللص) نائب فاعل للفعل المحذوف (مجهول الفاعل)، وتقديره: جُلد.
ب- الحذف الواجب: وهو أن يتأخر عنه فعل يفسره. نحو قوله تعالى: {وإذا الأرض مدت}. فـ (الأرض ) نائب فاعل لفعل محذوف وجوباً يفسره الفعل بعده.
أو جاء بعد إذا الفجائية. نحو: خرجت فإذا القاتلُ يُشنق. فـ (القاتل) نائب فاعل لفعل محذوف وجوباً بعد إذا الفجائية يسفر الفعل بعده.
2- تأنيث عامله إذا كان مؤنثاً (انظر التفصيل في باب الفاعل، فما يطبق على الفاعل يطبق على نائبه):
أ- جواز التأنيث: نحو قوله تعالى: {ولا يقبل منها شفاعة}. وقوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين}.
ب- وجوب التأنيث: نحو قوله تعالى: { وجدوا بضاعتهم ردت إليهم }. وقوله تعالى: {وإذا الصحف نشرت }.
3- لا يثنى العامل ولا يجمع مع نائب الفاعل المثنى، أو الجمع إذا تقدم العامل على نائب الفاعل، مثل: يكرم الطالب، ويكرم الطالبان، ويكرم الطلاب. أما إذا تقدم نائب الفاعل على عامله فإنه يطابقه في التثنية والجمع، مثل: الطالب يكرم، الطالبان يكرمان، الطلاب يكرمون.
فوائد وتنبيهات
1- إذا كان الفعل الذي يراد بنائه للمجهول من الأفعال التي تنصب مفعولين من باب (أعطى)، ففي إقامة (إنابة) المفعول الثاني عن الفاعل دون الأول أقوال نستعرضها للفائدة.
أ- أصح هذه الأقوال وعليه الجمهور: الجواز إذا أمن اللبس. نحو: أُعْطِيَ مالٌ الفقيرَ. والأحسن إقامة المفعول به الأول (أُعطِي الفقيرُ مالاً). وأصل الجملة: أعطى الغني الفقير مالاً.
ب- منع تقديم المفعول به الثاني على الأول ليحل محل الفاعل المحذوف.
ج- منع تقديم الثاني إذا كان الثاني نكرة والأول معرفة، لأن المعرفة أولى بالرفع قياساً على باب (كان).
د- أما الكوفيون فقالوا: إذا كان الثاني نكرة والأول معرفة فتقديم الأول قبيح، نحو: أُعطِيَ مالٌ الفقير (قبّحوه). وإذا تساويا في التعريف كانا في الحسن سواء. نحو: أعطِيَ الفقيرُ المالَ أو أعطيَ المالُ الفقيرَ.
2- وإن كان الفعل الذي ينصب مفعولين من باب (ظن)، أو (أعلم) الذي ينصب ثلاثة مفاعيل ففي المفعول به الثاني إذا تقدم ليحل محل الفاعل أقوال، وهي على النحو التالي:
أ- جواز التقديم إذا أمن اللبس، ولم يكن جملة ولا ظرفاً، مع أن الأحسن إقامة الأول. نحو: ظُنَّ مسافرٌ خالداً. والأصل: ظننتُ خالداً مسافراً. ونحو: أُعلم النبأُ أحمدَ صحيحاً. والأصل: أعلم محمدٌ أحمدَ النبأَ صحيحاً.
ب- امتناع التقديم إذا وقع اللبس. نحو: ظُنّ صديقُك زيداً. بل يجب أن نقول: ظُنَّ زيدٌ صديقَك. وأعلِمَ علياً الرجلُ مسافراً. بل نقول: أعلِمَ الرجلُ عليّاً مسافراً. أو كان جملة، نحو: أُعلم أخاك صديقه في المنزل. بل نقول: أعلِمَ أخوك صديقَه في المنزل. أو ظرفاً. نحو: ظُنَّ فوقَ المكتب كتاباً. بل نقول: ظُنَّ كتابٌ فوقَ المكتب.
ج- منع تقديم المفعول به الثاني مطلقاً، وتقديم الأول، لأنه مبتدأ في الأصل، وهو أشبه بالفاعل، فكان بالنيابة عنه أولى.
د- الجواز بالشروط السابقة، وبشرط ألا يكون نكرة. فلا يجوز نحو: ظن قائمٌ الرجلَ. وإنما ظُنَّ الرجلُ قائماً.
3- وإذا كان الفعل من باب (اختار) ففي تقديم مفعوله الثاني قولان هما:
أ- تعيين تقديم الأول، وقال به أبو حيان وعليه الجمهور، لأنه تعدى إليه بنفسه. مثل: اختير الشابُّ معلماً. وأصل الجملة: اختارت الوزارةُ الشاب معلماً.
ب- امتناع تقديم الثاني، فلا يجوز نحو: اختير محمدٌ الطلابَ. وأصل الجملة: اختار الطلاب محمداً.
4- أما القول في تقديم غير المفعول به مع وجوده ليحل محل الفاعل ففيه أقوال أيضاً:
أ- يمتنع تقديم غير المفعول به إذا كان موجوداً لأنه شريك الفاعل، وقال بهذا الرأي البصريون.
ب- والكوفيون والأخفش، وابن مالك لم يمنعوا التقديم لوروده في قراءة أبي جعفر لقوله تعالى { ليُجْزى أقواماً بما كانوا يكسِبون }. وقراءة عاصم لقوله تعالى: { نُجِّى المؤمنين }.
ومنه قول جرير :
ولو ولدت فقيرة جرو كلب لَسُبَّ بذلك الجروِ الكلابا
وكان حق الشاعر أن يسند الفعل (سب) إلى الكلاب، لأنه يتعدى إليه بغير حرف الجر، وكان الأصل أن يقول: لسُبَّ الكلابُ بذلك الجرو، ولكنه قدم المعمول الثاني للفعل المتعدى إليه وهو " بذلك " ، وقد عد صحاب كتاب لباب الإعراب هذا البيت من الشواذ، وقال عنه ابن جني في خصائصه إنه ضرورة من أقبح الضرورات(1).
5- إذا نصب الفعل أكثر من مفعول به كأن ينصب مفعولين أو ثلاثة أقيم الأول مقام الفاعل المحذوف على الوجه الصحيح، أو أحدها كما أوضحنا آنفاً، وفي نصب المفاعيل الباقية وجوه نذكرها.
أ- أن ناصب المفاعيل الباقية هو الفعل مجهول الفاعل كما ذكر سيبويه وجمهور النحاة.
ب- أن المفاعيل الباقية منصوبة على أصلها بفعل الفاعل عندما كان الفعل معلوم الفاعل، وقال بهذا الرأي الزمخشري.
ج- وذهب الفراء وابن كيسان على أن هذه المفاعيل منصوبة بفعل مقدر تقديره: قََبِِلَ، أو أخذ.
د- وقال الزجاجي أنها انتصبت على أنها أخبار ما لم يُسمَّ فاعلها كما في: كان عليٌّ واقفاً.
6- أما المفعول لأجله، ففيه وجهان أيضاً:
أ- لا يجوز نيابته عن الفاعل إذا كان منصوباً باتفاق جمهور النحويين. كما لو قلنا يَدرُسُ الطالبُ الدرسَ طلباً للنجاح، فلا يصح القول: يُدرسُ طلبُ للنجاح الدرسَ. وإنما يُدرسُ الدرسُ طلباً للنجاح.
ب- فإذا كان المفعول لأجله مجروراً بالحرف، ففيه قولان:
1- لا يصح تقديمه لأن المجرور لا يقام، ولأنه بيان لعلة الشيء، وذلك لا يكون إلا بعد ثبوت الفعل بمرفوعه. مثل: يُدرس بهدف النجاحِ الدرسَ.
2- قيل بجواز تقديمه بناءً على جواز إقامة المجرور.
7- كما لا يجوز إقامة التمييز مقام الفاعل المحذوف، وقد جوزه الكسائي، وهشام. فلا يقال: اُمْتُلِئ رجال ٌ. باعتبار أصل جملتها معلومة الفاعل: امتلأت الدار رجالاً.
ومجمل القول كما ذكر أبو حيان: لا يقام في هذا الباب مفعول لأجله، ولا مفعول معه، ولا حال، ولا تمييز، لأنها لا يتسع فيها بخلاف المصدر.
نماذج من الإعراب
1- قال تعالى: { كُتِبَ عليكم القتالُ } .
كتب : فعل ماض (مجهول فاعله)، مبني على الفتح.
عليكم : جار ومجرور متعلقان بالفعل كتب.
القتال : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
2- قال تعالى: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} .
فإن: الفاء استئنافية، وإن حرف شرط جازم.
أحصرتم: فعل ماض (مجهول فاعله)، مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب (ت) في محل جزم فعل الشرط، والتاء: ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، والميم علامة الجمع .
فما: الفاء واقعة في جواب الشرط، وما اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير: فعليكم ما استيسر.
وجملة ما في محل جزم جواب الشرط .
استيسر: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره: هو، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
من الهدي: جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال، والتقدير: كان من الهدي.
3- قال الشاعر: فإذا شربت فإنني مستهلك مالي وعرضي وافر لم يُكلم
فإذا : الفاء حرف استئناف، وإذا حرف شرط غير جازم، مبني على السكون في محل نصب على الظرفية.
شربت: فعل وفاعل، والمفعول به محذوف. والجملة الفعلية في محل جر بالإضافة.
فإنني: الفاء واقعة في جواب الشرط، وإن حرف توكيد ونصب، والنون للوقاية، والضمير المتصل في محل نصب اسمها.
مستهلك: خبر إن مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره: أنا لأنه اسم فاعل يعمل عمل فعله المبني للمعلوم.
وجملة إنني مستهلك لا محل لها من الإعراب جواب شرط غير جازم.
وجملة إذا وما في حيزها لا محل لها من الإعراب مستأنفة .
مالي: مفعول به لمستهلك وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، ومال مضاف، وياء المتكلم ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
وعرضي: الواو واو الحال، وعرض مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة.
وافر: خبر مرفوع بالضمة، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المستتر في مستهلك، أو من ياء المتكلم المتصلة بمالي، والرابط الواو والضمير.
لم يكلم: لم حرف نفي وجزم وقلب، ويكلم فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لمناسبة الروي، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على عرض.
والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب مفسرة لوافر، أو هي في محل رفع خبر ثان للمبتدأ عرضي.
4- قال تعالى: { وما أرسلوا عليهم حافظين }.
وما: الواو واو الحال، وما نافية لا عمل لها.
أرسلوا: فعل ماض (مجهول فاعله)، مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
والجملة في محل نصب حال من الواو في قالوا في الآية السابقة.
عليهم: جار ومجرور متعلقان بحافظين.
حافظين: حال منصوبة وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم.
5- قال تعالى: { قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن } .
قل: فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر وجوباً تقديره: أنت .
أوحي: فعل ماض (مجهول فاعله) مبني على الفتح.
إليّ: جار ومجرور متعلقان بأوحي .
أنه: أنّ واسمها.
استمع: فعل ماض مبني على الفتح.
نفر: فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة (أنّ وما في حيزها) في محل رفع نائب فاعل .
6- قال تعالى: { ولمَّا سقط في أيديهم }.
ولما: الواو حرف استئناف، ولما ظرفية بمعنى " حين " متضمنة معنى الشرط غير جازمة، مبنية على السكون في محل نصب.
سقط: فعل ماض (مجهول فاعله) مبني على الفتح.
في أيديهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعل، وأيدي مضاف والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
وجملة لما وما في حيزها لا محل لها من الإعراب مستأنفة.
7- وُقِفَ أمامُ الإشارة.
وُقف: فعل ماضٍ مبني على الفتح، مجهول فاعله.
أمامُ: نائب فاعل مرفوع علامته الضمة وهو مضاف.
الإشارة: مضاف إليه مجرور علامته الكسرة .
8- نُظِر في الشكوى:
نُظِرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتح مجهول فاعله .
في الشكوى: شبه جملة جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل .
9- مطلوب موظفون:
مطلوب: مبتدأ مرفوع علامته توين الضم (ومطلوب صرفياً اسم مفعول) .
موظفون: نائب فاعل مرفوع وعلامته الواو ( سدَّ مَسَدَّ الخبرِ ).
10- الشعوبُ مقهورة آمالُها.
الشعوب: مبتدأ مرفوع علامته الضمة .
مقهورة: مبتدأ ثانٍ مرفوع علامته تنوين الضم، ومقهور صرفياً اسم مفعول.
آمالُ: نائب فاعل لاسم المفعول مرفوع علامته الضمة، سدّ مسد خبر المبتدأ الثاني، وهو مضاف.
ها: ضمير مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والجملة الإسمية (مقهورة آمالها) في محل رفع خبر المبتدأ الأول (الشعوب).
(1) لباب الإعراب للإسفراييني ص 241 .
لنائب الفاعل أحكام الفاعل، وهذه باختصار:
1- لا يحذف عامله إلا لقرينة، ويكون حذفه إما جائز، أو واجب.
أ- الحذف الجائز نحو: من جُلد؟، فنقول: اللص، جوابا للسؤال، فـ (اللص) نائب فاعل للفعل المحذوف (مجهول الفاعل)، وتقديره: جُلد.
ب- الحذف الواجب: وهو أن يتأخر عنه فعل يفسره. نحو قوله تعالى: {وإذا الأرض مدت}. فـ (الأرض ) نائب فاعل لفعل محذوف وجوباً يفسره الفعل بعده.
أو جاء بعد إذا الفجائية. نحو: خرجت فإذا القاتلُ يُشنق. فـ (القاتل) نائب فاعل لفعل محذوف وجوباً بعد إذا الفجائية يسفر الفعل بعده.
2- تأنيث عامله إذا كان مؤنثاً (انظر التفصيل في باب الفاعل، فما يطبق على الفاعل يطبق على نائبه):
أ- جواز التأنيث: نحو قوله تعالى: {ولا يقبل منها شفاعة}. وقوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين}.
ب- وجوب التأنيث: نحو قوله تعالى: { وجدوا بضاعتهم ردت إليهم }. وقوله تعالى: {وإذا الصحف نشرت }.
3- لا يثنى العامل ولا يجمع مع نائب الفاعل المثنى، أو الجمع إذا تقدم العامل على نائب الفاعل، مثل: يكرم الطالب، ويكرم الطالبان، ويكرم الطلاب. أما إذا تقدم نائب الفاعل على عامله فإنه يطابقه في التثنية والجمع، مثل: الطالب يكرم، الطالبان يكرمان، الطلاب يكرمون.
فوائد وتنبيهات
1- إذا كان الفعل الذي يراد بنائه للمجهول من الأفعال التي تنصب مفعولين من باب (أعطى)، ففي إقامة (إنابة) المفعول الثاني عن الفاعل دون الأول أقوال نستعرضها للفائدة.
أ- أصح هذه الأقوال وعليه الجمهور: الجواز إذا أمن اللبس. نحو: أُعْطِيَ مالٌ الفقيرَ. والأحسن إقامة المفعول به الأول (أُعطِي الفقيرُ مالاً). وأصل الجملة: أعطى الغني الفقير مالاً.
ب- منع تقديم المفعول به الثاني على الأول ليحل محل الفاعل المحذوف.
ج- منع تقديم الثاني إذا كان الثاني نكرة والأول معرفة، لأن المعرفة أولى بالرفع قياساً على باب (كان).
د- أما الكوفيون فقالوا: إذا كان الثاني نكرة والأول معرفة فتقديم الأول قبيح، نحو: أُعطِيَ مالٌ الفقير (قبّحوه). وإذا تساويا في التعريف كانا في الحسن سواء. نحو: أعطِيَ الفقيرُ المالَ أو أعطيَ المالُ الفقيرَ.
2- وإن كان الفعل الذي ينصب مفعولين من باب (ظن)، أو (أعلم) الذي ينصب ثلاثة مفاعيل ففي المفعول به الثاني إذا تقدم ليحل محل الفاعل أقوال، وهي على النحو التالي:
أ- جواز التقديم إذا أمن اللبس، ولم يكن جملة ولا ظرفاً، مع أن الأحسن إقامة الأول. نحو: ظُنَّ مسافرٌ خالداً. والأصل: ظننتُ خالداً مسافراً. ونحو: أُعلم النبأُ أحمدَ صحيحاً. والأصل: أعلم محمدٌ أحمدَ النبأَ صحيحاً.
ب- امتناع التقديم إذا وقع اللبس. نحو: ظُنّ صديقُك زيداً. بل يجب أن نقول: ظُنَّ زيدٌ صديقَك. وأعلِمَ علياً الرجلُ مسافراً. بل نقول: أعلِمَ الرجلُ عليّاً مسافراً. أو كان جملة، نحو: أُعلم أخاك صديقه في المنزل. بل نقول: أعلِمَ أخوك صديقَه في المنزل. أو ظرفاً. نحو: ظُنَّ فوقَ المكتب كتاباً. بل نقول: ظُنَّ كتابٌ فوقَ المكتب.
ج- منع تقديم المفعول به الثاني مطلقاً، وتقديم الأول، لأنه مبتدأ في الأصل، وهو أشبه بالفاعل، فكان بالنيابة عنه أولى.
د- الجواز بالشروط السابقة، وبشرط ألا يكون نكرة. فلا يجوز نحو: ظن قائمٌ الرجلَ. وإنما ظُنَّ الرجلُ قائماً.
3- وإذا كان الفعل من باب (اختار) ففي تقديم مفعوله الثاني قولان هما:
أ- تعيين تقديم الأول، وقال به أبو حيان وعليه الجمهور، لأنه تعدى إليه بنفسه. مثل: اختير الشابُّ معلماً. وأصل الجملة: اختارت الوزارةُ الشاب معلماً.
ب- امتناع تقديم الثاني، فلا يجوز نحو: اختير محمدٌ الطلابَ. وأصل الجملة: اختار الطلاب محمداً.
4- أما القول في تقديم غير المفعول به مع وجوده ليحل محل الفاعل ففيه أقوال أيضاً:
أ- يمتنع تقديم غير المفعول به إذا كان موجوداً لأنه شريك الفاعل، وقال بهذا الرأي البصريون.
ب- والكوفيون والأخفش، وابن مالك لم يمنعوا التقديم لوروده في قراءة أبي جعفر لقوله تعالى { ليُجْزى أقواماً بما كانوا يكسِبون }. وقراءة عاصم لقوله تعالى: { نُجِّى المؤمنين }.
ومنه قول جرير :
ولو ولدت فقيرة جرو كلب لَسُبَّ بذلك الجروِ الكلابا
وكان حق الشاعر أن يسند الفعل (سب) إلى الكلاب، لأنه يتعدى إليه بغير حرف الجر، وكان الأصل أن يقول: لسُبَّ الكلابُ بذلك الجرو، ولكنه قدم المعمول الثاني للفعل المتعدى إليه وهو " بذلك " ، وقد عد صحاب كتاب لباب الإعراب هذا البيت من الشواذ، وقال عنه ابن جني في خصائصه إنه ضرورة من أقبح الضرورات(1).
5- إذا نصب الفعل أكثر من مفعول به كأن ينصب مفعولين أو ثلاثة أقيم الأول مقام الفاعل المحذوف على الوجه الصحيح، أو أحدها كما أوضحنا آنفاً، وفي نصب المفاعيل الباقية وجوه نذكرها.
أ- أن ناصب المفاعيل الباقية هو الفعل مجهول الفاعل كما ذكر سيبويه وجمهور النحاة.
ب- أن المفاعيل الباقية منصوبة على أصلها بفعل الفاعل عندما كان الفعل معلوم الفاعل، وقال بهذا الرأي الزمخشري.
ج- وذهب الفراء وابن كيسان على أن هذه المفاعيل منصوبة بفعل مقدر تقديره: قََبِِلَ، أو أخذ.
د- وقال الزجاجي أنها انتصبت على أنها أخبار ما لم يُسمَّ فاعلها كما في: كان عليٌّ واقفاً.
6- أما المفعول لأجله، ففيه وجهان أيضاً:
أ- لا يجوز نيابته عن الفاعل إذا كان منصوباً باتفاق جمهور النحويين. كما لو قلنا يَدرُسُ الطالبُ الدرسَ طلباً للنجاح، فلا يصح القول: يُدرسُ طلبُ للنجاح الدرسَ. وإنما يُدرسُ الدرسُ طلباً للنجاح.
ب- فإذا كان المفعول لأجله مجروراً بالحرف، ففيه قولان:
1- لا يصح تقديمه لأن المجرور لا يقام، ولأنه بيان لعلة الشيء، وذلك لا يكون إلا بعد ثبوت الفعل بمرفوعه. مثل: يُدرس بهدف النجاحِ الدرسَ.
2- قيل بجواز تقديمه بناءً على جواز إقامة المجرور.
7- كما لا يجوز إقامة التمييز مقام الفاعل المحذوف، وقد جوزه الكسائي، وهشام. فلا يقال: اُمْتُلِئ رجال ٌ. باعتبار أصل جملتها معلومة الفاعل: امتلأت الدار رجالاً.
ومجمل القول كما ذكر أبو حيان: لا يقام في هذا الباب مفعول لأجله، ولا مفعول معه، ولا حال، ولا تمييز، لأنها لا يتسع فيها بخلاف المصدر.
نماذج من الإعراب
1- قال تعالى: { كُتِبَ عليكم القتالُ } .
كتب : فعل ماض (مجهول فاعله)، مبني على الفتح.
عليكم : جار ومجرور متعلقان بالفعل كتب.
القتال : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
2- قال تعالى: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} .
فإن: الفاء استئنافية، وإن حرف شرط جازم.
أحصرتم: فعل ماض (مجهول فاعله)، مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب (ت) في محل جزم فعل الشرط، والتاء: ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، والميم علامة الجمع .
فما: الفاء واقعة في جواب الشرط، وما اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير: فعليكم ما استيسر.
وجملة ما في محل جزم جواب الشرط .
استيسر: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره: هو، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
من الهدي: جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال، والتقدير: كان من الهدي.
3- قال الشاعر: فإذا شربت فإنني مستهلك مالي وعرضي وافر لم يُكلم
فإذا : الفاء حرف استئناف، وإذا حرف شرط غير جازم، مبني على السكون في محل نصب على الظرفية.
شربت: فعل وفاعل، والمفعول به محذوف. والجملة الفعلية في محل جر بالإضافة.
فإنني: الفاء واقعة في جواب الشرط، وإن حرف توكيد ونصب، والنون للوقاية، والضمير المتصل في محل نصب اسمها.
مستهلك: خبر إن مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره: أنا لأنه اسم فاعل يعمل عمل فعله المبني للمعلوم.
وجملة إنني مستهلك لا محل لها من الإعراب جواب شرط غير جازم.
وجملة إذا وما في حيزها لا محل لها من الإعراب مستأنفة .
مالي: مفعول به لمستهلك وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، ومال مضاف، وياء المتكلم ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
وعرضي: الواو واو الحال، وعرض مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة.
وافر: خبر مرفوع بالضمة، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المستتر في مستهلك، أو من ياء المتكلم المتصلة بمالي، والرابط الواو والضمير.
لم يكلم: لم حرف نفي وجزم وقلب، ويكلم فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لمناسبة الروي، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على عرض.
والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب مفسرة لوافر، أو هي في محل رفع خبر ثان للمبتدأ عرضي.
4- قال تعالى: { وما أرسلوا عليهم حافظين }.
وما: الواو واو الحال، وما نافية لا عمل لها.
أرسلوا: فعل ماض (مجهول فاعله)، مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
والجملة في محل نصب حال من الواو في قالوا في الآية السابقة.
عليهم: جار ومجرور متعلقان بحافظين.
حافظين: حال منصوبة وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم.
5- قال تعالى: { قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن } .
قل: فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر وجوباً تقديره: أنت .
أوحي: فعل ماض (مجهول فاعله) مبني على الفتح.
إليّ: جار ومجرور متعلقان بأوحي .
أنه: أنّ واسمها.
استمع: فعل ماض مبني على الفتح.
نفر: فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة (أنّ وما في حيزها) في محل رفع نائب فاعل .
6- قال تعالى: { ولمَّا سقط في أيديهم }.
ولما: الواو حرف استئناف، ولما ظرفية بمعنى " حين " متضمنة معنى الشرط غير جازمة، مبنية على السكون في محل نصب.
سقط: فعل ماض (مجهول فاعله) مبني على الفتح.
في أيديهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعل، وأيدي مضاف والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه .
وجملة لما وما في حيزها لا محل لها من الإعراب مستأنفة.
7- وُقِفَ أمامُ الإشارة.
وُقف: فعل ماضٍ مبني على الفتح، مجهول فاعله.
أمامُ: نائب فاعل مرفوع علامته الضمة وهو مضاف.
الإشارة: مضاف إليه مجرور علامته الكسرة .
8- نُظِر في الشكوى:
نُظِرَ: فعل ماضٍ مبني على الفتح مجهول فاعله .
في الشكوى: شبه جملة جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل .
9- مطلوب موظفون:
مطلوب: مبتدأ مرفوع علامته توين الضم (ومطلوب صرفياً اسم مفعول) .
موظفون: نائب فاعل مرفوع وعلامته الواو ( سدَّ مَسَدَّ الخبرِ ).
10- الشعوبُ مقهورة آمالُها.
الشعوب: مبتدأ مرفوع علامته الضمة .
مقهورة: مبتدأ ثانٍ مرفوع علامته تنوين الضم، ومقهور صرفياً اسم مفعول.
آمالُ: نائب فاعل لاسم المفعول مرفوع علامته الضمة، سدّ مسد خبر المبتدأ الثاني، وهو مضاف.
ها: ضمير مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والجملة الإسمية (مقهورة آمالها) في محل رفع خبر المبتدأ الأول (الشعوب).
(1) لباب الإعراب للإسفراييني ص 241 .
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني