رسالة من أرض الأندلس إلى لسان الدين بن الخطيب
يا ابن الخطيب سماؤنا قد أمْحلت
والجدْب عَمّ على الكثيب الأوْعس
وغمـامنـا صِفرٌ، فلا مـاءٌ به
لتجـود بالغيث السمـا ما تَحْبِسِ
والنـاسُ تأكل بعضهـا ممّا بقي
من حَوْصَلٍ بغِـلالها المتكـدِّس
أين المروءة قد تـوراتْ بعـدكم
ذَهبتْ شـواهدُها بطيبِ الأنفس
والسـالفون زمـانُهم ما لامستْ
فيه النفـوسُ زمانَنا في الملمس
حُقُبـاً تعـود على الدنا بجهالةٍ
بين المنى أو هـاجس المتوجِّس
وخطوبنا عـادت لسالف عهدها
للجـاهليةِ رَهْنَ حـالٍ أشـرسِ
مِن بعد أندلسِ العـروبة ذلكـم
هو حالنـا في زِيِّ ذُلٍ قد كُسيْ
أَطربتَ أندلساً بشعـرك إنمـا
أدميتَ آلامـاً بهـاكِ الأنفـس
أمّا أنـا، فلقد رُوُيتُ مصـائباً
بحكـايةٍ أَسمِعْ بها مَن قد نسي
إني أنا الأرض الفسيحُ فضاؤها
يحنو إليها خـافقُ المستـأنس
قد كنتُ أندلساً تحـاكي مجدها
سيـرُ البطـولة دون أي تَدَلُّس
بالأمس كنـتُ المستقرَّ لأهلـه
والأمنُ كلُّ الأمن كان بِمَدرسي
وحَبَـا الكريمُ حدائقي بجنانهـا
سحراً تجلّى كالجـواري الكُنَّس
كنتُ الرَحوب مجالساً أكرمْ بها
من خيرة العلمـاء ذلك مجلسي
نزلت عليهـم رحمـة وسكينة
من واهب الرّحْمـاء والمتقدَّس
والفاتحون جحافلاً ضجّت بهم
تلك الدنـا من وقع حر أكْيَس
هو طارق بن زياد مفخرنا به
وحماسةِ ابنِ نُصيرَ أيَّ تحمُّس
واليوم أبكي الأمس في أطلاله
ذهبتْ بذل القـاعس المتنكِّس
واليوم أندلسي، فمـا بقيت بها
غيرُ الدموع إذا بقينَ بمَحْبَسي
في كل شبرٍ من تـرابي قصة
يحكي بها تَعِسٌ بفيـه الأتعس
ما هزَّ عِطْفي إن أتـاني باغيٌ
أو كنتُ منه رهينةً للعَسْعَـس
لكنَّ باعتيْ من ضفـائر يَعرُبٍ
يشرونني بالبخـس بل بالأبخس
ضاقوا برحب مساحتي حتى غدوا
يشكون ضيق مسـاحة المتنفّس
كم سـاءني طغيانُ أمـةِ يعربٍ
بتخاذلٍ... وتقاعسٍ... وتخنُّس!!
ولكمْ طغا (صهيون) في كُرُباته
دهراً، ولم أبْصُر بأي منفِّس!!
أنّى يجـود الغيث في بركـاته
يا ابن الخطيب وما بنا من كيِّس؟!
إنـي هُويـةُ أمـة آلامهــا
مُلئت بها سـاحاتُها في الأطلس
وأنا فلسطيـن الأبيـة نـابهـا
رجس اليهود بطهر بيت المقدس
وأنا بغزّةَ حـوصرت أوجـاعنا
بجدارِ (فولاذٍ) ... وبغيِ مدنِّس
وأنـا العـراق دماؤه أروي بها
ما قد حُبستُ من الغمام الأبخس
وأنا هـي الصومال أنعاني بها
فيهـا ديـاجير الهجيع الحِندِس
وأنا تـراب العُرب في أوطانهم
دُنِّستُ من جرم البغي الأنجـس
لا تبكِ لي يا ابن الخطيب فإنني
في حـالة تشكـو بها للأخرس
فمتـى تجـود سماؤنا بعطائها
من غيثها بالسَّحِّ طاب لمَأنسي؟
ومتى تجود الأرض في نعمائها
بالخير عَمَّ على نَتَاج المَغْرَس؟
ومتى أعود إلى الأنام عزيزة
أُكسَى براعمَ عوسجٍ أو نرجس؟
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني