من طرف فتون شاهين الخميس ديسمبر 29, 2011 9:06 am
قامت كل الحضارات المرتبطة بازدهار الشعوب على أساس واحد كان هو الرابط بين النظرية والتطبيق، فهو قناة الاتصال بين عناصر بناء أي حضارة في الكون. فاللغة لها أثرها البالغ في نمو حضارة شعبها ورقيّهم، فهي الرابط الذي يربط أي نظرية بتطبيقاتها فكلّما كان هذا الرابط قوياً شديداً صلباً كان الخلل فيه والدمار معدوما، وكلما كانت قناة الاتصال التي يتم من خلالها التراسل والاستقبال للمعلومة سليمة كان الاتصال بين العناصر المكونة للمجتمع والحضارة سليما.
ولهذا تستطيع العبارة أن تفسر حالها بأن اللغة هي أساس لقيام أي حضارة ورقي أي شعب، وللمقولة السابقة تم استعراض اللغة العربية كلغة للحضارات والمستقبل المشرق والماضي المبهر، فما تحتويه هذه اللغة من قوة ومتانة وصلابة في المتن وجمال في الفن وسلاسة في التحكم والإخراج وإبداع فني في الخطاب يجعل منها لغة عصرية حضارية ولإثبات هذا من صلب الموضوع والمكان، يقول العالم والمؤرخ والفيلسوف الفرنسي ’’كوستافلوبون‘‘: ’’إن اللغة العربية أصبحت اللغة العالمية في جميع الأقطار التي دخلها العرب حيث خلفت تماماً اللهجات التي كانت مستعملة في تلك البلاد كالسريانية واليونانية والقبطية والبربرية.. ووقع نفس الحادث كذلك في فارس مدة طويلة، ورغم انبعاث الفارسية بقيت اللغة العربية لغة جميع المثقفين‘‘ وقد أكّد أيضاً ’’بأن الفرس يدرسون اليوم -أي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي- العلوم والدينيات والتاريخ في مصنفات عربية «وعند وصف اللغة على لسان ’’فيكتور بيرار‘‘ في القرن الرابع الهجري حيث يقول: ’’بأنها أغنى وأسطع وأقوى وأرق وأمكن وأكثر اللهجات الإنسانية مرونة وروعه، فهي كنز يزخر بالمفاتن ويفيض بسحر الخيال وعجيب المجاز رقيق الحاشية مهذّب الجوانب رائع التصوير، وأعجب ما في الأمر أن البدو كانوا هم سدنة هذه الذخائر وجهابذة النثر العربي جبلة وطبعاً، ومنهم استمد كل الشعراء ثراءهم اللغوي وعبقريتهم في القريض‘‘ فهذه حقيقة اللغة العربية من أفواه بعض المفكرين الغربيين والتي لا تدع مجالا للشك في قوة هذه اللغة وصلاحيتها وقوة تحملها لأي مكان أو زمان.
ويستخلص مما سبق ذكره سبب من أسباب نزول القرآن الكريم باللغة العربية ليكون معجزة رسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلّم بين أقوم الناس في العربية، ومعجزة باقية لدين الإسلام ما بقي القرآن. فالمتبحر في قوة اللغة العربية يعلم أن قوتها في الدين المرتبط بها وقوة الدين في هذه اللغة. فاللغة العربية هي أداة التشريع والحُكم والتحليل والتحريم في الإسلام، إذاً فالرابط هنا بين الإسلام واللغة العربية رابط قوي جداً وبينهم علاقة طردية أكبر. فيصعب القول إن في انحطاط اللغة قوة للإسلام أو في ضعف الإسلام قوة للغة فهذا الأمر مرفوض تماماً لدى العقلاء من الناس والحكماء. ولذا وما لوجود هذا الرابط في الواقع المعاصر، فإن ضعف شوكة المسلمين وتدني حضارتهم هو نتيجة مباشرة لضعف وتدني وانحطاط لغتهم العربية إلى ما دون الصفر وبالتالي فإن ضعف اللغة العربية هو سبب رئيسي لضعف المسلمين في العالم الإسلامي خاصة وبين دول العالم العربي والخارجي.
إن أهم حل من الحلول التي قد توضع في عين الاعتبار لكل قارئ لهذا المقال وكل غيور على اللغة العربية هي الشعور بالذنب والندم للحال العربية الآن وتغير نية النفس الباطنة وتعزيز النفس بإمكانية التغيير والتطور نحو الأفضل في غضون فترة محدودة. إن تغيير النفس هو أولى مراحل التطور والإصلاح حيث أن كلاً منّا مسئول عن اللغة العربية بأي كانت وسيلة، ولذا فإن توحيد الهدف في الرقي باللغة هو أهم أهداف الإصلاح والتطور في العصر الحالي. وبعد هذا الحل تأتي بقية الحلول والتي من ضمنها:
1- التصدي للانحرافات والتداخلات الأجنبية المستشرقة من قِبل علماء الدين واللغة والدعاة وطلاب العلم وكل فرد غيور على اللغة العربية والإسلام.
2- الرجوع إلى كتاب الله الكريم وكثرة قراءته.
3- المحاولة وبقوة في كتابة الشعر الفصيح بأي أنواعه وبحوره.
4- إبعاد طبقات المجتمع غير الواعي باللغة العربية عن أطفال العربية.
5- إصدار المطبوعات الدورية بشكل كبير وثمن بخس لإغمار السوق بالشكل الصحيح للغة العربية.
6- إنشاء لجان تعنى بالعربية والكتب العربية ووضعها بكاملها دون تنقيص فيها أوتحريف أو استثناء للسوق وبسعر يتناسب مع طبقات المجتمع.
إن بعضاً من المثقفين كانوا أو الإداريين لا يعلم مقدار الجهل باللغة العربية الذي وصل إليه المجتمع في العصر الحديث، وكل اعتقادهم أن اللغة هي ليست إلا لغة لا تخدمهم في أعمالهم، ولو علموا ما في اللغة من خدمة لهم ولأعمالهم لأتوها ولو حبواً.
منقولة
مع الشكر
فتون
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني