فَوضَى المَقَادِير فِي آهَاتِ القَوارير ..!
السبت 26/11/2011
أحمد عبد الرحمن العرفج
مَن يَستمع إلى أحَاديث النّاس؛ وخَاصَّة ما يُسمَّى بالجِنس اللَّطيف مِن النِّساء، يَجد أنَّ مُفردَات الشَّكوى وكَلِمَات الحُزن وألفَاظ التَّذمُّر ظَاهرة عَلى الألسُن، بَادية عَلى الأفوَاه..!
ومِن العَجيب أنَّ العَرب في السَّابق كَانت أُمَّة الإبَاء وعِزَّة النَّفس، بحيثُ لا يَشتكي الإنسَان إلَّا لمَن بيده حَلّ الشَّكوى، وقَديماً قَالوا: الشَّكوى لغَيرِ الله مَذلَّة..!
ويَصل جَبروت العَربي وعِزَّة نَفسه إلى أعلَى مَراتبها مِن القَسوَة، بحيثُ يَتعالَى عَلى الشَّكوى، حتَّى وهو عَلى فَراش المَرض، ولله درّ الشَّاعر «مَالك بين الرّيب التَّميمي»؛ الذي كَتَب قَصيدة عَلى فَراش المَوت، مُطالباً فِيها أن يُحفر قَبره بأطرَاف الرّماح، لأنَّه يُريد القَبر عَزيزاً قَويًّا مِثله، حيثُ يَقول:
وَخُطَّا بِأَطْرَافِ الأَسِنّةِ مَضْجَعِي
وَرُدَّا عَلَى عَيْنَيَّ فَضْلَ رِدَائِيَا
هَذا التَّبختُر والزّهو العَربي القَديم، تَحوّل الآن –مَع الأسف- إلى سَراب، فأنتَ تَجد النَّاس تَتلذَّذ بالشّكوى، بَل أصبَحوا يَتسابقون إليهَا، ويَتطاولون في بُنيان استيلاد الحُزن، واستدعَائه واستيرَاده، كَما يَستوردون الأُرز والسُّكَر..!
وحَتَّى لا يَكون الكَلام مَضيعةً للوَقت، أو جَرياً في صَحراء الصّمت، تَأمّلوا الأسمَاء المُستعارة في «فيسبوك» أو «تويتر»، أو الأسمَاء الرّمزيّة في الشَّبكات العَنكبوتيّة، وستُذهلكم بسذَاجتها وبلَاهتها في آنٍ وَاحد، فمَثلاً تَجد بَعض الأسمَاء الغَريبَة مِثل: أسيرة الأحزَان، عَذاب الليل، جروح الكَلِمَة، وَحيدة الصّمت، فَتاة بلا هَدَف، وَحيدة رَغم الزَّحمة، نُقطة جَرح، هَذا همّي يَجري بدَمي، بنت الشَّكوى، سيّدة الألَم، أسيرة المُعاناة، مَدينة الأحزَان، قَافلة الدّموع، دمُوعي وجرُوحي، الجَرح النَّرجسي، التَّائهة، أسيرة الشّجون، المَحرومة، فَيض الحِرمان، دمُوعي عَلى خَدِّي، سَهرانة لوَحدي، اليَائسة، مُخاوية الليل، جَرح بلا سكّين، مَلكة الحُزن، مَملكة البُؤس، الفَتاة الانطوائيّة، مُضطرة للانسحَاب، الآهَات المُتعجرفة، النَّحيب المتورِّد، بَقايا أُنثى، فَريسة الظّنون، فَاقدة الأمَل، مسكينة متورِّمة، سَاكنة السّراب، شَاحبة الوَجه، ظَامئة في الفيافي، ترِكَة الألَم، فَتاة في مَهبِّ الرِّيح، نَافرة مِن الحُبّ، مَصدومة مِن العِشق، ضَحيّة التحجُّر، كِبرياء في خَطر، مُبحرة بلا مَوانئ، ضَائعة بلا طَريق، كُتلة تَراجيديا، فَوضى أُنثويّة، مُدمنة جَفاء، مُتأهّبة للنَّحيب، آسفة مِش عَارفة، متعوّدة عَلى الخُذلان، دمُوع مُتحجِّرة، مَآقي جَافّة، نَديمة الأرَق، مُتوجّسة الظّنون، فَريسة الخيانة، مُضرجة بالدِّماء، أُكفكف دمُوعي وأنسَحب، المتمْسِحة –أي جلدها كالتّمساح لا تَشعر بشَيء-، بُؤرة اضمحلَال، فَتاة متضعضعة، امرأة ضجِرة، ابتسَامة صَفراء، شَايفة بَس خَايفة، مُتردِّدة في اللقاء، حَائرة في دَائرة.. إلى آخره..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ القَائمة طَويلة، ولو استطردنَا في سَرد مِثل هَذه الألقَاب لانتهَى الوَرق ولجَفّ الحِبر، دُون أن نَبلغ مَشارف تَعاسة هَذه الأُنثَى، التي لا تُجيد ملء الفَراغ إلَّا بالدِّراما المُصطَنعة، وبِمَا أنَّ المُراهِقات يَقعن عَلى أشكَالهن، مِثل الطّيور، فإنَّ الزَّمن وَحده كَفيل بإضرَام النَّار في هَذه الهُلاميّات، لتُصبح مُجرَّد ذِكرَيات..!!!
لسْنا وَإنْ أحسَابُنا كرُمَتْ * * * يَوْماً عَلى الأحْسابِ نَتَّكِلُ
نَبْنِي كما كانَتْ أوَائِلُنا * * * تَبْني وَنفعَلُ مِثلَ ما فَعَلُوا
شكرية الدحيات
السبت 26/11/2011
أحمد عبد الرحمن العرفج
مَن يَستمع إلى أحَاديث النّاس؛ وخَاصَّة ما يُسمَّى بالجِنس اللَّطيف مِن النِّساء، يَجد أنَّ مُفردَات الشَّكوى وكَلِمَات الحُزن وألفَاظ التَّذمُّر ظَاهرة عَلى الألسُن، بَادية عَلى الأفوَاه..!
ومِن العَجيب أنَّ العَرب في السَّابق كَانت أُمَّة الإبَاء وعِزَّة النَّفس، بحيثُ لا يَشتكي الإنسَان إلَّا لمَن بيده حَلّ الشَّكوى، وقَديماً قَالوا: الشَّكوى لغَيرِ الله مَذلَّة..!
ويَصل جَبروت العَربي وعِزَّة نَفسه إلى أعلَى مَراتبها مِن القَسوَة، بحيثُ يَتعالَى عَلى الشَّكوى، حتَّى وهو عَلى فَراش المَرض، ولله درّ الشَّاعر «مَالك بين الرّيب التَّميمي»؛ الذي كَتَب قَصيدة عَلى فَراش المَوت، مُطالباً فِيها أن يُحفر قَبره بأطرَاف الرّماح، لأنَّه يُريد القَبر عَزيزاً قَويًّا مِثله، حيثُ يَقول:
وَخُطَّا بِأَطْرَافِ الأَسِنّةِ مَضْجَعِي
وَرُدَّا عَلَى عَيْنَيَّ فَضْلَ رِدَائِيَا
هَذا التَّبختُر والزّهو العَربي القَديم، تَحوّل الآن –مَع الأسف- إلى سَراب، فأنتَ تَجد النَّاس تَتلذَّذ بالشّكوى، بَل أصبَحوا يَتسابقون إليهَا، ويَتطاولون في بُنيان استيلاد الحُزن، واستدعَائه واستيرَاده، كَما يَستوردون الأُرز والسُّكَر..!
وحَتَّى لا يَكون الكَلام مَضيعةً للوَقت، أو جَرياً في صَحراء الصّمت، تَأمّلوا الأسمَاء المُستعارة في «فيسبوك» أو «تويتر»، أو الأسمَاء الرّمزيّة في الشَّبكات العَنكبوتيّة، وستُذهلكم بسذَاجتها وبلَاهتها في آنٍ وَاحد، فمَثلاً تَجد بَعض الأسمَاء الغَريبَة مِثل: أسيرة الأحزَان، عَذاب الليل، جروح الكَلِمَة، وَحيدة الصّمت، فَتاة بلا هَدَف، وَحيدة رَغم الزَّحمة، نُقطة جَرح، هَذا همّي يَجري بدَمي، بنت الشَّكوى، سيّدة الألَم، أسيرة المُعاناة، مَدينة الأحزَان، قَافلة الدّموع، دمُوعي وجرُوحي، الجَرح النَّرجسي، التَّائهة، أسيرة الشّجون، المَحرومة، فَيض الحِرمان، دمُوعي عَلى خَدِّي، سَهرانة لوَحدي، اليَائسة، مُخاوية الليل، جَرح بلا سكّين، مَلكة الحُزن، مَملكة البُؤس، الفَتاة الانطوائيّة، مُضطرة للانسحَاب، الآهَات المُتعجرفة، النَّحيب المتورِّد، بَقايا أُنثى، فَريسة الظّنون، فَاقدة الأمَل، مسكينة متورِّمة، سَاكنة السّراب، شَاحبة الوَجه، ظَامئة في الفيافي، ترِكَة الألَم، فَتاة في مَهبِّ الرِّيح، نَافرة مِن الحُبّ، مَصدومة مِن العِشق، ضَحيّة التحجُّر، كِبرياء في خَطر، مُبحرة بلا مَوانئ، ضَائعة بلا طَريق، كُتلة تَراجيديا، فَوضى أُنثويّة، مُدمنة جَفاء، مُتأهّبة للنَّحيب، آسفة مِش عَارفة، متعوّدة عَلى الخُذلان، دمُوع مُتحجِّرة، مَآقي جَافّة، نَديمة الأرَق، مُتوجّسة الظّنون، فَريسة الخيانة، مُضرجة بالدِّماء، أُكفكف دمُوعي وأنسَحب، المتمْسِحة –أي جلدها كالتّمساح لا تَشعر بشَيء-، بُؤرة اضمحلَال، فَتاة متضعضعة، امرأة ضجِرة، ابتسَامة صَفراء، شَايفة بَس خَايفة، مُتردِّدة في اللقاء، حَائرة في دَائرة.. إلى آخره..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ القَائمة طَويلة، ولو استطردنَا في سَرد مِثل هَذه الألقَاب لانتهَى الوَرق ولجَفّ الحِبر، دُون أن نَبلغ مَشارف تَعاسة هَذه الأُنثَى، التي لا تُجيد ملء الفَراغ إلَّا بالدِّراما المُصطَنعة، وبِمَا أنَّ المُراهِقات يَقعن عَلى أشكَالهن، مِثل الطّيور، فإنَّ الزَّمن وَحده كَفيل بإضرَام النَّار في هَذه الهُلاميّات، لتُصبح مُجرَّد ذِكرَيات..!!!
لسْنا وَإنْ أحسَابُنا كرُمَتْ * * * يَوْماً عَلى الأحْسابِ نَتَّكِلُ
نَبْنِي كما كانَتْ أوَائِلُنا * * * تَبْني وَنفعَلُ مِثلَ ما فَعَلُوا
شكرية الدحيات
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني