من طرف شاهر الدوسري الخميس أكتوبر 20, 2011 8:23 am
مسرح عشتار ضيفا في مالمو
يفتح نافذة على الارث المسرحي الفلسطيني
ثلاثة كانوا، رجلان و فتاة في عقود مختلفة من العمر، منهمكمون في اعداد مسرح موريسكان في حديقة الشعب في مدينة مالمو، هذه المدينة التي تتربع على شاطئ البلطيق على مضيق اوريسوند الذي يفصلها عن كوبنهاغن عاصمة الدنمارك، مالمو عاصمة جنوب السويد و التي تحتضن فسيفساء اجتماعية يتحدث اهلها 157 لغة، وهم قادمون من مختلف اصقاع الدنيا، هذه المدينة المنبسطة على رقعة اخاذة من الطبيعة الخلابة و التي قد شهدت عدة تظاهرات ثقافية عربية هذا العام،اخرها و اهمها كان مهرجان مالمو للافلام العربية بادارة المخرج الفلسطيني محمد القبلاوي و بافتتاح حضره مسؤول المكتب الثقافي في مدينة مالمو " دانيال سستراجسيس " المتحمس لتنشيط الثقافات المتعددة انسجاما مع التركيبة الاجتماعية للمدينة و بحضور كتاب و مخرجين و ممثلين من مختلف البلدان العربية ، رافقوا عرض مايزيد عن ثلا ثين فيلما ، ذلك المهرجان الذي اثار اعجاب وسائل الاعلام المرئية و المقروءة و المسموعة و الاوساط الثقافية و الفنية من مختلف مكونات و شرائح المجتمع السويدي بمن فيهم الجاليات العربية. ثلاثة يحيط بهم عدد من المختصين السويديين لانجاز الديكور والاضواء الملائمة لعرض مسرحيتهم.
و رغم ارهاقهم الشديد لبوا الدعوة للقاء مع ابناء جلدتهم المهاجرين الى سقف الدنيا الشمالي ليضيفوا الى شتاتهم كفلسطينيين جليدا لا تذوبه الا حرارة لقاء الاهل و الاحبة فتنشرح له الصدور و يغمر الفرح افئدتهم، زوادة تعينهم على عتمة الغربة المركبة.
" ادوارد معلم " مدير مسرح عشتار و بالتعاون مع زوجته غير المرافقة لهم " ايمان عون " قد اسسا هذا المسرح منذ 1996 .و هو من بلدة " معليا " المتسلقة على كتف جبال الجليل الغربية و التي تراقب و تودع يوميا بلا كلل و لا مللل منذ الازل مشهد موكب الشمس وشفقها الذي يحتل الافق بالوانه المتشاكية وهي تتدلى بدءا باخمص قدميها الى ان يغيب راسها و هي تغوص في بحر عكا لتتحسر على احمد باشا الجزار ولتغتسل من تعب واحزان ذلك النهار من هول رؤيتها لما حل باحفاد شعب الجبارين الذين كانوا حراس اشداء و حماة البحر و الجبل، و لما الت اليه امور ورثة شمشون الجبار من وهن و هوان.
" رهام اسحق " زهرة متفتحة مصرة على نثر عبقها و ايمانها بان الشتات لا يفسد لوحدة الشعب الفلسطيني قضية فوجدت في المسرح خير متنفس لذلك، و خير معبر عن هواجس و معاناة الشعب و فضح الظلم الذي يتعرض له سياسيا و اجتماعيا وهي ممثلة مسرحية ناشطة في مسرح عشتار و مسرح الحارة و هي من بلدة بيت ساحور.
ومن بلدة ابو شخيدم قرب رام الله قدم " محمد قنداح " ليضئ المسرح و ينير وجه الممثلين لينقل تاثير المسرحية على المتفرجين باجمل صورة و اصفى صوت و هو المسؤول التقني في مسرح عشتار.
في مقر الجمعية الفلسطينية في مالمو التقى الفنانين يرافقهم " حسن سليمان " من فلسطينيي سوريا حيث درس هناك في كلية الفنون الجميلة و في معهد التمثيل " سينوغراف " و هو ينشط مع المسرح الوطني السويدي في استكهولم ، كما تجشمت "جيسيكا ليند بري ديك " عناء السفر من استكهولم يوما قبل عرض المسرحية لرغبة ملحة لديها بالاطلاع على حميمية اللقاء بين المجموعة المسرحية و الجالية خارج العرض على خشبة المسرح.
وبكلمات بسيطة متحررة من اي تكلف او بريستيج تحدثت رهام عن الحركة المسرحية الفلسطينية و دورها في تعبئة طاقات المجتمع في مواجهة الاحتلال و في تطوير المجتمع الفلسطيني ليكون عصيا على نسيان وطنه المسلوب و الارتقاء بوعيه لتجاوز كل اسباب التخلف الاجتماعي و الثقافي. و تبادلوا مع الحاضرين اطراف الحديث ثم عرض فيلما يوثق لتاريخ الحركة المسرحية الفلسطينية انجازاتها، همومها و افاق تطورها وودعوا باحر ما استقبلوا به و قد حملوا تحية خاصة للاسرى الفلسطينيين الذين يخوضون اضرابا مستمرا ضد سلطات السجون الاسرائيلية التي تحرمهم ابسط الحقوق الانسانية في زنانيزنه من سياسة العزل و منع زيارة الاهل و ....الخ من القضايا التي لا تعد و لا تحصى.
ومن الملفت ايضا هو تشكيلة هذه المجموعة على قلة عددها فهي تضم ناشطين من الارض المحتلة سنة 1948 و والمحتلة سنة 1967 و يعاونهم من هم في بلدان الهجرة و الشتات، و من الاسماء يكتشف المرء بدون اي جهد يذكر بالتمحيص بانهم مسيحيون و مسلمون اي انهم يتمثلون روح عشتار الهة الحب و الحياة، التي عملت على اعادة الحياة الى الارض بعد القفر و رفضت العيش دون اعادة تموز الى الحياة و اخضعت الالهة لوضع حد لشرور " ارشكجال " فعم الخير الجميع و حل الربيع مجددا على اهل الارض، و هذا انعكاس واقعي لمشاعر و طموحات شعبنا. و ما النظرة العنصرية الطائفية و الروح الانقسامية التي يحاول البعض تسييدها بقوة هدر الدم الفلسطيني و بعثرة قواه الحية استجابة لمصلحة محاور عربية متصارعة على ارضاء سادة البيض الامريكي و لو على حساب جزر شعوبهم و افقارها انما يثلج صدر الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي و يشوه االتاريخ النضالي لشعبنا و يقلق ارواح الشهداء و ييتم الحركة الاسيرة الفلسطينية.
مساء يوم السبت الموافق يوم الثامن من تشرين اول " اكتوبر " كان الناس على موعد مع فرقة عشتار لتقدم مسرحية " 48 دقيقة من اجل فلسطين " حيث اكتظ المسرح برواده حتى اخر كرسي فيه و قدم عرض مهم على امتداد 45 دقيقة و كان العرض صامتا اعتمد على لغة الجسد بايماءات واضحة الدلالة و ابدع الفنان ادوارد المعلم من استخدام كل عضلة من عضلات جسده حتى خيل للرائي بان كل ما فيه يروي قصة الاحتلال و العدوان و تزوير التاريخ لترتكب ابشع جريمة بحق اللشعب الفلسطيني اما االفنانة رهام فكانت برشاقة الفراشة و داب النحلة العاملة وكونا معا فريقا منسجما و متناغما ادهش المتفرجين الذين قد وصلتهم الرسالة و هذا كان جليا في الحوار الذي تلا العرض في قاعة المرآة المجاورة، فكانا اكثر استئسادا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة و باسلوب مرن و ديمقراطي لا يخلو من حزم ادير حوار ناجع و مقنع و قد انهت مديرة الامسية الحوار و لا زال المحاورون باوج حماسهم و قد صفق الحاضرون بعد العرض طويلا حتى اضطرالفنانين ان يعودا للمسرح ثلاث مرات لتحية الجمهور و كان الفنانان رسولا قضيتنا عن جدارة و نجحا في تدعيم الجسر الثقافي العربي – السويدي ووضعوا عربة جديدة على السكة الصححيحة في معركتنا الدولية لاستعادة حقنا المغتصب.
و كما قال السيد ادوارد نحن نريد منكم موقفا عادلا موقفا يتحرر من الموقف الامريكي و لانريد مساعداتكم المادية كدول، لكن هذا بدوره يثير تساؤلا داخليا، الى متى ستبقى دائرة الثقافة او "وزارة الثقافة" تدير ظهرها للحركة المسرحية الفلسطينية؟!!! بل الى متى سيتركون الحبل على الغارب للتماديات على المسرحيين العالميين المتطوعين من اجل الاسهام في بناء مسرح فلسطيني متطور؟!! و في هذا السياق لا بد من توجية التحية الحارة للمسرح الوطني السويدي الذي رعى هذه الفعالية. كما ان الحركة المسرحية الفلسطينية التي صمدت في مواجهة الصعوبات و الممانعات المتعددة الاشكال منذ الانتداب البريطاني الى مرحلة النكبة فالنكسة فالحصارات و الحواجر وحروب الدمار، حركة مسرحية تنهض كالعنقاء من تحت الرماد في كل مرحلة، تستحق التبجيل جميعها قديمها و حديثها، من مسرح بوالين و دبابيس و الحكواتي وعشتار والحارة...الخ من المحاولات التي لا تنتهي.. الا تستحق ان نسعى لتوحيدها و تقديم المساعدات التي تمكن المبدعين كتاب نصوص و مخرجين و ممثلين و تقنيين في تطوير ادائهم ليلعبوا دورا مميزا في التعبئة الوطنية السياسية و الاجتماعية، و من اجل ان لا يبقى المسرح الفلسطيني تحت رحمة المساعدات الخارجية ؟!!!!
كتبها: محمد قدوره
مع خالص الشكر
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني