من طرف نجلاء العمري الأربعاء أغسطس 17, 2011 12:22 pm
الشعب القصيدة
شعب يكتب قصيدة قافيتها حجر من سجيل يرمي بها أبرهة الجديد وشياطين العصر النووي. قصيدة وزنها الشعري يصعب على من يهوى حمل أثقال المستوطنين هزيمته.
شعب قصيدته لها بحر هو مناعة لكل من يغوص فيه ولو كان لا يعرف أبجدية العوم. شعب يقرض الشعر في سوق عكاظ القرن العشرين منذ بدايته. فيا لها من قصيدة طولها قرن كامل!
قصيدة اسمها فلسطين لأنها من طين آدم الذي خلق لتحدي الشياطين. قصيدة منقوشة في الأرض والتاريخ وجذورها تخترق الجغرافيا لتسقي كل بقعة عربية جفت حنجرتها. قصيدة هي مطر يشفي غليل الطين ويبلل حتى من لا طينة له. فاللهم احفظ قصيدتنا كما حفظت الذكر الحكيم.
2
القنبلة
انفجرت القنبلة فمات من مات وجرح من جرح وبكى من بكى. مات رجل وهو يعلم الفراشة القراءة والكتابة. ماتت امرأة وهي تحاول أن تشرح للوردة أنها حتى هي جميلة يحب زوجها شم رائحتها. مات طفل وهو يركع لثدي أمه الحنون. مات قط وهو لم يكمل بعد أول درس له في المواء. وماتت حمامة وهي تتعلم في عشها أبجدية الهديل والغنج.
جرح من جرح.
جرح رجل في قلبه وعندليب في حنجرته وزهرة في كرامتها وسحابة في أجمل ما عندها: قطرات ماء.
بكى من بكى
بكى النهر والبحر والشاعر. بكى النهر لأنه تيقن أن ماءه سيصبح مر المذاق وبكى البحر لأنه عرف أن أجمل أمواجه ستضرم في نفسها النار وبكى الشاعر لأن شيطان شعره قال له ذات صباح بعيد: سيأتي يوم تجد نفسك فيه تكتب أجمل قصائدك عن الموتى.
سيأتي يوم أيها الشاعر تصبح فيه رؤية الأكباد والقلوب المرماة على الرصيف هي أجمل اللحظات الشاعرية في حياتك، فاضحك، أرقص، غن واكتب القصائد عن حبيبتك قبل أن يجرفك نهر الدموع والأحزان
3
للذكرى
حتى أنا أتذكر السياب. أتذكره لما قال: "عيناك غابتا.." .أتذكر وأنا أرى عيني طفلة عراقية يرقص بداخلها صاروخ توماهاوك.
أتذكر وأنا أرى عينين جميلتين لأم عراقية تحاول حماية عيني صغيرها وهو يحاول النظر إلى قلب الزهرة.
أتذكر السياب وهو يردد " مطر,مطر,مطر " فأرى مطرا من الفولاذ والموت ينزل على عاصمة القوافي والكلمات.
أرى مطرا أسود يغادر عيني عجوز عراقية ليحط على صدر عندليب يحتضر. أتذكر. كان السياب شاعرا عراقيا وكان درويش شاعرا فلسطينيا. كان العراق وكانت فلسطين وكنا نحن ذات يوم عربا.
كانت للعراق سماء لها عينان تشبهان روح القصيدة وكانت لفلسطين شفاه لا تنام إلا بعد أن تستقبل قبلة ملاك الرحمة. كان العراق وكانت فلسطين. فهل كنا نحن عربا؟
نعم، قالت لي النجمة، كنتم وما زلتم وستبقون عربا ما بقي الظلم. سيبقى العراق، ستبقى فلسطين، سيبقى السياب ودرويش وستبقى قصائد العرب ترفرف بأجنحتها وترقص بين جداول السماء ما أشرقت الشمس وما بكى قمر معلقات العرب على فراق الأحبة.
4
زمان يا حب
أين الشاطئ الذي كنا نلهو ونسبح ونتحاب فيه؟ أين الأمواج التي كانت تنادينا بأسمائنا والنجوم التي كانت تهبط من عليائها لتسامرنا وتستمع إلى قلبينا وهما يتناجيان؟ أين أنت وأين أنا وأين ذكرياتنا؟
الشاطئ لا توجد به الآن إلا أجساد متعفنة من كثرة ما استَهلَكت واستُهلِكت والأمواج لم تعد قادرة على مغادرة أعماق البحر لأنها مشغولة بحكاية القصص لجثت لا عناوين لها ولا قبور والنجوم تهشمت منذ زمن طويل.
وأنت أين أنتِ؟ أنا مدفونة في قبر مجهول بمقبرة شاسعة ما إن تفتح باب قصائدك حتى تراها مترامية الأطراف أمام عينيك.
وأنا أين أنا؟ أنت تائه كعادتك لكن هذه المرة لست تائها وسط الحانات ولا وسط مظاهرات للبحث عن زمن أفضل. أنت الآن تائه بين أسئلة القصيدة وأجوبة الهامش ويقين الحقيقة الثورية.
وذكرياتنا أين هي؟ ذكرياتنا يا حبيب العمر أحرقتها أنت وأحرقتها أنا. أحرقتها ذات صباح قبل أن تذهب صوب الجبهة للدفاع عن حقوق القصيدة وأحرقتُها أنا ذات مساء وأنا أراك تتحدث في التلفزيون عن حدود الأدب والواقعية السياسية ومحاسن التعايش مع أعداء الأمس وضرورة الاعتراف بإسرائيل. فأنا لم أحبك إلا لأنك كنت تحب فلسطين وتشرب من أجل فلسطين وتفرح وتحزن وتفشل في حياتك من أجل فلسطين.
5
ليلة الموت
امرأة فلسطينية لها ثلاثة أطفال رابعهم أتى في ليلة مظلمة تسعة أشهر بعد موت الأب. هل عرفت من هو الأب؟ إنه رجل فلسطيني مات غما لأن أطفاله الثلاثة قالوا له ذات ليلة: " إذا كنت عاجزا عن محاربة إسرائيل فوفر لنا عيشا كريما وإلا غادر فراش أمنا!
6
بنيتنا الغالية
لم تدمع عيني اليوم كعادتها منذ زمن طويل. لاشك أن الدموع خاصمتها بسبب تعذيبها لها فالعمل كل يوم صباح مساء لا تقدر عليه حتى دموع عيني.
لم تدمع عيني اليوم لسبب بسيط. فقد غادرتها الدموع بصفة نهائية بعد اكتشافها ألا جدوى من السيلان منذ اليوم الذي رأت فيه "هدى غالية" الغزاوية وهي تسكب دموعها في كأس الأحزان حزنا على موت كل أفراد عائلتها بشاطئ غزة.
هدى غالية لحم عائلتها رخيص جدا يباع بالجملة في سوق ممتازة اسمها: الخيانة العربية من المحيط إلى الخليج.
هدى غالية بالفعل فقد أصبحت أشهر من نار على علم إسرائيل. غالية بالفعل وبالقوة .غالية بفعل متعدي عربي وبقوة قوة إسرائيل.
هدى غالية بل أغلى من غالية دموعها أصبحت تباع وتشترى في مجلات العرب وتلفزيونات العرب وآبار نفط العرب .
هدى غالية غالية؟ نعم غالية. روحها تساوي دولارا واحدا. ثمن رصاصة. ومن من القادة العرب يساوي هذا الثمن؟
7
القتيل والقتلة
ﻫﺫا طفل قتله جندي إسرائيلي وﻫﺫا قتلته "حماس" وﻫﺫا قتلته "فتح" وﻫﺫا قتله القادة العرب أثناء إحدى قممهم.
ﻫﺫه طفلة اغتصبها مستوطن وﻫﺫه اغتصبها مواطن عربي و ﻫﺫه اغتصبها ابن عمها فقتلها أخوها من الرضاعة دفاعا عن شرف العائلة.
ﻫﺫا طفل عراقي قتله الأمريكيون وﻫﺫا قتله السنة وﻫﺫا قتله الشيعة وﻫﺫا قتله البعثيون وﻫﺫا قتله الوضع العربي المريح.
ﻫﺫا مواطن عربي قتله مواطن عربي أكثر عروبة منه وﻫﺫا قتله مواطن أقل عروبة منه وﻫﺫا قتله مواطن لم يفهم بعد معنى العروبة رغم كونه طالب علم في الجامعة العربية ﻤﻨﺫ 1945.
وأخيرا׃ ﻫﺫا شاعر يقتل الوقت في كتابة القصائد حول فلسطين والعراق والقومية العربية وﻫﺫا شاعر يكتب حول مناضل كاد يقتل زوجته بسبب آرائها ووجهة نظرها فيه وﻫﺫا شاعر يكتب حول مناضل قتل في حادثة سير غريبة وﻫﺫا شاعر قتلوه لأنه لم يحسن كتابة قصيدة رثاء بعد موت زعيم عربي كان أمره اليومي هو " أقتلوا يوسف وأخاه "
8
أحكموا من فضلكم
أمن يكتب الشعر كمن لا يكتبه؟ أمن يمشي على صدر الورقة كمن يمشي على جلد الفئران؟ أمن يحلق مع النسور صوب السماوات كمن يحلق مع أم الغربان على فراش وسادته من رموش خفافيش الليل المعتل ؟
أمن يكتب على وريقات الورود وخدود الأنهار وألوان الغروب كمن يكتب على حيطان المراحيض العمومية؟ أمن يداعب شفتي الوردة و نهدي عذراء الجبل كمن يداعب نفسه في النصف الأخير من ليلته التي لا حدود لها؟
أمن هو شاعر تسلم المشعل من قلب السماء كمن هو كاتب عمومي يقضي أيامه في استدراج العوانس إلى غرفة نومه الطويل؟
كان ﻫﺫا جوابي على محرر صفحة ثقافية قال لي بوقاحة لم أفهم طبيعتها لحد الآن׃" هل أنت فعلا كاتب؟" ثم زاد׃ "أعرف كل كتاب المغرب والمشرق وكلهم أصدقائي. أما اسمك فلم يسبق لي أن سمعت به" ثم أدار لي ظهره وﺫهب إلى المرحاض من دون أن يقرأ النص الذي وضعته بين يديه و اﻠﺫي كان حول قتل محمد جمال الدرة.
و بعد شهر أرسلت النص إلى جريدة "القدس العربي" التي نشرته بتاريخ 02//11/2000 من دون أن يسألني أحد هل أنا شاعر أم فقط ﺇنسان يكتري بيتا لا شاعرية فيه بالقرب من بيت يظن ساكنه أنه مثقف كبير محترم. ها كم النص:
الطفل المجهول والجندي المعروف
أطعم الطفل طيوره و سقى زهوره وقبل يد والدته ثم خرج. شحذ الجندي أنيابه وأشعل النار في قلبه ثم حمل بندقيته وخرج.
فكر الطفل أنه ربما لم يطعم طيوره كما يجب. فكر الجندي أنه ربما لم يملأ قليه بما يكفي من نار الحقد.
توقف الطفل لأنه شم رائحة زهور الجنة. توقف الجندي لأنه شم رائحة جسد شهي.
ابتسم الطفل لأنه لما قبل يد والدته سمع لحنا جميلا يخرج من أعماق قلبها. ابتسم الجندي لأنه تيقن أخيرا أن قلبه فيه ما يكفي من النار.. فأطلق النار.
نصوص من كتاب " دموعي تراقصني"
لم ينشر بعد.
للكاتبة بوعزيزة التايك
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني