شيء ما يحدث في الخارج
ستكون رحلة طويلة قالت له, وهما في الباص مع بعض طالبات الدراسات الناجحات والمتفوقات, وطوال الطريق كانت تقرأ نفس الجريدة ونفس الخبر, والأستاذ المشرف يسألها نفس السؤال ما هو خبر اليوم, قالت انتبه إلى الطريق هذا هو خبر اليوم, أجل نحن الآن في رحلة وغداً سنكون في رحلة أخرى, وأنا كنتُ معهم وقد وصلنا وأخيراً, وأول شجار كان لي مع صديقاتي كان في الباص نفسه, حيث لم ينتهي الأمر إلا بتدخل المديرة بيننا, طلبتْ مني اللحاق بها حتى مكتبها, أجل طلبتْ لكن برفق حتى كادت تكسر يدي, ألم يكن اتفاقنا من دون عنف مديرتي, إنها مجرد دعابة فقط, خرجتُ من الباص ولم أتوجه إلى المكتب, بل إلى متجر كان بالقرب من المكان الذي نزلنا فيه, أعجبتني حقيبة حملتها حتى مكان الدفع, لكن لم أدفع ثمنها, قلتُ له أريد شراءها وأنا طالبة ولا أملك نقود, وبما أنه لا بد أن أتشاجر مع أحد ما, تشاجرت مع البائع حيث عادتْ وتدخلت المديرة من جديد, وهذه المرة أخذتني معها بعدما غضبتُ ورفعتُ صوتي قليلاً أمام الجميع, حتى قال البائع لشخص آخر لم أرتاح له أبداً, لكنه كان يشبه شخص ما أعرفه منذ زمن, كيف لها أن ترفع صوتها أمام مديرتها, وكيف تتحدث معها هكذا, لا بد أنها جنتْ أو هي فعلاً مجنونة, وبعد هدوء الوضع, حان موعد المحاضرة الأولى وفيها شردتُ طويلاً عن القاعة وكلام المشرف, وعندما عدت للأجواء كان في يدي سيجارة, وكانت قد أشعلت للتو, مما جعل من المشرف أن يقوم بطردي خارج القاعة وسط ضحكات الصديقات, قلتُ له لا أعرف كيف وصلت إلى يدي, وبالطبع لم يصدقني وطلب من المديرة أن تحضر بعدما بدأت أغضب وأرفع صوتي, جاءتْ غاضبة أكثر مني وقالتْ يبدو أنك تبذلين جهدك في مخالفة القوانين, لمَ لا تتبعيني هذه المرة إلى مكتبي, قلتُ لها سأحضر حالاً, سبقتني هناك وصدقاً لم أفكر لحظة واحدة بعدم الذهاب, فقد كانت غاضبة حقاً, طرقتُ الباب ودخلتُ, جلستُ قرب المدفأة, قالتْ ما بكِ لمَ أنتِ مبللة هكذا, نهضَتْ من وراء مكتبها ونظرتْ خارجاً, ولم تجد أي هطول للمطر ولا أي أثر لذلك الهطول, وفجأة ارتفع صوتها قالت أنتِ أين كنتِ ..؟؟ وعندما وجدتْ أني لا أجيبها فقد غفوت قليلاً, عادتْ وجلستْ ربما لتفكر بشيء ما, وبعدها أخذتْ عصا وتقدمت نحوي, سمعتني أتحدث في نومي حيث قلت لا تقتليني, فخبأت العصا وراء ظهرها, عندما صحوت على صوت شيء ما كان يحدث في الخارج, ووجدتها قربي قلتْ لها ماذا هناك, قالت لا شيء عودي للنوم, مددتْ جسدي على الأريكة, وذهبتْ لترى ما مصدر الصوت الذي أتى من الخارج, وتركتني في مكتبها وانضمتْ للبقية, واعتذرت لعدم قدومي بأني مريضة, وهل كان عليها أن تقدم اعتذارها, وبعد المحاضرة تحدثت مع الأستاذ المشرف بأمري, قالت له أن هناك شيء ما يحدث في داخلي يحيرها كثيراً, فقال لها قلت لك ألا تحضريها معنا, كان من المفروض ذلك, لا أعرف ما الذي جعلك تحضريها وأن تصرين على ذلك, ويبدو أنها مضتْ عنه دون أن تجيبه, وعادتْ مكتبها, أيقظتني وطلبتْ مني الذهاب نحو غرفتي, وهذه الليلة حلمتُ أني قابلتُ أختي التي ماتت, وأنا لا أعرف ذلك, ماتت حرقاً بسبب شيء ما حدث قربها, ومن فرحتي بها أخذتها عند المديرة, دخلتُ ولم أطرق الباب وأنا أقول لها بفرحة كبيرة لقد وجدتُ أختي, أو هي من وجدني لا أدري ولا يهم, المهم أنها نظرتْ لي باستغراب حتى استغربتُ, فأدرتُ وجهي ولم أجدها, لم أجد أحد, خرجتُ لأبحث عنها ولم أجدها, فرحلتُ من مكتبها دون أن أقول لها شيئاً, وقالت الطالبة التي كانت عندها, أنا وجميع الطالبات لم نعرف حتى الآن سبب إحضارك لها معنا, رغم فشلها الواضح في الامتحان, فغضبتْ منها ولم ترد عليها وطلبتْ منها الانصراف, وفي القاعة بدأت بمضايقتي فتشاجرتُ معها بقوة حتى كدتُ أقتلها, فذهبتْ صديقة أخرى لإحضار المديرة, التي طلبتْ من المشرف الإمساك بي وإبعادي عن الطالبة, ثم طلبتْ منه أن يضعني في غرفة قرب غرفتها, وأقفلتْ الباب علي حتى أهدأ, لست أنا من فعل ذلك, وكيف أقول أني كنت في مكان آخر وقتها, لن تصدقني بالتأكيد, لا أحد سيصدقني, وكيف سأتذكر أولاً ما حدث هناك حقاً, ومساء جاءت ورأتْ أني لم أتناول طعامي, فلم تكن لدي رغبة في ذلك, كنت شبه نائمة أيقظتني وطلبتْ مني تناول الطعام, قالت بصوت حنون كلي من أجلي, شعرتُ أنها نغمات حنان خرجتْ من قلبها, ومن جديد صدر صوت ما في الخارج, وخرجتْ لترى ما هو, ثم عادتْ وقالت غريبة ما قصة هذا الصوت, أكلتُ وعدتُ للنوم, وفي اليوم التالي جاءت لتخرجني لأكمل محاضراتي مع البقية, وقفنا للحظات قرب النافذة, نظرتُ إلى السماء وقلتُ لها هناك شيء غريب يتغير في السماء, صمتت ولم تعرف ما تقول, بل كل ما قالته اذهبي للحاق بمحاضرتك, دخلتُ القاعة وجدتُ إحدى الصديقات في حال سيئة, سألتها من فعل ذلك بك, فصرختْ بي أخرى وقالت أنت, قلت لا,, أنا مستحيل, ذهبتُ إلى المديرة لأسألها, وجدتُ عندها رجلين غريبين, نهضتْ وأخرجتني وطلبتْ مني الانتظار في الغرفة الأخرى, حتى انصرفا, ثم جاءت عندي وقالتْ وهي تنظر للسماء, فعلاً هناك شيء ما يتغير في السماء, وأرادتْ أن تخبرني بأمر هذين الرجلين لكنها لم تفعل, واكتفتْ بالحديث في سرها كيف لي بتخريب خزان ماء في الأمس, وأنا موجودة هنا, لقد حاولتْ أن تنفي ذلك للرجلين, لكنهما أكدا لها أني أنا من كان هناك, وعندما جلسنا لنكمل حديثنا لاحظت آثار كدمات في يدي, وأنا لا أعرف ذلك ولم أشعر بذلك, وفي الليلة التالية وجدني الجميع قرب جثة إحدى الطالبات, ولم أعرف ماذا أفعل هنا فوقفت أبكي, وفجأة رأيتُ أختي في كل مكان, تدور بجسدي حتى كدت أجن من الهذيان, حاولت اللحاق بها فأمسك بي شرطي وقيدني بقوة, فطلبتْ منه المديرة أن يحسن معاملتي, وهذه المرة وِضعتُ السجن, وبعد محاولات عدة بالانتحار, طلبتْ منهم المديرة أن يخرجوني, وسأكون تحت مسؤوليتها المباشرة, ريثما ينتهي التحقيق في الأمر, وهذه الليلة كانت قريبة مني جداً, وكان الجو في الخارج سيء ومخيف جداً, والأمطار تتساقط بغزارة على غير العادة, قلت لها لا يوجد إلا سرير واحد, قالت ألديك مانع بالنوم قربي, وأكثر من مرة حاولت أن أخبرها ما أعانيه, وكيف أشرح لها إحساسي بتواجدي في مكان آخر وأنا في هذا المكان, من المؤكد أنها ستسخر مني لا لن أخبرها, وبعد محاولتنا الاستسلام للنوم وبعد أقل من لحظات, سمعنا نفس الصوت الذي كان يأتي دائماً من الخارج, طلبتْ مني البقاء في السرير, ونهضتْ لتنظر عبر النافذة باحثة عن شيء ما يدلها على ذلك الصوت, وجدتْ فتاة غريبة تقف في الأسفل لم تعرفها, وبينما كانت ترتدي ملابسها لتذهب وتعرف ما قصتها, نهضتُ ونظرتُ قلت لها إنها أختي, ونزلتُ بسرعة لدرجة أنها لم تلحظ ذهابي, ثم قالتْ لكن وهل عندك ....؟؟؟ ولم تجدني, نظرتْ مرة أخرى من النافذة ولم تجد الفتاة, وصلتُ للأسفل ولم أجدها أيضاً, أما هي فقد قابلت شيء ما عند الباب حين خروجها, وعندما عدتُ الغرفة كانت في حال صعبة جداً, وكأن جسدها احترق بشيء ما, ولا شيء حولها يدل على أي حريق, اتصلت بالجميع واتجهت الاتهامات إلي, قلتُ لم أكن أنا وشرحتُ لهم ما حدث, وطلب مني الضابط أن أخبره بما حدث منذ البداية, قلتُ له من أين أبدأ, من وقت قابلتني قبل دخولي المخبر, أم عندما كنا في منزلي أم في منزلها, فقال قولي كل شيء ولا تدعيني أفقد صبري, وبينما كان يحقق معي كان رجاله يجمعون معلومات عني, وفي ورقة جاءته وحيرته قال, لقد قلتِ أنك رأيتِ أختك في الأسفل فتركتِ المديرة ونزلتِ عندها, قلتُ أجل هذا ما حصل, فقال ولكن هنا مكتوب عندي أنه, أنه ليس لديك أخت, قلت أجل ليس لدي أخت, صمتَ قليلاً وقال حسناً, أخبريني الآن عن سبب فشلك في الامتحان, وهل هو السبب, أو هل له علاقة في ما أفعله, وبما يحدث الآن, قلتُ ربما وربما هناك أحد ما كان يحاول الانتقام عبر روحي, وفجأة هددني بألا أغضبه أكثر من ذلك ....
نقلتها لكم
وطبتم صباحاً
حنان جاسم
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني