عضة كلب
كعادتي كل مساء أذهب للمشي الطويل حسب توصيات الطبيب المداوي فأذهب إلى المناطق الهادئة والمناظر الخلاّبة لعمان الغربية لأجد الناس هناك رائعة وحساسة ويغلب عليها الرقي والترف فتجد ابتسامة من هنا ومن هناك مثل الحارة عنا تماماً.
وفي هذه اللحظة الرياضية وأنا أرتدي بدلتي (الأدايداس) أم الخمس دنانير ومتفشخر فيها وما حدا قدي أطنطنط بشكل يلفت النظر للمارة بأني لاعب بالدوري الاسباني ما شاء الله علي،،،وإذا بكلب جميل رقيق اسمه (سندي) لامرأة بالعقد الرابع تقريباً تمسك به بحبل ذهبي يكاد يكون ثمنه أكثر من راتبي السنوي ،،،وتصنعت المداعبة لهذا الكلب الذي كان كالحمل الوديع ولم أكن أعلم بأنه ذئب بثوب حمل ليمسك بقدمي ويقضم منها اللحم المتبقي ليوجد وشماً وتتمزق بدلة الرياضة خاصتي وأقع أرضاً متصنعاً الألم الشديد والدوار فإذا بها تطلب من هاتفها النقال (السائق) ليحملني على أكتافه ليلقي بي بالمركبة الفارهة تمنيت لو لم أنزل منها لأقرب مستشفى وأصبحت أتصنع للمرة الثانية بأني مريض جداً وبأن مرض (السعار) أصابني وأسمعت السائق بأني أنوي رفع قضية على السيدة صاحبة هذا الكلب المسعور ليستشيط غيظه ويقول هذا الكلب ثمنه الشيء الفلاني ومتدرب وغالي جداً على السيدة فلا تحاول الاستغلال.
وفي هذه اللحظة الانتهازية فكرت بطلب نقلي إلى أي دولة أوروبية للعلاج على حسابهم وإلا سوف أطلب مبلغ كبير من المال للتعويض عن الأضرار النفسية وثمن بدلة الرياضة وبدل العاهة المستديمة التي سوف تحرمني من عملي الخ الخ الخ.
وإذا ببوكيه ورد جوري أحمر بلون شعر كلبهم كتب عليه (بالسلامة يا ألبي) الموقع (سندي) فاستشاط غيظي كيف أن الكلب له قيمة لا مثيل لها ويحبونه ويخافون عليه أكثر مني وقررت بأن أنتهز هذه الفرصة التاريخية وأطلب المزيد من المال ومن الاهتمام.
فطلبت السيدة تقرير من الطبيب المعالج ليقول لها هذا الرجل إصابته بليغة ويحتاج إلى نقاهة وعلاج حثيث وقفزت من فرحتي بدون أن يشاهدني أحد فقررت أن تسافر معي هي و(سندي) على لندن للعلاج والرفاهية المفرطة وحجزت لي بفندق مخصص لأصحاب النفوذ ولم أصدق نفسي وأخذت وعد على نفسي بأن لا أعود لهذه البلد إلا وأنا أحمل الجنسية البريطانية.
وحصل ما حصل وأصبحت بلندن عاصمة الضباب وعاصمة الحب من أول نظرة ويا لهذه العضة التي جعلت مني رجل يأخذ الفطور على البركة الدائرية للفندق وجلسات (مسّاج) على أيدي خبراء بالتدليك على أنغام موسيقى (قصة حب من أول عضة) وبدأت أشعر بأني
قيصر من قياصرة الزمان وأحببت المرأة وأحببت سندي وأصبحت أتمنى المرض الدائم وبصراحة الطعام الذي قدم لي لم أتذوقه على مدار الأعوام التي عشتها بحياتي وطعام الكلبة سندي كان الأشهى وأطباق مدروسة تقدم بمواقيت لا فوضى بأي شيء يتناوله وهو ذكي جداً لا يغريه أي شيء إلا (رجلي المتهالكة) التي أصبحت علامة ليوم القيامة.
أصبحت رجلاً مهماً لتتناول الصحف اللندنية موضوعي وصوري على الغلاف الخارجي من أولى الصفحات حتى أهلي بعمان لم يتعرفوا على صورتي وأصبحت منظمات حقوق الحيوان تطالبني بالتعويض لهذا الكلب المسكين(سندي) لأن أسنانه آلمته من خلال تلك العضة لقساوة عظمي التي لا يكسوها سوى اللحم الرقيق الذي هو أصلب ما عندي وبقيت متماسك لتلك اللحظة التي تعرفت بها إلى محامي يقال عنه بأنه محامي القضايا الصعبة ليطالب لي بمبلغ مليون جنيه إسترليني مقابل ألمي ورداءة حالتي النفسية والعاهة المستديمة التي ألمت بي وما هي إلا أشهر قليلة وقد صدر الحكم على سندي اللعينة عفوا على السيدة التي تحتضن (سندي) بدفع هذا المبلغ وما هي إلا أيام كان المبلغ جاهز ثمن رجلي كم تمنيت لو أنه مزقها أكثر لآخذ ثمن أكبر حتى أسد رمق الحياة فقد طال فقري وفقدت صبري أيام وأيام.
وحين عدنا للوطن وعلى متن الطائرة حاولت قدر الإمكان لفت نظر سندي لتقضم رجلي الثانية بدون فائدة رفضت كل وسائل الإغراء وبقيت ملتزمة حتى هبطت الطائرة كم تمنيت لو أنها تعاود وتأكل أي شيء بجسدي حتى يتسنى لي بمواصلة المعيشة الفضلى،،،
وفي هذه اللحظة المسعورة صحوت وإذا بقدمي عالقة بين السرير وبين مسمار غليظ أحدث ضرراً بقدمي ،،،،كم تمنيت لهذا الحلم أن يصبح حقيقة من سيدفع لي الآن بدل هذا الضرر الذي أحدثه سريري المتهالك ،،،فقري أم قدري،،،
سأبدأ من اليوم البحث المضني عن (سندي) الحبيبة التي أشتهي عضتها من جديد،،،
لكلب مثل سندي عضته عندي أحب من أي عضة ،،،كم تمنيت تلك العضة التي أوجدت لي السعادة المرجوة لساعات قليلة ،،،حتى سندي اللئيمة لم تعطيني تلك الفرصة وقيل لي بأنها لا ترضى بأي طعام إلا الطعام المخصص لها على أيدي أمهر الطهاة.
المواطن المعضوض
هاشم برجاق
الموقع الرسمي للكاتب
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني