بقلم: أحمد نوفل
مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
ازرار التصفُّح
التبادل الاعلاني
إذا هبت ريح الشعب
د. ماهر علوان- عدد المساهمات : 86
نقاط : 26899
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 12/04/2010
د. ماهر علوان- عدد المساهمات : 86
نقاط : 26899
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 12/04/2010
إذا هبت ريح الشعوب
د. أحمد نوفل
1- النصر العظيم.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. الله أكبر، ما أروع هذه اللحظة، الله أكبر ما أعظم هذا الانتصار. لقد صدق وعد الله، ألا فلتقر عيون المؤمنين؛ إن الله يريكم آياته، ويريد أن يثبت يقينكم. هاهو وعد الله يتحقق: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" لقد ظن المتألهون المستكبرون أن الأمور استقرت لهم، وما علموا أن الأيام دول. غرتهم أمانيهم الكِذاب، وأعمتهم القوة التي بأيديهم أن يروا الآتي؛ فكان الزلزال والطوفان الذي أطاح بأهل الطغيان.
ربما تجعلنا فرحة النصر لا نعي مقدار عظمة ما أنجز. إن الذي أنجز يفوق الخيال، فإياكم أن تظنوا ولو للحظة أن لحظة مثل هذه اللحظة مرت بنا منذ خمسين سنة!
لقد عاد ثمانون مليوناً إلى عروبتهم وانتمائهم وأمتهم بعد أن بغّضهم النظام البغيض في أمتهم، وباعدهم عن قضاياها.
ما أفرحنا بعودة الأم. ما أشد ابتهاجنا باجتماع الشمل والتئام الصف. هذا يوم فرح عظيم ونصر عظيم.
الله أكبر كم في النصر من عجب
يا شعب مصر جدد سالف الحقب
الله أكبر كم جميل وعظيم وجليل حب الأوطان، وكم رائع متألق هتاف الحناجر الهادرة من الملايين الثائرة:
بلادي بلادي بلادي
لك حبي وفؤادي
الآن تعود الأوطان إلى بالغ حب القلوب لها كما كانت، وكان من ضمن أهداف النظام البائد أن يكْره الناس وطنهم وبلادهم. فثبت أن حب الأوطان أعمق من محاولات أولياء الشيطان.
الله أكبر كم عظيم هو معنى الوحدة. وحدة الشعب المصري أنجزت إنجازاً أقرب إلى المعجزات. فتخيل لو تحققت وحدة الشعب العربي والأمة الإسلامية ماذا كنا ننجز؟
الله أكبر. كم هو عظيم أن يكون للجماهير مشروع تتجمع لإنجازه وتلتف حول تحقيقه، وتفجر طاقاتها في بلوغه!
وإن من ضمن ما دمر الحكم السابق أن قتل كل هذه المعاني وقتل كل جميل!
هذا هو يوم الاستقلال.. الحقيقي. لا أي يوم آخر. هذا هو يوم الانتصار الكامل، لا أي يوم سواه.
هذه هي الثورة الكاملة، النقية، المتجذرة الطاهرة، البيضاء. الناصعة، فلم يرق الثوار من خصومهم قطرة دم، بل قدموا دمهم.
لا اتصال بالسفارات، لا كواليس ولا مؤامرات، لا انتهازيين ومستغلين، بل تضحية وجود بالدماء والأرواح والراحات.
لم تشهد الدنيا ثورة بهذا العنفوان، وهذا الحضور والزخم الشعبي. بوركت يا شعب مصر. الآن تغسل عن مصر أدران أنظمة تعاقبت، كانت ظل الاستعمار.. فأربعون سنة من الزيف والتدمير والتبعية، جعلت عيش المصري لا يطاق.. مع أنه صبار شكور.
أربعون سنة من القمع والقهر تهاوت مثل بيت من قش أو مثل بيت عنكبوت.
كان الاستعمار يخرج من الباب ويعود من الشباك. الآن يخرج الاستعمار ووكلاؤه وأذنابه وذيوله وأزلامه ومحاسيبه بلا عودة لا من باب ولا شباك!
لتعرف قيمة ما أنجز؛ اقرأ ما كتب "إيتان هابر" في يديعوت أحرونوت تحت عنوان: ""إسرائيل" في خطر والدولاب يدور إلى الخلف". ونشر في السبيل 12/ 2: "أمام ناظرينا ينهار عمودا إسناد، عليهما استندت دولة "إسرائيل" في العقود الأخيرة..الخ"
واقرأ ما يكتبه آرون ديفيد ميلر في الواشنطن بوست، وهو مستشار سابق في الخارجية الأمريكية وأستاذ جامعي وعنوان مقاله: "التطورات المصرية والمخاوف الإسرائيلية": "الموقف المصري الجديد يمثل مشكلة لـ"إسرائيل" ولحليفها أمريكا، فالصفقة الشيطانية (هكذا) القديمة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع مصر والتي كانت تقوم على الاعتماد على القاهرة كحليف رئيسي في المنطقة يضطلع بدور مهم مقابل غض واشنطن الطرف عن الطريقة التي تحكم بها مصر، باتت شيئاً من الماضي الآن بالتأكيد".
الأمور محلياً وعالمياً أخطر من كل ما قيل وما يقال. عودة الروح إلى الجماهير أمر مخيف حقاً.. لكن لكل الخفافيش من أعداء الأمة عملاء الاستعمار.
عودة التلاحم الجماهيري، والتراص، والتآلف، والتقارب الاجتماعي بعد النفار والتناشز والتدابر الذي عمل عليه النظام، أقول هذه اللحمة كذلك أمر خطير لكن على المتربصين.
الشباب الذي راهنوا على تمييعه بالقصة والمسلسل والأغنية والمقالة والكليب والنوادي والكرة والشواغل الكثيرة، إذ به ينفض عنه كل الزيف والطيش ويتمرد مارداً لا يقبل العودة إلى قمقمه إلا بتحرر وطنه. فلما حقق ما يريد طفق يردد: حرية.. حرية. يا لها من ساعة بهيجة بهية!
2- قراءة جديدة للآيات
لا أريد في هذه النقطة أن أتكلم. ولكني سأترك الكلمات الجامعات والآيات الباهرات تتكلم، وتريك كيف يتجلى القرآن في الواقع بصورة لا تحتاج إلى تفسير. هذا زمان تجلي المعاني لا مجرد تفسيرها. وشتان بين تجلي المعنى في الواقع وشرحه من القاموس أو من تفسير من التفاسير. تماماً كما تشرح عن الانشراح والسرور، وأن تعيشه حالة انتصار وتحقيق المراد. وأتركك الآن، قارئي تعيش مع الآيات لترى كيف صدقنا الله وعده، وعده الذي لا يخلف، لكن وطأة الواقع وظلمه وظلمته جعلت يقين بعض الناس يهتز ويترنح، اقرأ وتأمل وقل الحمد لله الذي صدقنا الوعد وأذهب عنا كل كدر ونكد: "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضْعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين. ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون".
"قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير".
أين أحمد عز؟ دالت دولته وأذلت عزته التي بناها على ذل المستضعفين وقهرهم، وهو لم يكن إلا مجرد طبال في النوادي الليلية. دالت دولته وزالت عزته: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" "والعاقبة للمتقين" "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"، "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً"
من كان يظن أن الباطل بهذه الهشاشة وأنه لا جذر له أبداً: "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار"
أين الذين كانوا يسألون أين الله؟ متى ينصركم ربكم؟ "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون"، "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله".
أين الذين ظنوا أن سلطانهم باق ما له من زوال؟ أين أمون أين رمسيس القديم والجديد؟ "أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال"
أين المكر والكيد والشبْح والتعذيب و"غرفة جهنم" يا الحبيب العادلي؟ أين أين؟ "وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال"، "إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويداً".
وهل فهم أحد الآية بجلاء تام ووضوح كامل كما فهمت اليوم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
لقد غيروا ما بأنفسهم في بعد واحد فهزموا الطاغوت، لما هزموا خوفهم حطموا حاجز الخوف فحطموا الأساطير كلها.
لقد غيروا بالكلمات، لم يستعملوا من أدوات البلطجية شيئاً لا مطاويهم "ولا قرن الغزال" ولا السيوف ولا البلطات ولا الهراوات والجنازير والسلاسل والبغال.. ليصدق وعد الله: "ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون"
وهل فهمت تبرؤ الأتباع من المتبوعين والعكس كما رأيته متجلياً في ميادين القاهرة.. قاهرة كل المتجبرين، حماها الله ورعاها وأعلاها فوق العالمين: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا".
أرأيت كيف ألصق الرئيس كل التهم بالأجهزة وبدأ التراشق والتلاوم وكشف "الحبيب" عن غرفة فيها من الأسرار ما تشيب له الولدان: "إن ذلك لحق تخاصم أهل النار" ولقد وصل الناس حافة الاستيئاس فجاء الأمل: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا".
هل خطر ببالك أن يفوق عدد المصلين في ميدان التحرير عدد المصلين في الكعبة حتى في موسم الحج؟ وصدق الله: "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً".
ولو أردت لحشدت عشرات الآيات وكيف رأيناها تتحقق في الواقع وتعزز يقيننا..
إن الذين استشهدوا وقتلوا ظلماً قد حققوا النصر وبهم تحقق الظفر وباستشهادهم: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً".
أما الطواغيت الذين اسودت وجوههم في الدنيا فصدق فيهم وعد الله: "لهم خزي في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم".
وصدق فيهم قول الله: "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون". أولم تقرأ الآية الكريمة وعداً أنجز في قوله تعالى: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً".
والحمد لله رب العالمين أن جعلنا نشهد زمان الانتصار.
د. أحمد نوفل
1- النصر العظيم.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. الله أكبر، ما أروع هذه اللحظة، الله أكبر ما أعظم هذا الانتصار. لقد صدق وعد الله، ألا فلتقر عيون المؤمنين؛ إن الله يريكم آياته، ويريد أن يثبت يقينكم. هاهو وعد الله يتحقق: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" لقد ظن المتألهون المستكبرون أن الأمور استقرت لهم، وما علموا أن الأيام دول. غرتهم أمانيهم الكِذاب، وأعمتهم القوة التي بأيديهم أن يروا الآتي؛ فكان الزلزال والطوفان الذي أطاح بأهل الطغيان.
ربما تجعلنا فرحة النصر لا نعي مقدار عظمة ما أنجز. إن الذي أنجز يفوق الخيال، فإياكم أن تظنوا ولو للحظة أن لحظة مثل هذه اللحظة مرت بنا منذ خمسين سنة!
لقد عاد ثمانون مليوناً إلى عروبتهم وانتمائهم وأمتهم بعد أن بغّضهم النظام البغيض في أمتهم، وباعدهم عن قضاياها.
ما أفرحنا بعودة الأم. ما أشد ابتهاجنا باجتماع الشمل والتئام الصف. هذا يوم فرح عظيم ونصر عظيم.
الله أكبر كم في النصر من عجب
يا شعب مصر جدد سالف الحقب
الله أكبر كم جميل وعظيم وجليل حب الأوطان، وكم رائع متألق هتاف الحناجر الهادرة من الملايين الثائرة:
بلادي بلادي بلادي
لك حبي وفؤادي
الآن تعود الأوطان إلى بالغ حب القلوب لها كما كانت، وكان من ضمن أهداف النظام البائد أن يكْره الناس وطنهم وبلادهم. فثبت أن حب الأوطان أعمق من محاولات أولياء الشيطان.
الله أكبر كم عظيم هو معنى الوحدة. وحدة الشعب المصري أنجزت إنجازاً أقرب إلى المعجزات. فتخيل لو تحققت وحدة الشعب العربي والأمة الإسلامية ماذا كنا ننجز؟
الله أكبر. كم هو عظيم أن يكون للجماهير مشروع تتجمع لإنجازه وتلتف حول تحقيقه، وتفجر طاقاتها في بلوغه!
وإن من ضمن ما دمر الحكم السابق أن قتل كل هذه المعاني وقتل كل جميل!
هذا هو يوم الاستقلال.. الحقيقي. لا أي يوم آخر. هذا هو يوم الانتصار الكامل، لا أي يوم سواه.
هذه هي الثورة الكاملة، النقية، المتجذرة الطاهرة، البيضاء. الناصعة، فلم يرق الثوار من خصومهم قطرة دم، بل قدموا دمهم.
لا اتصال بالسفارات، لا كواليس ولا مؤامرات، لا انتهازيين ومستغلين، بل تضحية وجود بالدماء والأرواح والراحات.
لم تشهد الدنيا ثورة بهذا العنفوان، وهذا الحضور والزخم الشعبي. بوركت يا شعب مصر. الآن تغسل عن مصر أدران أنظمة تعاقبت، كانت ظل الاستعمار.. فأربعون سنة من الزيف والتدمير والتبعية، جعلت عيش المصري لا يطاق.. مع أنه صبار شكور.
أربعون سنة من القمع والقهر تهاوت مثل بيت من قش أو مثل بيت عنكبوت.
كان الاستعمار يخرج من الباب ويعود من الشباك. الآن يخرج الاستعمار ووكلاؤه وأذنابه وذيوله وأزلامه ومحاسيبه بلا عودة لا من باب ولا شباك!
لتعرف قيمة ما أنجز؛ اقرأ ما كتب "إيتان هابر" في يديعوت أحرونوت تحت عنوان: ""إسرائيل" في خطر والدولاب يدور إلى الخلف". ونشر في السبيل 12/ 2: "أمام ناظرينا ينهار عمودا إسناد، عليهما استندت دولة "إسرائيل" في العقود الأخيرة..الخ"
واقرأ ما يكتبه آرون ديفيد ميلر في الواشنطن بوست، وهو مستشار سابق في الخارجية الأمريكية وأستاذ جامعي وعنوان مقاله: "التطورات المصرية والمخاوف الإسرائيلية": "الموقف المصري الجديد يمثل مشكلة لـ"إسرائيل" ولحليفها أمريكا، فالصفقة الشيطانية (هكذا) القديمة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع مصر والتي كانت تقوم على الاعتماد على القاهرة كحليف رئيسي في المنطقة يضطلع بدور مهم مقابل غض واشنطن الطرف عن الطريقة التي تحكم بها مصر، باتت شيئاً من الماضي الآن بالتأكيد".
الأمور محلياً وعالمياً أخطر من كل ما قيل وما يقال. عودة الروح إلى الجماهير أمر مخيف حقاً.. لكن لكل الخفافيش من أعداء الأمة عملاء الاستعمار.
عودة التلاحم الجماهيري، والتراص، والتآلف، والتقارب الاجتماعي بعد النفار والتناشز والتدابر الذي عمل عليه النظام، أقول هذه اللحمة كذلك أمر خطير لكن على المتربصين.
الشباب الذي راهنوا على تمييعه بالقصة والمسلسل والأغنية والمقالة والكليب والنوادي والكرة والشواغل الكثيرة، إذ به ينفض عنه كل الزيف والطيش ويتمرد مارداً لا يقبل العودة إلى قمقمه إلا بتحرر وطنه. فلما حقق ما يريد طفق يردد: حرية.. حرية. يا لها من ساعة بهيجة بهية!
2- قراءة جديدة للآيات
لا أريد في هذه النقطة أن أتكلم. ولكني سأترك الكلمات الجامعات والآيات الباهرات تتكلم، وتريك كيف يتجلى القرآن في الواقع بصورة لا تحتاج إلى تفسير. هذا زمان تجلي المعاني لا مجرد تفسيرها. وشتان بين تجلي المعنى في الواقع وشرحه من القاموس أو من تفسير من التفاسير. تماماً كما تشرح عن الانشراح والسرور، وأن تعيشه حالة انتصار وتحقيق المراد. وأتركك الآن، قارئي تعيش مع الآيات لترى كيف صدقنا الله وعده، وعده الذي لا يخلف، لكن وطأة الواقع وظلمه وظلمته جعلت يقين بعض الناس يهتز ويترنح، اقرأ وتأمل وقل الحمد لله الذي صدقنا الوعد وأذهب عنا كل كدر ونكد: "إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضْعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين. ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون".
"قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير".
أين أحمد عز؟ دالت دولته وأذلت عزته التي بناها على ذل المستضعفين وقهرهم، وهو لم يكن إلا مجرد طبال في النوادي الليلية. دالت دولته وزالت عزته: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" "والعاقبة للمتقين" "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"، "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً"
من كان يظن أن الباطل بهذه الهشاشة وأنه لا جذر له أبداً: "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار"
أين الذين كانوا يسألون أين الله؟ متى ينصركم ربكم؟ "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون"، "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله".
أين الذين ظنوا أن سلطانهم باق ما له من زوال؟ أين أمون أين رمسيس القديم والجديد؟ "أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال"
أين المكر والكيد والشبْح والتعذيب و"غرفة جهنم" يا الحبيب العادلي؟ أين أين؟ "وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال"، "إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويداً".
وهل فهم أحد الآية بجلاء تام ووضوح كامل كما فهمت اليوم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
لقد غيروا ما بأنفسهم في بعد واحد فهزموا الطاغوت، لما هزموا خوفهم حطموا حاجز الخوف فحطموا الأساطير كلها.
لقد غيروا بالكلمات، لم يستعملوا من أدوات البلطجية شيئاً لا مطاويهم "ولا قرن الغزال" ولا السيوف ولا البلطات ولا الهراوات والجنازير والسلاسل والبغال.. ليصدق وعد الله: "ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون"
وهل فهمت تبرؤ الأتباع من المتبوعين والعكس كما رأيته متجلياً في ميادين القاهرة.. قاهرة كل المتجبرين، حماها الله ورعاها وأعلاها فوق العالمين: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا".
أرأيت كيف ألصق الرئيس كل التهم بالأجهزة وبدأ التراشق والتلاوم وكشف "الحبيب" عن غرفة فيها من الأسرار ما تشيب له الولدان: "إن ذلك لحق تخاصم أهل النار" ولقد وصل الناس حافة الاستيئاس فجاء الأمل: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا".
هل خطر ببالك أن يفوق عدد المصلين في ميدان التحرير عدد المصلين في الكعبة حتى في موسم الحج؟ وصدق الله: "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً".
ولو أردت لحشدت عشرات الآيات وكيف رأيناها تتحقق في الواقع وتعزز يقيننا..
إن الذين استشهدوا وقتلوا ظلماً قد حققوا النصر وبهم تحقق الظفر وباستشهادهم: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً".
أما الطواغيت الذين اسودت وجوههم في الدنيا فصدق فيهم وعد الله: "لهم خزي في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم".
وصدق فيهم قول الله: "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون". أولم تقرأ الآية الكريمة وعداً أنجز في قوله تعالى: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً".
والحمد لله رب العالمين أن جعلنا نشهد زمان الانتصار.
مواضيع مماثلة
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
» وما غير الطبيعة من سِفر
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
» طال ابتهال المصطفى
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني