الأدب بصفة عامة لون من ألوان الفنون، بل هو أكثرها شيوعًا؛ لأنه يضمّ الشعر وأنواع النثر الفني الأخرى:كالقصة والمسرحية والمقالة والخاطرة وترجمة الحياة وغيرها..
والأدب- كسائر الفنون- تعبير موحٍ عن قيم حية ينفعل بها ضمير الفنان، هذه القيم قد تختلف من نفس إلى نفس، ومن بيئة إلى بيئة، ومن عصر إلى عصر، ولكنها في كل حال تنبثق من تصوّر معين للحياة، والارتباطات فيها بين الإنسان والكون، وبين بعض الإنسان وبعض.
والأدب الإسلامي: تصور معين للحياة تنبثق منه قيم خاصة لها، ومن ثم فالأدب الإسلامي لا ينحصر في الموضوعات التي اصطلح الناس على تسميتها موضوعات دينية، وإنَّما يدخل فيه كل ما يقدمه الأدباء المسلمون من عطاء مسكون بروح إسلامية أيًّا كان موضوعه، فالأديب المسلم يتعامل مع الحياة في كل مجالاتها واهتماماتها، ولكن بشكل خاص يرتضيه الإسلام، ومجالات الأديب المسلم هي كل مجالات الوجود مرسومة من خلال النفس المؤمنة المتفتحة بالإيمان..
والالتزام منهج وأسلوب عمل وفق تصور معين ليس بدعًا كما يدعي البعض حتى هؤلاء الذين يزعمون أن الالتزام قيّدهم ملتزمون بشكل أو بآخر، بل هو أمر قديم قدم الفنون والآداب، ولكنه ليس قيدًا على النمو والتطور في مجال الإبداع والفكر..
والالتزام في الأدب الإسلامي يختلف عن الالتزام في سائر الآداب؛ لأنه التزام يستمدّ مقوماته من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية ومن السوابق التاريخية لجيل الصحابة والرواد؛ فالالتزام في الأدب الإسلامي يتيح للفرد مدى واسعًا سعة الإسلام للتعبير عن الذات، فالأديب المسلم لا ينحصر في قالب محدود، فله أن يتحدث عن جمال الكون والطبيعة وجمال المشاعر والقيم، بل هو يعرض الحياة كلها من خلال المعايير الجمالية سواءً بالسلب أو الإيجاب، فهو حين يعرض للاختلالات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو النفسية أو الخلقية يعرضها على أنها قبح ينافِي حقيقة الجمال التي ينبغي أن تكون راسخة في حياة البشر؛ لأنها راسخة في بنية الكون كله والحياة..
والالتزام في الأدب الإسلامي التزام مضمون، وليس التزام شكل، وهو ليس جمودًا وتحجرًا؛ لأنه التزام بالثوابت والأصول التي لا تتغير أبد الدهر..
والالتزام ليس نقيض الحرية بمعناها الأصيل؛ فحرية المسلم مرتبطة بعقيدة وبالمسئولية الكبرى التي تقع على عاتقه والحرية من أهم حقوق الإنسان، ورحم الله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قال: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا"؟
والحرية تكون حقيقية عندما يتحرّر الإنسان من قيود الخوف وشهوة وأطماع الحياة، وعندما ينتصر على الأنانية المريضة ويفكّ عن روحه وجسده حبائل الشيطان.. ويتجلَّى ذلك عندما يتضح لنا أن الالتزام الأدبي في منظوره الماركسي يضيِّق الخناق على الإبداع ويلاحقه في منحنياته ويسدّ عنه منافذ الهواء فتطفئ فيه شعلة الإبداع..
إن الالتزام الماركسي يأخذ بُعدًا طبقيًّا صرفًا، ويتشكل من خلال صراع الطبقات، ومن ثم فالأدب الشيوعي إنَّما هو أدب الطبقة العاملة يعبر عن همومها، ويدافع عن قضاياها ويفند مقولات ومعطيات الطبقات الأخرى التي تترصد لها.. إن الماركسية تكبح حرية الأديب في أن يعبّر عن ذاته وتضبطه في قالبها الصارم وتقلم توجهاتها الإبداعية..
والالتزام الوجودي كذلك يتعلَّق بالذات المتفردة، وقد عبر عن هذا الالتزام "سارتر" في أعماله الأدبية المتعددة، ومن ثَمَّ يضيع الإنسان وتضيع الجماعة ويفقد الأديب قدرته الحيوية على أن يقوم بدوره الإنساني الشامل، ويغدو الالتزام متعارضًا بشكل أو بآخر مع مطامح الإنسان ومثله العليا، وذلك من خلال هذا التطرف في الالتزام في منظوره الماركسي والالتزام في منظوره الوجودي..
بينما الالتزام الإسلامي يملك قدرًا كبيرًا من الحرية والمرونة والعفوية والانفتاح مما يتيح للأديب أن يعبر عن خلجاته وأشواقه في إطار التزامه بالفكرة الإسلامية، ولقد ضرب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في قولته المشهورة في نقد شعر زهير بن أبي سلمى مثالَ التوازن النقدي بين الشكل والمضمون، حيث قال - رضي الله عنه -: "كان لا يعاضل بين الكلام، ولا يتبع الحوشي، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه".
لكم كل الشكر على القراءة
جواد بكري
والأدب- كسائر الفنون- تعبير موحٍ عن قيم حية ينفعل بها ضمير الفنان، هذه القيم قد تختلف من نفس إلى نفس، ومن بيئة إلى بيئة، ومن عصر إلى عصر، ولكنها في كل حال تنبثق من تصوّر معين للحياة، والارتباطات فيها بين الإنسان والكون، وبين بعض الإنسان وبعض.
والأدب الإسلامي: تصور معين للحياة تنبثق منه قيم خاصة لها، ومن ثم فالأدب الإسلامي لا ينحصر في الموضوعات التي اصطلح الناس على تسميتها موضوعات دينية، وإنَّما يدخل فيه كل ما يقدمه الأدباء المسلمون من عطاء مسكون بروح إسلامية أيًّا كان موضوعه، فالأديب المسلم يتعامل مع الحياة في كل مجالاتها واهتماماتها، ولكن بشكل خاص يرتضيه الإسلام، ومجالات الأديب المسلم هي كل مجالات الوجود مرسومة من خلال النفس المؤمنة المتفتحة بالإيمان..
والالتزام منهج وأسلوب عمل وفق تصور معين ليس بدعًا كما يدعي البعض حتى هؤلاء الذين يزعمون أن الالتزام قيّدهم ملتزمون بشكل أو بآخر، بل هو أمر قديم قدم الفنون والآداب، ولكنه ليس قيدًا على النمو والتطور في مجال الإبداع والفكر..
والالتزام في الأدب الإسلامي يختلف عن الالتزام في سائر الآداب؛ لأنه التزام يستمدّ مقوماته من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية ومن السوابق التاريخية لجيل الصحابة والرواد؛ فالالتزام في الأدب الإسلامي يتيح للفرد مدى واسعًا سعة الإسلام للتعبير عن الذات، فالأديب المسلم لا ينحصر في قالب محدود، فله أن يتحدث عن جمال الكون والطبيعة وجمال المشاعر والقيم، بل هو يعرض الحياة كلها من خلال المعايير الجمالية سواءً بالسلب أو الإيجاب، فهو حين يعرض للاختلالات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو النفسية أو الخلقية يعرضها على أنها قبح ينافِي حقيقة الجمال التي ينبغي أن تكون راسخة في حياة البشر؛ لأنها راسخة في بنية الكون كله والحياة..
والالتزام في الأدب الإسلامي التزام مضمون، وليس التزام شكل، وهو ليس جمودًا وتحجرًا؛ لأنه التزام بالثوابت والأصول التي لا تتغير أبد الدهر..
والالتزام ليس نقيض الحرية بمعناها الأصيل؛ فحرية المسلم مرتبطة بعقيدة وبالمسئولية الكبرى التي تقع على عاتقه والحرية من أهم حقوق الإنسان، ورحم الله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قال: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا"؟
والحرية تكون حقيقية عندما يتحرّر الإنسان من قيود الخوف وشهوة وأطماع الحياة، وعندما ينتصر على الأنانية المريضة ويفكّ عن روحه وجسده حبائل الشيطان.. ويتجلَّى ذلك عندما يتضح لنا أن الالتزام الأدبي في منظوره الماركسي يضيِّق الخناق على الإبداع ويلاحقه في منحنياته ويسدّ عنه منافذ الهواء فتطفئ فيه شعلة الإبداع..
إن الالتزام الماركسي يأخذ بُعدًا طبقيًّا صرفًا، ويتشكل من خلال صراع الطبقات، ومن ثم فالأدب الشيوعي إنَّما هو أدب الطبقة العاملة يعبر عن همومها، ويدافع عن قضاياها ويفند مقولات ومعطيات الطبقات الأخرى التي تترصد لها.. إن الماركسية تكبح حرية الأديب في أن يعبّر عن ذاته وتضبطه في قالبها الصارم وتقلم توجهاتها الإبداعية..
والالتزام الوجودي كذلك يتعلَّق بالذات المتفردة، وقد عبر عن هذا الالتزام "سارتر" في أعماله الأدبية المتعددة، ومن ثَمَّ يضيع الإنسان وتضيع الجماعة ويفقد الأديب قدرته الحيوية على أن يقوم بدوره الإنساني الشامل، ويغدو الالتزام متعارضًا بشكل أو بآخر مع مطامح الإنسان ومثله العليا، وذلك من خلال هذا التطرف في الالتزام في منظوره الماركسي والالتزام في منظوره الوجودي..
بينما الالتزام الإسلامي يملك قدرًا كبيرًا من الحرية والمرونة والعفوية والانفتاح مما يتيح للأديب أن يعبر عن خلجاته وأشواقه في إطار التزامه بالفكرة الإسلامية، ولقد ضرب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في قولته المشهورة في نقد شعر زهير بن أبي سلمى مثالَ التوازن النقدي بين الشكل والمضمون، حيث قال - رضي الله عنه -: "كان لا يعاضل بين الكلام، ولا يتبع الحوشي، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه".
لكم كل الشكر على القراءة
جواد بكري
الجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
الإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
السبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
السبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» وما غير الطبيعة من سِفر
الخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
الخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
الخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» طال ابتهال المصطفى
الخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني
» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
الأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني