أذكى رجل في العالم

قد يجزم البعض أن ألبرت آينشتاين هو أذكى رجل في التاريخ, فحتى اللحظة ما زالت معظم نظرياته غير قابلة للدحض كما أنها غير قابلة للاثبات, وآخرون يقولون: إن الذكاء تمثل رجلا في شخص اسحاق نيوتن الذي ابتكر واكتشف أعقد قوانين الفيزياء والرياضيات من تفاحة سقطت على رأسه ذات مساء! ويجزم آخرون أن لا ذكاء كذكاء الساسة, وأذكاهم هو عمرو بن العاص, أدهى دهاة العرب الذي خادع أبا موسى الأشعري وهو داهية بذاته وأحد قضاة الأمة الأربعة, فجعله يخلع ولي أمر المسلمين علي بن أبي طالب مخرجاً نفسه بذلك من عهد الله ورسوله لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من خلع يدا من طاعةٍ؛ لقي الله يوم القيامة ولا حُجة لهُ، ومن مات وليس في عُنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية)) رواه مسلم, بل إن الأمر بالطاعة وعدم الخروج على الجماعة وصل برسول الله أن قال: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استُعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)). فكان من تلك الخديعة إنشقاق صف الأمة حتى اللحظة, واعتزال أبي موسى الدنيا حتى مماته.

لكن في ظني, أن أدهى أهل الأرض وأذكى من مر بالزمان والمكان ما زال ماثلا بيننا اليوم, وهو رجل بسيط الهيئة لطيف المعشر دمث حتى أنه ينحني لمن هم أقل منه شأنا, لا تفارقه الابتسامة وإن كان يشن حرباً, وقد أقنع أمة تكره شكل وذكر قومه أن تسيّده عليها, وما زال أمر دينه ومعتقده لغزا يحيّر الملايين, بل إن مكان مولده وتاريخ حياته لا يعلم تفاصيله إلاه.

في يوم تراه يخلع نعله داخلا المساجد, وفي آخر ترى جيوشه تقتل المصلين فيها, يدين انتهاك حقوق الإنسان ويحرك الاساطيل بدعوى حمايتها في مشارق الأرض ومغاربها في الصباح, ثم يسكت في المساء عن مجازر حصدت وتحصد المئات تحت عينيه وفي قلب قواعده.

رجل ولد لأب أسود مسلم هجره وهو ابن عامين ليربيه رجل آسيوي مسلم أيضا حتى سن الرجولة, ومع ذلك يعتنق المسيحية المتشددة ويكتب عن أبيه المسلم كتابا بعد أن بلغ أربعة وثلاثين عاما.

بدأ دراسته في جامعة فقيرة مغمورة في ولاية لم تشتهر يوما إلا بأنها مرتع للفساد الأخلاقي, ليقفز فجأة وبلا مقدمات إلى جامعة كولومبيا إحدى أشهر جامعات العالم القابعة في أهم عواصم المال والسياسة العالمية.

عمل محللا اقتصاديا ومديرا للمشاريع الانمائية في مؤسسة محلية, ليُفاجأ الناس به بعد ذلك يدرس القانون في أرقى جامعة في العالم ثم يدرّسه في أخرى لا تقل عنها.. انخرط في السياسة ليفوز في انتخابات مجلس النواب بأغلبية 70% في ولاية بيضاء! ورغم إعلانه عشرات المرات عدم نيته خوض الانتخابات الرئاسية إلا أنه وقبل الترشيح بعام, وبعد تطمين المنافسين, يعلن ترشحه ويكتسح الانتخابات الداخلية لحزبه رغم صلابة المنافسة.

يوم تنصيبه "ملكا للعالم" يصر على الافتخار بذكر اسم أبيه العربي المسلم, وفي أول تصريح له حول قضية المسلمين الأولى يقول: إن "القدس ستبقى عاصمة إسرائيل ويجب أن تبقى موحدة", ورغم أن غيره يبذل الكثير لنيل رضى اللوبي الصهيوني اكتفى هو بكسب حب اسرائيل بإنشاء مدونة (شخصية) بالعبرية -التي لا يعلم أحد متى تعلّمها- على أكثر المواقع الاسرائيلية شعبية وجدلا.

وعد شعبه بإنهاء الأزمة الاقتصادية والعودة ببلده إلى زمن السمن والعسل, فلما فشل وبدأت الانتخابات بالاقتراب لجأ إلى أقدم خدعة في كتاب السياسة.. لقد أشعل حرباً!! وبعد أن ورّط أصدقاءه الآخرين المقبلين هم أيضا على انتخابات في بلدانهم ويريدون مثله من هذه الحروب أن تضمن لهم تعاطف الشارع.. انسحب, محتفظا بصورة المقاتل دون أن يخسر مزيدا من المال والهيبة في حروب لا تستهدف إلا المدنيين وأموال الدول, التي نجح وحده في اقتناصها ومصادرتها تاركا لمن وراءه وزر القتل والقتال.

إن باراك أوباما بحق هو أذكى رجل في العالم, وهو بحق الرابح الأكبر -إن لم يكن الوحيد- من ربيع العرب, الذي يرويه أوباما من مال العرب ودماء العرب فيما هو يحرك العرب ضد العرب بوسائل العرب, وربيعنا المكذوب يتحول سريعاًَ إلى خريف حقيقي, لكنه خريف أحمر قان لا كاسب فيه إلا خزينة الولايات المتحدة وانتخابات أوباما وساركوزي!!!

كتبها: حسن التل

مع فيض شكري
كريم أبو العسل