منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

نرحب بجميع زوار هذا المنتدى ونأمل أن يطيب لكم البقاء ويحدونا الفخر بانضمامكم لأسرتنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

نرحب بجميع زوار هذا المنتدى ونأمل أن يطيب لكم البقاء ويحدونا الفخر بانضمامكم لأسرتنا

منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الشاعر حسن محمد نجيب صهيوني

ملتقى أدبي يهتم بفنون الأدب العربي من شعر قديم ومعاصر ويحوي عدداً من التراجم والسير الأدبية والمقالات والقصص والروايات

بعد التحية على الزوار الراغبين بالإنضمام لهذا المنتدى التسجيل بأسمائهم الحقيقية أو ألقابهم أو أي اسم أدبي يليق بالمنتدى بعيداً عن أي أسماء تخل بسمعة المنتدى وتسيء إليه، وسوف تقوم إدارة المنتدى بالرقابة على الأسماء غير اللائقة أدبياً ثم حجبها ..... إدارة المنتدى

المواضيع الأخيرة

» ملحمة شعرية مهداة الى الشاعرة عائشة الفزاري / د. لطفي الياسيني
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالجمعة يونيو 28, 2019 8:55 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» د. ليلى عريقات نائب الرئيس ورئيسة تكريم الشهادات الفخرية والرئيسة الفخرية للمجلس
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالإثنين ديسمبر 03, 2018 12:25 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» اهداء ارتجالي الى عميدة الشعر المعاصر الاستاذة د. ليلى عريقات / د. لطفي الياسيني
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالسبت ديسمبر 01, 2018 9:05 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» خذ ومن عمري لعمرك .. مهداة لشيخ الشعراء المجاهدين لطفي الياسيني للشاعر حسين حرفوش
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالسبت ديسمبر 01, 2018 2:18 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» وما غير الطبيعة من سِفر
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:22 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» حمى الناس ..إهداء إلى أهالي الحولة
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:13 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» قصيدة معايدة الرؤساء العرب .. للشيخ عائض القرني
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:12 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» طال ابتهال المصطفى
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالخميس يوليو 11, 2013 6:11 pm من طرف الشاعر لطفي الياسيني

» من وحي السيول والفيضانات التي اجتاحت بيوتنا / د. لطفي الياسيني
رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Emptyالأربعاء يناير 09, 2013 4:02 am من طرف الشاعر لطفي الياسيني

التبادل الاعلاني


    رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي

    avatar
    خيري غول


    عدد المساهمات : 67
    نقاط : 25721
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 08/05/2010

    رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي Empty رواية (الخريف الأول: أضاع الياسمين شذاه) للروائية عائدة الخالدي

    مُساهمة من طرف خيري غول السبت أبريل 30, 2011 8:17 pm

    الخريف الأول:أضاع الياسمين شذاه
    بعد سفر ليلى وبيتر لم يكن لدي الوقت أو الرغبة للتفكير بذاتي..‏
    ليلى ومرضها وشفاؤها ومستقبلها هي همومي التي طغت على ما سواها..‏
    [size=12]كنت في حالة ترقب وانتظار..‏
    [size=12]أنتظر هاتف بيتر..‏
    [size=12]أنتظر موعد السفر..‏
    [size=12]خطر ببالي أن أزورك.. ألم يقل بيتر أنك إنسان نبيل، ولن تخذلني أو تبخل علي بالمساعدة؟!!‏
    [size=12]مضى ثلاثة أشهر لم أرك فيها..‏
    [size=12]ثلاثة أشهر منذ زيارتي لك بعد عودتي من المغرب في أوائل آب..‏
    [size=12]فكرت أن أزورك هذه المرة من أجل ليلى فقط..‏
    [size=12]****‏
    [size=12]هل تذكر عندما جئت إليك من أجلها في صباح خريفي مشمس من صباحات تشرين الثاني، وقد عدت لتوك من السفر؟‏
    [size=12]كنت قد حضرت في اليوم السابق وبقيت أنتظرك في حديقة منزلك حتى الحادية عشرة وأنت ما تزال تغط في نومك بعد عودتك من تلك الرحلة الطويلة، فتركت لك رسالة وذهبت على أمل لقياك في اليوم التالي قبل أن تذهب إلى العيادة.‏
    [size=12]الرسائل كانت وسيلتي الوحيدة للتحدث إليك بكل صراحة، والبوح بما لا أستطيع أبداً البوح به عندما نلتقي لقاءاتنا القصيرة جداً..‏
    [size=12]وجدت أني أكتشف فيها نفسي من جديد.. أنزع عنها كل تلك الأقنعة التي اختبأت وراءها طويلاً.. لم يكن دافعي لكتابتها أنت.. فمنك لم تصدر أبداً أية بوادر تشجيع لي لأبوح؛ بل بوادر إحباط..‏
    [size=12]رسالتي الأولى حملتك إلى بيتي لتعتذر مني بطريقتك الخاصة، ورسالتي الثانية ذكّرتك برقم هاتفي.. لكن ردة فعلك السلبية بعد كل رسالة بعدهما كانت تصيبني بالإحباط؛ فأبكي وألملم من جديد أجزاء نفسي المبعثرة.. أعيد حساباتي لأجد أني ما زلت أحبك.. أحبك!‏
    [size=12]كان حبك.. بل الحب، بحد ذاته، هو دائي ودوائي ودافعي للكتابة؛ فلو لم أحب لما اكتشفت نفسي من جديد..‏
    [size=12]جئت إليك وتركتني عمداً أنتظرك طويلاً في غرفة الاستقبال..‏
    [size=12]كنت غاضباً من رسالتي، وكان صوت المذياع يتناهى إلى سمعي من الطابق الثاني وأنت تستمع إلى نشرة الأخبار من محطة إذاعية ما، وقد خرجت لتوك من الحمام!.‏
    [size=12]كنت مستندة على الباب المؤدي إلى الحديقة أتأملها وأشفق عليها من الإهمال..‏
    [size=12]كنت متوترة بعد ليلة لم أغفو فيها إلا قليلاً.. ليلة أمضيتها قريباً جداً منك.. في منزل سناء.‏
    [size=12]فكيف لا أتوتر؟!‏
    [size=12]كانت سناء قد دعتني للاحتفال مع أصدقائها بعيد ميلادها، وامتدت السهرة حتى الثالثة صباحاً، وعندما خلا المنزل من المدعوين خرجت إلى المسجد الصغير حيث ضريح والدك؛ فوضعت على نافذته زهرة قرنفل وشكوتك له.‏
    [size=12]صحوت باكراً جداً فخرجت من المنزل بهدوء والجميع نيام ومررت بجوار منزل أمك فنادتني المرأة التي تقوم على خدمتها، وقد عرفتني غريبة لتسألني بفضول من أكون.‏
    [size=12]ومررت قرب بيتك وأنت تغط في النوم ثم مشيت حتى غاب عن أنظاري فجلست على صخرة أتأمل هذا البحر المتوسطي الممتد حتى الأفق وأنتظر أن تحين الساعة التاسعة.‏
    [size=12]جلب لي جهاد، هذا الشاب البليد الذي يعمل عندك، فنجان القهوة وتركني أنتظر ربع ساعة إضافية قبل أن يخطر بباله أن يخبرك عن قدومي!‏
    [size=12]ثم سمعت خطواتك وأنت تهبط الدرج لتمد يدك مصافحاً فقط، وتبخل علي بقبلة على الوجنتين اعتدت عليها منك.‏
    [size=12]شممت رائحتك.. شممت عطرك الذي وضعته بعد الحلاقة ووددت رغم كل شيء أن أدنو من وجنتيك وأطبع عليهما قبلتين!‏
    [size=12]لكنني تمالكت نفسي، ككل مرة، وبادرتك بالتحية:‏
    [size=12]-صباح الخير والحمد لله على السلامة.‏
    [size=12]-الله يسلمك.. كيف حالك؟‏
    [size=12]-زفت!.. وأنت تعلم.‏
    [size=12]-نظرت إلي مستغرباً وكأنك لا تعرف.‏
    [size=12]-ألم تقرأ الرسالة؟‏
    [size=12]-لا.. لم أقرأها.‏
    [size=12]-بل قرأتها!‏
    [size=12]-ما هو المطلوب إذن؟!‏
    [size=12]-أنت تعرف من الرسالة.. تعرف أن ليلى تخاف من الأطباء وتخاف منك أنت بالذات، أولاً لأنك طبيب، وثانياً لأنها لم تكن غافية تماماً بالسيارة ذاك المساء.. لقد أخبرتني أنها رأتنا... أنت تفهم ما أعنيه.‏
    [size=12]-لا!!‏
    [size=12]-بل تفهم.. أريدك أن تكتب لها أنك تحبها.. بضع كلمات فقط تهدئ من روعها وتشجعها.. أرجوك.‏
    [size=12]لقد أوهمتها أنها كانت نائمة وكانت تحلم.. إنها ابنتي، ولا أريدها أن تكرهني.‏
    [size=12]كانت ليلى قد سافرت مع والدها إلى بلدها الثاني ولم يمض شهر على دخولها المدرسة الجديدة.‏
    [size=12]كم بكيت ليلة سفرها.. عرفت أن ليالي طويلة مريرة ستكون بانتظاري.. وانتظرت.. انتظرت أياماً طويلة وأنا أتحدث مع بيتر بالهاتف، وليلى ما تزال تنتظر دورها لدخول المشفى والمكوث فيه لإجراء كل الفحوصات اللازمة.. كنت أنتظر فقط يوم دخولها المستشفى لأطير فوراً إليها.‏
    [size=12]كان خوف ليلى من الأطباء والمشفى والحقنة يصل إلى حد الرعب، ولذا جئت إليك، لأنك طبيب و.. "صديق"؛ فقد تشجعها بعض كلمات رقيقة منك أنت بالذات أضيفها إلى كل بطاقات ورسائل الحب التي جمعتها من الأهل والأصحاب لأرسلها لها.‏
    [size=12]لم تشأ أن تكتب لها؛ فأنت غاضب من رسالتي، وأنا لم أعد قادرة إلا على كتابة الرسائل.. لم أعد قادرة أن أستجديك من جديد وأسحب منك اعترافاً كاذباً بأنك تحبني.‏
    [size=12]كنت غاضباً جداً وأنت تقول لي:‏
    [size=12]-ولا كلمة!‏
    [size=12]-ولا كلمة؟!.. ماذا أريد أنا منك حقاً؟.. لا شيء البتة.‏
    [size=12]-أصبحت التراكمات كثيرة يا كارمن.. ما كان يجدر بك أن تصادقي سناء، ولا أن تتعرفي على أسرة أختي حتى لا تلوكك الألسنة.. هذا لصالحك.. أم أنا؛ فلا يهمني!‏
    [size=12]كنت عصبي المزاج للغاية وأنت ترافقني حتى الباب وتشتكي:‏
    [size=12]-يا إلهي.. أنا لم أشأ سوى صداقة.. صداقة فقط.. إن النساء العربيات فعلاً معقّدات!!.‏
    [size=12](هذه السناء... قريبتك..‏
    [size=12]لاحظت امتعاضك لوجودها بالصدفة هناك عندما جئت إليك كما تواعدنا لأرافقك إلى اللاذقية ذاك المساء.. لماذا؟‍!‏
    [size=12]لماذا لم تقل لي مذ زرتها لأول مرة أنك لا تحبذ ذلك؟ كنت تجنّبتها من أجلك، ولم أزرها بعد ذلك...‏
    [size=12]كيف كنت تريدني إذن أن أكون كي لا أكون "معقّدة".. ألست أنت حقاً من هو في منتهى التعقيد؟!!).‏
    [size=12]لم أعد أدري ما أقول، ومددت يدي بأزهار ياسمين قطفتها من شجيرتك عندما كنت أنتظرك...وضعتها على الطاولة:‏
    [size=12]ـ إن ياسمينك لا رائحة له!‏
    [size=12]نظرت إلي ببرودة نفذت إلى قلبي، وبقيت صامتاً..‏
    [size=12]أردفت وكأني أحاول الوصول إلى طوق ما للنجاة أخشى أن يفلت مني:‏
    [size=12]ـ ماذا.. ماذا أعني أنا لك حقاً؟!‏
    [size=12]ـ لاشيء... لاشيء البتة‍ .. إن صداقتنا ليست سوى صفر.. صفر‍‏
    [size=12]اختنقت الكلمات في حلقي.. ماذا أقول بعد؟... لاشيء، فقد انتهى الكلام.‏
    [size=12]عند الباب.. وأنا على وشك الذهاب إلى منزل أختك، وأنت على وشك الذهاب إلى بيت أمك قلت لي فجأة:‏
    [size=12]ألست ذاهبة إلى دمشق؟‏
    [size=12]ـ أجل..‏
    [size=12]ـ اتصلي بي إذن من هناك!‏
    [size=12]ـ متى؟!‏
    [size=12]قلتها بلهفة وبلا وعي ثم استدركت:‏
    [size=12]ـ لا... لن أتصل بك.. فما جدوى ذلك؟!..‏
    [size=12]بقيت صامتاً.. وتابعت سيرك، وتابعت سيري، والدموع التي انحبست في حضورك بدأت تترقرق في عيني.‏
    [size=12](يا إلهي ما أشد قسوتك.. كيف تكون فظاً هكذا وتردد على مسامعي: "صفر.. صفر"، دون أن يرف لك جفن ودون أن تسمع قلبي وهو يتفتت؟.. كيف تجرؤ أن تكون بارداً هكذا فلا تعطيني على الأقل قبلة الوداع؟!.. ثم تطلب مني فجأة أن أتصل بك في دمشق؟!... آه منك، ربما لا تعرف حقاً ما تريد.. بل من المؤكد أنك لا تعرف)...‏
    [size=12]ما إن وصلت إلى منزل أختك حتى كانت الدموع تنساب على خدي دون حرج.. أما هم: أختك وزوجها وابنتها، فقد شعروا بالحرج عوضاً عني..‏
    [size=12]قالت لي أختك:‏
    [size=12]ـ إنه طيب القلب ولن يلبث أن يصالحك..‏
    [size=12]ـ لا.. إنه لن يفعل.. لن يصالحني أبداً..‏
    [size=12]****‏
    [size=12]مكثت شهراً في دمشق.. شهراً في تلك الشقة التي استأجرتها.. شهراً، أنتظر أن تتصل بي، ورقم الهاتف كتبته لك على مظروف تلك الرسالة التي وضعتها في صندوق بريدك...‏
    [size=12]كان لابد من الكتابة؛ ففي حضورك أنسى دائماً ما أود قوله، ثم تتدفق في رأسي عند غيابك كل الكلمات التي كان يبنغي أن أقولها لك.‏
    [size=12]أتساءل إذا كنت قد قرأتها... تلك الرسالة المجنونة (بل تلك الرسالتين؛ فرسالة واحدة لم تكن كافية).‏
    [size=12]رن جرس الهاتف المشترك بيني وبين المؤجّر الذي يقطن في الطابق العلوي.. خفق قلبي بشدة؛ فاليوم هو اليوم الذي تسافر فيه مساء إلى منزلك الآخر في اللاذقية.. وقد تكون أنت تريد أن تكلمني وتصالحني وتطلب مني أن أرافقك..‏
    [size=12]كنت أسمع أبو ناجي العجوز بصوته المرتفع يخاطب المتكلم:‏
    [size=12]".. نعم...نعم.. رقم الهاتف صحيح، ولكن مع من تريد أن تتكلم؟".‏
    [size=12]ازداد خفقان قلبي.. لابد أنه هو: أرجوك.. قل له أنك تريد التحدث إلي!‏
    [size=12]لكن المتكلم على الطرف الآخر أغلق الخط..‏
    [size=12]يا إلهي..كيف غاب عن بالي أن أكتب لك أن الهاتف مشترك؟.. لابد أنك تفاجأت من هذا الصوت الذكوري وظننت أني أقطن ربما مع أهلي فلم تجرؤ أن تطلبني.. كما لم تجرؤ مرة أن تطلبني عندما اتصلت بي فجراً وأجابت ليلى على الهاتف بدلاً مني.. هل تذكر؟‏
    [size=12]عدت وحيدة إلى اللاذقية في نفس اليوم، واتصلت بي سناء لتخبرني أن يوم خطبتها سيكون في الأسبوع القادم ودعتني للحضور وأكّدت لي أنها لم تدعك؛ فهي أيضاً غاضبة منك.‏
    [size=12]في يوم الخطبة اتصلت بي سناء صباحاً لتسألني عن آلة تصوير للفيديو وتخبرني أنك ستحضر!...‏
    [size=12]تظاهرت بعدم الاكتراث؛ لكنني كنت مشتاقة لرؤياك.‏
    [size=12]قالت لي في حفل عيد ميلادها أنك أيضاً من نفس البرج.. برجها؛ فتذكرت فجأة ذاك الكتيب عن الأبراج الذي اشتريته منذ زمن بعيد على سبيل التسلية هناك ولم أقرأه..‏
    [size=12]بحثت عنه طويلاً وقلّبت صفحاته لأقرا فيه أن برجينا منسجمان جداً ويجمعهما "الحب من أول نظرة"‍‍!!‏
    [size=12]الحب من أول نظرة؟!‏
    [size=12]هل أصدق كلام الأبراج؟!!..‏
    [size=12]ضحكت، وأعدت الكتيب إلى مكانه..‏
    [size=12]****‏
    [size=12]في الساعة الثامنة تماماً كنت عند سناء كما اتفقنا.‏
    [size=12]كانت صديقاتها الكثيرات يجلسن في غرفة الاستقبال الواسعة التي تم تغيير ترتيبها لتتسع أكثر، وقد وزعت في زواياها طاقات الأزهار.‏
    [size=12]وما لبثت ريما ـ ابنة أختك ـ أن دخلت مع والديها، فأقبلت علي فرحة.. قالت لي وهي تهم بتقبيلي على الوجنتين:‏
    [size=12]ـ "تبدين جميلة وأنيقة يا ملعونة"!..‏
    [size=12](ليتك كنت أنت من يقول لي ذلك)..‏
    [size=12]قبّلتني أختك وسألتني عن أحوالي، وسلّم علي أخوك بلطفه المعهود كلما رآني، ثم انصرف إلى "زاوية الرجال" كما انصرفت أختك إلى "زاوية النساء"؛ وجلست أنا قبالتها بعد أن جذبتني ريما من ذراعي لنجلس هناك في زاوية "البين بين"!..‏
    [size=12]كنت أجلس مترقّبة وعيناي تنظران تلقائياً إلى الباب بين فينة وأخرى.. أتوقع دخولك في كل لحظة. في الساعة التاسعة جئت.. أحسست بحضورك قبل أن أراك، فالتفتَ لألمحَ سترتك الجلدية وشعرك الفضي. التقت نظرتنا بسرعة، فأومأت لي بالتحية ثم جلست.. جلست في الزاوية في الصف المقابل؛ لكنك حوّلت أنظارك عن الجهة التي أجلس فيها وانغمست مباشرة في الحديث مع أحد المرشحين في الانتخابات التي اقترب موعدها كنت ألمح من الزاوية التي اخترت الجلوس فيها جانباً من وجهك فقط، والسيجار بين أصابعك، وكأس الشراب الموضوع أمامك ترشفه على مهل..‏
    [size=12]خشيت أن تحين منك التفاتة مفاجئة لتراني أتأملك، ولذا آثرت تغيير المكان في نفس اللحظة التي كانت فيها أختك تدعوني للجلوس بقربها بعد أن أصبح المكان شاغراً؛ فلبيت طلبها ممتنة وجاءت ربما لتجلس إلى جانبي الآخر.‏
    [size=12]جلست مابين أختك وابنتها مخفية عن أنظارك لا يظهر لك مني سوى جزءاً من ساقي الموضوعة على الساق الأخرى!‏
    [size=12]همست ريما في أذني:‏
    [size=12]ـ أريد تدخين سيجارة..‏
    [size=12]ـ فلتدخني إذن.‏
    [size=12]ـ لا أجرؤ على ذلك أمام أهلي.. أرجوك تعالي معي إلى المطبخ...‏
    [size=12]
    [size=12]ونهضت معها لتلبية رغبتها في التدخين، ورغبتي في الحركة وتغيير المكان.‏
    [size=12]قريباً من باب المطبخ كنت واقفاً تتحدث مع شقيقة سناء وأنا لم أنتبه أنك تركت زاويتك.. فاجأني وجودك فلم أدر للحظات إن كان علي التراجع إلى مكاني أم دخول المطبخ.‏
    [size=12]لعنت ريما في سري.. لقد وضعتني في موقف حرج، فربما تظن أني جئت كي أتحرش بك.‏
    [size=12]لكن عودتي إلى مكاني لم تكن مناسبة أيضاً وقد رأيتني، ولذا خطوت باتجاهك ومددت لك يدي مصافحة. جلست على الكرسي في المطبخ أسترق النظر بطرف عيني عبر الباب إليك وأنت منهمك بالحديث غير مهتم بأمري.‏
    [size=12]سحبت سيجارة أدخنها وأنفث معها بعضاً من همومي، وألتفت مرة أخرى إليك فلم أجدك.. لقد اختفيت من المكان وعدت من حيث أتيت لتكمل حديث السياسية.. أما ريما؛ فقدعادت إلى مكانها مذ رأتك وتركتني أدخن عوضاً عنها!...‏
    [size=12]عدت إلى مكاني وأنا ما أزال أصب لعناتي على ريما وعليك أيضاً.. قد مددت لك يدي بالتحية، فلم لم تنتهز الفرصة لتتحدث إلي؟‏
    [size=12]حوالي الحادية عشر مساءً أومأ لي يوسف ـ صديق سناء وخطيبها ـ ودعاني للجلوس حيث يجلس بجانب الخطيبين.. مدّ لي يده بالشراب وقد اكتسى وجهه بابتسامته الطفولية.‏
    [size=12]لم أكن بحاجة للشراب؛ ففي رأسي من الدوار مايكفي خاصة عندما رأيتك تقترب نحو الخطيبين.. ونحوي!...‏
    [size=12]مددت يدك إليهما مصافحاً ومهنئاً ومقبِّلاً ثم.. كان لابد من أن تتلامس يدينا مرة أخرى في مصافحة سريعة للمجاملة وأنت تستأذن بالانصراف، أنت وأختك وزوجها دفعة واحدة.‏
    [size=12]لم أعد أرغب بالبقاء وقد ذهبت أنت، ولاحظت ريما وجومي فاقترحت علي أن نذهب إلى منزلها لشرب المتة وتغيير الجو. وافقت.. ليس لأني من محبي المتة؛ فأنا لا أشربها إلا مجاملة؛ بل آملة أن أراك.. توقعت أن تكون قد ذهبت لمتابعة السهرة في منزل أختك.‏
    [size=12]لكنك لم تكن هناك..‏
    [size=12]كانت أختك وزوجها يجلسان أمام التلفاز عندما دخلنا حجرة الجلوس؛ لكنهما سرعان ما استأذنا وذهبا للنوم، أحضرت ريما الإبريق وكأسي المتة وجلسنا نتحدث..‏
    [size=12]بدأت ريما تتحدث عنك..‏
    [size=12]كم أحب الحديث عنك!..‏
    [size=12]***‏
    [size=12]اتصل بي بيتر ليطمئنني ويخبرني أن حالة ليلى النفسية قد تحسنت، وعندما استفسرت منه عن فحوصاتها الطبية قال إن الطبيب المختص بالأمراض العصبية قد اكتشف من خلال الصورة وجود خلل في جهازها العصبي وحدّده. سألته إن كان الطبيب قد طلب صورة أخرى فقال لي أنه اكتشف الخطأ على نفس الصورة التي رآها الطبيب في دمشق منذ أكثر من سنة!..‏
    [size=12]صدمني كلامه؛ فالخلل واضع على الصورة منذ ذاك الحين لم يكتشفه الطبيب؛ بل شخّص حالتها على أنها مرض نفسي وحوّلها إلى طبيب نفساني سرعان ما اكتشف هو الآخر لها مرضاً مناسباً ووصف لها الدواء أيضاً!!‏
    [size=12]ونحن صدّقنا؛ فلقد كانت لليلى تصرفات تجعلنا نعتقد أن مرضها نفسي فعلاً، وعندما أعيتنا الحيلة معها، رغم المعالجة النفسية، انتقلنا للعيش في دمشق خصيصاً من أجلها، وسجلناها مع بداية العام الدراسي الجديد في مدرسة خاصة هناك اعتقاداً منا أن تغيير البيئة المحيطة بها تغييراً جذرياً قد ينفع؛ فتحصيلها المدرسي كان في تراجع مستمر، وعلاقاتها مع أصدقائها في تدهور أيضاً.‏
    [size=12]والأيام تمر، ومع مرورها تزداد حالة الابنة سوءاً، لأن مرضها عضوي منذ البداية ونحن لا نعلم..‏
    [size=12]لم نكن نعلم أن تصرفاتها حيالنا ليست سوى عوارض تقليدية لهذا المرض اللعين الذي يؤثر على الحالة النفسية للمريض أيضاً.‏
    [size=12]لم تداوم في المدرسة إلا أسبوعين تيقّنا بعدها أنه لابد لها من السفر.‏
    [size=12]لا أعرف كيف خرجت من المدرسة وأنا أمسك بيدي إضبارة ليلى التي استعدتها من الإدارة، وكلام المديرة مازال يرن في إذني:‏
    [size=12]ـ لقد عملنا مافي وسعنا لتفهّم وضعها.. آسفة؛ ولكن ابنتك حقاً معاقة.‏
    [size=12].. معاقة.. معاقة.. ابنتي الوحيدة معاقة.. يا إلهي ماذا بوسعنا أن نفعل من أجلها؟‏
    [size=12]كنت فقط أريد أن أطلب لها إجازة طبية لإجراء فحوصات شاملة لها في المشفى؛ لكن المديرة صدمتني بكلامها. لا أعرف كيف اتصلت بأمي بالهاتف، وكيف أخبرتها عن ذلك كله وأنا أبكي.. وهي تبكي.‏
    [size=12]كرهت مكوثي وحدي في الشقة الخالية منهما في دمشق؛ فسافرت إلى اللاذقية...‏
    [size=12]ذهبت إلى سوسن وأمها..‏
    [size=12]سوسن التي آلمها كثيراً التشخيص الخاطئ لمرض ليلى؛ لم تستطع أن تغلق فمها عندما التقت بالصدقة تلك السيدة تمتدح ذاك الطبيب الشهير وكأنه معصوم عن الخطأ.‏
    [size=12]أنا لست ناقمة عليه أنه أخطأ؛ فللَّه وحده الكمال؛ ولكنني توقعت أن يرى على الأقل الخلل الواضح على الصورة، ويريني إياه، وينصحني بإحالتها إلى طبيب مختص هناك.. في بلدها الثاني.. بلدها الأوروبي الغربي المتقدم عنا تقنياً في الطب، وغير الطب؛ فليس في اعترافه بعجزه عن التشخيص أي انتقاص من قدره كطبيب بارع؛ بل بالعكس..‏
    [size=12]فكل إنسان مهما بلغ من العلم لابد أن ثمة إنسان آخر أكثر منه علماً.. كنت عندئذ سأحترمه لتواضعه أكثر.. فليرحمه الله.‏
    [size=12]قالت لي والدة سوسن أنها قلقة جداً، وتود الذهاب إلى صيدنايا وإيقاد الشموع من أجل ليلى وأسعدتني كثيراً مبادرتها الوجدانية..‏
    [size=12]ذهبنا إلى صيدنايا في يوم مشمس دافئ؛ لكن دفأه لا يذيب صقيعاً من الهم تراكم في القلب حتى أوجعه... أشعلت شموعاً وجثوت على ركبتي في دير العذراء أذرف الدموع من أجل ابنتي وأطلب من الله أن يرفق بها. ثم عادت سوسن وأمها إلى اللاذقية.. أما أنا؛ فبقيت وحدي في دمشق أنتظر، وأنتظر الأيام تمر بي بطيئة مملة. قال لي بيتر: "فحص ليلى سيكون يوم 3/12 وماعليك سوى التحلي بالصبر والانتظار".‏
    [size=12]أجل.. مزيداً من الصبر والانتظار.‏
    [size=12]****‏
    [size=12]ذهبت أزور أختك في منزلها في دمشق، وأقسمت ريما أن أبيت الليلة عندها أسوة بسناء، وإلا فإنها ستغضب مني.. أذعنت للأمر مجاملة لها ورغبة مني في سماع خبر تخبرني به عنك.‏
    [size=12]قالت لي ريما أنها سألتك إن كنت غاضباً مني؛ فقد لاحظت أننا لم نتبادل سوى التحية، وأنك استغربت سؤالها وأخبرتها أنك لا تغضب أبداً مني وأنك تحبني.. حتى أنك أخبرتها أنك زرتني في بيتي.‏
    [size=12](هل أنت تحبني حقاً وتكابر؟).‏
    [size=12]كم فرحت للخبر..‏
    [size=12]فرحت.. واكتفيت بابتسامة دون تعليق كي لا تلحظ ريما فرحتي، ونمت سعيدة.‏
    [size=12]في اليوم التالي.. وأنا منهمكة بإدخال المفتاح في باب الشقة التي استأجرتها في دمشق، تناهى إلى مسمعي صوت جارتي أم ناجي تناديني من الطابق العلوي:‏
    [size=12]ـ كارمن.. كارمن؟‏
    [size=12]ـ ما الأمر يا أم ناجي؟‍!...‏
    [size=12]ـ لقد اتصل زوجك هاتفياً بك وأنت غائبة.‏
    [size=12]ـ حسناً.. سأتصل به فوراً.. شكراً لك.‏
    [size=12]وهرعت فوراً إلى الكشك القريب لأتصل به؛ فأخبرني أن علي الحضور بأسرع وقت لأن ليلى ستدخل المشفى الاثنين القادم، ووجودي ضروري بقربها.‏
    [size=12]أسرعت بعد ذلك فوراً إلى مكتب الطيران لأحجز بطاقة السفر ليوم السبت.. فاليوم هو الخميس وعلي العودة إلى اللاذقية لأحزم حقيبتي وأخبر أحمد ابن الأرملة الفقيرة أم فادي أني سأسافر.‏
    [size=12]أم فادي أرملة طيبة القلب جداً..‏
    [size=12]جاء زوجها الشرطي بحكم عمله إلى هذه القرية منذ أكثر من عشرين سنة، وجلبها معه..‏
    [size=12]امرأة ريفية طيّبة وأميّة...‏
    [size=12]كان يحب الأولاد ويريدها أن تنجب وتنجب.. لكنه توفي في حادث، وترك لها نصف دزينة منهم.‏
    [size=12]تركها لتعتني بهم وتعمل من أجلهم عاملة تنظيف في البلدية...‏
    [size=12]أحمد طالب البكالوريا.. يقطن في غرفتين حقيرتين مع أمه وأخوته الخمس، ويجعله ضيق المكان وانعدام الهدوء غير قادر على الدراسة والتركيز، ولذا فقد اقترحت على والدته عندما سافر زوجي وابنتي أن ينتقل للعيش في منزلي..‏
    [size=12]شعرت أم فادي بادئ الأمر بالحرج والارتباك من هذا العرض الذي كانت هي وابنها في أشد الحاجة إليه.فشجعتها وأنا ألمح في عينيها السوداوين علائم الفرح والامتنان.‏
    [size=12]ـ الغرفة جاهزة، وبالمجان أيضاً..‏
    [size=12]قلت لها مازحة..‏
    [size=12]ـ جزاك الله خيراً يا أم ليلى.. لقد فكرت حقاً في استئجار غرفة صغيرة له كي لا تضيع عليه السنة رغم ضيق ذات اليد.. أنت أدرى بأحوالنا يا أختي..‏
    [size=12]خصصت له غرفة مستقلة ليدرس وينام فيها؛ حيث الهدوء المخيّم على المنزل سيعينه على الدرس، وبذات الوقت يروي الحديقة ويطعم العصافير، ولا يبقى المنزل مهجوراً خاصة وأني معظم الوقت في دمشق.‏
    لكم كل تحياتي
    خيري غول
    [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 10, 2024 9:57 pm